Search
Close this search box.

نقدم لكم الرسالة العملية الكاملة لسماحة السيد روح الله الموسوي الخميني قدس سره

  • المقدمه

     

    تَحریرالوَسیلة

     

    آيَة الله العُظمى الإمام الخُميني (قدس سره)

     

     

    الحمدللّه الّذي فتح قلوب العلماء بمفاتيح الإيمان وشرح صدور العرفاء بمصابيح الإيقان، وصلّ اللّهمّ على جميع أنبيائك ورسلك سيّما خاتمهم وأفضلهم محمّدٍ المصطفى، وعلى آله المنتجبين حملة علومه ونقلة آدابه.
    وبعد، فعجيبٌ أمر هذه الرسالة العمليّة، فهي - فضلاً عن كونها تناولت كلّ أبواب الفقه الإسلاميّ ابتداءً من التقليد والطهارة وانتهاءً بالحدود والديات - تطرّقت ولأوّل مرّة (حينذاك) لأحكام الجهاد والدفاع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقضايا الساعة ولمعالجتها للحوادث الواقعة، نراها ترجمت الى لغات شتّى، منها وعلى سبيل المثال إلى اللغة البوسنيّة على يد رئيس جمهوريّتها المجاهد عزّت علي بيگوفيج؛ أيّام سجنه.
    وعجيبٌ أمر محرّرها الإمام الخميني (قدس سره)، إذ أنّ هذه الشخصيّة العظيمة العملاقة - في الفكر والجهاد والعرفان والزهد والسياسة والريادة والفقه والاُصول والفلسفة والعلوم - استطاعت أن تقيم أعظم كيانٍ إسلاميّ في القرن العشرين يناطح به كلّ الطروحات الأرضيّة المعادية والتحالفات الاستكباريّة المتنافرة، ويوقظ كلّ نيام الاُمّة والمستضعفين في دنيا الاستغلال والاضطهاد، حتّى أصبح؛ أمل الشعوب.
    هذا المرجع الربّانيّ والقائد الميدانيّ استطاع كذلك لعلوّ همّته ونافذ بصيرته أن ينشئ بفعل دروسه العلميّة والأخلاقيّة كوادر على شاكلته في الإخلاص والوعي والشجاعة والفداء والعلم والتقوى ، يحذون حذوَه ويقْفون أثره حذو القذّة بالقذّة وتتمنّاهم الشعوب قادةً لنهضاتها، ليضمن استمرار المسيرة الثوريّة الهادية وعزّتها وتكاملها ووحدتها وكرامتها وحفظ النظام ومِنعته حتّى يسلّموا الراية إلى صاحب العصر والزمان عجّل اللّه فرجه، وفي مقدّمتهم خليفته المنتخب ووريثه في المحبوبيّة وليّ أمر المسلمين آيةاللّه السيّد عليّ الخامنئيّ أعزّه اللّه وأدام ظلّه الوارف.
    فما أعظم الإمام روح اللّه من مؤلّفٍ واُستاذ، ومربّ وزعيم، وما أعظم رسالته الّتي صارت مناراً للثائرين ومنهجاً عمليّاً للعارفين. فرحمهُ اللّه ورفع مقامه في الخالدين.
    والمؤسّسة إذ تقوم بطبع ونشر هذه الرسالة المجيدة - بعد إراءتها لمؤسّسة نشر آثار الإمام الخميني (قدس سره) - تتقدّم بجزيل شكرها ووافر ثنائها لسماحة حجّةالإسلام والمسلمين الشيخ محمّدحسين أمراللّهي على تدقيقه إيّاها من ضبط عباراتها ونصوصها ومطابقتها مع عدّة نسخ. شكر اللّه سعيه وبارك له في مجهوده المثمر هذا، راجين أن يجد فيها عشّاق الإمام وسائر القرّاء الكرام الدقّة والنفع، ومنه تعالى التوفيق.

    مؤسّسة النشر الإسلامي
    التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة


     

     


    الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام على محمّد و آله الطاهرين، ولعنة اللّه على أعدائهم أجمعين.
    وبعد، فقد علّقت في سالف الزمان تعليقةً على كتاب «وسيلة النجاة» تصنيف السيّد الحجّة الفقيه الإصبهانيّ قدّس سرّه العزيز، فلمّا اُقصيت في أواخر شهر جمادى الثانية عام 1384 عن مدينة «قم» إلى «بورسا» من مدائن تركيا لأجل حوادث محزنة حدثت للإسلام والمسلمين - لعلّ التاريخ يضبطها - وكنت فارغ البال تحت النظر و المراقبة فيها أحببت أن اُدرج التعليقة في المتن لتسهيل التناول، ولو وفّقني اللّه تعالى لاُضيف إليه مسائل كثيرة الابتلاء، ونرجو من اللّه تعالى التوفيق، ومن الناظرين دعاء الخير لرفع البليّات عن بلاد المسلمين، سيّما عاصمة الشيعة، ولقطع يد الأجانب عنها، ولحسن العاقبة للفقير.

  • احكام التقليد
     
    المقدّمة
    [فی أحکام التقلید]
    إعلم أنّه یجب علی کلّ مکلّف غیر بالغ مرتبة الاجتهاد فی غیر الضروریّات من عباداته و معاملاته - ولو فی المستحبّات والمباحات - أن یکون إمّا مقلّدا أو محتاطا بشرط أن یعرف موارد الاحتیاط، ولا یعرف ذلک إلّا القلیل؛ فعمل العامیّ غیرالعارف بمواضع الاحتیاط من غیر تقلید باطلٌ بتفصیل یأتی.
    مسألة 1 - یجوز العمل بالاحتیاط ولو کان مستلزماً للتکرار علی الأقوی.
    مسألة 2 - التقلید هو العمل مستندا إلی فتوی فقیه معیّن، وهو الموضوع للمسألتین الآتیتین. نعم، ما یکون مصحّحا للعمل هو صدوره عن حجّة - کفتوی الفقیه - وإن لم یصدق علیه عنوان التقلید. وسیأتی أنّ مجرّد انطباقه علیه مصحّح له.
    مسألة 3 - یجب أن یکون المرجع للتقلید عالما مجتهدا عادلا ورعا فی دین اللّه، بل غیر مکبّ علی الدنیا، ولا حریصا علیها وعلی تحصیلها - جاها ومالا - علی الأحوط. وفی الحدیث: «من کان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظا لدینه مخالفا لهواه مطیعا لأمر مولاه فللعوامّ أن یقلّدوه».
    مسألة 4 - یجوز العدول بعد تحقّق التقلید من الحیّ إلی الحیّ المساوی. ویجب العدول إذا کان الثانی أعلم علی الأحوط.
    مسألة 5 - یجب تقلید الأعلم مع الإمکان علی الأحوط، ویجب الفحص عنه. وإذا تساوی المجتهدان فی العلم أو لم یعلم الأعلم منهما تخیّر بینهما. وإذا کان أحدهما المعیّن أورع أو أعدل فالأولی و الأحوط اختیاره. وإذا تردّد بین شخصین یحتمل أعلمیّة أحدهما المعیّن دون الآخر تعیّن تقلیده علی الأحوط.
    مسألة 6 - إذا کان الأعلم منحصرا فی شخصین ولم یتمکّن من تعیینه تعیّن الأخذ بالاحتیاط أو العمل بأحوط القولین منهما علی الأحوط مع التمکّن، ومع عدمه یکون مخیّرا بینهما.
    مسألة 7 - یجب علی العامیّ أن یقلّد الأعلم فی مسألة وجوب تقلید الأعلم؛ فإن أفتی بوجوبه لا یجوز له تقلید غیره فی المسائل الفرعیّة، وإن أفتی بجواز تقلید غیر الأعلم تخیّر بین تقلیده وتقلید غیره. ولا یجوز له تقلید غیر الأعلم إذا أفتی بعدم وجوب تقلید الأعلم. نعم، لو أفتی بوجوب تقلید الأعلم یجوز الأخذ بقوله، لکن لا من جهة حجّیّة قوله بل لکونه موافقا للاحتیاط.
    مسألة 8 - إذا کان المجتهدان متساویین فی العلم یتخیّرالعامیّ فی الرجوع إلی أیّهما، کما یجوز له التبعیض فی المسائل بأخذ بعضهامن أحدهماوبعضهامن الآخر.
    مسألة 9 - یجب علی العامیّ فی زمان الفحص عن المجتهد أو الأعلم أن یعمل بالاحتیاط. ویکفی فی الفرض الثانی الاحتیاط فی فتوی الّذین یحتمل أعلمیّتهم، بأن یأخذ بأحوط أقوالهم.
    مسألة 10 - یجوز تقلید المفضول فی المسائل الّتی توافق فتواه فتوی الأفضل فیها، بل فی ما لا یعلم تخالفهما فی الفتوی أیضا.
    مسألة 11 - إذا لم یکن للأعلم فتوی فی مسألة من المسائل یجوز الرجوع فی تلک المسألة إلی غیره مع رعایة الأعلم فالأعلم علی الأحوط.
    مسألة 12 - إذا قلّد من لیس له أهلیّة الفتوی ثمّ التفت وجب علیه العدول. وکذا إذا قلّد غیر الأعلم وجب العدول إلی الأعلم علی الأحوط وکذا إذا قلّد الأعلم ثمّ صار غیره أعلم منه، علی الأحوط فی المسائل الّتی یعلم تفصیلا مخالفتهما فیها فی الفرضین.
    مسألة 13 - لا یجوز تقلید المیّت ابتداءً. نعم، یجوز البقاء علی تقلیده بعد تحقّقه بالعمل ببعض المسائل مطلقا ولو فی المسائل الّتی لم یعمل بها علی الظاهر. ویجوز الرجوع إلی الحیّ الأعلم، والرجوع أحوط. ولا یجوز بعد ذلک الرجوع إلی فتوی المیّت ثانیا علی الأحوط، ولا إلی حیّ آخر کذلک إلّا إلی أعلم منه، فإنّه یجب علی الأحوط. ویعتبر أن یکون البقاء بتقلید الحیّ، فلو بقی علی تقلید المیّت من دون الرجوع إلی الحیّ الّذی یفتی بجواز ذلک کان کمن عمل من غیر تقلید.
    مسألة 14 - إذا قلّد مجتهدا ثمّ مات فقلّد غیره ثمّ مات فقلّد فی مسألة البقاء علی تقلید المیّت من یقول بوجوب البقاء أو جوازه فهل یبقی علی تقلید المجتهد الأوّل أو الثانی؟ الأظهر البقاء علی تقلیدالأوّل إن کان الثالث قائلاً بوجوب البقاء، ویتخیّر بین البقاء علی تقلید الثانی والرجوع إلی الحیّ إن کان قائلًا بجوازه.
    مسألة 15 - المأذون والوکیل عن المجتهد فی التصرّف فی الأوقاف أو الوصایا أو فی أموال القصّر ینعزل بموت المجتهد. وأمّا المنصوب من قبله - بأن نصبه متولّیا للوقف أو قیّما علی القصّر - فلا یبعد عدم انعزاله، لکن لا ینبغی ترک الاحتیاط بتحصیل الإجازة أو النصب الجدید للمنصوب من المجتهد الحیّ.
    مسألة 16 - إذا عمل عملا- من عبادة أو عقد أو إیقاع - علی طبق فتوی من یقلّده فمات ذلک المجتهد فقلّد من یقول ببطلانه یجوز له البناء علی صحّة الأعمال السابقة، ولا یجب علیه إعادتها وإن وجب علیه فی ما یأتی العمل بمقتضی فتوی المجتهد الثانی.
    مسألة 17 - إذا قلّد مجتهدا من غیر فحص عن حاله ثمّ شکّ فی أنّه کان جامعا للشرائط وجب علیه الفحص؛ وکذا لو قطع بکونه جامعا لها ثمّ شکّ فی ذلک علی الأحوط. وأمّا إذا أحرز کونه جامعا لها ثمّ شکّ فی زوال بعضها عنه -کالعدالة والاجتهاد- لا یجب علیه الفحص، ویجوز البناء علی بقاء حالته الاُولی.
    مسألة 18 - إذا عرض للمجتهد ما یوجب فقده للشرائط - من فسق أو جنون أو نسیان - یجب العدول إلی الجامع لها، ولا یجوز البقاء علی تقلیده؛ کما أنّه لو قلّد من لم یکن جامعا للشرائط ومضی علیه برهة من الزمان کان کمن لم یقلّد أصلًا، فحاله حال الجاهل القاصر أو المقصّر.
    مسألة 19 - یثبت الاجتهاد بالاختبار، وبالشیاع المفید للعلم، وبشهادة العدلین من أهل الخبرة؛ وکذا الأعلمیّة. ولا یجوز تقلید من لم یعلم أنّه بلغ مرتبة الاجتهاد وإن کان من أهل العلم؛ کما أنّه یجب علی غیر المجتهد أن یقلّد أو یحتاط وإن کان من أهل العلم وقریبا من الاجتهاد.
    مسألة 20 - عمل الجاهل المقصّر الملتفت من دون تقلید باطل، إلّا إذا أتی به برجاء درک الواقع وانطبق علیه أو علی فتوی من یجوز تقلیده. وکذا عمل الجاهل القاصر أو المقصّر الغافل مع تحقّق قصد القربة صحیح إذا طابق الواقع أو فتوی المجتهد الّذی یجوز تقلیده.
    مسألة 21 - کیفیّة أخذ المسائل من المجتهد علی أنحاء ثلاثة:
    أحدها: السماع منه. الثانی: نقل العدلین أو عدل واحد عنه أو عن رسالته المأمونة من الغلط، بل الظاهر کفایة نقل شخص واحد إذا کان ثقةً یطمأنّ بقوله. الثالث: الرجوع إلی رسالته إذا کانت مأمونةً من الغلط.
    مسألة 22 - إذا اختلف ناقلان فی نقل فتوی المجتهد فالأقوی تساقطهما مطلقا، سواء تساویا فی الوثاقة أم لا، فإذا لم یمکن الرجوع إلی المجتهد أو رسالته یعمل بما وافق الاحتیاط من الفتویین أو یعمل بالاحتیاط.
    مسألة 23 - یجب تعلّم مسائل الشکّ والسهو وغیرها ممّا هو محلّ الابتلاء غالبا، إلّا إذا اطمأنّ من نفسه بعدم الابتلاء بها، کما یجب تعلّم أجزاء العبادات وشرائطها وموانعها ومقدّماتها. نعم، لو علمٍ إجمالا أنّ عمله واجد لجمیع الأجزاء والشرائط وفاقد للموانع صحّ وإن لم یعلم تفصیلا.
    مسألة 24 - إذا علم أنّه کان فی عباداته بلا تقلید مدّةً من الزمان ولم یعلم مقداره: فإن علم بکیفیّتها وموافقتها لفتوی المجتهد الّذی رجع إلیه أو کان له الرجوع إلیه فهو، وإلّا یقضی الأعمال السابقة بمقدار العلم بالاشتغال وإن کان الأحوط أن یقضیها بمقدار یعلم معه بالبراءة.
    مسألة 25 - إذا کان أعماله السابقة مع التقلید ولا یعلم أنّها کانت عن تقلید صحیح أم فاسد یبنی علی الصحّة.
    مسألة 26 - إذا مضت مدّة من بلوغه وشکّ بعد ذلک فی أنّ أعماله کانت عن تقلیدٍ صحیح أم لا، یجوز له البناء علی الصحّة فی أعماله السابقة، وفی اللاحقة یجب علیه التصحیح فعلا.
    مسألة 27 - یعتبر فی المفتی والقاضی العدالة. وتثبت بشهادة عدلین، وبالمعاشرة المفیدة للعلم أو الاطمینان، وبالشیاع المفید للعلم، بل تعرف بحسن الظاهر ومواظبته علی الشرعیّات والطاعات وحضور الجماعات ونحوها. والظاهر أنّ حسن الظاهر کاشف تعبّدیّ ولو لم یحصل منه الظنّ أو العلم.
    مسألة 28 - العدالة عبارة عن ملکة راسخة باعثة علی ملازمة التقوی: من ترک المحرّمات وفعل الواجبات.
    مسألة 29 - تزول صفة العدالة - حکما - بارتکاب الکبائر أو الإصرار علی الصغائر، بل بارتکاب الصغائر علی الأحوط، وتعود بالتوبة إذا کانت الملکة المذکورة باقیة.
    مسألة 30 - إذا نقل شخصٌ فتوی المجتهد خطأً یجب علیه إعلام من تعلّم منه.
    مسألة 31 - إذا اتّفق فی أثناءالصلاة مسألةٌ لایعلم حکمها ولم یتمکّن حینئذٍ من استعلامها بنی علی أحد الطرفین بقصد أن یسأل عن الحکم بعد الصلاة وأن یعیدها إذا ظهر کون المأتیّ به خلاف الواقع، فلو فعل کذلک فظهرت المطابقة صحّت صلاته.
    مسألة 32 - الوکیل فی عمل عن الغیر - کإجراء عقد أو إیقاع أو أداء خمس أو زکاة أو کفّارة أو نحوها - یجب علیه أن یعمل بمقتضی تقلید الموکّل لا تقلید نفسه إذا کانا مختلفین؛ و أمّا الأجیر عن الوصیّ أو الولیّ فی إتیان الصلاة ونحوها عن المیّت فالأقوی لزوم مراعاة تقلیده، لا تقلید المیّت ولا تقلیدهما؛ وکذا لو أتی الوصیّ بها تبرّعا أو استیجارا یجب علیه مراعاة تقلیده لا تقلید المیّت؛وکذا الولیّ.
    مسألة 33 - إذا وقعت معاملة بین شخصین و کان أحدهما مقلّدا لمن یقول بصحّتها والآخر مقلّدا لمن یقول ببطلانها یجب علی کلّ منهما مراعاة فتوی مجتهده، فلو وقع النزاع بینهما یترافعان عند أحد المجتهدین أو عند مجتهد آخر، فیحکم بینهما علی طبق فتواه وینفذ حکمه علی الطرفین. وکذا الحال فی ما إذا وقع إیقاعٌ متعلّقٌ بشخصین، کالطلاق والعتق ونحوهما.
    مسألة 34 - الاحتیاط المطلق فی مقام الفتوی من غیر سبق فتوی علی خلافه أو لحوقها کذلک لا یجوز ترکه، بل یجب إمّا العمل بالاحتیاط أو الرجوع إلی الغیر: الأعلم فالأعلم؛ وأمّا إذا کان الاحتیاط فی الرسائل العملیّة مسبوقا بالفتوی علی خلافه کما لو قال بعد الفتوی فی المسألة: «وإن کان الأحوط کذا» أو ملحوقا بالفتوی علی خلافه کأن یقول: «الأحوط کذا وإن کان الحکم کذا» أو «وإن کان الأقوی کذا» أو کان مقرونا بما یظهر منه الاستحباب کأن یقول: «الأولی والأحوط کذا» جاز فی الموارد الثلاثة ترک الاحتیاط.
  • كتاب الطهارة
    • احكام المياه

       

      فصل في المياه

      الماء إمّا مطلق، أو مضاف كالمعتصر من الأجسام، كماء الرَقّي والرمّان، والممتزج بغيره ممّا يخرجه عن صدق اسم الماء، كماء السكّر والملح.
      والمطلق أقسام: الجاري والنابع بغير جريان، والبئر، والمطر، والواقف، ويقال له:الراكد.
      مسألة ۱ - الماء المضاف طاهر في نفسه، وغير مطهّر لا من الحدث ولا من الخبث. ولو لاقى نجسا ينجس جميعه ولو كان ألف كرّ. نعم، إذا كان جاريا من العالي إلى السافل - ولو بنحو الانحدار مع الدفع بقوّة - ولاقى أسفله النجاسة تختصّ بموضع الملاقاة وما دونه، ولا تسري إلى الفوق.
      مسألة ۲ - الماء المطلق لا يخرج بالتصعيد عن الإطلاق. نعم، لو مزج معه غيره وصعّد ربما يصير مضافا، كماء الورد ونحوه، كما أنّ المضاف المصعّد قد يكون مضافا. والمناط هو حال الاجتماع بعد التصعيد، فربما يكون المصعّد الأجزاء المائيّة وبعد الاجتماع يكون ماءً مطلقا، وربما يكون مضافا.
      مسألة ۳ - إذا شكّ في مائع أنّه مطلق أو مضاف: فإن علم حالته السابقة يبني عليها إلّا في بعض الفروض، كالشبهة المفهوميّة والشكّ في بقاء الموضوع، وإن لم يعلم حالته السابقة فلا يرفع حدثا ولا خبثا. وإذا لاقى النجاسة: فإن كان قليلا ينجس قطعا، وإن كان كثيرا فالظاهر أنّه يحكم بطهارته.
      مسألة 4 - الماء المطلق بجميع أقسامه يتنجّس في ما إذا تغيّر بسبب ملاقاة النجاسة أحد أوصافه: اللون والطعم والرائحة، ولا يتنجّس في ما إذا تغيّر بالمجاورة، كما إذا كان قريبا من جيفة فصار جائفا. نعم، إذا وقعت الجيفة خارج الماء ووقع جزء منها فيه وتغيّر بسبب المجموع من الداخل والخارج تنجّس.
      مسألة 5 - المعتبر تأثّر الماء بأوصاف النجاسة لا المتنجّس، فإذا احمرّ الماء بالبَقّم المتنجّس لا ينجس إذا كان كرّا أو جاريا أو نحوهما.
      مسألة 6 - المناط تغيّر أحد الأوصاف الثلاثة بسبب النجاسة وإن كان من غير سنخ النجس، فلو اصفرّ الماء - مثلا - بوقوع الدم فيه تنجّس.
      مسألة 7 - لو وقع في الماء المعتصم متنجّس حامل لوصف النجس بوقوعه فيه فغيّره بوصف النجس لم يتنجّس على الأقوى، كما إذا وقعت ميتة في ماء فغيّرت ريحه ثمّ اُخرجت منه وصُبّ ذلك الماء في كرّ فغيّر ريحه. نعم، لو حمل المتنجّس أجزاء النجس فتغيّر المعتصم بها تنجّس.
      مسألة 8 - الماء الجاري - وهو النابع السائل - لا ينجس بملاقاة النجس، كثيرا كان أو قليلا. ويلحق به النابع الواقف كبعض العيون. وكذلك البئر على الأقوى؛ فلا ينجس المياه المزبورة إلّا بالتغيّر.
      مسألة 9 - الراكد المتّصل بالجاري حكمه حكم الجاري؛ فالغدير المتّصل بالنهر بساقية ونحوها كالنهر، وكذا أطراف النهر وإن كان ماؤها واقفا.
      مسألة 10 - يطهر الجاري وما في حكمه لو تنجّس بالتغيّر إذا زال تغيّره ولو من قِبَل نفسه وامتزج بالمعتصم.
      مسألة 11 - الراكد بلا مادّة ينجس بملاقاة النجاسة إذا كان دون الكرّ، سواء كان واردا عليها أو مورودا. ويطهر بالامتزاج بماء معتصم، كالجاري والكرّ وماء المطر. والأقوى عدم الاكتفاء بالاتّصال بلا امتزاج.
      مسألة 12 - إذا كان الماء قليلا وشكّ في أنّ له مادّة أم لا: فإن كان في السابق ذامادّة وشكّ في انقطاعها يبني على الحالة الاُولى، وإلّا فلا، لكن مع ملاقاته للنجاسة يحكم بطهارته على الأقوى.
      مسألة 13 - الراكد إذا بلغ كرّا لاينجس بالملاقاة إلّا بالتغيّر. وإذا تغيّر بعضه: فإن كان الباقي بمقدار كرّ يبقى غير المتغيّر على طهارته، ويطهر المتغيّر إذا زال تغيّره بالامتزاج بالكرّ الباقي، وإذا كان الباقي دون الكرّ ينجس الجميع.
      مسألة 14 - للكرّ تقديران: أحدهما بحسب الوزن، وهو ألف ومائتا رطل عراقيّ، وهو بحسب حُقّة كربلاء والنجف المشرّفتين - وهي عبارة عن تسعمائة وثلاثة وثلاثين مثقالا و ثلث مثقال - خمس و ثمانون حقّة وربع ونصف ربع بقّاليّ ومثقالان ونصف مثقال صيرفيّ، وبحسب حقّة إسلامبول - وهي مائتان وثمانون مثقالًا - مائتا حقّة واثنتان وتسعون حقّة ونصف حقّة، وبحسب المنّ الشاهيّ -وهو ألف ومائتان وثمانون مثقالا- يصير أربعة وستّين منّا إلّا عشرين مثقالا، وبحسب المنّ التبريزيّ يصير مائة وثمانية وعشرين منّا إلّا عشرين مثقالًا، وبحسب منّ البمبئيّ - وهو أربعون سيرا، وكلّ سير سبعون مثقالا - يصير تسعة وعشرين منّا وربع منّ، وبحسب الكيلوالمتعارف (384) إلّا عشرين مثقالا أو 383/906/25 غراما على الأقرب.(۱)
      وثانيهما: بحسب المساحة، وهو ما بلغ ثلاثة وأربعين شبرا إلّا ثمن شبر على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة.
      مسألة 15 - الماء المشكوك كرّيّته إن علم حالته السابقة يبني على تلك الحالة، وإلّا فالأقوى عدم تنجّسه بالملاقاة وإن لم يجر عليه سائر أحكام الكرّ.
      مسألة 16 - إذا كان الماء قليلاً فصار كرّا وقد علم ملاقاته للنجاسة ولم يعلم سبق الملاقاة على الكرّيّة أو العكس يحكم بطهارته، إلّا إذا علم تاريخ الملاقاة دون الكرّيّة. وأمّا إذا كان كرّا فصار قليلا وقد علم ملاقاته للنجاسة ولم يعلم سبق الملاقاة على القلّة أو العكس فالظاهر الحكم بطهارته مطلقا حتّى في ما إذا علم تاريخ القلّة.
      مسألة 17 - ماء المطر حال نزوله من السماء كالجاري، فلا ينجس ما لم يتغيّر. والأحوط اعتبار كونه بمقدار يجري على الأرض الصلبة وإن كان كفاية صدق المطر عليه لا يخلو من قوّة.
      مسألة 18 - المراد بماء المطر - الّذي لا يتنجّس إلّا بالتغيّر - القطرات النازلة والمجتمع منها تحت المطر حال تقاطره عليه، وكذا المجتمع المتّصل بما يتقاطر عليه المطر؛ فالماء الجاري من الميزاب تحت سقف حال عدم انقطاع المطر كالماء المجتمع فوق السطح المتقاطر عليه المطر.
      مسألة 19 - يطهّر المطر كلّ ما أصابه من المتنجّسات القابلة للتطهير: من الماء والأرض والفرش والأواني. والأقوى اعتبار الامتزاج في الأوّل، ولا يحتاج في الفرش و نحوه إلى العصر والتعدّد، بل لا يحتاج في الأواني أيضا إلى التعدّد. نعم، إذا كان متنجّسا بولوغ الكلب فالأقوى لزوم التعفير أوّلا ثمّ يوضع تحت المطر، فإذا نزل عليه يطهر من دون حاجة إلى التعدّد.
      مسألة 20 - الفراش النجس إذا وصل إلى جميعه المطر ونفذ في جميعه يطهر ظاهرا وباطنا، ولو أصاب بعضه يطهر ما أصابه، ولو أصاب ظاهره ولم ينفذ فيه يطهر ظاهره فقط.
      مسألة 21 - إذا كان السطح نجسا فنفذ فيه الماء وتقاطر من السقف حال نزول المطر يكون طاهرا وإن كان عين النجس موجودا على السطح وكان الماء المتقاطر مارّا عليها؛ وكذلك المتقاطر بعد انقطاع المطر إذا احتمل كونه من الماء المحتبس في أعماق السقف أو كونه غير مارّ على عين النجس ولا على ما تنجّس بها بعد انقطاع المطر. وأمّا لو علم أنّه من المارّ على أحدهما بعد انقطاعه يكون نجسا.
      مسألة 22 - الماء الراكد النجس يطهر بنزول المطر عليه وامتزاجه به، وبالاتّصال بماء معتصم - كالكرّ والجاري - والامتزاج به. ولا يعتبر كيفيّة خاصّة في الاتّصال، بل المدار مطلقه ولو بساقية أو ثقب بينهما، كما لا يعتبر علوّ المعتصم أو تساويه مع الماء النجس. نعم، لو كان النجس جاريا من الفوق على المعتصم فالظاهر عدم الكفاية في طهارة الفوقانيّ في حال جريانه عليه.
      مسألة 23 - الماء المستعمل في الوضوء لا إشكال في كونه طاهرا ومطهّرا للحدث والخبث، كما لا إشكال في كون المستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهرا ومطهّرا للخبث، بل الأقوى كونه مطهّرا للحدث أيضا.
      مسألة 24 - الماء المستعمل في رفع الخبث المسمّى بالغسالة نجس مطلقا.
      مسألة 25 - ماء الاستنجاء - سواء كان من البول أو الغائط - طاهر إذا لم يتغيّر أحد أوصافه الثلاثة، ولم يكن فيه أجزاء متميّزة من الغائط، ولم يتعدّ فاحشا على وجه لايصدق معه الاستنجاء، ولم تصل إليه نجاسة من خارج. ومنه ما إذا خرج مع البول أو الغائط نجاسة اُخرى - مثل الدم - حتّى ما يعدّ جزءا منهما على الأحوط.
      مسألة 26 - لا يشترط في طهارة ماء الاستنجاء سبق الماء على اليد وإن كان أحوط.
      مسألة 27 - إذا اشتبه نجس بين أطراف محصورة - كإناء في عشرة - يجب الاجتناب عن الجميع. وإذا لاقى بعض أطرافه شي ء وكانت الحالة السابقة في ذلك البعض النجاسة فالأحوط - لو لم يكن الأقوى - الحكم بنجاسة الملاقي، ومع عدمها ففيه تفصيل.
      مسألة 28 - لو اُريق أحد الإناءين المشتبهين يجب الاجتناب عن الآخر.


      ۱- في طبعة نشرآثارالإمام ورد هكذا: «وبحسب الكيلوالمتعارف(377/419)على الأقرب».
    • التخلى
      • فصل في أحكام التخلى

         

        فصل في أحكام التخلّي

        مسألة ۱ - يجب في حال التخلّي كسائر الأحوال ستر العورة عن الناظر المحترم، رجلا كان أو امرأة، حتّى المجنون والطفل المميّزين، كما يحرم النظر إلى عورة الغير ولو كان المنظور مجنونا أو طفلا مميّزا. نعم، لايجب سترها عن غير المميّز، كما يجوز النظر إلى عورة الطفل غير المميّز. وكذا الحال في الزوجين والمالك ومملوكته ناظرا ومنظورا. وأمّا المالكة ومملوكها فلا يجوز لكلّ منهما النظر إلى عورة الآخر، بل إلى سائر بدنه أيضا على الأظهر. والعورة في المرأة هنا القبل والدبر، وفي الرجل هما مع البيضتين، وليس منها الفخذان ولا الأليتان(۱)، بل ولا العانة ولا العجان. نعم، في الشعر النابت أطراف العورة الأحوط الاجتناب ناظرا ومنظورا. ويستحبّ ستر السرّة والرُكبة وما بينهما.
        مسألة ۲ - يكفي الستر بكلّ ما يستر ولو بيده أو يد زوجته مثلاً.
        مسألة ۳ - لا يجوز النظر إلى عورة الغير من وراء الزجاج، بل ولا في المرآة والماء الصافي.
        مسألة 4 - لو اضطُرّ إلى النظر إلى عورة الغير - كما في مقام العلاج - فالأحوط أن ينظر إليها في المرآة المقابلة لها إن اندفع الاضطرار بذلك، وإلّا فلابأس.
        مسألة 5 - يحرم في حال التخلّي استدبار القبلة واستقبالها بمقاديم بدنه، وهي الصدر والبطن وإن أمال العورة عنها. والميزان هو الاستدبار والاستقبال العرفيّان، والظاهر عدم دخل الركبتين فيهما. والأحوط ترك الاستقبال بعورته فقط وإن لم تكن مقاديم بدنه إليها. والأحوط حرمتهما حال الاستبراء، بل الأقوى لو خرج معه القطرات. ولا ينبغي ترك الاحتياط في حال الاستنجاء وإن كان الأقوى عدم حرمتهما فيه. ولو اضطُرّ إلى أحدهما تخيّر، والأحوط اختيار الاستدبار. ولو دار أمره بين أحدهما و ترك الستر عن الناظر المحترم اختار الستر. ولو اشتبهت القبلة بين الجهات ولم يمكن له الفحص ويتعسّر عليه التأخير إلى أن تتّضح القبلة يتخيّر بينها، ولا يبعد لزوم العمل بالظنّ لو حصل له.


         ۱- هكذا في جميع الطبعات. والصحيح: «الأليان» بدون التاء.
      • فصل في الاستنجاء

         

        فصل في الاستنجاء

        مسألة ۱ - يجب غسل مخرج البول بالماء مرّتين على الأحوط، وإن كان الأقوى كفاية المرّة في الرجل مع الخروج عن مخرجه الطبيعيّ، والأفضل ثلاث. ولا يجزي غير الماء. ويتخيّر في مخرج الغائط بين الغسل بالماء والمسح بشي ء قالع للنجاسة، كالحجر والمدر والخرق وغيرها، والغسل أفضل، والجمع بينهما أكمل. ولا يعتبر في الغسل التعدّد، بل الحدّ النقاء، بل الظاهر في المسح أيضا كذلك وإن كان الأحوط الثلاث وإن حصل النقاء بالأقلّ، وإن لم يحصل بالثلاث فإلى النقاء. ويعتبر في ما يمسح به الطهارة، فلا يجزي النجس ولا المتنجّس قبل تطهيره. ويعتبر أن لا يكون فيه رطوبة سارية، فلا يجزي الطين والخرقة المبلولة. نعم، لا تضرّ النداوة الّتي لا تسري.
        مسألة ۲ - يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر - أعني الأجزاء الصغار الّتي لا تُرى - وفي المسح يكفي إزالة العين، ولا يضرّ بقاء الأثر.
        مسألة ۳ - إنّما يُكتفى بالمسح في الغائط إذا لم يتعدّ المخرج على وجه لايصدق عليه الاستنجاء، وأن لا يكون في المحلّ نجاسة من الخارج، حتّى إذا خرج مع الغائط نجاسة اُخرى كالدم يتعيّن الماء.
        مسألة 4 - يحرم الاستنجاء بالمحترمات، وكذا بالعظم والروث على الأحوط. ولو فعل فحصول الطهارة محلّ إشكال، خصوصا في العظم والروث، بل حصول الطهارة مطلقا - حتّى في الحجر ونحوه - محلّ إشكال. نعم، لا إشكال في العفو في غير ما ذكر.
        مسألة 5 - لا يجب الدلك باليد في مخرج البول. نعم، لو احتمل خروج المذي معه فالأحوط الدلك.

      • فصل في الاستبراء

         

        فصل في الاستبراء

        وكيفيّته على الأحوط الأولى أن يمسح بقوّةٍ ما بين المقعد وأصل الذكر ثلاثا، ثمّ يضع سبّابته - مثلا - تحت الذكر وإبهامه فوقه و يمسح بقوّة إلى رأسه ثلاثا، ثمّ يعصر رأسه ثلاثا، فإذا رأى بعده رطوبةً مشتبهةً - لا يدري أنّها بول أو غيره - يحكم بطهارتها وعدم ناقضيّتها للوضوء لو توضّأ قبل خروجها، بخلاف ما إذا لم يستبرئ، فإنّه يحكم بنجاستها وناقضيّتها. وهذا هو فائدة الاستبراء. ويلحق به في الفائدة المزبورة على الأقوى طول المدّة وكثرة الحركة بحيث يقطع بعدم بقاء شي ء في المجرى وأنّ البلل المشتبه نزل من الأعلى، فيحكم بطهارته وعدم ناقضيّته.
        مسألة 1 - لا يلزم المباشرة في الاستبراء، فيكفي إن باشره غيره، كزوجته أو مملوكته.
        مسألة 2 - إذا شكّ في الاستبراء يبني على عدمه ولومضت مدّةوكان من عادته. نعم، لو استبرأ وشكّ بعد ذلك أنّه كان على الوجه الصحيح أم لا بنى على الصحّة.
        مسألة 3 - إذا شكّ من لم يستبرئ في خروج الرطوبة وعدمه بنى على عدمه، كما إذا رأى في ثوبه رطوبةً مشتبهةً - لا يدري أنّها خرجت منه أو وقعت عليه من الخارج - فيحكم بطهارتها وعدم انتقاض الوضوء بها.
        مسألة 4 - إذا علم أنّ الخارج منه مذي ولكن شكّ في أنّه خرج معه بول أم لا؟ لا يحكم عليه بالنجاسة ولا الناقضيّة، إلّا أن يصدق عليه الرطوبة المشتبهة، كأن يشكّ في أنّ هذا الموجود هل هو بتمامه مذي أو مركّب منه ومن البول.
        مسألة 5 - إذا بال وتوضّأ ثمّ خرجت منه رطوبة مشتبهة بين البول والمنيّ: فإن استبرأ بعد البول يجب عليه الاحتياط بالجمع بين الوضوء والغسل، وإن لم يستبرئ فالأقوى جواز الاكتفاء بالوضوء، وإن خرجت الرطوبة المشتبهة قبل أن يتوضّأ يكتفي بالوضوء خاصّة، ولايجب عليه الغسل، سواءاستبرأ بعدالبول أم لا.

    • فصل في الوضوء
    •  

      فصل في الوضوء

      والكلام في واجباته وشرائطه وموجباته وغاياته وأحكام الخلل:

      • القول في الواجبات

         

        القول في الواجبات

        مسألة ۱ - الواجب في الوضوء: غسل الوجه واليدين ومسح الرأس والقدمين. والمراد بالوجه ما بين قصاص الشعر وطرف الذقن طولا وما دارت عليه الإبهام والوسطى من متناسب الأعضاء عرضا، وغيره يرجع إليه؛ فما خرج عن ذلك لا يجب غسله. نعم، يجب غسل شي ء ممّا خرج عن الحدّ المذكور مقدّمةً لتحصيل اليقين بغسل تمام ما اشتمل عليه الحدّ.
        مسألة 2 - يجب على الأحوط أن يكون الغسل من أعلى الوجه. ولا يجوز على الأحوط الغسل منكوسا. نعم، لوردّ الماء منكوسا ولكن نوى الغسل من الأعلى برجوعه جاز.
        مسألة 3 - لا يجب غسل ما استرسل من اللحية، أمّا ما دخل منها في حدّ الوجه فيجب غسله. والواجب غسل الظاهر منه، من غير فرق بين الكثيف والخفيف مع صدق إحاطة الشعر بالبشرة وإن كان التخليل في الثاني أحوط. وأمّا اليدان فالواجب غسلهما من المرفقين إلى أطراف الأصابع. ويجب غسل شي ء من العضد للمقدّمة كالوجه. ولا يجوز ترك شي ء من الوجه أو اليدين بلا غسل ولو مقدار مكان شعرة.
        مسألة 4 - لا يجب غسل شي ء من البواطن - كالعين والأنف - وما لا يظهر من الشفتين بعد الانطباق؛ كما لا يجب غسل باطن الثقبة الّتي في الأنف موضع الحلقة، سواء كانت الحلقة فيها أم لا.
        مسألة 5 - لا يجب إزالة الوسخ تحت الأظفار، إلّاماكان معدودا من الظاهر؛ كما أنّه لو قصّ أظفاره فصار ما تحتها ظاهرا وجب غسله بعد إزالة الوسخ عنه.
        مسألة 6 - إذا انقطع لحم من اليدين أو الوجه وجب غسل ما ظهر بعد القطع، ويجب غسل ذلك اللحم أيضا وإن كان اتّصاله بجلدة رقيقة.
        مسألة 7 - الشقوق الّتي تحدث على ظهر الكفّ إن كانت وسيعةً يرى جوفها وجب إيصال الماء إليها، وإلّا فلا.
        مسألة 8 - ما يعلو البشرة - مثل الجدريّ - عند الاحتراق مادام باقيا يكفي غسل ظاهره وإن انخرق، ولا يجب إيصال الماء تحت الجلدة، بل لو قطع بعض الجلدة وبقي البعض الآخر يكفي غسل ظاهر ذلك البعض، ولا يجب قطعها بتمامها، ولو ظهر ما تحت الجلدة بتمامه لكنّ الجلدة متّصلة قد تلصق وقد لا تلصق يجب غسل ماتحتها، وإن كانت لاصقةً يجب رفعها أو قطعها.
        مسألة 9 - يصحّ الوضوء بالارتماس مع مراعاة الأعلى فالأعلى، لكن في اليد اليسرى لابدّ من أن يقصد الغسل حال الإخراج حتّى لا يلزم المسح بماء جديد، بل وكذا في اليمنى، إلّا أن يبقي شيئا من اليسرى ليغسله باليمنى حتّى يكون ما يبقى عليها من ماء الوضوء.
        مسألة10 - يجب رفع ما يمنع وصول الماء، أو تحريكه بحيث يصل الماء إلى ما تحته. ولو شكّ في وجود الحاجب لم يلتفت إذا لم يكن له منشأ عقلائيّ. ولو شكّ في شي ء أنّه حاجب وجب إزالته أو إيصال الماء إلى ما تحته.
        مسألة 11 - ما ينجمد على الجرح عند البرء ويصير كالجلدة لا يجب رفعه، ويجزي غسل ظاهره وإن كان رفعه سهلا. وأمّا الدواء الّذي انجمد عليه فمادام لم يمكن رفعه يكون بمنزلة الجبيرة يكفي غسل ظاهره، وإن أمكن رفعه بسهولة وجب.
        مسألة 12 - لا يجب إزالة الوسخ على البشرة إن لم يكن جرما مرئيّا - وإن كان عند المسح بالكيس يجتمع ويكون كثيرا - مادام يصدق عليه غسل البشرة؛ وكذا مثل البياض الّذي يتبيّن على اليد - من الجصّ ونحوه - مع صدق غسل البشرة. ولو شكّ في كونه حاجبا وجب إزالته.
        وأمّا مسح الرأس فالواجب مسح شي ء من مقدّمه، والأحوط عدم الاجتزاء بما دون عرض إصبع، وأحوط منه مسح مقدار ثلاثة أصابع مضمومة، بل الأولى كون المسح بالثلاثة. والمرأة كالرجل في ذلك.
        مسألة 13 - لا يجب كون المسح على البشرة، فيجوز على الشعر النابت على المقدّم. نعم، إذا كان الشعر الّذي منبته مقدّم الرأس طويلا - بحيث يتجاوز بمدّه عن حدّه - لا يجوز المسح على ذلك المقدار المتجاوز، سواء كان مسترسلا أو مجتمعا في المقدّم.
        مسألة 14 - يجب أن يكون المسح بباطن الكفّ الأيمن على الأحوط وإن كان الأقوى جوازه بظاهره. ولا يتعيّن الأيمن على الأقوى. والجواز بالذراع لايخلو من وجه. والأولى المسح بأصابع الأيمن. ويجب أن يكون المسح بما بقي في يده من نداوة الوضوء، فلا يجوز استيناف ماء جديد.
        مسألة 15 - يجب جفاف الممسوح على وجه لا ينتقل منه أجزاء الماء إلى الماسح. وأمّا مسح القدمين فالواجب مسح ظاهرهما من أطراف الأصابع إلى المفصل على الأحوط طولا وإن كان الأقوى كفايته إلى الكعب، وهو قبّة ظهر القدم. ولا تقدير للعرض، فيُجزي ما يتحقّق به اسم المسح، والأفضل بل الأحوط أن يكون بتمام الكفّ. وما تقدّم في مسح الرأس من جفاف الممسوح وكون المسح بما بقي في يده من نداوة الوضوء يجري في القدمين أيضا.
        مسألة 16 - الأحوط المسح بباطن الكفّ. وإن تعذّر مسح بظاهرها. وإن تعذّر مسح بذراعه وإن كان الأقوى جوازه بظاهرها بل بالذراع اختيارا.
        مسألة 17 - إذا جفّت رطوبة اليد أخذ من سائر مواضع الوضوء - من حاجبه أو لحيته أو غيرهما - ومسح بها؛ وإن لم يمكن الأخذ منها أعاد الوضوء؛ ولو لم تنفع الإعادة من جهة حرارة الهواء أو البدن - بحيث كلّما توضّأ جفّ ماء وضوئه - مسح بالماء الجديد. والأحوط الجمع بين المسح باليد اليابسة ثمّ بالماء الجديد ثمّ التيمّم.
        مسألة 18 - لابدّ في المسح من إمرار الماسح على الممسوح، فلو عكس لم يجز. نعم، لا تضرّ الحركة اليسيرة في الممسوح.
        مسألة 19 - لا يجب في مسح القدمين وضع أصابع الكفّ - مثلا - على أصابعهما وجرّها إلى الحدّ، بل يجزي أن يضع تمام كفّه على تمام ظهر القدم ثمّ يجرّها قليلا بمقدار يصدق عليه المسح.
        مسألة 20 - يجوز المسح على القناع والخفّ والجورب وغيرها عند الضرورة: من تقيّة أو برد أو سبع أو عدوّ ونحو ذلك ممّا يخاف بسببه من رفع الحائل. ويعتبر في المسح على الحائل كلّ ما اعتبر في مسح البشرة: من كونه بالكفّ وبنداوة الوضوء وغير ذلك.

      • القول في شرائط الوضوء

         

        القول في شرائط الوضوء

        مسألة ۱ - شرائط الوضوء اُمور:
        منها: طهارة الماء، وإطلاقه، وإباحته، وطهارة المحلّ المغسول والممسوح، ورفع الحاجب عنه، والأحوط اشتراط إباحة المكان - أي الفضاء الّذي يقع فيه الغسل والمسح - وكذا إباحة المصبّ إن عُدّ الصبّ تصرّفا في المغصوب عرفا أو جزءا أخيرا للعلّة التامّة، وإلّا فالأقوى عدم البطلان، بل عدم البطلان مطلقا فيه وفي غصبيّة المكان لا يخلو من قوّة، وكذا إباحة الآنية مع الانحصار، بل و مع عدمه أيضا إذا كان الوضوء بالغمس فيها لا بالاغتراف منها، وعدم المانع من استعمال الماء: من خوف مرض، أو عطش على نفسه أو نفس محترمة، ونحو ذلك ممّا يجب معه التيمّم؛ فلو توضّأ والحال هذه بطل.
        مسألة ۲ - المشتبه بالنجس بالشبهةالمحصورةكالنجس في عدم جوازالتوضّؤ به، فإذا انحصر الماء في المشتبهين يتيمّم للصلاة حتّى مع إمكان أن يتوضّأ بأحدهما ويصلّي، ثمّ يغسل محالّ الوضوء بالآخر، ثمّ يتوضّأ به ويعيد صلاته ثانيا.
        مسألة ۳ - لو لم يكن عنده إلّا ماء مشكوك إضافته وإطلاقه: فلو كان حالته السابقة الإطلاق يتوضّأ به، ولو كانت الإضافة يتيمّم، ولو لم يعلم الحالة السابقة يجب الاحتياط بالجمع بين الوضوء والتيمّم.
        مسألة 4 - لو اشتبه مضاف في محصور ولم يكن عنده ماء آخر يجب عليه الاحتياط بتكرار الوضوء على نحو يعلم التوضّؤ بماء مطلق. والضابط أن يزاد عدد الوضوءات على عدد المضاف المعلوم بواحد.
        مسألة 5 - المشتبه بالغصب كالغصب لا يجوز الوضوء به، فإذا انحصر الماء به تعيّن التيمّم.
        مسألة 6 - طهارة الماء وإطلاقه شرط واقعيّ يستوي فيهما العالم والجاهل؛ بخلاف الإباحة، فلو توضّأ بماء مغصوب مع الجهل بغصبيّته أو نسيانها صحّ وضوؤه، حتّى أنّه لو التفت إلى الغصبيّة في أثنائه صحّ ما مضى من أجزائه ويتمّ الباقي بماء مباح. وإذا التفت إليها بعد غسل اليد اليسرى هل يجوز المسح بما في يده من الرطوبة ويصحّ وضوؤه أم لا؟ وجهان، بل قولان. ولا يبعد التفصيل بين كون ما في اليد أجزاءً مائيّةً تعدّ ماءً عرفا وكونه محض الرطوبة الّتي كأنّها من الكيفيّات عرفا، فيصحّ في الثاني دون الأوّل. وكذا الحال في ما إذا كان على محالّ وضوئه رطوبة من ماء مغصوب وأراد أن يتوضّأ بماء مباح قبل جفاف الرطوبة.
        مسألة 7 - يجوز الوضوء و الشرب و سائر التصرّفات اليسيرة - ممّاجرت السيرة عليه - من الأنهار الكبيرة من القنوات وغيرها وإن لم يعلم رضى المالكين، بل وإن كان فيهم الصغار والمجانين. نعم، مع النهي منهم أو من بعضهم يشكل الجواز. وإذا غصبها غاصب يبقى الجواز لغيره دونه.
        مسألة 8 - لو كان ماء مباح في إناء مغصوب لا يجوز الوضوء منه بالغمس فيه مطلقا، وأمّا بالاغتراف منه فلا يصحّ مع الانحصار به ويتعيّن التيمّم. نعم، لو صبّه في الإناء المباح صحّ. ولو تمكّن من ماء آخر مباح صحّ بالاغتراف منه وإن فعل حراما من جهة التصرّف في الإناء.
        مسألة 9 - يصحّ الوضوء تحت الخيمة المغصوبة، بل في البيت المغصوب إذا كانت أرضه مباحة.
        مسألة 10- لا يجوز الوضوء من حياض المساجد والمدارس ونحوهما في صورة الجهل بكيفيّة الوقف واحتمال شرط الواقف عدم استعمال غير المصلّين والساكنين منها ولو لم يزاحمهم. نعم، إذا جرت السيرة والعادة على وضوء غيرهم منها من غير منع منهم صحّ.
        مسألة 11 - الوضوء من آنية الذهب والفضّة كالوضوء من الآنية المغصوبة على الأحوط، فيأتي فيها التفصيل المتقدّم. ولو توضّأ منها جهلاً أو نسيانا بل مع الشكّ في كونها منهما صحّ ولو بنحو الرمس أو الاغتراف مع الانحصار.
        مسألة 12 - إذا شكّ في وجود الحاجب قبل الشروع في الوضوء أو في الأثناء لا يجب الفحص، إلّا إذا كان منشأ عقلائيّ لاحتماله، وحينئذٍ يجب حتّى يطمئنّ بعدمه. وكذا يجب في ما إذا كان مسبوقا بوجوده. ولو شكّ بعد الفراغ في أنّه كان موجودا أم لا بنى على عدمه وصحّة وضوئه. وكذا إذا كان موجودا وكان ملتفتا حال الوضوء أو احتمل الالتفات وشكّ بعده في أنّه أزاله أو أوصل الماء تحته أم لا بنى على صحّته. وكذا إذا علم بوجود الحاجب وشكّ في أنّه كان موجودا حال الوضوء أو طرأ بعده. نعم، لو علم بوجود شي ء في حال الوضوء ممّا يمكن أن لا يصل الماء تحته - و قد يصل وقد لا يصل - كالخاتم وقد علم أنّه لم يكن ملتفتا إليه حين الغسل أو علم أنّه لم يحرّكه ومع ذلك شكّ في أنّه وصل الماء تحته من باب الاتّفاق أم لا؟ يشكل الحكم بالصحّة، بل الظاهر وجوب الإعادة.
        مسألة 13 - لو كان بعض محالّ الوضوء نجسا فتوضّأ وشكّ بعده في أنّه طهّره قبل الوضوء أم لا؟ يحكم بصحّته، لكن يبني على بقاء نجاسة المحلّ، فيجب غسله للأعمال الآتية. نعم، لو علم بعدم التفاته حال الوضوء يجب الإعادة على الظاهر.
        ومنها: المباشرة اختيارا، ومع الاضطرار جاز بل وجب الاستنابة، فيوضّئه الغير وينوي هو الوضوء وإن كان الأحوط نيّة الغير أيضا. وفي المسح لابدّ من أن يكون بيد المنوب عنه وإمرار النائب، وإن لم يمكن أخذ الرطوبة الّتي في يده ومسح بها. والأحوط مع ذلك ضمّ التيمّم لو أمكن.
        ومنها: الترتيب في الأعضاء، فيقدّم الوجه على اليد اليمنى، وهي على اليسرى، وهي على مسح الرأس، وهو على مسح الرجلين. والأحوط تقديم اليمنى على اليسرى، بل الوجوب لا يخلو من وجه.
        ومنها: الموالاة بين الأعضاء، بمعنى أن لا يؤخّر غسل العضو المتأخّر بحيث يحصل بسببه جفاف جميع ما تقدّم.
        مسألة 14 - إنّما يضرّ جفاف الأعضاء السابقة إذا كان بسبب التأخير وطول الزمان، وأمّا إذا تابع عرفا في الأفعال ومع ذلك حصل الجفاف بسبب حرارة الهواء أو غيرها لم يبطل وضوؤه.
        مسألة 15 - لو لم يتابع في الأفعال ومع ذلك بقيت الرطوبة من جهة البرودة ورطوبة الهواء - بحيث لو كان الهواء معتدلا لحصل الجفاف - صحّ، فالعبرة في صحّة الوضوء بأحد الأمرين: إمّا بقاء البلل حسّا، أو المتابعة عرفا.
        مسألة 16 - إذا ترك الموالاة نسيانا بطل وضوؤه، وكذا لو اعتقد عدم الجفاف ثمّ تبيّن الخلاف.
        مسألة 17 - لو لم يبق من الرطوبة إلّا في اللحية المسترسلة ففي كفايتها إشكال. وكذا إن بقيت في غيرها ممّا هو خارج عن الحدّ، كالشعر فوق الجبهة، بل هو أشكل.
        ومنها: النيّة، وهي القصد إلى الفعل، ولابدّ من أن يكون بعنوان الامتثال أو القربة. ويعتبر فيها الإخلاص، فلو ضمّ إليها ما ينافيه بطل، خصوصا الرياء، فإنّه إذا دخل في العمل على أيّ نحو أفسده. وأمّا غيره من الضمائم: فإن كانت راجحةً لايضرّ ضمّها، إلّا إذا كانت هي المقصودة بالأصل ويكون قصد امتثال الأمر الوضوئيّ تبعا، أو تركّب الداعي منهما بحيث يكون كلّ منهما جزءا للداعي، وكذا لو استقلّ الداعيان على الأحوط؛ وإن كانت مباحةً كالتبرّد يبطل بها، إلّا إذا دخلت على وجه التبعيّة وكان امتثال أمره هو المقصود الأصليّ.
        مسألة 18 - لا يعتبر في النيّة التلفّظ، ولا الإخطار في القلب تفصيلًا، بل يكفي فيها الإرادة الإجماليّة المرتكزة في النفس بحيث لو سئل عن شغله يقول: أتوضّأ، وهذه هي الّتي يسمّونها بالداعي. نعم، لو شرع في العمل ثمّ ذهل عنه وغفل بالمرّة بحيث لو سئل عن شغله بقي متحيّرا ولا يدري ما يصنع يكون عملا بلانيّة.
        مسألة 19 - كما تجب النيّة في أوّل العمل كذلك يجب استدامتها إلى آخره؛ فلو تردّد أو نوى العدم وأتمّ الوضوء على هذه الحال بطل، ولو عدل إلى النيّة الاُولى قبل فوات الموالاة وضمّ إلى ما أتى به مع النيّة بقيّة الأفعال صحّ.
        مسألة 20 - يكفي في النيّة قصد القربة، ولا تجب نيّة الوجوب أو الندب، لاوصفا ولا غايةً؛ فلا يلزم أن يقصد أنّي أتوضّأ الوضوء الواجب عليّ، بل لونوى الوجوب في موضع الندب أو العكس اشتباها بعد ما كان قاصدا للقربة والامتثال على أيّ حال كفى وصحّ.
        مسألة 21 - لا يعتبر في صحّة الوضوء نيّة رفع الحدث، ولا نيّة استباحة الصلاة وغيرها من الغايات، بل لو نوى التجديد فتبيّن كونه محدثا صحّ الوضوء، ويجوز معه الصلاة وغيرها. ويكفي وضوء واحد عن الأسباب المختلفة وإن لم يلحظها بالنيّة، بل لو قصد رفع حدث بعينه صحّ وارتفع الجميع. نعم، لوكان قصده ذلك على وجه التقييد - بحيث كان من نيّته عدم ارتفاع غيره - ففي الصحّة إشكال.

      • فصل في موجبات الوضوء

         

        فصل في نواقض الوضوء وموجباته

        مسألة 1 - الأحداث الناقضة للوضوء والموجبة له اُمور:
        الأوّل والثاني: خروج البول وما في حكمه، كالبلل المشتبه قبل الاستبراء، وخروج الغائط من الموضع الطبيعيّ، أو من غيره مع انسداد الطبيعيّ أو بدونه، كثيرا كان أو قليلا ولوبمصاحبة دود أو نواة مثلا.
        الثالث: خروج الريح عن الدُبُر إذا كان من المعدة أو الأمعاء، سواء كان له صوت ورائحة أم لا. ولا عبرة بما يخرج من قُبُل المرأة ولا بما لا يكون من المعدة أو الأمعاء، كما إذا دخل من الخارج ثمّ خرج.
        الرابع: النوم الغالب على حاسّتي السمع والبصر.
        الخامس: كلّ ما أزال العقل، مثل الجنون والإغماء والسكر ونحوها.
        السادس: الاستحاضة القليلة والمتوسّطة بل الكثيرة على الأحوط وإن أوجبتا الغسل أيضا.
        مسألة 2 - إذا خرج ماء الاحتقان ولم يكن معه شي ء من الغائط لم ينتقض الوضوء، وكذا لو شكّ في خروج شي ء معه؛ وكذلك الحال في ما إذا خرج دود أو نواة غير متلطّخ بالغائط.
        مسألة 3 - المسلوس والمبطون إن كانت لهما فترة تسع الطهارة والصلاة ولو بالاقتصار على أقلّ واجباتها انتظراها وأوقعا الصلاة في تلك الفترة، وإن لم تكن لهما تلك الفترة فإمّا أن يكون خروج الحدث في أثناء الصلاة مرّة أو مرّتين أو ثلاث - مثلا - بحيث لا حرج عليهما في التوضّؤ والبناء، وإمّا أن يكون متّصلا بحيث لو توضّ-ا بعد كلّ حدث وبنيا لزم عليهما الحرج.
        ففي الصورة الاُولى يتوضّأ المبطون ويشتغل بالصلاة ويضع الماء قريبا منه، فإذا خرج منه شي ء توضّأ بلا مهلة وبنى على صلاته، والأحوط أن يصلّي صلاةً اُخرى بوضوء واحد. والأحوط للمسلوس عمل المبطون، وإن كان جواز الاكتفاء له بوضوء واحد لكلّ صلاة - من غير التجديد في الأثناء - لا يخلو من قوّة.
        وأمّا في الصورة الثانية فالأحوط أن يتوضّ-ا لكلّ صلاة، ولا يجوز أن يصلّيا صلاتين بوضوء واحد، فريضةً كانتا أو نافلةً أو مختلفتين وإن لا يبعد عدم لزوم التجديد للمسلوس إن لم يتقاطر منه بين الصلاتين، فيأتي بوضوء واحد صلوات كثيرة ما لم يتقاطر في فواصلها وإن تقاطر في أثنائها،لكن لا ينبغي ترك الاحتياط. والأقوى إلحاق مسلوس الريح بالمبطون، بل لا يبعد دخوله فيه موضوعا.
        مسألة 4 - يجب على المسلوس التحفّظ من تعدّي بوله بكيس فيه قطن ونحوه، والظاهر عدم وجوب تغييره أو تطهيره لكلّ صلاة. نعم، الأحوط تطهير الحشفة إن أمكن من غير حرج. ويجب التحفّظ بما أمكن على المبطون أيضا، كما أنّ الأحوط له أيضا تطهير المخرج إن أمكن من غير حرج.
        مسألة 5 - لايجب على المسلوس والمبطون قضاء ما مضى من الصلوات بعد بُرئهما.نعم،الظاهروجوب إعادتهاإذابرئ في الوقت واتّسع الزمان للصلاةمع الطهارة.

      • فصل في غاياته

         

        فصل في غاياته

        غايات الوضوء ما كان وجوب الوضوء أو استحبابه لأجله، من جهة كونه شرطا لصحّته كالصلاة، أو شرطا لجوازه وعدم حرمته كمسّ كتابة القرآن، أو شرطا لكماله كقراءته، أو لرفع كراهته كالأكل حال الجنابة، فإنّه مكروه، وترتفع كراهته بالوضوء.
        أمّا الأوّل: فهو شرط للصلاة - فريضةً كانت أو نافلةً، أداءً كانت أو قضاءً، عن النفس أو الغير - ولأجزائها المنسيّة، ولسجدتي السهو على الأحوط وإن كان الأقوى عدم الاشتراط. وكذا شرط للطواف الّذي هو جزء للحجّ أو العمرة الواجبين؛ والأحوط اشتراطه في المندوبين أيضا.
        وأمّا الثاني: فهو شرط لجواز مسّ كتابةالقرآن، فيحرم مسّها على المحدث. ولا فرق بين آياته وكلماته، بل والحروف والمدّ والتشديد وأعاريبها. ويلحق بها أسماءاللّه وصفاته الخاصّة. وفي إلحاق أسماء الأنبياء والأئمّة (علیهم السلام) والملائكة تأمّل وإشكال، والأحوط التجنّب خصوصا في الاُوليين.
        مسألة 1 - لا فرق في حرمة المسّ بين أجزاء البدن ظاهرا وباطنا. نعم، لايبعد جواز المسّ بالشعر. كما لا فرق بين أنواع الخطوط حتّى المهجور منها كالكوفيّ، وكذا بين أنحاء الكتابة من الكتب بالقلم أو الطبع أو غير ذلك.
        وأمّا الثالث فهو أقسام كثيرة لا يناسب ذكرها في هذه الوجيزة. وفي كون الوضوء مستحبّا بنفسه تأمّل.
        مسألة 2 - يستحبّ للمتوضّئ أن يجدّد وضوءه، والظاهر جوازه ثالثا ورابعا فصاعدا. ولو تبيّن مصادفته للحدث يرتفع به على الأقوى، فلا يحتاج إلى وضوءآخر.

      • القول في أحكام الخلل

         

        القول في أحكام الخلل

        مسألة 1 - لو تيقّن الحدث وشكّ في الطهارة أو ظنّ بها تطهّر ولو كان شكّه في أثناء العمل، فلو دخل في الصلاة وشكّ في أثنائها في الطهارة يقطعها ويتطهّر، والأحوط الإتمام ثمّ الاستيناف بطهارة جديدة. ولو كان شكّه بعد الفراغ من العمل بنى على صحّته وتطهّر للعمل اللاحق. ولو تيقّن الطهارة وشكّ في الحدث لم يلتفت. ولو تيقّنهما وشكّ في المتأخرّ منهما تطهّر حتّى مع علمه بتاريخ الطهارة على الأقوى. هذا إذا لم يعلم الحالة السابقة على اليقين بهما، وإلّا فالأقوى هو البناء على ضدّها، فلو تيقّن الحدث قبل عروض الحالتين بنى على الطهارة، ولو تيقّن الطهارة بنى على الحدث. هذا في مجهولي التاريخ. وكذا الحال في ما إذا علم تاريخ ما هو ضدّ الحالة السابقة. وأمّا إذا علم تاريخ ما هو مثله فيبني على المُحدثيّة ويتطهّر؛ لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في جميع الصور المذكورة. ولو تيقّن ترك غسل عضو أو مسحه أتى به وبما بعده لو لم يحصل مفسدمن فوات موالاة ونحوه، وإلّا استأنف. ولو شكّ في فعل شي ء من أفعال الوضوء قبل الفراغ منه أتى بما شكّ فيه مراعيا للترتيب والموالاة وغيرهما ممّا يعتبر فيه. والظنّ هنا كالشكّ. وكثير الشكّ لا عبرة بشكّه. كما أنّه لا عبرة بالشكّ بعد الفراغ، سواء كان شكّه في فعل من أفعال الوضوء أو في شرط من شروطه.
        مسألة 2 - إذا كان متوضّأً وتوضّأ للتجديد وصلّى ثمّ تيقّن بطلان أحد الوضوءين لا أثر لهذا العلم الإجماليّ، لا بالنسبة إلى الصلاة الّتي أوقعها ولابالنسبة إلى الصلوات الآتية؛ وأمّا إذا صلّى بعد كلّ من الوضوءين ثمّ تيقّن بطلان أحدهما فالصلاة الثانية صحيحة قطعا، كما أنّه تصحّ الصلوات الآتية ما لم ينتقض الوضوء؛ ولا يبعد الحكم بصحّة الصلاة الاُولى وإن كان الأحوط إعادتها.
        مسألة 3 - إذا توضّأ وضوءين وصلّى صلاة واحدة أو متعدّدة بعدهما ثمّ تيقّن وقوع الحدث بعد أحدهما يجب عليه الوضوء للصلوات الآتية ويحكم بصحّة الصلوات الّتي أتى بها. وأمّا لو صلّى بعد كلّ وضوء ثمّ علم بوقوع الحدث بعد أحد الوضوءين أو الوضوءات قبل الصلاة يجب عليه إعادة الصلوات. نعم، إذا كانت الصلاتان متّفقتين في العدد كالظهرين فالظاهر كفاية صلاة واحدة بقصد مافي الذمّة وإن كانت إعادتهما أحوط.

      • فصل في وضوء الجبيرة

         

        فصل في وضوء الجبيرة

        مسألة 1 - من كان على بعض أعضائه جبيرة فإن أمكن نزعُها نزعها وغسل أو مسح ما تحتها. نعم، لايتعيّن النزع لو كانت على محلّ الغسل، بل ما يجب هو إيصال الماء تحتها على نحو يحصل مسمّى الغسل بشرائطه ولو مع وجود الجبيرة. نعم، يجب النزع عن محلّ المسح. وإن لم يمكن النزع: فإن كان في موضع المسح مسح عليها، وإن كان في موضع الغسل وأمكن إيصال الماء تحتها على نحو يحصل مسمّى الغسل بشرائطه وجب، وإلّا مسح عليها.
        مسألة 2 - يجب استيعاب المسح في أعضاء الغسل. نعم، لا يلزم مسح ما يتعذّر أو يتعسّر مسحه ممّا بين الخيوط. وأمّا في أعضاء المسح يكون حال المسح على الجبيرة كمسح محلّها قدرا وكيفيّةً، فيعتبر أن يكون باليد ونداوتها، بخلاف ما كان في موضع الغسل.
        مسألة 3 - الظاهر جريان أحكام الجبيرة مع استيعابها لعضو واحد، خصوصا محلّ المسح. ولو كانت مستوعبةً لمعظم الأعضاء لا يترك الاحتياط بالجمع بين عمل الجبيرة والتيمّم إن أمكن ذلك بلا حائل وإن لا تبعد كفاية التيمّم. نعم، إذا استوعب الحائل أعضاء التيمّم أيضا ولا يمكن التيمّم على البشرة تعيّن الوضوء على الجبيرة.
        مسألة 4 - إذا وقعت الجبيرة على بعض الأطراف الصحيحة فالمقدار المتعارف - الّذي يلزمه شدّ غالب الجبائر - يُلحق بها في الحكم، فيمسح عليه؛ وإن كان أزيد من ذلك المقدار: فإن أمكن رفعُها رفعها وغسل المقدار الصحيح ثمّ وضعها ومسح عليها، وإن لم يمكن ذلك مسح عليها، ولا يترك الاحتياط بضمّ التيمّم أيضا.
        مسألة 5 - إذا لم يمكن المسح على الجبيرة من جهة النجاسة وضع خرقةً فوقها على نحو تعدّ جزءا منها ومسح عليها.
        مسألة 6 - الأقوى أنّ الجرح المكشوف الّذي لا يمكن غسله يجوز الاكتفاء بغسل ما حوله، والأحوط مع ذلك وضع خرقة عليه والمسح عليها.
        مسألة 7 - إذا أضرّ الماء بالعضو - من دون أن يكون جرح أو قرح أو كسر- يتعيّن التيمّم. نعم، لو أضرّ ببعض العضو و أمكن غسل ما حوله لا يبعد جواز الاكتفاء بغسله وعدم الانتقال إلى التيمّم. والأحوط مع ذلك ضمّ التيمّم، ولايترك هذا الاحتياط. وأحوط منه وضع خرقة والمسح عليها ثمّ التيمّم. وكذا يتعيّن التيمّم إذا كان الكسر أو الجرح في غير مواضع الوضوء ولكن استعمال الماء في مواضعه يضرّ بالكسر أو الجرح.
        مسألة 8 - في الرمد الّذي يضرّ به الوضوء يتعيّن التيمّم. ومع إمكان غسل ماحول العين بلا إضرار لا يبعد جواز الاكتفاء به على إشكال، فلا يترك الاحتياط بضمّ التيمّم إليه. ولواحتاط مع ذلك بوضع خرقة والمسح عليها ثمّ التيمّم كان حسنا.
        مسألة 9 - لو كان مانع على البشرة ولا يمكن إزالته - كالقير ونحوه - يُكتفى بالمسح عليه، والأحوط كونه على وجه يحصل أقلّ مسمّى الغسل، وأحوط من ذلك ضمّ التيمّم.
        مسألة 10 - من كان على بعض أعضائه جبيرة وحصل موجب الغسل مسح على الجبيرة وغسل المواضع الخالية عنها مع الشرائط المتقدّمة في وضوء ذي الجبيرة. والأحوط كون غسله ترتيبيّا لا ارتماسيّا.
        مسألة 11 - وضوء ذي الجبيرة وغسله رافعان للحدث لا مبيحان فقط، وكذا تيمّمه إذا كان تكليفه التيمّم.
        مسألة 12 - من كان تكليفه التيمّم وكان على أعضائه جبيرة لا يمكن رفعهإ؛*!ظظ مسح عليها. وكذا في ما إذا كان حائل آخر لا يمكن إزالته.
        مسألة 13 - إذا ارتفع عذر صاحب الجبيرة لا يجب عليه إعادة الصلوات الّتي صلّاها، بل الظاهر جواز إتيان الصلوات الآتية بهذا الوضوء ونحوه.
        مسألة 14 - يجوز أن يصلّي صاحب الجبيرة أوّل الوقت مع اليأس من زوال العذر إلى آخره، ومع عدمه الأحوط التأخير.

    • فصل في الاغسال
    •  

      فصل في الأغسال

      والواجب منها ستّة: غسل الجنابة، والحيض، والاستحاضة، والنفاس، ومسّ الميّت، وغسل الأموات. والأقوى عدم الوجوب الشرعيّ في غير الأخير.

      • فصل في غسل الجنابة
      •  

        فصل في غسل الجنابة

        والكلام في سبب الجنابة، وأحكام الجنب، وواجبات الغسل:

        • القول في السبب

           

          القول في السبب

          مسألة 1 - سبب الجنابة أمران:
          أحدهما: خروج المنيّ وما في حكمه من البلل المشتبه قبل الاستبراء بالبول، كما يأتي إن شاء اللّه تعالى. والمعتبر خروجه إلى الخارج، فلو تحرّك من محلّه ولم يخرج لم يوجب الجنابة. كما أنّ المعتبر كونه منه، فلو خرج من المرأة منيّ الرجل لا يوجب جنابتها إلّا مع العلم باختلاطه بمنيّها.
          والمنيّ إن علم فلا إشكال، وإلّا رجع الصحيح في معرفته إلى اجتماع الدفق والشهوة وفتور الجسد. والظاهر كفاية حصول الشهوة للمريض والمرأة، ولا ينبغي ترك الاحتياط - سيّما في المرأة - بضمّ الوضوء إلى الغسل لو لم يكن مسبوقا بالطهارة، بل الأحوط مع عدم اجتماع الثلاث الغسل والوضوء إذا كان مسبوقا بالحدث الأصغر، والغسل وحده إن كان مسبوقا بالطهارة.
          ثانيهما: الجماع وإن لم يُنزل. ويتحقّق بغيبوبة الحشفة في القُبُل أو الدُبُر، وحصول مسمّى الدخول من مقطوعها على وجه لايخلو من قوّة؛ فيحصل حينئذٍ وصف الجنابة لكلّ منهما، من غير فرق بين الصغير والمجنون وغيرهما، ووجب الغسل عليهما بعد حصول شرائط التكليف. ويصحّ الغسل من الصبيّ المميّز، فلو اغتسل يرتفع عنه حدث الجنابة.
          مسألة 2 - لو رأى في ثوبه منيّا وعلم أنّه منه ولم يغتسل بعده يجب عليه قضاء الصلوات الّتي صلّاها بعده، وأمّا الّتي يحتمل وقوعها قبله فلا يجب قضاؤها. ولو علم أنّه منه ولم يعلم أنّه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة اُخرى لم يغتسل منها فالظاهر عدم وجوب الغسل عليه وإن كان أحوط.
          مسألة 3 - إذا تحرّك المنيّ عن محلّه - في اليقظة أو النوم بالاحتلام - لا يجب الغسل ما لم يخرج؛ فإن كان بعد دخول الوقت ولم يكن عنده ماء للغسل فلا يبعد عدم وجوب حبسه وإن لا يخلو من تأمّل مع عدم التضرّر به، فإذا خرج يتيمّم للصلاة. نعم، إذا لم يكن عنده ما يتيمّم به أيضا لا يبعد وجوب حبسه إذا كان على طهارة، إلّا إذا تضرّر به. وكذا الحال في إجناب نفسه اختيارا بعد دخول الوقت بإتيان أهله بالجماع طلبا للّذّة، فيجوز لو لم يكن عنده ماء الغسل دون ما يتيمّم به، بخلاف ما إذا لم يكن عنده ما يتيمّم به أيضا كما مرّ. وفي إتيانها لغير ما ذكر جوازه محلّ تأمّل وإن لا يبعد.

        • القول في أحكام الجنب

           

          القول في أحكام الجنب

          منها: أنّه يتوقّف على الغسل من الجنابة اُمور، بمعنى أنّه شرط في صحّتها:
          الأوّل: الصلاة بأقسامها عدا صلاة الجنازة، وكذا لأجزائها المنسيّة. والأقوى عدم الاشتراط في سجدتي السهو وإن كان أحوط.
          الثاني: الطواف الواجب، بل لا يبعد الاشتراط في المندوب أيضا.
          الثالث: صوم شهر رمضان و قضاؤه، بمعنى بطلانه إذا أصبح جنبا متعمّدا أو ناسيا للجنابة؛ وأمّا سائر أقسام الصيام فلا تبطل بالإصباح جنبا في غير الواجب منها، ولا يترك الاحتياط في ترك تعمّده في الواجب منها. نعم، الجنابة العمديّة في أثناء النهار تُبطل جميع أقسام الصيام حتّى المندوب منها، وغير العمديّة -كالاحتلام- لا يضرّ بشي ء منها حتّى صوم شهر رمضان.
          و منها: أنّه يحرم على الجنب اُمور:
          الأوّل: مسّ كتابة القرآن على التفصيل المتقدّم في الوضوء، ومسّ اسم اللّه تعالى وسائر أسمائه وصفاته المختصّة به، وكذا مسّ أسماء الأنبياء والأئمّة (علیهم السلام) على الأحوط.
          الثاني: دخول المسجد الحرام و مسجد النبيّ (صلي الله علیه وآله وسلم) وإن كان بنحو الاجتياز.
          الثالث: المكث في غير المسجدين من المساجد، بل مطلق الدخول فيها إن لم يكن مارّا، بأن يدخل من باب و يخرج من آخر أو دخل فيها لأجل أخذ شي ء منها فإنّه لا بأس به. ويلحق بها المشاهد المشرّفة على الأحوط، وأحوط من ذلك إلحاقها بالمسجدين، كما أنّ الأحوط فيها إلحاق الرواق بالروضة المشرّفة.
          الرابع: وضع شي ء في المساجد وإن كان من الخارج أو في حال العبور.
          الخامس: قراءة السور العزائم الأربع - وهي: إقرأ والنجم و الم تنزيل و حم السجدة - ولو بعض منها حتّى البسملة بقصد إحداها.
          مسألة 1 - إذا احتلم في أحد المسجدين أو دخل فيهما جنبا - عمدا أو سهوا أو جهلا - وجب عليه التيمّم للخروج، إلّا أن يكون زمان الخروج أقصر من المكث للتيمّم أو مساويا له، فحينئذٍ يخرج بدون التيمّم على الأقوى.
          مسألة 2 - لو كان جنبا وكان ما يغتسل به في المسجد يجب عليه أن يتيمّم ويدخل المسجد لأخذ الماء. ولا ينتقض التيمّم بهذا الوجدان إلّا بعد الخروج مع الماء أو بعد الاغتسال. وهل يباح بهذا التيمّم غير دخول المسجد واللبث فيه بمقدار الحاجة؟ فيه تأمّل وإشكال.
          ومنها: يكره على الجنب اُمور: كالأكل والشرب، ويرتفع كراهتهما بالوضوء الكامل، وتخفّف كراهتهما بغسل اليد والوجه والمضمضة ثمّ غسل اليدين فقط؛ وكقراءة مازاد على سبع آيات من غير العزائم، وتشتدّ الكراهة إن زاد على سبعين آية؛ وكمسّ ما عدا خطّ المصحف من الجلد والورق والهامش وما بين السطور؛ وكالنوم، وترتفع كراهته بالوضوء، وإن لم يجد الماء تيمّم بدلا عن الغسل أو عن الوضوء، وعن الغسل أفضل؛ وكالخضاب، وكذا إجناب المختضب نفسه قبل أن يأخذ اللون؛ وكالجماع لو كان جنبا بالاحتلام؛ وكحمل المصحف وتعليقه.

      • القول في واجبات الغسل

         

        القول في واجبات الغسل

        مسألة 1 - واجبات الغسل اُمور:
        الأوّل: النيّة. ويعتبر فيها الإخلاص. ولابدّ من استدامتها ولو ارتكازا.
        مسألة ۲ - لو دخل الحمّام بنيّة الغسل: فإن بقي في نفسه الداعي الأوّل وكان غمسه واغتساله بذلك الداعي بحيث لو سئل عنه حين غمسه ما تفعل؟ يقول: «أغتسل» فغسله صحيح، وقد وقع غسله مع النيّة؛ وأمّا إذا كان غافلا بالمرّة بحيث لو قيل له: ما تفعل؟ بقي متحيّرا بطل غسله، بل لم يقع منه أصلا.
        مسألة ۳ - لو ذهب إلى الحمّام ليغتسل و بعد ما خرج شكّ في أنّه اغتسل أم لا بنى على العدم؛ وأمّا لو علم أنّه اغتسل ولكن شكّ في أنّه على الوجه الصحيح أم لا بنى على الصحّة.
        الثاني: غسل ظاهر البشرة؛ فلا يجزي غيره، فيجب عليه حينئذٍ رفع الحاجب وتخليل ما لا يصل الماء إليه إلّا بتخليله. ولا يجب غسل باطن العين والأنف والاُذن وغيرها حتّى الثقبة الّتي في الاُذن والأنف للقُرط أو الحلقة، إلّا إذا كانت واسعةً بحيث تعدّ من الظاهر. والأحوط غسل ما شُكّ في أنّه من الظاهر أو الباطن.
        مسألة 4 - يجب غسل ما تحت الشعر من البشرة، وكذا الشعر الدقيق الّذي يعدّ من توابع الجسد. والأحوط وجوب غسل الشعر مطلقا.
        الثالث: الترتيب في الترتيبيّ الّذي هو أفضل من الارتماسيّ الّذي هو عبارة عن تغطية البدن في الماء مقارنا للنيّة. ويكفي فيها استمرار القصد ولو ارتكازا. والترتيب عبارة عن غسل تمام الرأس - ومنه العنق - مُدخلا لبعض الجسد معه مقدّمةً، ثمّ تمام النصف الأيمن مُدخلا لبعض الأيسر وبعض العنق معه مقدّمةً. والأحوط الأولى إدخال تمام الجانب الأيمن من العنق في النصف الأيمن، وإدخال بعض الرأس معه مقدّمةً، ثمّ تمام النصف الأيسر مُدخلا لبعض الأيمن والعنق معه مقدّمةً. والأحوط الأولى إدخال تمام الجانب الأيسر من العنق في الجانب الأيسر، وإدخال بعض الرأس مقدّمةً. وتدخل العورة والسرّة في التنصيف المذكور، فيغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن ونصفهما الأيسر مع الأيسر، إلّا أنّ الأولى غسلهما مع الجانبين. واللازم استيعاب الأعضاء الثلاثة بالغسل بصبّة واحدة أو أكثر بفرك أو دلك أو غير ذلك.
        مسألة 5 - لا ترتيب في العضو؛ فيجوز غسله من الأسفل إلى الأعلى وإن كان الأولى البدأة بأعلى العضو فالأعلى. كما أنّه لا كيفيّة مخصوصة للغسل هنا، بل يكفي مسمّاه، فيجزي رمس الرأس في الماء، ثمّ الجانب الأيمن ثمّ الأيسر، ويجزيه أيضا رمس البعض والصبّ على آخر. ولو ارتمس ثلاث ارتماسات ناويا بكلّ واحد غسل عضو صحّ، بل يتحقّق مسمّاه بتحريك العضو في الماء على وجه يجري الماء عليه، فلا يحتاج إلى إخراجه منه ثمّ غمسه فيه.
        مسألة 6 - الظاهر حصول الارتماسيّ بالغمس في الماء تدريجا. واللازم -على الأحوط - أن يكون تمام البدن في الماء في آن واحد، فلو خرج بعض بدنه من الماء قبل أن ينغمس البعض الآخر لا يتحقّق الارتماس. نعم، لا يضرّ دخول رجله في الطين يسيرا عند انغماسه للغسل؛ ففي الأنهار والجداول الّتي تدخل الرجل في الطين يسيرا يجوز الارتماسيّ وإن كان الأحوط اختيار الترتيبيّ. والأحوط أن يكون الغمس بالدفعة العرفيّة.
        مسألة 7 - لو تيقّن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه وجبت إعادة الغسل في الارتماسيّ؛ وأمّا في الترتيبيّ: فإن كان ذلك الجزء من الطرف الأيسر يكفي غسل ذلك الجزء ولو طالت المدّة حتّى جفّ تمام الأعضاء، ولا يحتاج إلى إعادة الغسل ولا إعادة غسل سائر أجزاء الأيسر، وإن كان من الأيمن يغسل خصوص ذلك الجزء ويعيد غسل الأيسر، وإن كان من الرأس يغسل خصوص ذلك الجزء ويعيد غسل الطرفين.
        مسألة 8 - لا يجب الموالاة في الترتيبيّ؛ فلو غسل رأسه ورقبته في أوّل النهار والأيمن في وسطه والأيسر في آخره صحّ.
        مسألة 9 - يجوز الغسل تحت المطر وتحت الميزاب ترتيبا، لا ارتماسا.
        الرابع من الواجبات: إطلاق الماء وطهارته وإباحته، بل الأحوط إباحة المكان والمصبّ والآنية وإن كان عدم الاشتراط فيها لا يخلو من وجه. ويعتبر أيضا المباشرة اختيارا، وعدم المانع من استعمال الماء لمرض ونحوه على ما مرّ في الوضوء. وكذا طهارة المحلّ الّذي يراد إجراء ماء الغسل عليه، فلو كان نجسا طهّره أوّلا ثم أجرى الماء عليه للغسل.
        مسألة 10 - إذا كان قاصدا عدم إعطاء الاُجرة للحمّاميّ أو كان بناؤه على إعطائها من الحرام أو على النسيئة من غير تحقّق رضى الحمّاميّ بطل غسله وإن استرضاه بعده.
        مسألة 11 - يشكل الوضوء والغسل بالماء المسبّل، إلّا مع العلم بعموم الإباحة من مالكه.
        مسألة 12 - الظاهر أنّ ماء غسل المرأة من الجنابة والحيض والنفاس وكذا اُجرة تسخينه إذا احتاج إليه على زوجها.
        مسألة 13 - يتعيّن على المجنب في نهار شهر رمضان أن يغتسل ترتيبا؛ فلو اغتسل ارتماسا بطل غسله وصومه على الأحوط فيهما.
        مسألة 14 - لو شكّ في شي ء من أجزاء الغسل وقد فرغ من الغسل بنى على الصحّة؛ وكذا لو شكّ فيه وقد دخل في جزء آخر على الأقوى وإن كان الأحوط في هذا الفرض التدارك.
        مسألة 15 - ينبغي للمجنب - إذا أنزل - الاستبراء بالبول قبل الغسل. وليس هو شرطا في صحّة غسله، ولكن فائدته أنّه لو فعله واغتسل ثمّ خرج منه بلل مشتبه لايجب عليه إعادة الغسل؛ بخلاف ما لو اغتسل بدونه، فإنّ البلل المشتبه حينئذٍ محكوم بكونه منيّا، سواء استبرأ بالخرطات لتعذّر البول عليه أم لا. نعم، لو اجتهد في الاستبراء بحيث قطع بنقاء المحلّ وعدم بقاء المنيّ في المجرى واحتمل أن يكون حادثا لا تجب الإعادة على الأقوى. وكذا لو كان طول المدّة منشأً لقطعه؛ لكنّ الأحوط الإعادة في الصورتين.
        مسألة 16 - المجنب بسبب الإنزال لو اغتسل ثمّ خرج منه بلل مشتبه بين المنيّ والبول: فإن لم يستبرئ بالبول يحكم بكونه منيّا، فيجب عليه الغسل خاصّة، وإن بال ولم يستبرئ بالخرطات بعده يحكم بكونه بولا، فيجب عليه الوضوء خاصّة. ولا فرق في هاتين الصورتين بين احتمال غيرهما من المذي وغيره وعدمه. وإن استبرأ بالبول وبالخرطات بعده: فإن احتمل غير البول والمنيّ أيضا ليس عليه غسل ولا وضوء، وإن لم يحتمل غيرهما فإن أوقع الأمرين قبل الغسل وخرج البلل المشتبه بعده يجب الاحتياط بالجمع بين الغسل والوضوء، وإن أوقعهما بعده ثمّ خرج البلل المزبور يكفي الوضوء خاصّة.
        مسألة 17 - لو خرجت بعد الإنزال والغسل رطوبة مشتبهة بين المنيّ وغيره وشكّ في أنّه استبرأ بالبول أم لا؟ بنى على عدمه، فيجب عليه الغسل؛ ومع احتمال كونه بولا الأحوط ضمّ الوضوء أيضا.
        مسألة 18 - يجزي غسل الجنابة عن الوضوء لكلّ ما اشترط به.
        مسألة 19 - لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل لم يبطل على الأقوى، لكن يجب الوضوء بعده لكلّ ما اشترط به. والأحوط استيناف الغسل قاصدا به مايجب عليه من التمام أو الإتمام والوضوء بعده.
        مسألة 20 - لو ارتمس في الماء بقصد الاغتسال وشكّ في أنّه كان ناويا للغسل الارتماسيّ حتّى يكون فارغا أو الترتيبيّ وكان ارتماسه بقصد غسل الرأس والرقبة وبقي الطرفان يحتاط بغسل الطرفين، ولا يجب الاستيناف، بل لا يكفي الارتماسيّ على الأحوط.
        مسألة 21 - لو صلّى المجنب ثمّ شك في أنّه اغتسل من الجنابة أم لا بنى على صحّة صلاته، ولكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية. ولو كان الشكّ في أثناء الصلاة بطلت، والأحوط إتمامها ثمّ إعادتها مع الغسل.
        مسألة 22 - إذا اجتمع عليه أغسال متعدّدة - واجبة أو مستحبّة أو مختلفة - فإن نوى الجميع بغسل واحد صحّ وكفى عن الجميع مطلقا، فإن كان فيها غسل الجنابة لا حاجة إلى الوضوء للمشروط به، و إلّا وجب الوضوء قبل الغسل أو بعده؛ ومع عدم نيّة الجميع ففي الكفاية إشكال، فلا يترك الاحتياط. نعم، لا يبعد كفاية نيّة الجنابة عن سائر الأغسال، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بنيّة الجميع.

      • الاغسال الخاصة بالنساء
        • فصل في غسل الحيض
          • اوصاف دم الحيض وشرائطه

             

            فصل في الحيض

            دم الحيض أحمر يضرب إلى السواد، أو أحمر طريّ له دفع وحرقة وحرارة. ودم الاستحاضة مقابله في الأوصاف. وهذه صفات غالبيّة لهما يرجع إليها في مقام التميز والاشتباه في بعض المقامات، وربما كان كلّ منهما بصفات الآخر. وكلّ دم تراه الصبيّة قبل إكمال تسع سنين ليس بحيض وإن كان بصفاته، وفي كونه استحاضةً مع عدم العلم بغيرها تردّد وإن لا يبعد. وكذا ما تراه المرأة بعد اليأس ليس بحيض، وفي كونه استحاضةً مع احتمالها تردّد وإن لا يبعد. وتيأس المرأةبإكمال ستّين سنة إن كانت قرشيّة، وخمسين إن كانت غيرها. وفي إلحاق المشكوك كونها قرشيّة بغيرها إشكال. والمشكوك بلوغها يحكم بعدمه؛ وكذلك المشكوك يأسها.
            مسألة ۱ - لو خرج ممّن شكّ في بلوغها دم بصفات الحيض: فإن حصل الوثوق بحيضيّته لا يبعد الحكم بها وبالبلوغ، وإلّا فمحلّ تأمّل وإشكال.
            مسألة ۲ - الحيض يجتمع مع الإرضاع. وفي اجتماعه مع الحمل قولان، أقواهما ذلك وإن ندر وقوعه، فيحكم بحيضيّة ما تراه الحامل - مع اجتماع الشرائط والصفات - ولو بعد استبانة الحمل؛ لكن لا ينبغي ترك الاحتياط لو رأت بعد العادة بعشرين يوما بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.
            مسألة ۳ - لا إشكال في حدوث صفة الحيض وترتّب أحكامه عند خروج دمه إلى الخارج ولو بإصبع ونحوه وإن كان بمقدار رأس إبرة. كما لا إشكال في أنّه يكفي في بقائها واستدامتها تلوّث الباطن به ولو قليلا بحيث يتلطّخ به القطنة لو أدخلتها. وأمّا إذا انصبّ من محلّه في فضاء الفرج بحيث يمكن إخراجه بالإصبع ونحوه ولم يخرج بعد فهل يحدث به صفة الحيض ويترتّب عليه أحكامه أم لا؟ فيه تأمّل وإشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض وأفعال الطاهرة؛ ولا يبعد جواز إخراج الدم حينئذٍ ولو بالعلاج وإجراء أحكام الحائض.
            مسألة 4 - لو شكّ في أصل الخروج حكم بعدمه؛ كما أنّه لو شكّ في أنّ الخارج دم أو غيره من الفضلات حكم بالطهارة من الحدث والخبث. ولو علم أنّه دم وتردّد بين كونه خارجا من الموضع أو من غيره حكم بالطهارة من الحدث خاصّة. ولا يجب عليها الفحص في الصور الثلاث. ولو علمت خروج الدم واشتبه حاله فله صور يعرف حكمها في ضمن المسائل الآتية.
            مسألة 5 - لو اشتبه دم الحيض بدم البكارة - كما إذا افتضّت البكر فسال دم كثير لا ينقطع فشكّ في أنّه من الحيض أو البكارة أو منهما - يختبر بإدخال قطنة والصبر قليلا ثمّ إخراجها، والأحوط الأولى إدخالها وتركها مليّا ثمّ إخراجها رقيقا، فإن كانت مطوّقةً بالدم فهو من البكارة ولو كان بصفات الحيض، وإن كانت منغمسةً به فهو من الحيض. والاختبار المذكور واجب؛ وأمّا كونه شرطا لصحّة عملها فغير معلوم، فالأقوى صحّته لو حصلت منها نيّة القربة مع تبيّن عدم كونه حيضا. ولو تعذّر عليها الاختبار ترجع إلى الحالة السابقة - من طهر أو حيض - فتبني عليها، ومع الجهل بها تحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأفعال الطاهرة.
            مسألة 6 - الظاهر أنّ التطويق والانغماس المذكورين علامتان للبكارة والحيض مطلقا حتّى عند الشكّ في البكارة والافتضاض. ووجوب الاختبار حينئذٍ أيضا لا يخلو من وجه.
            مسألة 7 - لو اشتبه دم الحيض بدم القرحة الّتي في جوفها لا يبعد وجوب الاختبار، فإن خرج الدم من الجانب الأيسر فحيض، وإلّا فمن القرحة؛ لكن لاينبغي ترك الاحتياط ولو مع العلم بالحالة السابقة. نعم، مع تعذّر الاختبار تعمل بالحالة السابقة، ومع الجهل بها تجمع بين أعمال الطاهرة وتروك الحائض.
            مسألة 8 - أقلّ الحيض ثلاثة أيّام، وأكثره كأقلّ الطهر عشرة؛ فكلّ دم تراه المرأة ناقصا عن الثلاثة أو زائدا على العشرة ليس بحيض؛ وكذا ما تراه بعد انقطاع الدم - الّذي حكم بحيضيّته من جهة العادة أو غيرها - من دون فصل العشرة ولم يمكن حيضيّة الدمين مع النقاء المتخلّل في البين - لكون المجموع زائدا على العشرة - ليس بحيض، بل هو استحاضة، كما اذا رأت ذات العادة سبعة أيّام -مثلا- في العادة ثمّ انقطع سبعة أيّام ثمّ رأت ثلاثة أيّام فالثاني ليس بحيض، بل هو استحاضة.
            مسألة 9 - الأقوى اعتبار التوالي في الأيّام الثلاثة؛ فلا يكفي كونها في ضمن العشرة، كأن رأت يوما أو يومين وانقطع ثمّ رأت قبل انقضاء العشرة ما به يتمّ الثلاثة؛ لكن لاينبغي ترك الاحتياط بالعمل على الوظيفتين. ويكفي في التوالي استمرار الدم فيها عرفا، فلايضرّ الفترات اليسيرةالمتعارفة بين النساء.كماأنّ الظاهر كفاية التلفيق في الأيّام، كما لو رأت الدم من الظهر إلى الظهر من اليوم الرابع.
            مسألة 10 - المراد باليوم النهار. وهو ما بين طلوع الفجر إلى الغروب، فالليالي خارجة؛ فإذا رأت من الفجر إلى الغروب وانقطع ثمّ رأت يومين آخرين كذلك في ضمن العشرة كفى عند من لم يعتبر التوالي. نعم، بناءً على اعتباره - كما هو الأقوى - يدخل الليلتان المتوسّطتان خاصّة لو كان مبدأ الدم أوّل النهار، والليالي الثلاث لو كان مبدؤه أوّل الليل، أو عند التلفيق كالمثال المتقدّم.
            مسألة 11 - الحائض إمّا ذات العادة أو غيرها. والثانية إمّا مبتدأة وهي الّتي لم ترحيضا قطّ، وإمّا مضطربة وهي الّتي تكرّر منها الحيض ولم يستقرّ لها عادة، وإمّا ناسية وهي الّتي نسيت عادتها. وتصير المرأة ذات عادة بتكرّر الحيض مرّتين متواليتين متّفقتين في الزمان أو العدد أو فيهما، فتصير بذلك ذات عادة وقتيّة أو عدديّة أو وقتيّة وعدديّة. ولمّا كان تحقّق العادة الوقتيّة فقط بل العدديّة فقط بالمرّتين لا يخلو من شوب إشكال فلا ينبغي ترك الاحتياط.
            مسألة 12 - لا إشكال في أنّه لا تزول العادة برؤية الدم على خلافها مرّة؛ كمإ؛/،ظظ أنّه لا إشكال في زوالها بطروّ عادة اُخرى حاصلة من تكرّر الدم مرّتين متماثلتين على خلافها. وفي زوالها بتكرّره على خلافها لا على نسق واحد بل مختلفا قولان، أقواهما ذلك في ما لو وقع التخلّف مرارا بحيث يصدق في العرف أنّها ليس لها أيّام معلومة؛ وأمّا لو رأت مرّتين غير متماثلتين ففي بقاء العادة تأمّل.
            مسألة 13 - ذات العادة الوقتيّة - سواء كانت عدديّة أيضا أم لا - تتحيّض بمجرّد رؤية الدم في العادة، فتترك العبادة سواء كان بصفة الحيض أم لا. وكذا لو رأت قبل العادة أو بعدها بيوم أو يومين أو أزيد، مادام يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة وتأخّرهما؛ فإن انكشف عليها بعد ذلك عدم كونه حيضا - لكونه أقلّ من أقلّه - تقضي ما تركته من العبادة. وأمّا غير ذات العادة المذكورة فتتحيّض أيضا بمجرّد الرؤية إن كان بصفات الحيض، ومع عدمه تحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة، فإن استمرّ إلى ثلاثة أيّام تجعلها حيضا، ولو زاد عليها إلى العشرة تجعل الزائد أيضا حيضا، فتكتفي بوظيفة الحائض، ولا تحتاج إلى مراعاة أعمال المستحاضة وإن كان ترك الاحتياط لا ينبغي.
            مسألة 14 - ذات العادة الوقتيّة لو رأت في العادة وقبلها أو رأت فيها وبعدها أو رأت فيها وفي الطرفين: فإن لم يتجاوز المجموع عن العشرة جعلت المجموع حيضا، وإن تجاوز عنها فالحيض خصوص أيّام العادة، والزائد استحاضة.
            مسألة 15 - إذا رأت المرأة ثلاثة أيّام متواليات وانقطع بأقلّ من عشرة ثمّ رأت ثلاثة أيّام أو أزيد: فإن كان مجموع الدمين والنقاء المتخلّل في البين لا يزيد على العشرة كان الطرفان حيضا، ويلحق بهما النقاء المتخلّل، سواء كان الدمان أو أحدهما بصفة الحيض أم لا، وسواء كانت ذات العادة وصادف الدمان أو أحدهما العادة أم لا ؛ وإن تجاوز المجموع عن العشرة وكان كلّ واحد من الدمين والنقاء أقلّ منها: فإن كانت ذات عادة وكان أحد الدمين في العادة جعلته خاصّة حيضا دون الآخر، وكذلك إذا وقع بعض أحدهما في العادة دون الآخر تجعل ذلك حيضا دون الآخر، وكذلك لو كانت ذات عادة عدديّة وكان أحد الدمين موافقا لها تجعله حيضا دون الآخر، ويتقدّم على التميز على الأقوى؛ وإن لم تكن ذات عادة أو لم يقع أحدهما أو بعض أحدهما في العادة تجعل ما كان بصفة الحيض حيضا دون الآخر؛ ولو كانت ذات عادة وقتيّة وعدديّة ووقع بعض أحد الدمين في الوقت غير موافق للعدد وكان الآخر بمقدار العدد في غير الوقت تحتاط في كليهما بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة، ولو تساويا في الصفة ولم يقع واحد منهما - كلّاً أو بعضا - في العادة ولا موافقا لها في العدد فالأحوط لو لم يكن الأقوى أن تجعل أوّلهما حيضا وتحتاط إلى تمام العشرة؛ فلو رأت ثلاثة أيّام دما وثلاثة أيّام طهرا وستّة أيّام دما جعلت الثلاثة الاُولى حيضا وتحتاط في البقيّة إلى تمام العشرة، بالجمع بين تروك الحائض وأفعال الطاهرة في النقاء المتخلّل، وبالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة في أيّام الدم إلى تمام العشرة.
            مسألة 16 - ذات العادة إذا رأت أزيد من العادة ولم يتجاوز العشرة فالمجموع حيض.
            مسألة 17 - إذا كانت عادتها في كلّ شهر مرّة فرأت في شهر مرّتين مع فصل أقلّ الطهر في البين: فإن كان أحدهما في العادة تجعله حيضا، وكذلك الآخر إن كان بصفة الحيض، وأمّا إن كان بصفة الاستحاضة فتحتاط بالجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة؛ وإن كانا معا في غير وقت العادة تجعلهما حيضا، سواء كانا واجدين لصفة الحيض أو فاقدين لها أو مختلفين، وإن كان الاحتياط في الدم الثاني في الصورة الثانية وفي الفاقد منهما في الثالثة لا ينبغي تركه.
            مسألة 18 - المبتدأة والمضطربة ومن كانت عادتها عشرة إذا انقطع عنهنّ الدم في الظاهر قبل العشرة مع احتمال بقائه في الباطن يجب عليهنّ الاستبراء، بإدخال قطنة ونحوها والصبر هنيئةً ثمّ إخراجها، فإن خرجت نقيّةً اغتسلن وصلّين، وإن خرجت متلطّخةً ولو بالصفرة صبرن حتّى النقاء أو مضيّ عشرة أيّام، فإن لم يتجاوز عن العشرة كان الكلّ حيضا، وإن تجاوز عنها فسيأتي حكمه.
            وذات العادة الّتي عادتها أقلّ من عشرة: إن انقطع عنها الدم ظاهرا استبرأت، فإن نقيت اغتسلت وصلّت، وإلّا صبرت إلى إكمال العادة، فإن بقي الدم حتّى كملت العادة وانقطع عليها بالمرّة اغتسلت وصلّت، وكذلك لو انقطع الدم ظاهرا على العادة فاستبرأت فرأت نفسها نقيّةً؛ ولو لم ينقطع على العادة وتجاوز عنها استظهرت بترك العبادة إلى العشرة استحبابا - على الأقوى - ولو كان بصفة الحيض. والأحوط وجوبه في يوم واحد، ولا ينبغي ترك الاحتياط في الزائد بالجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة، فحينئذٍ إذا لم يتجاوز الدم عن العشرة كان الكلّ حيضا، وسيأتي حكم المتجاوز.
            مسألة 19 - لو تجاوز الدم عن العشرة - قليلا كان أو كثيرا - فقد اختلط حيضها بطهرها:
            فإن كان لها عادة معلومة من حيث الزمان والعدد تجعلها حيضا وإن لم يكن بصفاته، والبقيّة استحاضة وإن كان بصفاته.
            ولو لم تكن لها عادة معلومة لا عددا ولا وقتا، بأن كانت مبتدأةً أو مضطربةً وقتا وعددا أو ناسيةً كذلك:
            فإن اختلف لون الدم فبعضه أسود أو أحمر وبعضه أصفر ترجع إلى التميز، فتجعل ما بصفة الحيض حيضا وغيره استحاضة، بشرط أن لا يكون ما بصفة الحيض أقلّ من ثلاثة ولا أزيد من عشرة، وأن لا يعارضه دم آخر واجد لصفة الحيض، مفصول بينه وبينه بالفاقد الّذي يكون أقلّ من عشرة، كما إذا رأت خمسة أيّام دما أسود ثمّ خمسة أيّام أصفر ثمّ خمسة أسود. ولو كان ما بصفة الحيض أقلّ من ثلاثة أو أكثر من عشرة فإلغاؤها مطلقا وصيرورتها فاقدة التميز محلّ إشكال؛ ولا يبعد لزوم الأخذ بالصفات في الدم الأوّل - مثلا - في المثال وتتميمه أو تنقيصه بما هو وظيفتها من الأخذ بالروايات أو عادة نسائها.
            وإن كان الدم على لون واحد تكون فاقدة التميز: فإن لم تكن لها أقارب ذوات عادات متّفقات فالأحوط لو لم يكن الأقوى أن تجعل سبعة من كلّ شهر حيضا والبقيّة استحاضة، وإن كانت لها أقارب من اُمّ واُخت وخالة وعمّة وغيرهنّ مع اتّفاقهنّ في العادة والعلم بحالهنّ ترجع المبتدأة إليهنّ فتأخذ بها. وأمّا من لم تستقرّ لها عادة وكانت لها أقارب كما ذكرت فلا تترك الاحتياط في ما إذا كانت عادتهنّ أقلّ من سبعة أو أكثر، بأن تجمع في مقدار التفاوت بين وظيفتي الحائض والمستحاضة.
            مسألة 20 - الأحوط لو لم يكن الأقوى أن تجعل فاقدة التميز التحيّض في أوّل رؤية الدم، فمع فقد الأقارب - بما ذكر في المسألة السابقة - تحيّضت سبعة، ومع وجودهنّ لا يبعد وجوب جعله بمقدارهنّ عددا. وعلى أيّ حال لو استمرّ الدم إلى أزيد من شهر واحد يجب عليها الموافقة بين الشهور، فإن كان ابتداء الدم في الشهر الأوّل من أوّله جعلتها في الشهور التالية أيضا في أوّلها، وإن كان في وسطه جعلتها في وسطها، وهكذا.
            مسألة 21 - ذات العادة الوقتيّة فقط لو تجاوز دمها العشرة ترجع في الوقت إلى عادتها، وأمّا في العدد فإن كان لها تميز يمكن رعايته في الوقت رجعت إليه، وإلّا رجعت إلى أقاربها مع الوجدان بالشرط المتقدّم، وإلّا تحيّضت سبعة أيّام وجعلتها في وقت العادة. وذات العادة العدديّة فقط ترجع في العدد إلى عادتها، وأمّا بحسب الوقت فإن كان لها تميز يوافق العدد رجعت إليه، وكذا إن كان مخالفا له لكن تزيد مع نقصانه عن العدد بمقداره وتنقص مع زيادته عليه، ومع عدم التميز أصلا تجعل العدد في أوّل الدم كما تقدّم.

          • القول في أحكام الحائض

             

            القول في أحكام الحائض

            وهي اُمور:
            منها: عدم جواز الصلاة والصيام والطواف والاعتكاف لها.
            ومنها: حرمة ما يحرم على مطلق المحدث عليها. وهي مسّ اسم اللّه تعالى، وكذا مسّ أسماء الأنبياء والأئمّة (علیهم السلام) على الأحوط، ومسّ كتابة القرآن على التفصيل المتقدّم في الوضوء.
            ومنها: حرمة ما يحرم على الجنب عليها. وهي قراءة السور العزائم أو بعضها، ودخول المسجدين، واللبث في غيرهما، ووضع شي ء في المساجد على ما مرّ في الجنابة، فإنّ الحائض كالجنب في جميع الأحكام.
            ومنها: حرمة الوطء بها في القُبُل على الرجل وعليها. ويجوز الاستمتاع بغيره من التقبيل والتفخيذ ونحوهما، حتّى الوطء في دبرها على الأقوى وإن كره كراهة شديدة، والأحوط اجتنابه. وكذا يكره الاستمتاع بها بما بين السرّة والركبة. وإنّما تحرم المذكورات مع العلم بحيضها وجدانا، أو بالأمارات الشرعيّة، كالعادة والتميز ونحوهما، بل مع التحيّض بسبعة أيّام أو الرجوع إلى عادة نسائها أيضا. ولو جهل بحيضها وعلم به في حال المقاربة يجب المبادرة بالإخراج؛ وكذا لو لم تكن حائضا فحاضت في حالها. وإذا أخبرت بالحيض أو ارتفاعه يسمع قولها، فيحرم الوطء عند إخبارها به، ويجوز عند إخبارها بارتفاعه.
            مسألة 1 - لافرق في حرمةالوطءبين الزوجةالدائمةوالمنقطعةوالحرّةوالأمة.
            مسألة 2 - إذا طهرت جاز لزوجها وطؤها قبل الغسل على كراهيّة، بل وقبل غسل فرجها وإن كان الأحوط اجتنابه قبله.
            ومنها: ترتّب الكفّارة على وطئها على الأحوط. وهي في وطء الزوجة دينار في أوّل الحيض ونصفه في وسطه، وربعه في آخره. ولا كفّارة على المرأة وإن كانت مطاوعة؛ وإنّما يوجب الكفّارة مع العلم بالحرمة وكونها حائضا، بل ومع الجهل عن تقصير في بعض الموارد على الأحوط.
            مسألة 3 - المراد بأوّل الحيض ثلثه الأوّل، وبوسطه ثلثه الثاني، وبآخره ثلثه الأخير، فإن كان أيّام حيضها ستّة فكلّ ثلث يومان،أو سبعة فيومان وثلث، وهكذا.
            مسألة 4 - لو وَطِئها معتقدا حيضها فبان عدمه أو معتقدا عدم الحيض فبان وجوده لا كفّارة عليه.
            مسألة 5 - لو اتّفق حيضها حال المقاربة ولم يبادر في الإخراج ففي ثبوت الكفّارة إشكال، والأحوط ذلك.
            مسألة 6 - يجوز إعطاء قيمة الدينار. والمعتبر قيمة وقت الأداء.
            مسألة 7 - تُعطى الكفّارة المذكورة لمسكين واحد كما تُعطى لثلاثة مساكين.
            مسألة 8 - تتكرّر الكفّارة بتكرّر الوطء لو وقع في أوقات مختلفة، كما إذا وطئها في أوّله وفي وسطه وفي آخره، فيكفّر بدينار وثلاثة أرباع الدينار. وكذا لو تكرّر في وقت واحد مع تخلّل التكفير؛ وأمّا مع عدمه ففيه قولان، أحوطهما ذلك.
            ومنها: بطلان طلاقها إن كانت مدخولا بها ولم تكن حاملا وكان زوجها حاضرا أو بحكمه بأن يتمكّن من استعلام حالها بسهولة مع غيبته؛ فلو لم تكن مدخولا بها أو كانت حاملا أو كان زوجها غائبا أو بحكمه بأن لم يكن متمكّنا من استعلام حالها مع حضوره صحّ طلاقها. ولخصوصيّات المسألة محلّ آخر.
            مسألة 9 - لو كان الزوج غائبا ووكّل حاضرا متمكّنا من استعلام حالها لايجوز له طلاقها في حال الحيض.
            ومنها: وجوب الغسل عند انقطاع الحيض لكلّ مشروط بالطهارة من الحدث الأكبر. وغسله كغسل الجنابة في الكيفيّة والأحكام، إلّا أنّه لا يجزي عن الوضوء، فيجب الوضوء معه قبله أو بعده لكلّ مشروط به كالصلاة؛ بخلاف غسل الجنابة كما مرّ. ولو تعذّر الوضوء فقط تغتسل وتتيمّم بدلا عنه. ولو تعذّر الغسل فقط تتوضّأ وتتيمّم بدلا عنه. ولو تعذّرا معا تتيمّم تيمّمين أحدهما بدلا عن الغسل والآخر بدلا عن الوضوء.
            مسألة 10 - لولم يكن عندها الماء إلّا بقدر أحدهما تقدّم الغسل على الأحوط.
            مسألة 11 - لو تيمّمت بدلا عن الغسل ثمّ أحدثت بالأصغر لم يبطل تيمّمها إلى أن تتمكّن من الغسل. والأحوط تجديده.
            ومنها: وجوب قضاء ما تركته في حال الحيض من الصيام الواجب، سواء كان صوم شهر رمضان أو غيره على الأقوى؛ وكذا الصلاة الواجبة غير اليوميّة، كالآيات وركعتي الطواف والمنذورة على الأحوط؛ بخلاف الصلاة اليوميّة، فإنّه لايجب عليها قضاء ما تركته في حال حيضها. نعم، لو حاضت بعد دخول الوقت وقد مضى منه مقدار أقلّ الواجب من صلاتها بحسب حالها - من البطء والسرعة والصحّة والمرض والحضر والسفر - ومقدار تحصيل الشرائط غير الحاصلة بحسب تكليفها الفعليّ - من الوضوء والغسل أو التيمّم - ولم تصلّ وجب عليها قضاء تلك الصلاة؛ بخلاف من لم تدرك من أوّل الوقت هذا المقدار، فإنّه لا يجب عليها القضاء. والأحوط القضاء لو أدركت مقدار أداء الصلاة مع الطهارة وإن لم تدرك مقدار تحصيل سائر الشرائط، وإن كان الأقوى عدم وجوبه.
            مسألة 12 - لو طهرت من الحيض قبل خروج الوقت فإن أدركت منه مقدار أداء ركعة مع إحراز الشرائط وجب عليها الأداء، ومع تركها القضاء؛ بل الأحوط القضاء مع عدم سعة الوقت إلّا للطهارة من الشرائط وأداء ركعة وإن كان الأقوى عدم وجوبه.
            مسألة 13 - لو ظنّت ضيق الوقت عن أداء ركعة مع تحصيل الشرائط فتركت فبان السعة وجب القضاء.
            مسألة 14 - لو طهرت في آخر النهار وأدركت من الوقت مقدار أربع ركعات في الحضر أو ركعتين في السفر صلّت العصر وسقط عنها الظهر أداءً وقضاءً. ولو أدركت مقدار خمس ركعات في الحضر أو ثلاث ركعات في السفر تجب عليها الصلاتان، وإن تركتهما يجب قضاؤهما؛ وأمّا العشاءان فإن بقي من آخر الليل أقلّ من مقدار خمس ركعات في الحضر أو أربع في السفر يجب عليها خصوص العشاء وسقط عنها المغرب أداءً وقضاءً.
            مسألة 15 - لو اعتقدت سعة الوقت للصلاتين فأتت بهما ثمّ تبيّن عدمها وأنّ وظيفتها خصوص الثانية صحّت ولا شي ء عليها؛ وكذا لو أتت بالثانية فتبيّن الضيق. ولو تركتهما وجب عليها قضاء الثانية. وإن قدّمت الثانية باعتقاد الضيق فبانت السعة صحّت ووجب إتيان الاُولى بعدها. وإن كان التبيّن بعد خروج الوقت وجب قضاؤها.
            مسألة 16 - يستحبّ للحائض أن تبدّل القطنة، وتتوضّ-أ وقت كلّ صلاة وتجلس بمقدار صلاتها مستقبلةً ذاكرةً للّه تعالى. ويُكره لها الخضاب بالحِنّاء وغيره، وقراءة القرآن ولو أقلّ من سبع آيات، وحمل المصحف ولو بغلافه، ولمس هامشه وما بين سطوره.

        • فصل في الاستحاضة

           

          فصل في الاستحاضة

          والكلام في دمها وأحكامها:
          دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد رقيق يخرج بغير قوّة ولذع وحرقة، وقد يكون بصفة الحيض كما مرّ. وليس لقليله ولا لكثيره حدّ. وكلّ دم تراه المرأة قبل بلوغها أو بعد يأسها أو أقلّ من ثلاثة ولم يكن دم قرح ولا جرح ولا نفاس فهو استحاضة، على إشكال في الكلّيّة؛ وكذا لو لم يعلم كونه من القرح أو الجرح إن لم تكن المرأة مقروحة أو مجروحة على الأحوط؛ وكذا لو تجاوز الدم عن عشرة أيّام، لكن حينئذٍ قد امتزج حيضها بالاستحاضة فلابدّ في تعيينهما من أن ترجع إلى التفصيل الّذي سبق في الحيض.
          وأمّا أحكامها فهي ثلاثة أقسام: قليلة ومتوسّطة وكثيرة:
          فالاُولى: أن تتلوّث القطنة بالدم من دون أن يثقبها ويظهر من الجانب الآخر. وحكمها وجوب الوضوء لكلّ صلاة، وغسل ظاهر فرجها لو تلوّث به، والأحوط تبديل القطنة أو تطهيرها.
          والثانية: أن يثقب الدم القطنة ويظهر من الجانب الآخر ولا يسيل منها إلى الخرقة الّتي فوقها. وحكمها - مضافا إلى ما ذكر - أنّه يجب عليها غسل واحد لصلاة الغداة، بل لكلّ صلاة حدثت قبلها أو في أثنائها على الأقوى؛ فإن حدثت بعد صلاة الغداة يجب للظهرين، ولو حدثت بعدهما يجب للعشاءين.
          والثالثة: أن يسيل من القطنة إلى الخرقة. وحكمها - مضافا إلى ما ذكر وإلى تبديل الخرقة أو تطهيرها - غسل آخر للظهرين تجمع بينهما، وغسل للعشاءين تجمع بينهما. هذا إذا حدثت قبل صلاة الفجر. ولو حدثت بعدها يجب في ذلك اليوم غسلان: غسل للظهرين و غسل للعشاءين. ولو حدثت بعد الظهرين يجب غسل واحد للعشاءين. والظاهر أنّ الجمع بين الصلاتين بغسل واحد مشروط بالجمع بينهما، وأنّه رخصة لا عزيمة، فلو لم تجمع بينهما يجب الغسل لكلّ منهما؛ فظهر ممّا مرّ أنّ الاستحاضة الصغرى حدث أصغر كالبول، فإن استمرّت أو حدثت قبل كلّ صلاةمن الصلوات الخمس تكون كالحدث المستمرّ مثل السلس، والوسطى والكبرى حدث أصغر وأكبر.
          مسألة ۱ - يجب على المستحاضة على الأحوط اختبار حالها في وقت كلّ صلاة بإدخال قطنة ونحوها، والصبر قليلا لتعلم أنّها من أيّ قسم من الأقسام لتعمل بمقتضى وظيفتها. ولا يكفي الاختبار قبل الوقت إلّا إذا علمت بعدم تغيّر حالها إلى ما بعد الوقت؛ فلو لم تتمكّن من الاختبار: فإن كان لها حالة سابقة معلومة من القلّة أو التوسّط أو الكثرة تأخذ بها وتعمل بمقتضى وظيفتها، وإلّا فتأخذ بالقدر المتيقّن، فإن تردّدت بين القليلة وغيرها تعمل عمل القليلة، وإن تردّدت بين المتوسّطة والكثيرة تعمل عمل المتوسّطة. والأحوط مراعاة أسوأ الحالات.
          مسألة ۲ - إنّما يجب تجديدالوضوء لكلّ صلاة والأعمال المذكورة لو استمرّ الدم؛ فلو فرض انقطاعه قبل صلاة الظهر يجب لها فقط، ولا يجب للعصر ولاللعشاءين؛ وإن انقطع بعد الظهر وجب للعصر فقط وهكذا، بل لو انقطع وتوضّأت للظهر وبقي وضوؤها إلى المغرب والعشاء صلّتهما بذلك الوضوء، ولم تحتج إلى تجديده.
          مسألة ۳ - يجب بعد الوضوء والغسل المبادرة إلى الصلاة لو لم ينقطع الدم بعدهما، أو خافت عوده بعدهما قبل الصلاة أو في أثنائها. نعم، لو توضّ-أت واغتسلت في أوّل الوقت - مثلا - وانقطع الدم حين الشروع في الوضوء والغسل -ولو انقطاع فترة- وعلمت بعدم عوده إلى آخر الوقت جازلها تأخير الصلاة.
          مسألة 4 - يجب عليها بعد الوضوء والغسل التحفّظ من خروج الدم - مع عدم خوف الضرر - بحشو قطنة أو غيرها وشدّها بخرقة؛ فلو خرج الدم لتقصير منها في التحفّظ والشدّ أعادت الصلاة، بل الأحوط لو لم يكن الأقوى إعادة الغسل والوضوء أيضا. نعم، لو كان خروجه لغلبته - لا لتقصير منها في التحفّظ - فلابأس.
          مسألة 5 - لو انتقلت الاستحاضة من الأدنى إلى الأعلى - كما إذا صارت القليلة متوسّطة أو كثيرة، أو المتوسّطة كثيرة - فبالنسبة إلى الصلاة الّتي صلّتها مع وظيفة الأدنى لا أثر لهذا الانتقال، فلا يجب إعادتها؛ وأمّا بالنسبة إلى الصلوات المتأخّرة فتعمل عمل الأعلى. وكذا بالنسبة إلى الصلاة الّتي انتقلت من الأدنى إلى الأعلى في أثنائها، فعليها الاستيناف والعمل على الأعلى؛ فلو تبدّلت القليلة بالمتوسّطة أوبالكثيرة بعد صلاةالصبح مضت صلاتها، وتكون بالنسبة إلى الظهرين والعشاءين كما إذا حدثتا بعد الصلاة من دون سبق القلّة، فتغتسل غسلا واحدا للظهرين في الصورة الاُولى، وغسلين لهما وللعشاءين في الثانية؛ بخلاف ما لو تبدّلت إليهما قبل صلاة الصبح أو في أثنائها، فإنّها تغتسل لها، بل لو توضّأت قبل التبدّل تستأنف الوضوء، حتّى لو تبدّلت المتوسّطة بالكثيرة بعد الاغتسال لصلاة الصبح استأنفت الغسل، وتعمل في ذلك اليوم عمل الكثيرة كما إذا لم تكن مسبوقةً بالتوسّط. وإن انتقلت من الأعلى إلى الأدنى تعمل لصلاة واحدة عمل الأعلى، ثمّ تعمل عمل الأدنى؛ فلو تبدّلت الكثيرة إلى القليلة قبل الاغتسال لصلاة الصبح واستمرّت عليها اغتسلت للصبح واكتفت بالوضوء للبواقي؛ ولو تبدّلت الكثيرة إلى المتوسّطة بعد صلاة الصبح اغتسلت للظهر واكتفت بالوضوء للعصر والعشاءين.
          مسألة 6 - يصحّ الصوم من المستحاضة القليلة، ولا يشترط في صحّته الوضوء. وأمّا غيرها فيشترط في صحّة صومها الأغسال النهاريّة على الأقوى. ولا يترك الاحتياط في الكثيرة بالنسبة الى الليليّة للّيلة الماضية.
          مسألة 7 - لو انقطع دمها: فإن كان قبل فعل الطهارة أتت بها وصلّت، وإن كان بعد فعلها وقبل فعل الصلاة أعادتها وصلّت إن كان الانقطاع لبرء؛ وكذا لو كان لفترة واسعة للطهارة والصلاة في الوقت؛ وأمّا لو لم تكن واسعةً لهما اكتفت بتلك الطهارة وصلّت؛ وكذلك لو كانت شاكّةً في سعتها. والأحوط لمن علمت بالسعة ولكن شكّت في أنّه للبرء أو الفترة إعادة الطهارة. ولو انقطع في أثناء الصلاة أعادت الطهارة والصلاة إن كان لبرء أو لفترة واسعة؛ وإن لم تكن واسعةً أتمّت صلاتها. ولو انقطع بعد فعل الصلاة فلا إعادة عليها على الأقوى وإن كان لبرء.
          مسألة 8 - قد تبيّن - ممّا مرّ - حكم المستحاضة وما لها من الأقسام ووظائفها بالنسبة إلى الصلاة والصيام؛ وأمّا بالنسبة إلى سائر الأحكام فلا إشكال في أنّه يجب عليها الوضوء فقط للطواف الواجب لو كانت ذات الصغرى، وهو مع الغسل لو كانت ذات الوسطى أو الكبرى. والأحوط عدم كفاية الوضوء الصلاتيّ في الاُولى مع استدامتها، ولا هو مع الغسل في غيرها، خصوصا لو أوقعت ذات الوسطى الطواف في غير وقت الغداة، أو ذات الكبرى في غير الأوقات الثلاثة، فيتوقّف صحّة طوافها على الوضوء والغسل له مستقلّاً على الأحوط. وأمّا الطواف المستحبّ فحيث إنّه لا يشترط فيه الطهارة من الحدث لا يحتاج إلى الوضوء ولا إلى الغسل من حيث هو وإن احتاج إلى الغسل في غير ذات الصغرى من جهة دخول المسجد لو قلنا به. وأمّا مسّ كتابة القرآن فلا إشكال في أنّه لا يحلّ لها إلّا بالوضوء فقط في ذات الصغرى، وبه مع الغسل في غيرها. والأحوط عدم الاكتفاء بمجرّد الإتيان بوظائف الصلاة، فتأتي بالوضوء أو الغسل له مستقلّاً. نعم، الظاهر جوازه حال إيقاع الصلاة الّتي أتت بوظيفتها.
          وهل تكون ذات الوسطى والكبرى بحكم الحائض مطلقا فيحرم عليهما مايحرم عليها بدون الغسل أم لا؟ الأحوط أن لا يغشاها زوجها ما لم تغتسل، ولايجب ضمّ الوضوء وإن كان أحوط، ويكفي الغسل الصلاتيّ لو واقع في وقتها بعد الصلاة، وأمّا لو واقع في وقت آخر فيحتاج إلى غسل له مستقلّاً على الأحوط كما قلنا في الطواف. وأمّا مكثها في المساجد ودخولها المسجدين فالأقوى جوازه لها بدون الاغتسال وإن كان الأحوط الاجتناب بدونه للصلاة أو له مستقلّاً كالوطء. وأمّا صحّة طلاقها فلا إشكال في عدم كونها مشروطة بالاغتسال.

        • فصل في النفاس

           

          فصل في النفاس

          وهو دم الولادة معها أو بعدها قبل انقضاء عشرة أيّام من حينها ولو كان سقطا ولم تلج فيه الروح، بل ولو كان مضغةً أو علقةً إذا علم كونها مبدأ نشوء الولد، ومع الشكّ لم يحكم بكونه نفاسا. وليس لأقلّه حدّ، فيمكن أن يكون لحظةً بين العشرة. ولو لم تر دما أصلا أو رأته بعد العشرة من حين الولادة فلا نفاس لها. وأكثره عشرة أيّام. وابتداء الحساب بعد انفصال الولد، لا من حين الشروع في الولادة. وإن ولدت في أوّل النهار فالليلة الأخيرة خارجة، وأمّا الليلة الاُولى فهي جزء النفاس إن ولدت فيها وإن لم تحسب من العشرة. وإن ولدت في وسط النهار يلفّق من اليوم الحادي عشر. ولو ولدت اثنين كان ابتداء نفاسها من الأوّل ومبدأ العشرة من وضع الثاني.
          مسألة 1 - لو انقطع دمها على العشرة أو قبلها فكلّ ما رأته نفاس، سواء رأت تمام العشرة أم بعضها، وسواء كانت ذات عادة في حيضها أم لا. والنقاء المتخلّل بين الدمين أو الدماء بحكم النفاس على الأقوى؛ فلو رأت يوما بعد الولادة وانقطع ثمّ رأت العاشر يكون الكلّ نفاسا؛ وكذا لو رأت يوما فيوما لا إلى العشرة. ولو لم تر الدم إلّا اليوم العاشر يكون هو النفاس، والنقاء السابق طهر كلّه. ولو رأت الثالث ثمّ العاشر يكون نفاسها ثمانية.
          مسألة 2 - لو رأت الدم في تمام العشرة واستمرّ إلى أن تجاوزها:
          فإن كانت ذات عادة عدديّة في الحيض ترجع في نفاسها إلى مقدار أيّام حيضها، سواء كانت عشرة أو أقلّ، وعملت بعدها عمل المستحاضة؛ وإن لم تكن ذات عادة تجعل نفاسها عشرة وتعمل بعدها عمل المستحاضة، وإن كان الاحتياط إلى الثمانية عشر - بالجمع بين وظيفتي النفساء والمستحاضة - لا ينبغي تركه.
          مسألة 3 - يعتبر فصل أقلّ الطهر - وهو العشرة - بين النفاس والحيض المتأخّر؛ فلو رأت الدم من حين الولادة إلى اليوم السابع ثمّ رأت بعد العشرة ثلاثة أيّام أو أكثر لم يكن حيضا، بل كان استحاضةً، وإن كان الأحوط إلى الثمانية عشر الجمع بين وظيفتي النفساء والمستحاضة إذا لم تكن ذات عادة كما مرّ. وأمّا بينه وبين الحيض المتقدّم فلا يعتبر فصل أقلّ الطهر على الأقوى؛ فلو رأت قبل المخاض ثلاثة أيّام أو أكثر - متّصلًا به أو منفصلًا عنه بأقلّ من عشرة - يكون حيضا، خصوصا إذا كان في العادة.
          مسألة 4 - لو استمرّ الدم إلى شهر أو أقلّ أو أزيد فبعد مضيّ العادة في ذات العادة والعشرة في غيرها محكوم بالاستحاضة. نعم، بعد مضيّ عشرة أيّام من دم النفاس يمكن أن يكون حيضا؛ فإن كانت معتادةً وصادف العادة يحكم بكونه حيضا، وإلّا فترجع إلى الصفات والتميز، وإلّا فإلى الأقارب، وإلّا فتجعل سبعةً حيضا وما عداها استحاضةً على التفصيل المتقدّم في الحيض، فراجع.
          مسألة 5 - لو انقطع دم النفاس في الظاهر يجب عليها الاستظهار على نحو ما مرّ في الحيض، فإذا انقطع الدم واقعا يجب عليها الغسل للمشروط به كالحائض.
          مسألة 6 - أحكام النفساء كأحكام الحائض في عدم جواز وطئها، وعدم صحّة طلاقها، وحرمة الصلاة والصوم عليها، وكذا مسّ كتابة القرآن، وقراءة العزائم، ودخول المسجدين، والمكث في غيرهما، ووجوب قضاء الصوم عليها دون الصلاة، وغير ذلك على التفصيل الّذي سبق في الحيض.

      • فصل في غسل مسّ الميّت

         

        فصل في غسل مسّ الميّت

        وسبب وجوبه مسّ ميّت الإنسان بعد برد تمام جسده وقبل تمام غسله، لابعده ولو كان غسلا اضطراريّا، كما إذا كانت الأغسال الثلاثة بالماء القراح لفقد الخليطين، بل ولو كان المغسّل كافرا لفقد المسلم المماثل وإن كان الأحوط عدم الاكتفاء به. ويلحق بالغسل التيمّم عند تعذّره وإن كان الأحوط عدمه. ولا فرق في الميّت بين المسلم والكافر والكبير والصغير حتّى السقط إذا تمّ له أربعة أشهر؛ كما لا فرق بين ما تحلّه الحياة وغيره، ماسّا و ممسوسا بعد صدق اسم المسّ، فيجب الغسل بمسّ ظفره بالظفر. نعم، لا يوجبه مسّ الشعر ماسّا وممسوسا.
        مسألة ۱ - القطعة المبانة من الحيّ بحكم الميّت في وجوب الغسل بمسّها إذإ؛»:ظظ اشتملت على العظم، دون المجرّدة عنه. والأحوط إلحاق العظم المجرّد باللحم المشتمل عليه وإن كان الأقوى عدمه. وأمّا القطعة المبانة من الميّت فكلّ ما كان يوجب مسّه الغسل في حال الاتّصال يكون كذلك حال الانفصال.
        مسألة 2 - الشهيد كالمغسّل، فلا يوجب مسّه الغسل؛ وكذا من وجب قتله قصاصا أو حدّا فاُمر بتقديم غسله ليقتل.
        مسألة ۳ - لو مسّ ميّتا وشكّ أنّه قبل برده أو بعده لا يجب الغسل؛ وكذا لو شكّ في أنّه كان شهيدا أو غيره؛ بخلاف ما إذا شكّ في أنّه كان قبل الغسل أو بعده، فيجب الغسل.
        مسألة 4 - إذا يبس عضو من أعضاء الحيّ وخرج منه الروح بالمرّة لايوجب مسّه الغسل مادام متّصلا؛ وأمّا بعد الانفصال فيجب الغسل بمسّه إذا اشتمل على العظم، وإلّا ففيه إشكال. وكذا لو قطع عضو منه واتّصل ببدنه ولو بجلدة لا يجب الغسل بمسّه في حال الاتّصال، ويجب بعد الانفصال إذا اشتمل على العظم.
        مسألة 5 - مسّ الميّت ينقض الوضوء على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة، فيجب الوضوء مع غسله لكلّ مشروط به.
        مسألة 6 - يجب غسل المسّ لكلّ مشروط بالطهارة من الحدث الأصغر على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة، وشرطٌ في ما يشترط فيه الطهارة - كالصلاة والطواف الواجب ومسّ كتابة القرآن - على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة.
        مسألة 7 - يجوز للماسّ قبل الغسل دخول المساجد والمشاهد، والمكث فيها، وقراءة العزائم، ويجوز وطؤه لو كان امرأةً، فحال المسّ حال الحدث الأصغر إلّا في إيجاب الغسل للصلاة ونحوها.
        مسألة 8 - تكرار المسّ لا يوجب تكرار الغسل كسائر الأحداث ولو كان الممسوس متعدّدا.

      • أحكام الأموات
        • أحكام المحتضر

           

          أحكام المحتضر

          يجب على من ظهر عنده أمارات الموت أداء الحقوق الواجبة خَلقيّا أو خالقيّا، وردّ الأمانات الّتي عنده، أو الإيصاء بها مع الاطمينان بإنجازها. و كذا يجب الإيصاء بالواجبات الّتي لا تقبل النيابة حال الحياة - كالصلاة والصوم والحجّ غالبا ونحوها - إذا كان له مال، وفي ما يجب على الوليّ كالصلاة والصوم يتخيّر بين إعلامه والإيصاء به.
          مسألة ۱ - لا يجب عليه نصب القيّم على أطفاله الصغار ، إلّا إذا كان عدمه تضييعا لهم ولحقوقهم، فإذا نصب فليكن المنصوب أمينا، وكذا من عيّنه لأداء الحقوق الواجبة.
          مسألة ۲ - يجب كفايةً - على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة - في حال الاحتضار والنزع توجيه المحتضر المسلم إلى القبلة، بأن يُلقى على ظهره ويجعل باطن قدميه ووجهه إلى القبلة، بحيث لو جلس كان وجهه إليها، رجلا كان أو امرأة، صغيرا كان أو كبيرا. والأحوط مراعاة الاستقبال بالكيفيّة المذكورة ما لم ينقل عن محل الاحتضار. وأمّا مراعاته في جميع الحالات إلى ما بعد الفراغ من الغسل فالأقوى عدم لزومه، والأحوط مراعاته أيضا. وأمّا ما بعد الغسل إلى حال الدفن فالأولى بل الأحوط وضعه بنحو ما يوضع حال الصلاة عليه.
          مسألة ۳ - يستحبّ تلقينه الشهادتين، والإقرار بالأئمّة الاثني عشر (علیهم السلام)، وكلمات الفرج، ونقله إلى مصلّاه إذا اشتدّ نزعه بشرط أن لا يوجب أذاه، وقراءة سورتي «يس» و «الصافّات» عنده لتعجيل راحته. وكذا يستحبّ تغميض عينيه، وتطبيق فمه، وشدّ فكّيه، ومدّ يديه إلى جنبيه، ومدّ رجليه، وتغطيته بثوب، والإسراج عنده في الليل، وإعلام المؤمنين ليحضروا جنازته، والتعجيل في تجهيزه إلّا مع اشتباه حاله، فينتظر إلى حصول اليقين بموته. ويكره مسّه في حال النزع، ووضع شي ء ثقيل على بطنه، وإبقاؤه وحده. وكذا يكره حضور الجنب والحائض عنده حال الاحتضار.

        • القول في غسل الميت
          • أحكام غسل الميت وشرائطه

             

            أحكام غسل الميت وشرائطه

            يجب كفايةً تغسيل كلّ مسلم ولوكان مخالفا على الأحوط فيه؛ كما أنّ الأحوط تغسيله بالكيفيّة الّتي عندنا والّتي عندهم. ولايجوز تغسيل الكافر ومنّ حكم بكفره من المسلمين، كالنواصب والخوارج وغيرهما على التفصيل الآتي في النجاسات. وأطفال المسلمين حتّى ولد الزنا منهم بحكمهم، فيجب تغسيلهم، بل يجب تغسيل السقط إذا تمّ له أربعة أشهر، ويكفّن و يُدفن على المتعارف. ولو كان له أقلّ من أربعة أشهر لا يجب غسله، بل يُلفّ في خرقة ويُدفن.
            مسألة ۱ - يسقط الغسل عن الشهيد - وهو المقتول في الجهاد مع الإمام (علیه السلام) أو نائبه الخاصّ - بشرط خروج روحه في المعركة حين اشتعال الحرب أو في غيرها قبل إدراكه المسلمون حيّا. وأمّا لو عثروا عليه بعد الحرب في المعركة وبه رمق فيجب غسله وتكفينه على الأحوط لو خرج روحه فيها، ولو خرج خارجها فالظاهر وجوب غسله وتكفينه. ويلحق به المقتول في حفظ بيضة الإسلام، فلايُغسّل ولايُحنّط ولايُكفّن، بل يُدفن بثيابه، إلّا إذاكان عاريا فيكفّن. وكذا يسقط عمّن وجب قتله برجم أو قصاص، فإنّ الإمام (علیه السلام) أو نائبه الخاصّ أو العامّ يأمره بأن يغتسل غسل الميّت، ثمّ يكفّن كتكفينه و يُحنّط ثمّ يقتل ويُصلّى عليه ويُدفن بلا تغسيل. والظاهر أنّ نيّة الغسل من المأمور وإن كان الأحوط نيّة الآمر أيضا.
            مسألة ۲ - القطعة المنفصلة من الميّت قبل الاغتسال إن لم تشتمل على العظم لا يجب غسلها، بل تُلفّ في خرقة وتُدفن على الأحوط. وإن كان فيها عظم ولم تشتمل على الصدر تُغسّل وتُدفن بعد اللفّ في خرقة. ويُلحق بها إن كانت عظما مجرّدا في الدفن، والأحوط الإلحاق في الغسل أيضا وإن كان عدمه لايخلو من قوّة. وإن كانت صدرا أو اشتملت على الصدر أو كانت بعض الصدر الّذي محلّ القلب في حال الحياة وإن لم يشتمل عليه فعلا تُغسّل وتُكفّن ويُصلّى عليها وتُدفن. ويجوز الاقتصار في الكفن على الثوب واللفّافة، إلّا إذا كانت مشتملةً على بعض محلّ المئزر أيضا. ولو كان معها بعض المساجد يُحنّط ذلك البعض.
            وفي إلحاق المنفصلة من الحيّ بالميّت في جميع ما تقدّم إشكال، لا يترك الاحتياط بالإلحاق فيها وعدم الإلحاق في المسّ بعد الغسل في العظم أو المشتمل عليه.
            مسألة ۳ - تغسيل الميّت كتكفينه والصلاة عليه فرض، على الكفاية على جميع المكلّفين، وبقيام بعضهم به يسقط عن الباقين وإن كان أولى الناس بذلك أولاهم بميراثه، بمعنى أنّ الوليّ لو أراد القيام به أو عيّن شخصا لذلك لا يجوز مزاحمته، بل قيام الغير به مشروط بإذنه على الأقوى، فلا يجوز بدونه. نعم، تسقط شرطيّته مع امتناعه عنه وعن القيام به على الأقوى و إن كان الأحوط الاستيذان من المرتبة المتأخّرة. ولو كان الوليّ قاصرا أو غائبا لا يبعد وجوب الاستيذان من الحاكم الشرعيّ. والإذن أعمّ من الصريح والفحوى وشاهد الحال القطعيّ.
            مسألة 4 - المراد بالوليّ - الّذي لا يجوز مزاحمته أو يجب الاستيذان منه - كلّ من يرثه بنسب أو سبب. ويترتّب ولايتهم على ترتيب طبقات الإرث، فالطبقة الاُولى مقدّمون على الثانية، وهي على الثالثة، فإذا فقدت الأرحام فالأحوط الاستيذان من المولى المعتق ثمّ ضامن الجريرة ثمّ الحاكم الشرعيّ. وأمّا في نفس الطبقات فتقدّم الرجال على النساء لا يخلو من وجه، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط في الاستيذان عنهنّ أيضا. والبالغون مقدّمون على غيرهم، ومن تقرّب إلى الميّت بالأبوين أولى ممّن تقرّب إليه بأحدهما، ومن انتسب إليه بالأب أولى ممّن انتسب إليه بالاُمّ. وفي الطبقة الاُولى الأب مقدّم على الاُمّ والأولاد، وهم على أولادهم. وفي الطبقة الثانية الجدّ مقدّم على الإخوة على وجه وإن لا يخلو من تأمّل، وهم على أولادهم. وفي الثالثة العمّ مقدّم على الخال وهما على أولادهما.
            مسألة 5 - الزوج أولى بزوجته من جميع أقاربها إلى أن يضعها في قبرها، دائمةً كانت أو منقطعةً، على إشكال في الأخيرة.
            مسألة 6 - لو أوصى الميّت في تجهيزه إلى غير الوليّ فالأحوط الاستيذان منه ومن الوليّ.
            مسألة 7 - يشترط المماثلة بين المغسّل والميّت في الذكورة والاُنوثة؛ فلايغسّل الرجل المرأة ولا العكس ولو كان من وراء الستر ومن دون لمس ونظر، إلّا الطفل الّذي لا يزيد عمره من ثلاث سنين، فيجوز لكلّ من الرجل والمرأة تغسيل مخالفه ولو مع التجرّد، وإلّا الزوج والزوجة فيجوز لكلّ منهما تغسيل الآخر ولو مع وجود المماثل والتجرّد، حتّى أنّه يجوز لكلّ منهما النظر إلى عورة الآخر على كراهيّة. ولا فرق في الزوجة بين الحرّة والأمة والدائمة والمنقطعة والمطلّقة الرجعيّة قبل انقضاء عدّة الطلاق، على إشكال في الأخيرتين.
            مسألة 8 - لا إشكال في جواز تغسيل الرجل محارمه وبالعكس مع فقد المماثل حتّى عاريا مع ستر العورة؛ وأمّا مع وجوده ففيه تأمّل وإشكال، فلا يترك الاحتياط.
            مسألة 9 - يجوز للمولى تغسيل أمته إذا لم تكن مزوّجةً ولا معتدّةً ولامبعّضةً، بل ولا مكاتبةً على الأحوط. وأمّا تغسيل الأمة مولاها ففيه إشكال.
            مسألة 10 - الميّت المشتبه بين الذكر والاُنثى -ولو من جهة كونه خنثى- يغسّله من وراء الثوب كلّ من الرجل والاُنثى.
            مسألة 11 - يعتبر في المغسّل الإسلام، بل والإيمان في حال الاختيار؛ فلو انحصر المغسّل المماثل في الكتابيّ أو الكتابيّة أمر المسلم الكتابيّة والمسلمة الكتابيّ أن يغتسل أوّلا ثمّ يغسّل الميّت؛ وإن أمكن أن لا يمسّ الماء و بدن الميّت أو يغسّل في الكرّ أو الجاري تعيّن على الأحوط. ولو انحصر المماثل في المخالف فكذلك، إلّا أنّه لا يحتاج إلى الاغتسال قبل التغسيل، ولا إلى عدم مسّ الماء وبدن الميّت، ولا إلى الغسل في الكرّ والجاري. ولو انحصر المماثل في الكتابيّ والمخالف يقدّم الثاني.
            مسألة 12 - لو لم يوجد المماثل حتّى الكتابيّ سقط الغسل على الأقوى. ولايبعد أن يكون الأحوط ترك غسله ودفنه بثيابه؛ كما أنّ الأحوط أن ينشّف بدنه قبل التكفين، لاحتمال بقاء نجاسته فيتنجّس الكفن به.
            مسألة 13 - الأحوط اعتبار البلوغ في المغسّل؛ فلا يجزي تغسيل الصبيّ المميّز على الأحوط، حتّى بناءً على صحّة عباداته كما هو الأقوى.

          • القول في كيفية غسل الميت

             

            القول في كيفيّة غسل الميّت

            يجب أوّلا إزالة النجاسة عن بدنه. والأقوى كفاية غسل كلّ عضو قبل تغسيله وإن كان الأحوط تطهير جميع الجسد قبل الشروع في الغسل. ويجب تغسيله ثلاثة أغسال: أوّلها بماء السدر، ثمّ بماء الكافور، ثمّ بالماء الخالص. ولو خالف الترتيب عاد إلى ما يحصل به بإعادة ما حقّه التأخير. وكيفيّة كلّ غسل من الأغسال الثلاثة كغسل الجنابة، فيبدأ بغسل الرأس والرقبة ثمّ الطرف الأيمن ثمّ الأيسر. ولا يكفي الارتماس في الأغسال الثلاثة على الأحوط، بأن يكتفي في كلّ غسل بارتماسة واحدة. نعم، يجوز في غسل كلّ عضو من الأعضاء الثلاثة من كلّ غسل من الأغسال الثلاثة رمس العضو في الماء الكثير مع مراعاة الترتيب.
            مسألة 1 - يعتبر في كلّ من السدر والكافور أن يكون بمقدار يصدق أنّه مخلوط بهما مع بقاء الماء على إطلاقه.
            مسألة 2 - لو تعذّر أحد الخليطين أو كلاهما غُسّل بالماء الخالص بدلا عمّا تعذّر على الأحوط، بل وجوبه لايخلومن قوّة قاصدا به البدليّةمراعياللترتيب بالنيّة.
            مسألة 3 - لو فقد الماء للغسل ييمّم ثلاث تيمّمات بدلًا عن الأغسال على الترتيب. والأحوط تيمّم آخر بقصد بدليّته عن المجموع وإن كان الأقوى عدم لزومه. وييمّم أيضا لو كان مجروحا أو محروقا أو مجدورا بحيث يخاف من تناثر جلده لو غسّل. ولا يترك الاحتياط بالتيمّم بيد الحيّ وبيد الميّت مع الإمكان وإن لا يبعد جواز الاكتفاء بيد الميّت إن أمكن. ويكفي ضربة واحدة للوجه واليدين وإن كان الأحوط التعدّد.
            مسألة 4 - لو لم يكن عنده من الماء إلّا بمقدار غسل واحد غسّله غسلاً واحدا وييمّمه تيمّمين؛ فإن كان عنده الخليطان أو السدر خاصّة صرف الماء في الغسل الأوّل وييمّمه للأخيرين؛ وكذا إن لم يكونا عنده على الأقوى. و يحتمل بعيدا وجوب صرفه للثالث والتيمّم للأوّلين. و طريق الاحتياط في مراعاة الاحتمالين بأن ييمّم تيمّمين بدلا عن الغسلين الأوّلين على الترتيب احتياطا، ثمّ يغسّل بالماء بقصد ما في الذمّة مردّدا بين كونه الغسل الأوّل أو الثالث، ثمّ تيمّمين بقصد الاحتياط: أحدهما بدلا عن الغسل الثاني والآخر بدلا عن الثالث. ولو كان عنده الكافور فقط صرفه في الغسل الأوّل وييمّمه تيمّمين للثاني والثالث، ويحتمل بعيدا صرفه في الثاني والتيمّم للأوّل والثالث. والأحوط أن ييمّم أوّلا بدلا عن الغسل الأوّل، ثمّ يغسّل بماء الكافور قاصدا به ما في الواقع: من بدليّته عن الغسل بماء السدر أو كونه الغسل الثاني، ثمّ ييمّم تيمّمين: أحدهما بدلا عن الغسل بماء الكافور و الثاني بدلا عن الغسل بالماء الخالص. ولو كان ما عنده من الماء يكفي لغسلين فإن كان عنده الخليطان صرفه في الأوّلين وييمّمه للثالث؛ وكذا لو كان عنده أحد الخليطين أو لم يكن شي ء منهما.
            مسألة 5 - لو كان الميّت محرما يغسّله ثلاثة أغسال كالمحلّ، لكن لا يخلط الماء بالكافور في الغسل الثاني، إلّا أن يكون موته بعد التقصير في العمرة، وبعد السعي في الحجّ. وكذلك لا يحنّط بالكافور إلّا بعدهما.
            مسألة 6 - لو يمّمه عند تعذّر الغسل أو غسّله بالماء الخالص لأجل تعذّر الخليط ثمّ ارتفع العذر فإن كان قبل الدفن يجب الغسل في الأوّل، والأحوط إعادته مع الخليط في الثاني؛ وإن كان بعده مضى.
            مسألة 7 - لو كان على الميّت غسل جنابة أو حيض أو نحوهما أجزأ عنها غسل الميّت.
            مسألة 8 - لو دفن بلا غسل ولو نسيانا وجب نبشه لتغسيله إن لم يكن فيه محذور: من هتك حرمة الميّت لأجل فساد جثّته، أو الحرج على الأحياء بواسطة رائحته أو تجهيزه؛ وكذا إذا ترك بعض أغساله أو تبيّن بطلانه؛ وكذا إذا دفن بلاتكفين. وأمّا لو دفن مع الكفن الغصبيّ فإن لم يكن في النبش محذور يجب، وأمّا مع المحذور المتقدّم ففيه إشكال. والأحوط للمغصوب منه أخذ قيمة الكفن. نعم، لو كان الغاصب هو الميّت فالأقوى جواز نبشه حتّى مع الهتك. ولو تبيّن أنّه لم يصلّ عليه أو تبيّن بطلانها لايجوز نبشه، بل يصلّى على قبره.
            مسألة 9 - لا يجوز أخذ الاُجرة على تغسيل الميّت، إلّا إذا جعلت الاُجرة في قبال بعض الاُمور غير الواجبة، مثل تليين أصابعه ومفاصله، وغسل يديه قبل التغسيل إلى نصف الذراع، وغسل رأسه برغوة السدر أو الخطميّ، وغسل فرجيه بالسدر أو الإشنان قبل التغسيل، و تنشيفه بعد الفراغ بثوب نظيف، وغير ذلك.
            مسألة 10 - لو تنجّس بدن الميّت بعد الغسل أو في أثنائه بخروج نجاسته أو نجاسة خارجيّة لا يجب إعادة غسله حتّى في ما خرج منه بول أو غائط على الأقوى وإن كان الأحوط إعادته لو خرجا في أثنائه. نعم، يجب إزالة الخبث عن جسده؛ والأحوط ذلك ولو كان بعد وضعه في القبر، إلّا مع التعذّر ولو لاستلزامه هتك حرمته بسبب الإخراج.
            مسألة 11 - اللوح أو السرير الّذي يغسّل عليه الميّت لا يجب غسله بعد كلّ غسل من الأغسال الثلاثة. نعم، الأحوط غسله لميّت متأخّر وإن كان الأقوى أنّه يطهر بالتبعيّة؛ وكذا الحال في الخرقة الموضوعة عليه، فإنّها أيضا تطهر بالتبع.
            مسألة 12 - الأحوط أن يوضع الميّت حال الغسل مستقبل القبلة على هيئة المحتضر وإن كان الأقوى أنّه من السنن.
            مسألة 13 - لا يجب الوضوء للميّت على الأصحّ. نعم، يقوى استحبابه، بل هو الأحوط، وينبغي تقديمه على الغسل.

          • القول في آداب الغسل

             

            القول في آداب الغسل

            وهي اُمور: وضعه على ساجة أو سرير، وأن ينزع قميصه من طرف رجليه وإن استلزم فتقه، لكن حينئذٍ يراعى رضى الورثة على الأحوط، وأن يكون تحت الظلال من سقف أو خيمة ونحوهما، وستر عورته وإن لم ينظر إليها أو كان المغسّل ممّن يجوز له النظر إليها، وتليين أصابعه ومفاصله برفق، وغسل يديه قبل التغسيل إلى نصف الذراع، وغسل رأسه برغوة السدر أو الخطميّ، وغسل فرجيه بالسدر أو الإشنان أمام الغسل، ومسح بطنه برفق في الغسلين الأوّلين، إلّا أن يكون الميّت امرأةً حاملا، وتثليث غسل اليدين والفرجين، وتثليث غسل كلّ عضو من كلّ غسل، فيصير مجموع الغسلات سبعا وعشرين، وتنشيف بدنه بعد الفراغ بثوب نظيف وغير ذلك.
            مسألة - لو سقط من بدن الميّت شي ء- : من جلد أو شعر أو ظفر أو سنّ - يجعل معه في كفنه ويدفن.

        • القول في تكفين الميت
          • أحكام تكفين الميت

             

            أحكام تكفين الميت

            وهو واجب كفائيّ كالتغسيل. والواجب منه ثلاثة أثواب: مئزريستر بين السرّة والركبة، وقميص يصل إلى نصف الساق لا أقلّ على الأحوط، وإزار يغطّي تمام البدن، فيجب أن يكون طوله زائدا على طول الجسد، وعرضه بمقدار يمكن أن يوضع أحد جانبيه على الآخر، ويلفّ عليه بحيث يستر جميع الجسد. وعند تعذّر الجميع أتى بما تيسّر مقدّما للأشمل على غيره لدى الدوران؛ ولو لم يمكن إلّا ستر العورة وجب.
            مسألة ۱ - لا يجوز التكفين بالمغصوب ولو في حال الاضطرار، ولا بالحرير الخالص ولو للطفل والمرأة، ولا بجلد الميتة، ولا بالنجس حتّى ما عفي عنه في الصلاة، ولا بما لا يؤكل لحمه جلدا كان أو شعرا أو وبرا، بل ولا بجلد المأكول أيضا على الأحوط، دون صوفه وشعره ووبره، فإنّه لا بأس به.
            مسألة ۲ - يختصّ عدم جواز التكفين بما ذكر - في ما عدا المغصوب - بحال الاختيار؛ فيجوز الجميع مع الاضطرار، بل لو عمل جلد المأكول على نحو يصدق عليه الثوب يجوز في حال الاختيار أيضا، ومع عدم الصدق لا يجوز اختيارا. ومع الدوران يقدّم النجس، ثمّ الحرير على الأحوط، ثمّ المأكول، ثمّ غيره.
            مسألة 3 - لو تنجّس الكفن قبل الوضع في القبر وجبت إزالة النجاسة عنه بغسل أو قرض غير قادح في الكفن، وكذا بعد الوضع فيه، والأولى القرض في هذه الصورة. ولو تعذّر غسله ولو من جهة توقّفه على إخراجه تعيّن القرض؛ كما أنّه يتعيّن الغسل لو تعذّر القرض ولو من جهة استلزامه زوال ساتريّة الكفن. نعم، لوتوقّف الغسل على إخراجه من القبر و هتكه فلا يجب، بل لا يجوز. ولو تعذّرا وجب التبديل مع الإمكان لو لم يلزم الهتك، وإلّا لا يجوز.
            مسألة 4 - يخرج الكفن - عدا ما استثني - من أصل التركة مقدّما على الديون والوصايا والميراث. والظاهر خروج ما هو المتعارف اللائق بشأنه منه، وكذا سائر مُؤَن التجهيز. ولا ينبغي ترك الاحتياط في الزائد على الواجب مع التحفّظ على عدم إهانته. وكذا يخرج من الأصل الماء والسدر والكافور وقيمة الأرض واُجرة الحمّال والحفّار وغيرها من مُؤَن التجهيز، حتّى ما تأخذه الحكومة للدفن في الأرض المباحة. ولو كانت التركة متعلّقةً لحقّ الغير بسبب الفلس أو الرهانة فالظاهر تقديم الكفن عليه. نعم، في تقديمه على حقّ الجناية إشكال. ولو لم تكن له تركة بمقدار الكفن دُفن عريانا؛ ولا يجب على المسلمين بذله بل يستحبّ.
            مسألة 5 - كفن الزوجة وسائر مُؤَن تجهيزها على زوجها ولو مع يسارها، كبيرةً كانت أو صغيرةً، مجنونةً أو عاقلةً، حرّةً أو أمةً، مدخولةً أو غيرَها، مطيعةً أو ناشزةً. وفي المنقطعة إشكال، سيّما إذا كانت مدّة نكاحها قصيرةً جدّا. ولا يترك الاحتياط في المطلّقة الرجعيّة، بل الظاهر كونها عليه.
            مسألة 6 - لو تبرّع متبرّع بكفنها ولم يكن وهنا عليها سقط عن الزوج.
            مسألة 7 - لو مات الزوج بعد زوجته أو قبلها أو مقارنا لها ولم يكن له مال إلّا بمقدار كفن واحد قُدّم عليها.
            مسألة 8 - لو كان الزوج معسرا فكفن الزوجة من تركتها؛ فلو أيسربعد دفنها ليس للورثة مطالبة قيمته.
            مسألة 9 - لا يُلحق بالزوجة في وجوب الكفن من وجبت نفقته من الأقارب. نعم، كفن المملوك على سيّده، إلّا الأمة المزوّجة فعلى زوجها.

          • القول في مستحبات الكفن وآداب التكفين

             

            القول في مستحبّات الكفن وآداب التكفين

            يستحبّ الزيادة على القطع الثلاث في كلّ من الرجل والمرأة بخرقة للفخذين، طولها ثلاثة أذرع ونصف، وعرضها شبر إلى شبر ونصف، تُشدّ من الحَقوين ثمّ تُلفّ على الفخذين لفّا شديدا على وجه لا يظهر منهما شي ء إلى أن تصل إلى الركبتين، ثمّ يُخرج رأسها من تحت رجليه إلى جانب الأيمن، ثمّ يُغمز في الموضع الّذي انتهى إليه اللفّ؛ وجعل شي ء من القطن بين الأليتين على وجه (۱) يستر العورتين بعد وضع شي ء من الذريرة عليه، ويُحشى دبره بشي ء منه إذا خشي خروج شي ء منه، بل وقُبُل المرأة أيضا، سيّما إذا كان يخشى خروج دم النفاس ونحوه منه، كلّ ذلك قبل اللفّ بالخرقة المذكورة؛ ولفّافة اُخرى فوق اللفّافة الواجبة، والأفضل كونها بُردا يمانيّا؛ بل يقوى استحباب لفّافة ثالثة سيّما في المرأة؛ وفي الرجل خاصّة بعمامة يُلفّ بها رأسه بالتدوير، ويجعل طرفاها تحت الحنك، ويُلقى فضل الشقّ الأيمن على الأيسر وبالعكس، ثمّ يُمدّان إلى صدره؛ وفي المرأة خاصّة بمقنعة بدل العمامة، ولفّافة يُشدّ بها ثدياها إلى ظهرها. ويستحبّ إجادة الكفن، وكونه من طهور المال لا تشوبه شبهة، وأن يكون من القطن، وأن يكون أبيض عدا الحَبَرة، فإنّ الأولى أن تكون بُردا أحمر، وأن يكون من ثياب أحرم فيها أو كان يصلّي فيها، وأن يخاط على الاُولى بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة، وأن يُلقى على كلّ ثوب منه شي ء من الكافور والذريرة، وأن يكتب على حاشية جميع قِطَع الكفن وعلى الجريدتين: «إنّ فلان بن فلان يشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا رسول اللّه(صلي الله علیه وآله وسلم)، وأنّ عليّا والحسن والحسين - ويعدّ الأئمّة(علیهم السلام) إلى آخرهم - أئمّته وسادته وقادته، وأنّ البعث والثواب والعقاب حقّ»؛ وأن يكتب عليه الجوشن الكبير. نعم، الأولى بل الأحوط أن يكون ذلك كلّه في مقام يؤمن عليه من النجاسة والقذارة. والأحوط التجنّب عن الكتابة في المواضع الّتي تنافي احترامها عرفا. والأولى للمباشر للتكفين لوكان هو المغسّل الغسلُ من المسّ والوضوء قبل التكفين، وإذا كان غيره الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر.


            ۱- في جميع الطبعات هكذا، ولكنّ الصحيح: «الأليين» بدون التاء.

          • القول في الحنوط

             

            القول في الحنوط

            وهو واجب على الأصحّ، صغيرا كان الميّت أو كبيرا، ذكرا كان أو اُنثى، ولا يجوز تحنيط المحرم كما تقدّم. ويشترط أن يكون بعد الغسل أو التيمّم. والأقوى جوازه قبل التكفين وبعده وفي الأثناء وإن كان الأوّل أولى.
            وكيفيّته أن يمسح الكافور على مساجده السبعة. ويستحبّ إضافة طرف الأنف إليها، بل هو الأحوط. ولا يبعد استحباب مسح إبطيه ولَبّته ومفاصله به، والأولى الإتيان به رجاءً. ولا يقوم مقام الكافور طيب آخر حتّى عند الضرورة.
            مسألة ۱ - لا يجب مقدار معيّن من الكافور في الحنوط، بل الواجب المسمّى ممّا يصدق معه المسح به. والأفضل الأكمل أن يكون سبعة مثاقيل صيرفيّة، ودونه في الفضل أربعة مثاقيل شرعيّة، ودونه أربعة دراهم، ودونه مثقال شرعيّ، ودونه درهم. ولو تعذّر الجميع حتّى المسمّى منه دُفن بغير حنوط.
            مسألة 2 - يستحبّ خلط كافور الحنوط بشي ء من التربة الشريفة، لكن لا يمسح به المواضع المنافية لاحترامها كالإبهامين.

          • القول في الجريدتين

             

            القول في الجريدتين

            من السنن الأكيدة وضع عودين رطبين مع الميّت، صغيرا أو كبيرا، ذكرا أو اُنثى. ويوضع مع الصغير رجاءً. والأفضل كونهما من جريد النخل، وإن لم يتيسّر فمن السدر، وإلّا فمن الخلاف، وإلّا فمن الرمّان، وإلّا فمن كلّ شجر رطب. والأولى كونهما بمقدار عظم الذراع وإن أجزأ الأقلّ إلى شبر والأكثر إلى ذراع؛ كما أنّ الأولى في كيفيّة وضعهما جعلُ أحدهما في جانبه الأيمن من عند الترقوة إلى ما بلغ ملصقا بجلده، والآخر في جانبه الأيسر من عند الترقوة إلى ما بلغ فوق القميص تحت اللفّافة.

        • القول في تشييع الجنازة

           

          القول في تشييع الجنازة

          وفضله كثير، وثوابه خطير، حتّى ورد في الخبر: «من شيّع جنازة فله بكلّ خطوة حتّى يرجع مائة ألف ألف حسنة، ويُمحى عنه مائة ألف ألف سيّئة، ويُرفع له مائة ألف ألف درجة، فإن صلّى عليها يشيّعه مائة ألف ألف ملك كلّهم يستغفرون له، فإن شهد دفنها وكّل اللّه به مائة ألف ألف ملَك يستغفرون له حتّى يُبعث من قبره، ومن صلّى على ميّت صلّى عليه جبرئيل وسبعون ألف ألف ملك، وغُفر له ما تقدّم من ذنبه، وإن أقام عليه حتّى يدفنه وحثى عليه من التراب انقلب من الجنازة وله بكلّ قدم - من حيث تبعها حتّى يرجع إلى منزله - قيراط من الأجر، والقيراط مثل جبل اُحد يُلقى في ميزانه من الأجر».
          وأمّا آدابه فهي كثيرة:
          منها: أن يقول حامل الجنازة حين حملها: «بسم اللّه وباللّه، وصلّى اللّه على محمّد وآل محمّد، اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات».
          ومنها: أن يحملوها على أكتافهم، لا على الدابّة ونحوها إلّا لعذر كبعد المسافة، لئلّا يحرموا من فضل حملها على الأكتاف. وأمّا كراهة حملها على الدابّة فغير معلومة.
          ومنها: أن يكون المشيّع خاشعا متفكّرا، متصوّرا أنّه هو المحمول وقد سأل الرجوع إلى الدنيا فاُجيب.
          ومنها: المشي. والركوب مكروه إلّا لعذر. نعم، لا يكره في الرجوع.
          ومنها: المشي خلف الجنازة أو جانبيها، والأوّل أفضل .
          ومنها: التربيع، بمعنى أن يحمل الشخص الواحد جوانبها الأربعة. والأفضل أن يبتدئ بمقدّم السرير من طرف يمين الميّت فيضعه على عاتقه الأيمن، ثمّ يحمل مؤخّره الأيمن على عاتقه الأيمن، ثمّ مؤخّره الأيسر على عاتقه الأيسر، ثمّ ينتقل إلى المقدّم الأيسر ويضعه على عاتقه الأيسر.
          ومنها: أن يكون صاحب المصيبة حافيا واضعا رداءه، أو مغيّرا زيّه على وجه آخر مناسب للمعزّى حتّى يعرف.
          ويكره الضحك واللعب واللهو، ووضع الرداء لغير صاحب المصيبة، والإسراع في المشي على وجه ينافي الرفق بالميّت، سيّما إذا كان بالعدو، بل ينبغي الوسط في المشي، وإتباعها بالنار، إلّا المصباح بل مطلق الضياء في الليل، والقيام عند مرورها إذا كان جالسا، إلّا إذا كان الميت كافرا فيقوم. والأولى ترك النساء تشييع الجنازة حتّى للنساء. ولا يبعد الكراهة للشابّة.

        • القول في الصلاة على الميت
          • أحكام صلاة الميت وموارد وجوبها

             

            أحكام صلاة الميت وموارد وجوبها

            يجب الصلاة على كلّ مسلم وإن كان مخالفا للحقّ على الأصحّ. ولا يجوز على الكافر بأقسامه حتّى المرتدّ ومن حكم بكفره ممّن انتحل الإسلام، كالنواصب والخوارج. ومن وُجد ميّتا في بلاد المسلمين يُلحق بهم، وكذا لقيط دارالإسلام؛ وأمّا لقيط دارالكفر إن وُجد فيها مسلم يحتمل كونه منه ففيه إشكال. وأطفال المسلمين حتّى ولدالزنا منهم بحكمهم في وجوب الصلاة عليهم إذا بلغوا ستّ سنين؛ وفي الاستحباب على من لم يبلغ ذلك الحدّ إذا وُلد حيّا تأمّل. وأمّا من وُلد ميّتا فلا تستحبّ وإن ولجه الروح قبل ولادته. وقد تقدّم سابقا أنّ حكم بعض البدن إن كان صدرا أو مشتملا عليه أو كان بعض الصدر الّذي محلّ القلب - وإن لم يشتمل عليه فعلا - حكم تمام البدن في وجوب الصلاة عليه.
            مسألة 1 - محلّ الصلاة بعد الغسل والتكفين؛ فلا تجزي قبلهما، ولا تسقط بتعذّرهما، كما أنّه لا تسقط بتعذّر الدفن أيضا؛ فلو وجد في الفلاة ميّت ولم يمكن غسله وتكفينه ولا دفنه يُصلّى عليه ويُخلّى. والحاصل: أنّ كلّ ما تعذّر من الواجبات يسقط، وكلّ ما يمكن يثبت.
            مسألة 2 - يعتبر في المصلّي على الميّت أن يكون مؤمنا؛ فلا يجزي صلاة المخالف فضلا عن الكافر. ولا يعتبر فيه البلوغ على الأقوى؛ فيصحّ صلاة الصبيّ المميّز، لكن في إجزائها عن المكلّفين البالغين تأمّل. ولا يعتبر فيه الذكورة؛ فتصحّ صلاة المرأة ولو على الرجال. ولا يشترط في صحّتها عدم الرجال، ولكن ينبغي تقديمهم مع وجودهم، بل هو أحوط.
            مسألة 3 - الصلاة على الميّت وإن كان فرضا على الكفاية إلّا أنّه كسائر أنواع تجهيزه أولى الناس بها أولاهم بميراثه؛ فلو أراد المباشرة بنفسه أو عيّن شخصا لها لايجوز مزاحمته، بل الأقوى اشتراط إذنه في صحّة عمل غيره. ولو أوصى الميّت بأن يصلّي عليه شخص معيّن فالأحوط على الوليّ الإذن وعلى الوصيّ الاستيذان منه.
            مسألة 4 - يستحبّ فيها الجماعة. والأحوط اعتبار اجتماع شرائط الإمامة -من العدالة ونحوها- هنا أيضا، بل الأحوط اعتبار اجتماع شرائط الجماعة - من عدم الحائل ونحوه - وإن لا يبعد عدم اشتراط شي ء من شرائط الإمامة والجماعة إلّا في ما يشترط في صدقها عرفا، كعدم البعد المفرط والحائل الغليظ. ولا يتحمّل الإمام هنا عن المأمومين شيئا.
            مسألة 5 - يجوز أن يصلّي على ميّت واحد في زمان واحد أشخاص متعدّدون فرادى، بل وبالجماعات المتعدّدة. ويجوز لكلّ واحد منهم قصد الوجوب ما لم يفرغ منها أحد؛ فإذا فرغ نوى الباقون الاستحباب أو القربة، وكذلك الحال في المصلّين المتعدّدين في جماعة واحدة.
            مسألة 6 - يجوز للمأموم نيّة الانفراد في الأثناء، لكن بشرط أن لا يكون بعيدا عن الجنازة بما يضرّ، ولا خارجا عن المحاذاة المعتبرة في المنفرد.

          • القول في كيفية صلاة الميت

             

            القول في كيفيّة صلاة الميّت

            وهي خمس تكبيرات: يأتي بالشهادتين بعد الاُولى، والصلاة على النبيّ وآله بعد الثانية، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات بعد الثالثة، والدعاء للميّت بعد الرابعة، ثمّ يكبّر الخامسة وينصرف. ولا يجوز أقلّ من خمس تكبيرات إلّا للتقيّة. وليس فيها أذان ولا إقامة ولا قراءة ولا ركوع ولا سجود ولا تشهّد ولا سلام.
            ويكفي في الأدعية الأربعة مسمّاها، فيجزي أن يقول بعد التكبيرة الاُولى: «أشهد أن لا إله إلّا اللّه وأشهد أنّ محمّدا رسول اللّه»، وبعد الثانية: «اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد»، وبعد الثالثة: «اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات»، وبعد الرابعة: «اللّهمّ اغفر لهذا الميّت»، ثمّ يقول: «اللّه أكبر» وينصرف.
            والأولى أن يقول بعد التكبيرة الاُولى: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إِلها وَاحِدا أحدا صَمَدا فَرْدا حَيّا قَيّوما دَآئِما أَبَدا، لَمْ يَتّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدا، وَأَشْهَدُ أَنّ مُحَمّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدّينِ كُلّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»، وبعد الثانية: «أَللّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَارْحَمْ مُحَمّدا وَآلَ مُحَمّدٍ، أَفْضَلَ مَا صَلّيَت وَبَارَكْتَ وَتَرَحّمْتَ عَلَى إِبْراهِيمَ وَآلِ إِبْراهيمَ، إنّكَ حَمِيدٌ مَجيدٌ، وَصَلّ عَلَى جَمِيعِ الأَنْبِيآءِ وَالْمُرْسَلينَ»، وبعد الثالثة: «أَللّهُمّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ، اَلْأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْواتِ، تَابِعِ اللّهُمّ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ بِالْخَيْراتِ، إنّكَ عَلَى كُلّ شَىْ غ ءٍ قَدِيرٌ»، وبعد الرابعة: «أَللّهُمّ إِنّ هَذا الْمُسَجّى قُدّامَنا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَزَلَ بِكَ وَأَنْتَ خَيْرُ مَنْزُولٍ بِهِ، أَللّهُمّ إِنّكَ قَبَضْتَ رُوحَهُ إِلَيْكَ، وَقَدِ احْتاجَ إِلَى رَحْمَتِكَ، وَأَنْتَ غَنِىّ عَنْ عَذَابِهِ، أَللّهُمّ إِنّا لا نَعْلَمُ مِنْهُ إِلّا خَيْرَاً، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنّا، أَللّهُمّ إِنْ كَانَ مُحْسِنا فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئا فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيّئاتِهِ، وَاغْفِرْ لَنا وَلَهُ، أَللّهُمّ احْشُرْهُ مَعَ مَنْ يَتَولّاهُ وَيُحِبّهُ، وَأَبْعِدْهُ مِمّنْ يَتَبرّأُ مِنْهُ وَيُبْغِضُهُ، أَللّهُمّ ألْحِقْهُ بِنَبِيّكَ وَعَرّفْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ، وَارْحَمْنا إِذا تَوَفّيْتَنا يَا إِلهَ الْعالَمِيْنَ، أَللّهُمّ اكْتُبْهُ عِنْدَكَ فِي أَعْلَى عِلّيّينَ، وَاخْلُفْ عَلَى عَقِبِهِ فِي الْغَابِرينَ، وَاجْعَلْهُ مِنْ رُفَقآءِ مُحَمّدٍ وَآلِهِ الطّاهِرِينَ، وَارْحَمْهُ وَإِيّانا بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ، أَللّهُمّ عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ».
            وإن كان الميّت امرأةً يقول بدل قوله «هذا المسجّى» إلى آخره: «هَذِهِ الْمُسَجّاةَ قُدّامَنا أَمَتُكَ وَابْنَةُ عَبْدِكَ وَابْنَةُ أَمَتِكَ» وأتى بالضمائر المؤنّثة، وإن كان الميّت طفلا دعا في الرابعة لأبويه بأن يقول: «أَللّهُمّ اجْعَلْهُ لِأَبَوَيْهِ وَلَنا سَلَفا وَفَرَطا وَأَجْرا».
            مسألة ۱ - في كلّ من الرجل والمرأة يجوز تذكير الضمائر باعتبار أنّه ميّت أو شخص، وتأنيثها باعتبار أنّه جنازة؛ فيسهل الأمر في ما إذا لم يعلم أنّ الميّت رجل أو امرأة، ولا يحتاج إلى تكرار الدعاء أو الضمائر.
            مسألة ۲ - لو شكّ في التكبيرات بين الأقلّ والأكثر فالأحوط الإتيان بوظيفة الأقلّ والأكثر رجاءً في الأدعية، فإذا شكّ بين الاثنين والثلاث - مثلا - بنى على الأقلّ، فأتى بالصلاةعلى النبيّ وآله عليهم الصلاةوالسلام ودعاللمؤمنين والمؤمنات، وكبّر ودعا للمؤمنين والمؤمنات ودعا للميّت، وكبّر ودعا له رجاءً وكبّر.

          • القول في شرائط صلاة الميت

             

            القول في شرائط صلاة الميّت

            تجب فيها نيّة القربة، وتعيين الميّت على وجه يرفع الإبهام ولو بأن يقصد الميّت الحاضر أو من عيّنه الإمام، واستقبال القبلة، والقيام، وأن يوضع الميّت أمامه مستلقيا على قفاه محاذيا له إذا كان إماما أو منفردا، بخلاف ما إذا كان مأموما في صفّ اتّصل بمن يحاذيه، وأن يكون رأسه إلى يمين المصلّي ورجله إلى يساره، وأن لا يكون بينه وبين المصلّي حائل، كستر أو جدار ممّا لا يصدق معه اسم الصلاة عليه، بخلاف الميّت في النعش ونحوه ممّا هو بين يدي المصلّي، وأن لا يكون بينهما بُعد مفرط على وجه لا يصدق الوقوف عليه، إلّا في المأموم مع اتّصال الصفوف، وأن لا يكون أحدهما أعلى من الآخر علوّا مفرطا، وأن تكون الصلاة بعد التغسيل والتكفين والحنوط، إلّا في من سقط عنه ذلك كالشهيد أو تعذّر عليه، فيصلّى عليه بدون ذلك، وأن يكون مستور العورة. ومن لم يكن له كفن أصلا فإن أمكن ستر عورته بشي ء قبل وضعه في القبر سترها وصلّى عليه، وإلّا فليُحفر قبره ويوضع في لحده مستلقيا على قفاه ويُوارى عورته بلبن أو أحجار أو تراب فيصلّى عليه، ثمّ بعد الصلاة عليه يضطجع على الهيئة المعهودة فيُوارى في قبره.
            مسألة ۱ - لا يعتبر فيها الطهارة من الحدث والخبث، ولا سائر شروط الصلاة ذات الركوع والسجود، ولا ترك موانعها إلّا مثل القهقهة والتكلّم، فإنّ الاحتياط فيه لا يترك، بل الأحوط مراعاة جميع ما يعتبر فيها.
            مسألة ۲ - لو لم يمكن الاستقبال أصلا سقط. وإن اشتبهت القبلة ولم يتمكّن من تحصيل العلم بها وفُقدت الأمارات الّتي يرجع إليها عند فقد العلم يعمل بالظنّ مع إمكانه، وإلّا فليصلّ إلى أربع جهات.
            مسألة ۳ - لو لم يقدر على القيام ولم يوجد من يقدر على الصلاة قائما تعيّن عليه الصلاة جالسا، ومع وجوده يجب عينا على المتمكّن، ولا يجزي عنه صلاة العاجز على الأظهر، لكن إذا عصى ولم يقم بوظيفته يجب على العاجز القيام بوظيفته. ولو فُقد المتمكّن وصلّى العاجز جالسا ثمّ وجد قبل أن يدفن فالأحوط إعادة المتمكّن وإن كان الإجزاء لا يخلو من وجه. نعم، الأقوى عدمه في ما إذا اعتقد عدم وجوده ثمّ تبيّن خلافه وظهر كونه موجودا من الأوّل.
            مسألة 4 - من أدرك الإمام في أثناء الصلاة جاز له الدخول معه، وتابعه في التكبير، وجعل أوّل صلاته أوّل تكبيراته، فيأتي بوظيفته من الشهادتين، فإذا كبّر الإمام الثالثة - مثلا - كبّر معه وكانت له الثانية، فيأتي بالصلاة على النبيّ وآله (عليهم السلام)، فإذا فرغ الإمام أتمّ ما عليه من التكبيرات مع الأدعية إن تمكّن منها ولو مخفّفةً، وإن لم يُمهلوه اقتصر على التكبير ولاءً من غير دعاء في موقفه.
            مسألة 5 - لا تسقط صلاة الميّت عن المكلّفين ما لم يأت بها بعضهم على وجه صحيح؛ فإذا شكّ في أصل الإتيان بنى على العدم؛ وإن علم به وشكّ في صحّة ما أتى به حمل على الصحّة؛ وإن علم بفساده وجب عليه الإتيان وإن كان المصلّي قاطعا بالصحّة. نعم، لو تخالف المصلّي مع غيره بحسب التقليد أو الاجتهاد - بأن كانت صحيحةً بحسب تقليد المصلّي أو اجتهاده، فاسدةً عند غيره بحسبهما - ففي الاجتزاء بها وجه لا يخلو عن إشكال، فلا يترك الاحتياط.
            مسألة 6 - يجب أن يكون الصلاة قبل الدفن لا بعده. نعم، لو دفن قبل الصلاة نسيانا أو لعذر آخر أو تبيّن فسادها لا يجوز نبشه لأجل الصلاة، بل يصلّى على قبره مراعيا للشرائط من الاستقبال وغيره مالم يمض مدّة تلاشى فيها بحيث خرج عن صدق اسم الميّت، بل من لم يدرك الصلاة على من صُلّي عليه قبل الدفن يجوز له أن يصلّي عليه بعده إلى يوم وليلة، وإذا مضى أزيد من ذلك فالأحوط الترك.
            مسألة 7 - يجوز تكرار الصلاة على الميّت على كراهيّة، إلّا إذا كان الميّت ذاشرف ومنقبة وفضيلة.
            مسألة 8 - لو حضرت جنازة في وقت الفريضة: فإن لم تزاحم الصلاة عليها الفريضة من جهة سعة وقتها ولم يخش من الفساد على الميّت لو اُخّرت صلاته تخيّر بينهما، والأفضل تقديم صلاته. ولو زاحمت وقت الفضيلة ففي الترجيح إشكال وتأمّل. ويجب تقديمها على الفريضة في سعة وقتها لو خيف على الميّت من الفساد إن اُخّرت صلاته؛ كما أنّه يجب تقديم الفريضة مع ضيق وقتها وعدم الخوف على الميّت. وأمّا مع الخوف عليه وضيق وقت الفريضة: فإن أمكن صونه عن الفساد بوجه ولو بالدفن وإتيان الصلاة في وقتها ثمّ الصلاة عليه مدفونا تعيّن ذلك، وإن لم يمكن ذلك بل زاحم وقت الفريضة الدفنَ الّذي يصونه من الفساد فالأقوى أيضا تقديم الفريضة مقتصرا على أقلّ الواجب.
            مسألة 9 - لو اجتمعت جنازات متعدّدة فالأولى انفراد كلّ منها بصلاة إن لم يخش على بعضها الفساد من جهة تأخير صلاتها، ويجوز التشريك بينها في صلاة واحدة، بأن يوضع الجميع قدّام المصلّي مع رعاية المحاذاة، ويراعى في الدعاء لهم بعد التكبير الرابع ما يناسبهم من تثنية الضمير أو جمعه وتذكيره وتأنيثه.
            مسألة 10 - لو حضرت جنازة اُخرى في أثناء الصلاة على الجنازة كما بعد التكبيرة الاُولى يجوز تشريك الثانية مع الاُولى في التكبيرات الباقية، فتكون ثانية الاُولى اُولى الثانية، وثالثة الاُولى ثانية الثانية وهكذا، فإذا تمّت تكبيرات الاُولى يأتي ببقيّة تكبيرات الثانية،فيأتي بعد كلّ تكبير مختصّ بما يخصّه من الدعاء، وبعد التكبير المشترك يجمع بين الدعاءين، فيأتي بعد التكبير الّذي هو أوّل الثانية وثاني الاُولى بالشهادتين للثانية والصلاة على النبيّ وآله صلوات اللّه عليهم للاُولى، وهكذا.

          • القول في آداب الصلاة على الميت

             

            القول في آداب الصلاة على الميّت

            وهي اُمور:
            منها: أن يقال قبل الصلاة: «الصلاة» ثلاث مرّات، وهي بمنزلة الإقامة للصلاة، والأحوط الإتيان بها رجاءً.
            ومنها: أن يكون المصلّي على طهارة من الحدث: من الوضوء أو الغسل أو التيمّم. ويجوز التيمّم بدل الغسل أو الوضوء هنا حتّى مع وجدان الماء إن خاف فوت الصلاة لو توضّ-أ أو اغتسل، بل مطلقا.
            ومنها: أن يقف الإمام أو المنفرد عند وسط الرجل بل مطلق الذكر، وعند صدر المرأة بل مطلق الاُنثى.
            ومنها: نزع النعل، بل يكره الصلاة بالحذاء، وهو النعل دون الخفّ والجورب، وإن كان الحفاء لا يخلو من رجحان، خصوصا للإمام.
            ومنها: رفع اليدين عند التكبيرات ولا سيّما الاُولى.
            ومنها: اختيار المواضع المعدّة للصلاة على الجنازة، وهو من الراجحات العقليّة، وأمّا رجحانه الشرعيّ فغير ثابت.
            ومنها: أن لا توقع في المساجد عدا المسجد الحرام.
            ومنها: إيقاعها جماعة.

        • القول في الدفن
          • أحكام الدفن

             

            أحكام الدفن

            يجب كفايةً دفن الميّت المسلم ومن بحكمه. وهو مواراته في حفيرة من الأرض؛ فلا يجزي البناء عليه، بأن يوضع على سطح الأرض فيبنى عليه حتّى يوارى، ولا وضعه في تابوت - ولو من صخر أو حديد - مع القدرة على المواراة في الأرض. نعم، لو تعذّر الحفر لصلابة الأرض - مثلا - أجزأ البناء عليها ووضعه فيه ونحو ذلك من أقسام المواراة. ولو أمكن نقله إلى أرض يمكن حفرها قبل أن يحدث بالميّت شي ء وجب. والأحوط كون الحفيرة بحيث تحرس جثّته من السباع وتكتم رائحته عن الناس، وإن كان الأقوى كفاية مجرّد المواراة في الأرض مع الأمن من الأمرين ولو من جهة عدم وجود السباع وعدم من يؤذيه رائحته من الناس أو البناء على قبره بعد مواراته.
            مسألة ۱ - راكب البحر مع تعذّر إيصاله إلى البرّ - لخوف فساده أولمانع آخر- أو تعسّره يغسّل ويكفّن ويحنّط ويصلّى عليه، ويوضع في خابية ونحوها ويوكأ رأسها أو يثقل بحجر أو نحوه في رجله ويُلقى فيه؛ والأحوط اختيار الأوّل مع الإمكان. ولو خيف على ميّت من نبش العدوّ قبره والتمثيل به اُلقي في البحر بالكيفيّة المزبورة.
            مسألة ۲ - يجب كون الدفن مستقبل القبلة، بأن يُضجعه على جنبه الأيمن بحيث يكون رأسه إلى المغرب ورجلاه إلى المشرق - مثلا - في البلاد الشماليّة. وبعبارة اُخرى: يكون رأسه إلى يمين من يستقبل القبلة ورجلاه إلى يساره؛ وكذا في دفن الجسد بلا رأس، بل في الرأس بلا جسد، بل في الصدر وحده، إلّا إذا كان الميّت كافرةً حاملا بولد مسلم، فإنّها تُدفن مستدبرة القبلة على جانبها الأيسر ليصير الولد في بطنها مستقبلا.
            مسألة ۳ - مؤونة الدفن حتّى ما يحتاج إليه لأجل استحكامه من القير والساروج وغير ذلك بل ما يأخذه الجائر للدفن في الأرض المباحة تخرج من أصل التركة؛ وكذا مؤونة الإلقاء في البحر من الحجر أو الحديد الّذي يثقل به الميّت أو الخابية الّتي يوضع فيها.
            مسألة 4 - لو اشتبهت القبلة: فإن أمكن تحصيل العلم أو ما بحكمه ولو بالتأخير على وجه لا يخاف على الميّت ولا يضرّ بالمباشرين وجب، وإلّا فيعمل بالظنّ على الأحوط، ومع عدمه يسقط الاستقبال.
            مسألة 5 - يجب دفن الأجزاء المبانة من الميّت حتّى الشعر والسنّ والظفر. والأحوط لو لم يكن الأقوى إلحاقها ببدن الميّت والدفن معه ما لم يستلزم النبش، وإلّا ففيه تأمّل.
            مسألة 6 - لو مات شخص في البئر ولم يمكن إخراجه ولا استقباله يخلّى على حاله، ويسدّ البئر ويجعل قبرا له مع عدم لزوم محذور، ككون البئر ملكاللغير.
            مسألة 7 - لو مات الجنين في بطن الحامل وخيف عليها من بقائه يجب التوسّل إلى إخراجه بكلّ حيلة، ملاحظا للأرفق فالأرفق ولو بتقطيعه قطعةً قطعةً. ويكون المباشر مع الإمكان زوجها، وإلّا فالنساء، وإلّا فالمحارم من الرجال، فإن تعذّر فالأجانب. ولو ماتت الحامل وكان الجنين حيّا وجب إخراجه ولو بشقّ بطنها؛ والأحوط شقّ جنبها الأيسر مع عدم الفرق بينه وبين غيره من المواضع، وإلّا فيشقّ الموضع الّذي يكون الخروج معه أسلم، ويخرج الطفل ثمّ يخاط وتدفن. ولا فرق في ذلك بين رجاء بقاء الطفل بعد الإخراج وعدمه على تأمّل. ولو خيف مع حياتهما على كلّ منهما ينتظر حتّى يقضي.
            مسألة 8 - لا يجوز الدفن في الأرض المغصوبة عينا أو منفعةً. ومنها الأراضي الموقوفة لغير الدفن، وما تعلّق بها حقّ الغير، كالمرهونة بغير إذن المرتهن. والأحوط الأولى ترك دفنه في قبر ميّت آخر قبل صيرورته رميما. نعم، لايجوز النبش لذلك. وفي جواز الدفن في المساجد مع عدم الإضرار بالمسلمين وعدم المزاحمة للمصلّين كلام، والأحوط بل الأقوى عدم الجواز.
            مسألة 9 - لا يجوز أن يدفن الكفّار وأولادهم في مقبرة المسلمين، بل لو دُفنوا نُبشوا، سيّما إذا كانت مسبّلةً للمسلمين. وكذا لا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكفّار. ولو دفن عصيانا أو نسيانا فالأقوى جواز نبشه، خصوصا إذا كان البقاء هتكا له فيجب النبش والنقل.

          • القول في مستحبات الدفن ومكروهاته

             

            القول في مستحبّات الدفن ومكروهاته

            أمّا المستحبّات فهي اُمور:
            منها: حفر القبر إلى الترقوة أو بقدر القامة.
            ومنها: اللحد في الأرض الصلبة، بأن يُحفر في حائط القبر ممّايلي القبلة حفيرة بقدر ما تسع جثّته، فيوضع فيها؛ والشقّ في الأرض الرخوة، بأن يُحفر في قعر القبر حفيرة شبه النهر، فيوضع فيها الميّت ويسقّف عليه.
            ومنها: وضع جنازة الرجل قبل إنزاله في القبر ممّا يلي الرجلين، وجنازة المرأة ممّا يلي القبلة أمام القبر.
            ومنها: أن لا يفجأ به القبر، ولا يُنزله فيه بغتةً، بل يضعه دون القبر بذراعين أو ثلاثة، ويصبر عليه هنيئةً، ثمّ يقدّمه قليلا ويصبر عليه هنيئةً، ثمّ يضعه على شفير القبر ليأخذ اُهبته للسؤال، فإنّ للقبر أهوالا عظيمة نستجير باللّه منها، ثمّ يسلّه من نعشه سلّاً فيدخله برفق، سابقا برأسه إن كان رجلا، وعرضا إن كان امرأةً.
            ومنها: أن يحلّ جميع عقد الكفن بعد وضعه في القبر.
            ومنها: أن يكشف عن وجهه ويجعل خدّه على الأرض، ويعمل له وسادة من تراب، ويسند ظهره بلبنة أو مَدَرة لئلّا يستلقي على قفاه.
            ومنها: أن يسدّ اللحد باللبن أو الأحجار لئلّا يصل إليه التراب، وإذا أحكمها بالطين كان أحسن.
            ومنها: أن يكون من يُنزله في القبر متطهّرا، مكشوف الرأس، حالّاً أزراره، نازعا عمامته ورداءه ونعليه.
            ومنها: أن يكون المباشر لإنزال المرأة وحلّ أكفانها زوجها أو محارمها؛ ومع عدمهم فأقرب أرحامها من الرجال فالنساء، ثمّ الأجانب. والزوج أولى من الجميع.
            ومنها: أن يُهيل عليه التراب غيرُ أرحامه بظهر الأكفّ.
            ومنها: أن يقرأ بالأدعية المأثورة المذكورة في الكتب المبسوطة في مواضع مخصوصة: عند سلّه من النعش، وعند معاينة القبر، وعند إنزاله فيه، وبعد وضعه فيه، وبعد وضعه في لحده، وحال اشتغاله بسدّ اللحد، وعند الخروج من القبر، وعند إهالة التراب عليه.
            ومنها: تلقينه العقائد الحقّة - من اُصول دينه ومذهبه - بالمأثور بعد وضعه في اللحد قبل أن يسدّه.
            ومنها: رفع القبر عن الأرض بمقدار أربع أصابع مضمومة أو مفرّجة.
            ومنها: تربيع القبر، بمعنى تسطيحه وجعله ذا أربع زوايا قائمة. ويكره تسنيمه، بل الأحوط تركه.
            ومنها: أن يرشّ الماء على قبره. والأولى في كيفيّته أن يستقبل القبلة ويبتدئ بالرشّ من عند الرأس إلى الرجل، ثمّ يدور به على القبر حتّى ينتهي إلى الرأس، ثمّ يرشّ على وسط القبر ما يفضل من الماء.
            ومنها: وضع اليد على القبر مفرّجة الأصابع مع غمزها بحيث يبقى أثرها، وقراءة «إنّا أنزلناه في ليلة القدر» سبع مرّات، والاستغفار والدعاء له بنحو: «أَللّهُمّ جَافِ الْأَرْضَ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَأَصْعِدْ إِلَيْكَ رُوحَهُ، وَلَقّهِ مِنْكَ رِضْوَانا، وَأَسْكِنْ قَبْرَهُ مِنْ رَحْمَتِكَ مَا تُغْنِيهِ بِهِ عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ» ونحو «أَللّهُمّ ارْحَمْ غُرْبَتَهُ وَصِلْ وَحْدَتَهُ، وَآنِسْ وَحْشَتَهُ، وَآمِنْ رَوْعَتَهُ، وَأَفِضْ عَلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأَسْكِنْ إِلَيْهِ مِنْ بَرْدِ عَفْوِكَ وَسَعَةِ غُفْرَانِكَ وَرَحْمَتِكَ مَا يَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ رَحْمَةِ مَنْ سِوَاكَ، وَاحْشُرْهُ مَعَ مَنْ كَانَ يَتَوَلّاهُ».
            ولا يختصّ استحباب الاُمور المزبورة بهذه الحالة، بل تستحبّ عند زيارة كلّ ميّت مؤمن في كلّ زمان وعلى كلّ حال، كما أنّ لها آدابا خاصّةً وأدعيةً مخصوصةً مذكورةً في الكتب المبسوطة.
            ومنها: أن يلقّنه الوليّ أو من يأمره - بعد تمام الدفن ورجوع المشيّعين وانصرافهم - اُصول دينه ومذهبه بأرفع صوته: من الإقرار بالتوحيد، ورسالة سيّدالمرسلين، وإمامة الأئمّة المعصومين، والإقرار بما جاء به النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، والبعث والنشور والحساب والميزان والصراط والجنّة والنار. وبذلك التلقين يُدفع سؤال منكر ونكير إن شاء اللّه تعالى.
            ومنها: أن يُكتب اسم الميّت على القبر أو على لوح أوحجر، ويُنصب عندرأسه.
            ومنها: دفن الأقارب متقاربين.
            ومنها: إحكام القبر.
            وأمّا المكروهات فهي أيضا اُمور:
            منها: دفن ميّتين في قبر واحد كجمعهما في جنازة واحدة.
            ومنها: فرش القبر بالساج إلّا إذا كانت الأرض نديّة؛ وأمّا كراهة فرشه بغير الساج كالحجر والآجر فمحلّ تأمّل وإن كان استحباب وضع الميّت على التراب لايخلو من وجه.
            ومنها: نزول الوالد في قبر ولده خوفا من جزعه وفوات أجره.
            ومنها: أن يُهيل ذوالرحم على رحمه التراب.
            ومنها: سدّ القبر وتطيينه بغير ترابه.
            ومنها: تجديد القبر بعد اندراسه، إلّا قبور الأنبياء (علیهم السلام) والأوصياء والصلحاء والعلماء.
            ومنها: الجلوس على القبر.
            ومنها: الحدث في المقابر.
            ومنها: الضحك فيها.
            ومنها: الاتّكاء على القبر.
            ومنها: المشي عليه من غير ضرورة.
            ومنها: رفعه عن الأرض أزيد من أربع أصابع مفرّجات.

        • خاتمة تشتمل على مسائل

           

          خاتمة تشتمل على مسائل

          مسألة 1 - يجوز نقل الميّت من بلد موته إلى بلد آخر قبل دفنه على كراهيّة، إلّا إلى المشاهد المشرّفة والأماكن المقدّسة فلا كراهة في النقل إليها، بل فيه فضل ورجحان. وإنّما يجوز النقل مع الكراهة إلى غيرالمشاهد وبدونها إليها لولم يستلزم من جهة بعد المسافة وتأخير الدفن أو غير ذلك تغيّر الميّت وفساده وهتكه؛ وأمّا مع استلزامه ذلك فلا يجوز في غير المشاهد قطعا، والأحوط الترك فيها مع استلزامه ذلك وإيذاء الأحياء. وأمّا بعد الدفن فلو فرض إخراج الميّت عن قبره أو خروجه بسبب من الأسباب يكون بحكم غير المدفون. وأمّا نبشه للنقل فلايجوز في غيرالمشاهد،وأمّا فيها ففيه تأمّل وإشكال.وما يعمله بعض من توديع الميّت وعدم دفنه بالوجه المعروف لينقل في ما بعد إلى المشاهد بتوهّم التخلّص عن محذور النبش غير جائز. والأقوى وجوب دفنه بالمواراة تحت الأرض.
          مسألة 2 - يجوز البكاء على الميّت، بل قد يستحبّ عند اشتداد الحزن، ولكن لا يقول ما يسخط الربّ. وكذا يجوز النوح عليه بالنظم والنثر لو لم يشتمل على الباطل من الكذب وغيره من المحرّمات، بل والويل والثبور على الأحوط. ولا يجوز اللطم والخدش وجزّ الشعر ونتفه والصراخ الخارج عن حدّالاعتدال على الأحوط. ولا يجوز شقّ الثوب على غير الأب والأخ؛ بل في بعض الاُمور المزبورة تجب الكفّارة، ففي جزّ المرأة شعرها في المصيبة كفّارة شهر رمضان، وفي نتفه كفّارة اليمين، وكذا تجب كفّارة اليمين في خدش المرأة وجهها إذا أدمت -بل مطلقا على الأحوط- وفي شقّ الرجل ثوبه في موت زوجته أو ولده؛ وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وإن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام.
          مسألة 3 - يحرم نبش قبر المسلم ومن بحكمه، إلّا مع العلم باندراسه وصيرورته رميما وترابا. نعم، لا يجوز نبش قبور الأنبياء والأئمّة (علیهم السلام) وإن طالت المدّة، بل و كذا قبور أولاد الأئمّة والصلحاء والشهداء ممّا اتّخذ مزارا أو ملاذا. والمراد بالنبش كشف جسد الميّت المدفون بعد ما كان مستورا بالدفن؛ فلو حفر القبر وأخرج ترابه من دون أن يظهر جسد الميّت لم يكن من النبش المحرّم؛ وكذا إذا كان الميّت موضوعا على وجه الأرض وبُني عليه بناءٌ أو كان في تابوت من صخرة ونحوها فاُخرج.
          ويجوز النبش في موارد:
          منها: في ما إذا دُفن في مكان مغصوب - عينا أو منفعةً - عدوانا أو جهلا أو نسيانا. ولا يجب على المالك الرضى ببقائه مجّانا أو بالعوض وإن كان الأولى بل الأحوط إبقاؤه ولو بالعوض، خصوصا في ما إذا كان وارثا أو رحما أو دُفن فيه اشتباها. ولو أذن المالك في دفن ميّت في ملكه وأباحه له ليس له أن يرجع عن إذنه وإباحته بعد الدفن. نعم، لو خرج الميّت بسبب من الأسباب لا يجب عليه الرضى والإذن بدفنه ثانيا في ذلك المكان، بل له الرجوع عن إذنه. والدفن مع الكفن المغصوب أو مال آخر مغصوب كالدفن في المكان المغصوب، فيجوز النبش لأخذه. ولو كان شي ء من أمواله من خاتم ونحوه فدفن معه ففي جواز نبش الورثة إيّاه لأخذه تأمّل وإشكال، خصوصا في ما إذا لم يجحف بهم.
          ومنها: لتدارك الغسل أو الكفن أو الحنوط في ما إذا دفن بدونها مع التمكّن. كلّ ذلك مع عدم فساد البدن وعدم الهتك على الميّت. ولو دُفن بدونها لعذر كما إذا لم يوجد الماء أو الكفن أو الكافور ثمّ وجد بعد الدفن ففي جواز النبش لتدارك الفائت إشكال وتأمّل، ولا سيّما إذا لم يوجد الماء فيُمّم بدلا عن الغسل ودُفن ثمّ وُجد، بل عدم جوازه لتدارك الغسل حينئذٍ هو الأقوى. وأمّا إذا دفن بلا صلاة فلاينبش لأجل تداركها قطعا، بل يصلّى على قبره كما تقدّم.
          ومنها: إذا توقّف إثبات حقّ من الحقوق على مشاهدة جسده.
          ومنها: في ما إذا دُفن في مكان يوجب هتكه، كما إذا دفن في بالوعة أو مزبلة، وكذا إذا دُفن في مقبرة الكفّار.
          ومنها: لنقله إلى المشاهد المشرّفة مع إيصاء الميّت بنقله إليها بعد دفنه أو قبله فخولف عصيانا أو نسيانا أو جهلا فدفن في مكان آخر، أو بلا وصيّة منه أصلاً، فالأقوى جوازه في الصورةالثانية، وأمّا الاُولى والثالثة ففيهماإشكال وتأمّل،وإنّما يجوز في الثانية لولم يتغيّر البدن ولايتغيّر إلى وقت الدفن بمايوجب الهتك والإيذاء.
          ومنها: لو خيف عليه من سبع أو سيل أو عدوّ ونحو ذلك.
          مسألة 4 - يجوز محو آثار القبور الّتي علم اندراس ميّتها إذا لم يكن فيه محذور، ككون الآثار ملكا للباني، أو الأرض مباحةً حازها وليّ الميّت لقبره، ونحوذلك. وأولى بالجواز ما إذا كانت في المقبرةالمسبّلةللمسلمين مع حاجتهم،عدا ماتقدّم من قبور الشهداء والصلحاء والعلماء وأولاد الأئمّة (علیهم السلام) ممّا جعلت مزارا.
          مسألة 5 - لو اُخرج الميّت عن قبره عصيانا أو بنحو جائز أو خرج بسبب من الأسباب لا يجب دفنه ثانيا في ذلك المكان، بل يجوز أن يدفن في مكان آخر.

        • ختام فيه أمران

           

          ختام فيه أمران

          أحدهما: من المستحبّات الأكيدة التعزية لأهل المصيبة وتسليتهم وتخفيف حزنهم بذكر ما يناسب المقام وماله دخل تامّ في هذا المرام: من ذكر مصائب الدنيا وسرعة زوالها، وأنّ كلّ نفس فانية، والآجال متقاربة، ونقل ما ورد في ما أعدّاللّه تعالى للمصاب من الأجر، ولا سيّما مصاب الولد: من أنّه شافع مشفّع لأبويه، حتّى أنّ السقط يقف وقفة الغضبان على باب الجنّة فيقول: لا أدخل حتّى يدخل أبواي، فيُدخلهما اللّه الجنّة، إلى غير ذلك. وتجوز التعزية قبل الدفن وبعده وإن كان الأفضل كونها بعده، و أجرها عظيم، ولا سيّما تعزية الثكلى واليتيم، ف' «من عزّى مصابا كان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجر المصاب شي ء»، و«ما من مؤمن يعزّي أخاه بمصيبة إلّا كساه اللّه من حلل الكرامة»، و«كان في ما ناجى به موسى (علیه السلام) ربّه أنّه قال: يا ربّ ما لمن عزّى الثكلى؟ قال: اُظلّه في ظلّي يوم لاظلّ إلّا ظلّي»، وإنّ «من سكّت يتيما عن البكاء وجبت له الجنّة»، و«ما من عبد يمسح يده على رأس يتيم إلّا ويكتب اللّه عزّوجلّ له بعدد كلّ شعرة مرّت عليها يده حسنة»، إلى غير ذلك ممّا ورد في الأخبار. ويكفي في تحقّقها مجرّد الحضور عند المصاب لأجلها بحيث يراه، فإنّ له دخلا في تسلية الخاطر وتسكين لوعة الحزن. ويجوز جلوس أهل الميّت للتعزية، ولا كراهة فيه على الأقوى. نعم، الأولى أن لا يزيد على ثلاثة أيّام؛ كما أنّه يستحبّ إرسال الطعام إليهم في تلك المدّة، بل إلى الثلاثة وإن كان مدّة جلوسهم أقلّ.
          ثانيهما: يستحبّ ليلة الدفن صلاة الهديّة للميّت، وهي المشتهرة في الألسن بصلاة الوحشة، ففي الخبر النبويّ: «لا يأتي على الميّت ساعة أشدّ من أوّل ليلة، فارحموا موتاكم بالصدقة، فإن لم تجدوا فليصلّ أحدكم ركعتين».
          وكيفيّتها على ما في الخبر المزبور أن «يقرأ في الاُولى بفاتحة الكتاب مرّة، و(قل هو اللّه أحد) مرّتين، وفي الثانية فاتحة الكتاب مرّة، و(ألهيكم التكاثر) عشر مرّات، وبعد السلام يقول: أللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وابعث ثوابها إلى قبر فلان بن فلان، فيبعث اللّه من ساعته ألف ملك إلى قبره، مع كلّ ملك ثوب وحلّة، ويوسّع في قبره من الضيق إلى يوم ينفخ في الصور، ويعطي المصلّي بعدد ما طلعت عليه الشمس حسنات، وتُرفع له أربعون درجة».
          وعلى رواية اُخرى: «يقرأ في الركعة الاُولى الحمد وآية الكرسيّ مرّة، و في الثانية الحمد مرّة، و(إنّا أنزلناه) عشر مرّات، ويقول بعد الصلاة: أللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وابعث ثوابها إلى قبر فلان».
          وإن أتى بالكيفيّتين كان أولى. وتكفي صلاة واحدة عن شخص واحد. وما تعارف من عدد الأربعين أو الواحد والأربعين غير وارد. نعم، لا بأس به إذا لم يكن بقصد الورود في الشرع. والأحوط قراءة آية الكرسيّ إلى «هُمْ فِيها خَالِدُونَ». والأقوى جواز الاستيجار وأخذ الاُجرة على هذه الصلاة. والأحوط البذل بنحو العطيّة والإحسان، وتبرّع المصلّي بالصلاة. والظاهر أنّ وقتها تمام الليل وإن كان الأولى إيقاعها في أوّله.

      • القول في الأغسال المندوبة

         

        القول في الأغسال المندوبة

        وهي أقسام: زمانيّة ومكانيّة وفعليّة.
        أمّا الزمانيّة فكثيرة:
        منها: غسل الجمعة. وهو من المستحبّات المؤكّدة، حتّى قال بعض بوجوبه، ولكنّ الأقوى استحبابه. ووقته من طلوع الفجر الثاني إلى الزوال، وبعده إلى غروب الجمعة، ومن أوّل يوم السبت إلى آخره قضاء، ولكنّ الأحوط في ما بعد الزوال إلى غروب الجمعة أن ينوي القربة من غير تعرّض للأداء والقضاء. وأمّا في ليلة السبت ففي مشروعيّة إتيانه تأمّل، لا يترك الاحتياط بإتيانه فيه رجاءً. ويجوز تقديمه يوم الخميس إذا خاف إعواز الماء يوم الجمعة؛ ثمّ إن تمكّن منه يومها قبل الزوال لا بعده يستحبّ إعادته، وإن تركه حينئذٍ يستحبّ قضاؤه بعد الزوال منها ويوم السبت. ولو دار الأمر بين التقديم والقضاء فالأوّل أولى. وفي إلحاق ليلة الجمعة بيوم الخميس تأمّل، فالأحوط إتيانه رجاءً؛ كما أنّ في إلحاق مطلق الأعذار بإعواز الماء يوم الخميس وجها،لكنّ الأحوط تقديمه حينئذٍ رجاءً.
        ومنها: أغسال ليالي شهر رمضان، وهي ليالي الأفراد: الاُولى والثالثة والخامسة وهكذا، وتمام ليالي العشر الأخيرة، والآكد منها ليالي القدر، وليلة النصف، وليلة سبع عشرة والخمس والعشرين والسبع والعشرين والتسع والعشرين. ويستحبّ في ليلة الثالث والعشرين غسلٌ ثانٍ آخر الليل. ووقت الغسل تمام الليل. والأولى إتيانه قبيل الغروب إلّا في ليالي العشر الأخيرة، فإنّه لايبعد رجحانه فيها بين العشاءين.
        ومنها: غسل يومي العيدين: الفطر والأضحى. والغسل في هذين اليومين من السنن الأكيدة. ووقته بعد الفجر إلى الزوال، ويحتمل امتداده إلى الغروب، والأحوط إتيانه بعد الزوال رجاءً.
        ومنها: غسل يوم التروية.
        ومنها: غسل يوم عرفة. والأولى إيقاعه عند الزوال.
        ومنها: غسل أيّام من رجب، أوّله ووسطه وآخره.
        ومنها: غسل يوم الغدير. والأولى إتيانه صدر النهار.
        ومنها: يوم المباهلة. وهو الرابع والعشرون من ذي الحجّة.
        ومنها: يوم دحوالأرض. وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة، يؤتى به رجاءً لا بقصد الورود.
        ومنها: يوم المبعث. وهو السابع والعشرون من رجب.
        ومنها: ليلة النصف من شعبان.
        ومنها: يوم المولود. وهو السابع عشر من ربيع الأوّل، يؤتى به رجاءً.
        ومنها: يوم النيروز.
        ومنها: يوم التاسع من ربيع الأوّل، يؤتى به رجاءً.
        ولا تُقضى هذه الأغسال بفوات وقتها، كما أنّها لا تتقدّم على أوقاتها مع خوف فوتها فيها.
        وأمّا المكانيّة فهي ما استحبّ للدخول في بعض الأمكنة الخاصّة، مثل حرم مكّة وبلدها ومسجدها والكعبة وحرم المدينة وبلدتها ومسجدها. وأمّا للدخول في سائر المشاهد المشرّفة فيأتي به رجاءً.
        وأمّا الفعليّة فهي قسمان:
        أحدهما: ما يكون لأجل الفعل الّذي يريد إيقاعه، والأمر الّذي يريد وقوعه، كغسل الإحرام والطواف والزيارة والوقوف بعرفات، وأمّا للوقوف بالمشعر فيؤتى به رجاءً، والغسل للذبح والنحر والحلق، ولرؤية أحد الأئمّة (علیهم السلام) في المنام، كما روي عن الكاظم (علیه السلام): «إذا أراد ذلك يغتسل ثلاث ليال ويناجيهم، فيراهم في المنام»، ولصلاة الحاجة، وللاستخارة، ولعمل الاستفتاح المعروف بعمل اُمّ داود، ولأخذ التربة الشريفة من محلّها، ولإرادة السفر خصوصا لزيارة أبي عبداللّه الحسين(علیه السلام)، ولصلاة الاستسقاء، وللتوبة من الكفر، بل من كلّ معصية، وللتظلّم والاشتكاء إلى اللّه تعالى من ظلم من ظلمه، فإنّه يغتسل ويصلّي ركعتين في موضع لا يحجبه عن السماء، ثمّ يقول: «أَللّهُمّ إِنّ فُلَاَنَ بْنَ فُلَانٍ ظَلَمَنِي، وَلَيْسَ لِي أَحَدٌ أَصُولُ بِهِ عَلَيْهِ غَيْرُكَ، فَاسْتَوْفِ لِي ظُلَامَتِي، اَلسّاعَةَ السّاعَةَ بِالاسْمِ الّذِي إِذَا سَأَلَكَ بِهِ الْمُضْطَرّ أَجَبْتَهُ فَكَشَفْتَ مَا بِهِ مِنْ ضُرّ، وَمَكّنْتَ لَهُ فِي الْأَرْضِ، وَجَعَلْتَهُ خَلِيفَتَكَ عَلَى خَلْقِكَ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُصَلّيَ عَلى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَأَنْ تَسْتَوْفِيَ ظُلامَتي، اَلسّاعَةَ السّاعَةَ» فيرى ما يحبّ. وللخوف من الظالم، فَإِنّهُ يغتسل ويصلّي، ثمّ يكشف ركبتيه ويجعلهما قريبا من مصلّاه، ويقول مائة مرّة:
        «يَا حَيّ يَا قَيّومُ، يَا لَا إِلهَ إِلّا أَنْتَ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ، فَصَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَأَنْ تَلْطُفَ لِي، وَأَنْ تَغْلِبَ لِي، وَأَنْ تَمْكُرَ لِي، وَأَنْ تَخْدَعَ لِي، وَأَنْ تَكِيدَ لِي، وَأنْ تَكْفِيَنِي مَؤُونَةَ فُلانِ بنِ فُلانِ بِلا مَؤُونَةٍ».
        ثانيهما: ما يكون لأجل الفعل الّذي فعله، وهي أغسال:
        منها: لقتل الوزغ.
        ومنها: لرؤية المصلوب مع السعي إلى رؤيته متعمّدا.
        ومنها: للتفريط في أداء صلاة الكسوفين مع احتراق القرص، فإنّه يستحبّ أن يغتسل عند قضائها، بل لا ينبغي ترك الاحتياط فيه.
        ومنها: لمسّ الميّت بعد تغسيله.
        مسألة 1 - وقت إيقاع الأغسال المكانيّة قبل الدخول في تلك الأمكنة، بحيث يقع الدخول فيها بعده من دون فصل كثير. ويكفي الغسل في أوّل النهار أو الليل والدخول فيها في آخرهما، بل كفاية غسل النهار للّيل وبالعكس لا تخلو من قوّة. ولايبعداستحبابهابعدالدخول للكون فيهاإذاترك قبله،خصوصامع عدم التمكّن قبله.
        والقسم الأوّل من الأغسال الفعليّة ممّا استحبّ لإيجاد عمل بعد الغسل -كالإحرام والزيارة ونحوهما- فوقته قبل ذلك الفعل، ولا يضرّ الفصل بينهما بالمقدار المزبور أيضا. وأمّا القسم الثاني منها فوقتها عند تحقّق السبب، ويمتدّ إلى آخر العمر وإن استحبّ المبادرة إليها.
        مسألة 2 - في بقاءالأغسال الزمانيّة والقسم الثاني من الفعليّة وعدم انتقاضها بشي ء من الأحداث تأمّل، لكن لا يشرع الإتيان بها بعد الحدث. وأمّا المكانيّة والقسم الأوّل من الفعليّة فالظاهر انتقاضها بالحدث الأصغر فضلا عن الأكبر، فإذا أحدث بينها وبين الدخول في تلك الأمكنة أو بينها وبين تلك الأفعال أعاد الغسل.
        مسألة 3 - لو كان عليه أغسال متعدّدة - زمانيّة أو مكانيّة أو مختلفة - يكفي غسل واحد عن الجميع إذا نواها.
        مسألة 4 - في قيام التيمّم عند التعذّر مقام تلك الأغسال تأمّل وإشكال، فالأحوط الإتيان به عنده بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبيّة.

    • فصل في التيمم
    •  

      فصل في التيمّم

      والكلام في مسوّغاته، وفي ما يصحّ التيمّم به، وفي كيفيّته، وفي ما يعتبر فيه، وفي أحكامه.

      • القول في مسوغاته

         

        القول في مسوّغاته

        مسألة 1 - مسوّغات التيمّم اُمور:
        منها: عدم وجدان ما يكفيه من الماء لطهارته، غسلا كانت أو وضوءا. ويجب الفحص عنه إلى اليأس. وفي البريّة يكفي الطلب غَلوة سهم في الحَزنة وغَلوة سهمين في السهلة في الجوانب الأربعة مع احتمال وجوده في الجميع. ويسقط عن الجانب الّذي يعلم بعدمه فيه، كما أنّه يسقط في الجميع إذا قطع بعدمه فيه وإن احتمل وجوده فوق المقدار. نعم، لو علم بوجوده فوقه وجب تحصيله إذا بقي الوقت ولم يتعسّر.
        مسألة 2 - الظاهر عدم وجوب المباشرة، بل يكفي استنابة شخص أوأشخاص يحصل من قولهم الاطمينان، كما أنّ الظاهر كفاية شخص واحد عن جماعة مع حصول الاطمينان من قوله. وأمّا كفاية مطلق الأمين والثقة فمحلّ إشكال.
        مسألة 3 - لو كانت الأرض في بعض الجوانب حَزنة وفي بعضها سهلة يكون لكلّ جانب حكمه من الغَلوة والغَلوتين.
        مسألة 4 - المناط في السهم والقوس والهواء والرامي هو المتعارف المعتدل. وأمّا المناط في الرمي فغاية ما يقدر الرامي عليه.
        مسألة 5 - لو ترك الطلب حتّى ضاق الوقت تيمّم وصلّى، وصحّت صلاته وإن أثم بالترك؛ والأحوط القضاء، خصوصا في ما لو طلب الماء لعثر عليه. وأمّا مع السعة فتبطل صلاته وتيمّمه في ما لو طلب لعثر عليه، وإلّا فلا يبعد الصحّة لو حصلت نيّة القربة منه.
        مسألة 6 - لو طلب بالمقدار اللازم فتيمّم وصلّى ثمّ ظفر بالماء في محلّ الطلب أو في رحله أو قافلته صحّت صلاته، ولا يجب القضاء أو الإعادة.
        مسألة 7 - يسقط وجوب الطلب مع الخوف على نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به من سبع أو لصّ أو غير ذلك، وكذلك مع ضيق الوقت عن الطلب. ولو اعتقد الضيق فتركه وتيمّم وصلّى ثمّ تبيّن السعة: فإن كان في مكان صلّى فيه فليجدّد الطلب مع سعة الوقت، فإن لم يجد الماء تجزي صلاته، وإن وجده أعادها، ومع عدم السعة فالأحوط تجديد التيمّم وإعادة الصلاة، وكذا في الفروع الآتية الّتي حكمنا فيها بالإعادة مع عدم إمكان المائيّة؛ وإن انتقل إلى مكان آخر: فإن علم بأنّه لو طلبه لوجده يعيد الصلاة وإن كان في هذا الحال غير قادر على الطلب وكان تكليفه التيمّم، وإن علم بأنّه لو طلب ما ظفر به صحّت صلاته ولا يعيدها، ومع اشتباه الحال ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط بالإعادة أو القضاء.
        مسألة 8 - الظاهر عدم اعتبار كون الطلب في وقت الصلاة؛ فلو طلب قبل الوقت ولم يجد الماء لا يحتاج إلى تجديده بعده؛ وكذا إذا طلب في الوقت لصلاة فلم يجد يكفي لغيرها من الصلوات. نعم، لو احتمل تجدّد الماء بعد ذلك الطلب { P () الصحيح ما أدرجناه في المتن كما في الوسيلة، لكن في جميع الطبعات «تجديد». P} مع وجود أمارة ظنّيّة عليه - بل مطلقا على الأحوط - يجب تجديده.
        مسألة 9 - إذا لم يكن عنده إلّا ماء واحد يكفي الطهارة لايجوز إراقته بعد دخول الوقت. ولو كان على وضوء ولم يكن عنده ماء لايجوز إبطاله. ولو عصى فأراق أو أبطل صحّ تيمّمه وصلاته وإن كان الأحوط قضاءها، بل عدم جواز الإراقة والإبطال قبل الوقت مع فقد الماء حتّى في الوقت لا يخلو من قوّة.
        مسألة 10 - لو تمكّن من حفر البئر بلا حرج وجب على الأحوط.
        ومنها: الخوف من الوصول إليه من اللصّ أو السبع أوالضياع أو نحو ذلك ممّا يحصل معه خوف الضرر على النفس أوالعرض أو المال المعتدّ به، بشرط أن يكون الخوف من منشأ يعتني به العقلاء.
        ومنها: خوف الضرر من استعماله لمرض أو رمد أو ورم أو جرح أو قرح أو نحو ذلك ممّا يتضرّر معه باستعمال الماء على وجه لا يلحق بالجبيرة وما في حكمها. ولا فرق بين الخوف من حصوله أوالخوف من زيادته و بطء برئه وبين شدّة الألم باستعماله على وجه لا يتحمّل للبرد أو غيره.
        ومنها: الخوف باستعماله من العطش على الحيوان المحترم.
        ومنها: الحرج والمشقّة الشديدة الّتي لا تتحمّل عادة في تحصيل الماء أو استعماله وإن لم يكن ضرر ولا خوفه، ومن ذلك حصول المنّة الّتي لا تتحمّل عادة باستيهابه، والذلّ والهوان بالاكتساب لشرائه.
        ومنها: توقّف حصوله على دفع جميع ما عنده، أو دفع ما يضرّ بحاله، بخلاف غير المضرّ، فإنّه يجب وإن كان أضعاف ثمن المثل.
        ومنها: ضيق الوقت عن تحصيله أو عن استعماله.
        ومنها: وجوب استعمال الموجود من الماء في غسل نجاسة ونحوه ممّا لايقوم غيرالماء مقامه، فإنّه يتعيّن التيمّم حينئذٍ، لكنّ الأحوط صرف الماء في الغسل أوّلا ثمّ التيمّم.
        مسألة 11 - لا فرق في العطش الّذي يسوغ معه التيمّم بين المؤدّي إلى الهلاك أو المرض أو المشقّة الشديدة الّتي لا تتحمّل وإن أمن من ضرره، كما لا فرق في ما يؤدّي إلى الهلاك بين ما يخاف على نفسه أو على غيره، آدميّا كان أو غيره، مملوكا كان أو غيره ممّا يجب حفظه عن الهلاك، بل لا يبعد التعدّي إلى من لايجوز قتله وإن لايجب حفظه كالذمّيّ. نعم، الظاهر عدم التعدّي إلى ما يجوز قتله بأيّ حيلة كالمؤذيات من الحيوانات، ومن يكون مهدور الدم من الآدميّ كالحربيّ والمرتدّ عن فطرة ونحوهما. ولو أمكن رفع عطشه بما يحرم تناوله - كالخمر والنجس - وعنده ماء طاهر يجب حفظه لعطشه، ويتيمّم لصلاته، لأنّ وجود المحرّم كالعدم.
        مسألة 12 - لوكان متمكّنا من الصلاة مع الطهارة المائيّة فأخّر حتّى ضاق الوقت عن الوضوء والغسل تيمّم وصلّى، وصحّت صلاته وإن أثم بالتأخير. والأحوط احتياطا شديدا قضاؤها أيضا.
        مسألة 13 - لو شكّ في مقدار ما بقي من الوقت فتردّد بين ضيقه حتّى يتيمّم أو سعته حتّى يتوضّ-أ أو يغتسل يجب عليه التيمّم؛ وكذا لو علم مقدار ما بقي ولو تقريبا وشكّ في كفايته للطهارة المائيّة يتيمّم ويصلّي.
        مسألة 14 - لو دار الأمر بين إيقاع تمام الصلاة في الوقت مع التيمّم وإيقاع ركعة منها مع الوضوء قدّم الأوّل على الأقوى، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالقضاء مع المائيّة.
        مسألة 15 - التيمّم لأجل ضيق الوقت مع وجدان الماء لا يستباح به إلّا الصلاة الّتي ضاق وقتها، فلا ينفع لصلاة اُخرى ولو صار فاقد الماء حينها. نعم، لو فقد في أثناءالصلاةالاُولى لايبعدكفايته لصلاةاُخرى؛ والأحوطترك سائرالغايات غيرتلك الصلاة حتّى إذا أتى بها حال الصلاة، فلا يجوز مسّ كتابة القرآن على الأحوط.
        مسألة 16 - لا فرق بين عدم الماء رأسا ووجود ما لا يكفي لتمام الأعضاء -وكان كافيا لبعضها- في الانتقال إلى التيمّم. ولو تمكّن من مزج الماء الّذي لايكفيه لطهارته بما لا يخرجه عن الإطلاق و يحصل به الكفاية فالأحوط وجوبه.
        مسألة 17 - لو خالف من كان فرضه التيمّم فتوضّ-أ أو اغتسل فطهارته باطلة على الأحوط وإن كان فيه تفصيل. ولو أتى بها في مقام ضيق الوقت بعنوان الكون على الطهارة أو لغايات اُخر صحّت، كما تصحّ أيضا لو خالف ودفع ثمنا عن الماء مضرّا بحاله، أو تحمّل المنّة والهوان أو المخاطرة في تحصيله، ونحو ذلك ممّا كان الممنوع منه مقدّمات الطهارة لا نفسها؛ وأمّا لو كانت بنفسها ضرريّةً أو حرجيّةً فالظاهر بطلانها. نعم، لو كان الضرر أو الحرج على الغير فخالف وتطهّر فلايبعد الصحّة.
        مسألة 18 - يجوز التيمّم لصلاة الجنازة والنوم مع التمكّن من الماء، إلّا أنّه ينبغي الاقتصار في الأخير على ما كان من الحدث الأصغر، ولا بأس بإتيانه رجاءً للأكبر أيضا؛ كما أنّ الأولى فيه الاقتصار على صورة التذكّر لعدم الوضوء بعدالدخول في فراشه، وفي غيرها يأتي به رجاءً؛ كما أنّ الأولى في الأوّل قصدالرجاء في غير صورة خوف فوت الصلاة.

      • القول فيما يتيمم به

         

        القول في ما يتيمّم به

        مسألة 1 - يعتبر في ما يتيمّم به أن يكون صعيدا. وهو مطلق وجه الأرض، من غير فرق بين التراب والرمل والحجر والمدر وأرض الجصّ والنورة قبل الاحتراق وتراب القبر والمستعمل في التيمّم وذي اللون وغيرها ممّا يندرج تحت اسمها وإن لم يعلق منه شي ء باليد، لكنّ الأحوط التراب؛ بخلاف ما لا يندرج تحته وإن كان منها، كالنبات والذهب والفضّة وغيرهما من المعادن الخارجة من اسمها، وكذا الرماد وإن كان منها.
        مسألة 2 - لو شكّ في كون شي ء ترابا أو غيره ممّا لا يتيمّم به: فإن علم بكونه ترابا في السابق وشكّ في استحالته إلى غيره يجوز التيمّم به، وإن لم يعلم حالته السابقة فمع انحصار المرتبة السابقة به يجمع بين التيمّم به وبالمرتبة اللاحقة من الغبار والطين لو وجدت، وإلّا يحتاط بالجمع بين التيمّم به والصلاة في الوقت والقضاء خارجه.
        مسألة 3 - الأحوط عدم جواز التيمّم بالجصّ والنورة بعد احتراقهما مع التمكّن من التراب ونحوه، ومع عدمه الأحوط الجمع بين التيمّم بواحد منهما وبالغبار أو الطين اللذين هما مرتبة متأخّرة، ومع فرض الانحصار الأحوط الجمع بينه وبين الإعادة أو القضاء. وأمّا الخزف والآجر ونحوهما من الطين المطبوخ فالظاهر جواز التيمّم بها.
        مسألة 4 - لا يصحّ التيمّم بالصعيد النجس وإن كان جاهلا بنجاسته أو ناسيا، ولا بالمغصوب إلّا إذا اُكره على المكث فيه كالمحبوس أو كان جاهلا بالموضوع، ولابالممتزج بغيره بما يخرجه عن إطلاق اسم التراب عليه، فلا بأس بالمستهلك والخليط المتميّز الّذي لا يمنع عن صدق التيمّم على الأرض. وحكم المشتبه بالمغصوب والممتزج هنا حكم الماء بالنسبة إلى الوضوء والغسل؛ بخلاف المشتبه بالنجس مع الانحصار، فإنّه يتيمّم بهما. ولو كان عنده ماء وتراب وعلم بنجاسة أحدهما يجب عليه مع الانحصار الجمع بين التيمّم والوضوء أوالغسل مقدّما للتيمّم عليهما. واعتبار إباحة التراب ومكان التيمّم كاعتبارها في الوضوء، وقد مرّ ما هو الأقوى.
        مسألة 5 - المحبوس في مكان مغصوب يجوز أن يتيمّم فيه بلا إشكال إن كان محلّ الضرب خارج المغصوب. وأمّا التيمّم فيه مع دخول محلّ الضرب أو به فالأقوى جوازه وإن لا يخلو من إشكال. وأمّا التوضّؤ فيه فإن كان بماء مباح فهو كالتيمّم فيه لا بأس به، خصوصا إذا تحفّظ من وقوع قطرات الوضوء على أرض المحبس. وأمّا بالماء الّذي في المحبس فإن كان مغصوبا لا يجوز التوضّؤ به ما لم يحرز رضى صاحبه كخارج المحبس، ومع عدم إحرازه يكون كفاقد الماء يتعيّن عليه التيمّم.
        مسألة 6 - لو فقد الصعيد تيمّم بغبار ثوبه أو لبد سرجه أو عرف دابّته ممّا يكون على ظاهره غبار الأرض ضاربا على ذي الغبار، ولا يكفي الضرب على ما في باطنه الغبار دون ظاهره وإن ثار منه بالضرب عليه. هذا إذا لم يتمكّن من نفضه وجمعه ثمّ التيمّم به، وإلّا وجب. ومع فقد ذلك تيمّم بالوحل. ولو تمكّن من تجفيفه ثمّ التيمّم به وجب. وليس منه الأرض النديّة والتراب النديّ، فإنّهما من المرتبة الاُولى. وإذا تيمّم بالوحل لا يجب إزالته على الأصحّ، لكن ينبغي أن يَفْرُكه كنفض التراب، وأمّا إزالته بالغسل فلا شبهة في عدم جوازها.
        مسألة 7 - لا يصحّ التيمّم بالثلج؛ فمن لم يجد غيره ممّا ذكر ولم يتمكّن من حصول مسمّى الغسل به أو كان حرجيّا يكون فاقد الطهورين. والأقوى سقوط الأداء، والأحوط ثبوت القضاء، والأحوط منه ثبوت الأداء أيضا، بل الأحوط هنا التمسّح بالثلج على أعضاء الوضوء والتيمّم به وفعل الصلاة في الوقت ثمّ القضاء بعده إذا تمكّن.
        مسألة 8 - يكره التيمّم بالرمل، وكذا بالسبخة، بل لا يجوز في بعض أفرادها الخارج عن اسم الأرض. ويستحبّ له نفض اليدين بعد الضرب، وأن يكون ما يتيمّم به من رُبى الأرض وعواليها، بل يكره أيضا أن يكون من مهابطها.

      • القول في كيفية التيمم

         

        القول في كيفيّة التيمّم

        مسألة 1 - كيفيّة التيمّم مع الاختيار ضرب باطن الكفّين بالأرض معا دفعةً، ثمّ مسح الجبهة والجبينين بهما معا مستوعبا لهما من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى وإلى الحاجبين؛ والأحوط المسح عليهما، ثمّ مسح تمام ظاهر الكفّ اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع بباطن الكفّ اليسرى، ثمّ مسح تمام ظاهر الكفّ اليسرى بباطن الكفّ اليمنى. وليس ما بين الأصابع من الظاهر، إذ المراد ما يمسّه ظاهر بشرةالماسح، بل لايعتبر التدقيق والتعمّق فيه. ولا يجزي الوضع دون مسمّى الضرب على الأحوط وإن كانت الكفاية لا تخلو من قوّة، ولا الضرب بإحداهما، ولا بهما على التعاقب، ولا بظاهرهما، ولا ببعض الباطن بحيث لا يصدق عليه الضرب بتمام الكفّ عرفا، ولا المسح بإحداهما أو بهما على التعاقب. ويكفي في مسح الوجه مسح مجموع الممسوح بمجموع الماسح في الجبهة والجبينين على النحو المتعارف، أي الشقّ الأيمن باليد اليمنى والأيسر باليسرى، وفي الكفّين وضع طول باطن كلّ منهما على عرض ظاهرالاُخرى والمسح إلى رؤوس الأصابع.
        مسألة 2 - لو تعذّر الضرب والمسح بالباطن انتقل إلى الظاهر. هذا إذا كان التعذّر مطلقا. وأمّا مع تعذّر بعض أو بلا حائل فالأحوط الجمع بين الضرب والمسح ببعض الباطن، أو الباطن مع الحائل و بينهما بالظاهر. والانتقال إلى الذراع مكان الظاهر في الدوران بينهما لا يخلو من وجه، والأحوط الجمع بينهما. ولا ينتقل من الباطن لو كان متنجّسا بغير المتعدّي وتعذّرت الإزالة، بل يضرب بهما ويمسح. ولو كانت النجاسة حائلةً مستوعبةً ولم يمكن التطهير والإزالة فالأحوط الجمع بين الضرب بالباطن والضرب بالظاهر، بل لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع في الصورة المتقدّمة أيضا.
        ولو تعدّت النجاسة إلى الصعيد ولم يمكن التجفيف ينتقل إلى الذراع أو الظاهر حينئذٍ. ولو كانت النجاسة على الأعضاء الممسوحة وتعذّر التطهير والإزالة مسح عليها.

      • القول فيما يعتبر في التيمم

         

        القول في ما يعتبر في التيمّم

        مسألة 1 - يعتبر النيّة في التيمّم على نحو ما مرّ في الوضوء، قاصدا به البدليّة عمّا عليه من الوضوء أو الغسل، مقارنا بها الضرب الّذي هو أوّل أفعاله.
        ويعتبر فيه المباشرة، والترتيب حسب ما عرفته، والموالاة بمعنى عدم الفصل المنافي لهيئته وصورته، والمسح من الأعلى إلى الأسفل في الجبهة واليدين بحيث يصدق ذلك عليه عرفا، ورفع الحاجب عن الماسح والممسوح حتّى مثل الخاتم، والطهارة فيهما. وليس الشعر النابت على المحلّ من الحاجب فيمسح عليه. نعم، يكون منه الشعر المتدلّي من الرأس إلى الجبهة إذا كان خارجا عن المتعارف ويعدّ حائلًا عرفا - لا مثل الشعرة والشعرتين - فيجب رفعه. هذا كلّه مع الاختيار. أمّا مع الاضطرار فيسقط المعسور، ولكن لا يسقط به الميسور.
        مسألة 2 - يكفي ضربة واحدة للوجه واليدين في بدل الوضوء والغسل، وإن كان الأفضل ضربتين مخيّرا بين إيقاعهما متعاقبتين قبل مسح الوجه أو موزّعتين على الوجه واليدين، وأفضل من ذلك ثلاث ضربات: اثنتان متعاقبتان قبل مسح الوجه، وواحدة قبل مسح اليدين، ومع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بالضربتين، -خصوصا في ما هو بدل عن الغسل- بإيقاع واحدة للوجه واُخرى لليدين، والأولى الأحوط أن يضرب ضربة ويمسح بها وجهه وكفّيه، ويضرب اُخرى ويمسح بها كفّيه.
        مسألة 3 - العاجز يُيمّمه غيره، لكن يضرب الأرض بيدي العاجز ثمّ يمسح بهما، ومع فرض العجز عن ذلك يضرب المتولّي بيديه ويمسح بهما. ولو توقّف وجوده على اُجرة وجب بذلها وإن كانت أضعاف اُجرة المثل على الأحوط ما لم يضرّ بحاله.
        مسألة 4 - من قُطعت إحدى يديه ضرب الأرض بالموجودة، ومسح بها جبهته، ثمّ مسح ظهرها بالأرض؛ والأحوط الجمع بينه وبين تولية الغير إن أمكن، بأن يضرب يده على الأرض ويمسح بها ظهر كفّ الأقطع. ومن قُطعت يداه يمسح بجبهته على الأرض؛ والأحوط تولية الغير أيضا إن أمكن، بأن يضرب يديه على الأرض ويمسح بهما جبهته. هذا كلّه في من ليس له ذراع، وإلّا تيمّم بها وبالموجودة؛ والأحوط مسح تمام الجبهة والجبينين بالموجودة بعد المسح بها وبالذراع على النحو المتعارف. هذا في الصورة الاُولى؛ وكذا الكلام في الثانية، فمقطوع اليدين لو كان له الذراع تيمّم بها، وهو مقدّم على مسح الجبهة على الأرض وعلى الاستنابة، بل الأحوط تنزيل الذراع منزلة الكفّين في المسح على ظهرهما في مقطوع اليدين، وعلى ظهر المقطوع في الآخر.
        مسألة 5 - في مسح الجبهة واليدين يجب إمرار الماسح على الممسوح، فلايكفي جرّ الممسوح تحت الماسح. نعم، لا تضرّ الحركة اليسيرة في الممسوح إذا صدق كونه ممسوحا.

      • القول في أحكام التيمم

         

        القول في أحكام التيمّم

        مسألة 1 - لا يصحّ التيمّم على الأحوط للفريضة قبل دخول وقتها وإن علم بعدم التمكّن منه في الوقت على إشكال. والأحوط احتياطا لا يترك لمن يعلم بعدم التمكّن منه في الوقت إيجاده قبله لشي ء من غاياته، وعدم نقضه إلى وقت الصلاة مقدّمةً لإدراكها مع الطهور في وقتها، بل وجوبه لا يخلو من قوّة.
        وأمّا بعد دخول الوقت فيصحّ وإن لم يتضيّق مع رجاء ارتفاع العذر في آخره وعدمه، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط مع رجاء ارتفاعه، ومع العلم بالارتفاع يجب الانتظار، والأحوط مراعاة الضيق مطلقا. ولا يعيد ما صلّاه بتيمّمه الصحيح بعد ارتفاع العذر، من غير فرق بين الوقت وخارجه.
        مسألة 2 - لو تيمّم لصلاة قد حضر وقتها ولم ينتقض ولم يرتفع العذر حتّى دخل وقت صلاة اُخرى جاز الإتيان بها في أوّل وقتها، إلّا مع العلم بارتفاع العذر في آخره، فيجب تأخيرها، ومع رجاء ارتفاعه لا ينبغي ترك الاحتياط، بل يستبيح بالتيمّم لغاية - كالصلاة - غيرها من الغايات كالمتطهّر، ما لم ينتقض وبقي العذر، فله أن يأتي بكلّ ما يشترط فيه الطهارة، كمسّ كتابة القرآن المجيد، ودخول المساجد وغير ذلك. وهل يقوم الصعيد مقام الماء في كلّ ما يكون الوضوء أو الغسل مطلوبا فيه وإن لم يكن طهارةً، فيجوز التيمّم بدلا عن الأغسال المندوبة والوضوء التجديديّ والصوريّ؟ فيه تأمّل وإشكال، فالأحوط الإتيان به رجاء المطلوبيّة.
        مسألة 3 - المحدث بالأكبر غير الجناية يتيمّم تيمّمين: أحدهما عن الغسل والآخر عن الوضوء. ولو وجد ما لا يمكن صرفه إلّا في أحدهما خاصّةً صرفه فيه وتيمّم عن الآخر. ولو وجد ما يكفي أحدهما وأمكن صرفه في كلّ منهما قدّم الغسل على الأحوط بل لا يخلو من وجه، وتيمّم عن الوضوء. ويكفي في الجنابة تيمّم واحد.
        مسألة 4 - لو اجتمعت أسباب مختلفة للحدث الأكبر ففي كفاية تيمّم واحد عن الجميع إشكال، فالأحوط التيمّم لكلّ واحد منها، فلو كان عليه غسل الجنابة وغسل مسّ الميّت - مثلا - أتى بتيمّمين.
        مسألة 5 - ينتقض التيمّم عن الوضوء بالحدث الأصغر والأكبر، كما أنّه ينتقض ما يكون بدلا عن الغسل بما يوجب الغسل. وهل ينتقض ما يكون بدلا عن الغسل بما ينقض الوضوء فيعود إلى ما كان، فالمجنب المتيمّم إذا أحدث بالأصغر يعيد تيمّمه، والحائض - مثلا - إذا أحدثت انتقض تيمّماها، أو لا، بل لايوجب الحدث الأصغر إلّا الوضوء أو التيمّم بدلا عنه إلى أن يجد الماء أو يتمكّن من استعماله في الغسل، فحينئذٍ ينتقض ما كان بدلا عنه؟ قولان أشهرهما الأوّل، وأقواهما الثاني، خصوصا في غير الجنب؛ فالمجنب لو أحدث بعد تيمّمه يكون كالمغتسل المحدث بعد غسله لا يحتاج إلّا إلى الوضوء أو التيمّم بدلا عنه، والحائض لو أحدثت بعد تيمّمها تكون كما أحدثت بعد أن توضّأت واغتسلت، لا ينتقض إلّا تيمّمها الوضوئيّ. والأحوط لمن تمكّن من الوضوء الجمع بينه وبين التيمّم بدلا عن الغسل، ولمن لم يتمكّن منه الإتيان بتيمّم واحد بقصد ما في الذمّة المردّد بين كونه بدلا عن الغسل أو الوضوء إذا كان مجنبا؛ وأمّا غيره فيأتي بتيمّمين: أحدهما بدلا عن الوضوء والآخر عن الغسل احتياطا.
        مسألة 6 - لو وجد الماء وتمكّن من استعماله شرعا وعقلا أو زال عذره قبل الصلاة انتقض تيمّمه؛ ولا يصحّ أن يصلّي به وإن تجدّد فقدان الماء أو عاد العذر، فيجب أن يتيمّم ثانيا. نعم، لو لم يسع زمان الوجدان أو ارتفاع العذر للوضوء أو الغسل لايبعد عدم انتقاضه وإن كان الأحوط تجديده مطلقا. وكذا إذا كان وجدان الماء أو زوال العذر في ضيق الوقت لا ينتقض تيمّمه، ويكتفي به للصلاة الّتي ضاق وقتها.
        مسألة 7 - المجنب المتيمّم إذا وجد ماءً بقدر كفاية وضوئه لا يبطل تيمّمه؛ وأمّا غيره ممّن تيمّم تيمّمين لو وجد بقدر الوضوء بطل خصوص تيمّمه الّذي هو بدل عنه، ولو وجد ما يكفي للغسل فقط ولا يمكن صرفه في الوضوء صرفه فيه ويتيمّم للوضوء، ولو أمكن صرفه في كلّ منهما لا كليهما فالأحوط صرفه في الغسل والتيمّم بدل الوضوء وإن كان بقاء التيمّم لا يخلو من وجه.
        مسألة 8 - لو وجد الماء بعد الصلاة لا تجب إعادتها، بل تمّت وصحّت؛ وكذا لو وجده في أثنائها بعد الركوع من الركعة الاُولى. وأمّا لو كان قبله ففي بطلان تيمّمه وصلاته إشكال،لايبعد عدم البطلان مع استحباب الرجوع واستيناف الصلاة مع الطهارة المائيّة. والاحتياط بالإتمام والإعادة مع سعة الوقت لا ينبغي تركه.
        مسألة 9 - لو شكّ في بعض أجزاء التيمّم بعد الفراغ منه لا يعتني وبنى على الصحّة؛ وكذا لو شكّ في أجزائه في أثنائه، من غير فرق بين ما هو بدل عن الوضوء أو الغسل على الأقوى، والأحوط الاعتناء بالشكّ.

    • فصل في النجاسات
    •  

      فصل في النجاسات

      والكلام فيها، وفي أحكامها، وكيفيّة التنجّس بها، وما يُعفى عنه منها:

      • القول في أقسام النجاسات

         

        القول في النجاسات

        مسألة 1 - النجاسات إحدى عشر:
        الأوّل والثانى: البول والخرء من الحيوان ذي النفس السائلة غير مأكول اللحم ولو بالعارض، كالجلّال وموطوء الإنسان. أمّا ما كان من المأكول فإنّهما طاهران، وكذا غير ذي النفس ممّا ليس له لحم كالذباب والبقّ وأشباههما. وأمّا ما له لحم منه فمحلّ إشكال وإن كانت الطهارة لا تخلو من وجه، خصوصا في الخرء؛ كما أنّ الأقوى نجاسة الخرء والبول من الطير غير المأكول.
        مسألة 2 - لو شكّ في خرء حيوان أنّه من مأكول اللحم أو محرّمه إمّا من جهة الشكّ في ذلك الحيوان الّذي هذا خرؤه وإمّا من جهة الشكّ في أنّ هذا الخرء من الحيوان الفلانيّ الّذي يكون خرؤه نجسا أو من الّذي يكون طاهرا - كما إذا رأى شيئا لا يدري أنّه بعرة فأر أو خنفساء - فيحكم بالطهارة؛ وكذا لو شكّ في خرء حيوان أنّه ممّا له نفس سائلة أو من غيره ممّا ليس له لحم كالمثال المتقدّم؛ وأمّا لو شكّ في أنّه ممّا له نفس أو من غيره ممّا له لحم بعد إحراز عدم المأكوليّة ففيه إشكال - كما تقدّم - وإن كانت الطهارة لا تخلو من وجه.
        الثالث: المنيّ من كلّ حيوان ذي نفس حلّ أكله أو حرم، دون غير ذي النفس، فإنّه منه طاهر.
        الرابع: ميتة ذي النفس من الحيوان ممّا تحلّه الحياة، وما يقطع من جسده حيّا ممّا تحلّه الحياة، عدا ما ينفصل من بدنه من الأجزاء الصغار، كالبُثُور والثُؤْلُول وما يعلو الشفة والقروح وغيرها عند البرء وقشور الجرب ونحوه. وما لا تحلّه الحياة كالعظم والقرن والسنّ والمنقار والظفر والحافر والشعر والصوف والوبر والريش طاهر؛ وكذا البيض من الميتة الّذي اكتسى القشر الأعلى من مأكول اللحم، بل وغيره. ويلحق بما ذكر الإنفحة (وهي الشي ءالأصفر الّذي يُجبن به ويكون منجمدا في جوف كرش الحمل والجدي قبل الأكل) وكذا اللبن في الضرع. ولا ينجسان بمحلّهما. والأحوط - الّذي لايترك - اختصاص الحكم بلبن مأكول اللحم.
        مسألة 3 - فأرة المسك إن اُحرز أنّها ممّا تحلّه الحياة نجسة على الأقوى لو انفصلت من الحيّ أو الميّت قبل بلوغها واستقلالها و زوال الحياة عنها حال حياة الظبي، ومع بلوغها حدّا لابدّ من لفظها فالأقوى طهارتها، سواء كانت مبانةً من الحيّ أو الميّت؛ ومع الشكّ في كونها ممّا تحلّه الحياة محكومة بالطهارة؛ ومع العلم به والشكّ في بلوغها ذلك الحدّ محكومة بالنجاسة. وأمّا مسكها فلا إشكال في طهارته في جميع الصور، إلّا في ما سرت إليه رطوبة ممّا هو محكوم بالنجاسة، فإنّ طهارته حينئذٍ لاتخلو من إشكال، ومع الجهل بالحال محكوم بالطهارة.
        مسألة 4 - ما يؤخذ من يد المسلم وسوق المسلمين - من اللحم أو الشحم أو الجلد - إذا لم يعلم كونه مسبوقا بيد الكافر محكوم بالطهارة وإن لم يُعلم تذكيته؛ وكذا مايوجد مطروحا في أرض المسلمين. وأمّا إذا علم بكونه مسبوقا بيد الكافر: فإن احتمل أنّ المسلم الّذي أخذه من الكافر قد تفحّص عن حاله وأحرز تذكيته بل وعمل المسلم معه معاملة المذكّى على الأحوط فهو أيضا محكوم بالطهارة، وأمّا لو علم أنّ المسلم أخذه من الكافر من غير فحص فالأحوط بل الأقوى وجوب الاجتناب عنه.
        مسألة 5 - لو أخذ لحما أو شحما أو جلدا من الكافر أو من سوق الكفّار ولم يعلم أنّه من ذي النفس أو غيره كالسمك ونحوه فهو محكوم بالطهارة وإن لم يحرز تذكيته، ولكن لا يجوز الصلاة فيه.
        مسألة 6 - لو اُخذ شي ء من الكفّار أو من سوقهم ولم يعلم أنّه من أجزاء الحيوان أو غيره فهو محكوم بالطهارة ما لم يعلم بملاقاته للنجاسة السارية، بل يصحّ الصلاة فيه أيضا. ومن هذاالقبيل اللاستيك والشمع المجلوبان من بلاد الكفر في هذه الأزمنة عند من لم يطّلع على حقيقتهما.
        الخامس: دم ذي النفس السائلة؛ بخلاف دم غيره - كالسمك والبقّ والقمّل والبراغيث - فإنّه طاهر. والمشكوك في أنّه من أيّهما محكوم بالطهارة. والأحوط الاجتناب عن العلقة المستحيلة من المنيّ حتّى العلقة في البيضة وإن كانت الطهارة في البيضة لا تخلو من رجحان. والأقوى طهارة الدم الّذي يوجد فيها وإن كان الأحوط الاجتناب عنه بل عن جميع ما فيها، إلّا أن يكون الدم في عِرق أو تحت جلدة حائلة بينه وبين غيره.
        مسألة 7 - الدم المتخلّف في الذبيحة إن كان من الحيوان غير المأكول فالأحوط الاجتناب عنه، وإلّا فهو طاهر بعد قذف ما يعتاد قذفه من الدم بالذبح أو النحر، من غير فرق بين المتخلّف في بطنها أو في لحمها أو عروقها أو قلبها أو كبدها إذا لم يتنجّس بنجاسة كآلة التذكية وغيرها؛ وكذا المتخلّف في الأجزاء غير المأكولة وإن كان الأحوط الاجتناب عنه. وليس من الدم المتخلّف الطاهر ما يرجع من دم المذبح إلى الجوف لردّ النفس أو لكون رأس الذبيحة في علوّ. والدم الطاهر من المتخلّف حرام أكله، إلّا ما كان مستهلكا في الأمراق ونحوها، أو كان في اللحم بحيث يعدّ جزءا منها.
        مسألة 8 - ما شكّ في أنّه دم أو غيره طاهر، مثل ما إذا خرج من الجرح شي ء أصفر قد شكّ في أنّه دم أولا، أو شكّ من جهة الظلمة أوالعمى أو غير ذلك في أنّ ما خرج منه دم أو قيح؛ ولا يجب عليه الاستعلام. وكذا ما شكّ في أنّه ممّا له نفس سائلة أو لا إمّا من جهة عدم العلم بحال الحيوان كالحيّة مثلا، أو من جهة الشكّ في الدم وأنّه من الشاة - مثلا - أو من السمك؛ فلو رأى في ثوبه دما ولا يدري أنّه منه أو من البقّ أو البرغوث يحكم بطهارته.
        مسألة 9 - الدم الخارج من بين الأسنان نجس وحرام لا يجوز بلعه. ولو استهلك في الريق يطهر ويجوز بلعه. ولا يجب تطهير الفم بالمضمضة ونحوها.
        مسألة 10 - الدم المنجمد تحت الأظفار أو الجلد بسبب الرضّ نجسٌ إذا ظهر بانخراق الجلد ونحوه إلّا إذا علم استحالته؛ فلو انخرق الجلد ووصل إليه الماء تنجّس، ويشكل معه الوضوء أو الغسل، فيجب إخراجه إن لم يكن حرج، ومعه يجب أن يجعل عليه شي ء كالجبيرة ويمسح عليه، أو يتوضّ-أ ويغتسل بالغمس في ماء معتصم كالكرّ والجاري. هذا إذا علم من أوّل الأمر أنّه دم منجمد، وإن احتمل أنّه لحم صار كالدم بسبب الرضّ فهو طاهر.
        السادس والسابع: الكلب والخنزير البرّيّان عينا ولعابا، وجميع أجزائهما وإن كانت ممّا لا تحلّه الحياةكالشعروالعظم ونحوهما.وأمّاكلب الماءوخنزيره فطاهران.
        الثامن: المسكر المائع بالأصل، دون الجامد كذلك - كالحشيش - وإن غلى وصار مائعا بالعارض. وأمّا العصير العنبيّ فالظاهر طهارته لو غلى بالنار ولم يذهب ثلثاه وإن كان حراما بلا إشكال. والزبيبيّ أيضا طاهر، والأقوى عدم حرمته، ولو غليا بنفسهما وصارا مسكرين - كما قيل - فهما نجسان أيضا؛ وكذا التمريّ على هذا الفرض؛ ومع الشكّ فيه يحكم بالطهارة في الجميع.
        مسألة 11 - لا بأس بأكل الزبيب والتمر إذا غليا في الدهن أو جعلا في المَحْشيّ والطبيخ أو في الأمراق مطلقا، سيّما إذا شكّ في غليان ما في جوفهما كما هوالغالب.
        التاسع: الفُقّاع، وهو شراب مخصوص متّخذ من الشعير غالبا. أمّا المتّخذ من غيره ففي حرمته ونجاسته تأمّل وإن سمّي فقّاعا، إلّا إذا كان مسكرا.
        العاشر: الكافر. وهو من انتحل غير الإسلام، أو انتحله وجحد ما يعلم من الدين ضرورة، بحيث يرجع جحوده إلى إنكار الرسالة، أو تكذيب النبيّ (صلي الله علیه وآله وسلم) ، أو تنقيص شريعته المطهّرة، أو صدر منه ما يقتضي كفره من قول أو فعل، من غير فرق بين المرتدّ والكافر الأصليّ الحربيّ والذمّيّ. وأمّا النواصب والخوارج -لعنهم اللّه تعالى- فهما نجسان من غير توقّف ذلك على جحودهما الراجع إلى إنكار الرسالة. وأمّا الغالي فإن كان غلوّه مستلزما لإنكار الاُلوهيّة أو التوحيد أو النبوّة فهو كافر، وإلّا فلا.
        مسألة 12 - غير الاثني عشريّة من فرق الشيعة إذا لم يظهر منهم نصب ومعاداة وسبّ لسائر الأئمّة الّذين لا يعتقدون بإمامتهم طاهرون، وأمّا مع ظهور ذلك منهم فهم مثل سائر النواصب.
        الحادي عشر: عرق الإبل الجلّالة. والأقوى طهارة عرق ما عداها من الحيوانات الجلّالة، والأحوط الاجتناب عنه؛ كما أنّ الأقوى طهارة عرق الجنب من الحرام،والأحوط التجنّب عنه في الصلاة، وينبغي الاحتياط منه مطلقا.

      • القول في أحكام النجاسات

         

        القول في أحكام النجاسات

        مسألة 1 - يشترط في صحّة الصلاة والطواف واجبهما ومندوبهما طهارة البدن - حتّى الشعر والظفر وغيرهما ممّا هو من توابع الجسد - واللباس الساتر منه وغيره، عدا ما استثني من النجاسات وما في حكمها من المتنجّس بها. وقليلها -ولو مثل رأس الإبرة- ككثيرها عدا ما استثني منها. ويشترط في صحّة الصلاة أيضا طهارة موضع الجبهة في حال السجود دون المواضع الاُخر؛ فلا بأس بنجاستها ما دامت غير سارية إلى بدنه أو لباسه بنجاسة غير معفوّ عنها.
        ويجب إزالة النجاسة عن المساجد بجميع أجزائها من أرضها وبنائها حتّى الطرف الخارج من جدرانها على الأحوط، كما أنّه يحرم تنجيسها. ويلحق بها المشاهد المشرّفة والضرائح المقدّسة، وكلّ ما علم من الشرع وجوب تعظيمه على وجه ينافيه التنجيس، كالتربة الحسينيّة بل وتربة الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) وسائر الأئمّة(علیهم السلام)، والمصحف الكريم حتّى جلده وغلافه، بل وكتب الأحاديث عن المعصومين(علیهم السلام) على الأحوط بل الأقوى لو لزم الهتك، بل مطلقا في بعضها. ووجوب تطهير ما ذكر كفائيّ لا يختصّ بمن نجّسها؛ كما أنّه يجب المبادرة مع القدرة على تطهيرها. ولو توقّف ذلك على صرف مال وجب. وهل يرجع به على من نجّسها لا يخلو من وجه. ولو توقّف تطهير المسجد - مثلا - على حفر أرضه أو تخريب شي ء منه جاز بل وجب. وفي ضمان من نجّسه لخسارة التعمير وجه قويّ. ولو رأى نجاسةً في المسجد - مثلا - وقد حضر وقت الصلاة تجب المبادرة إلى إزالتها مقدّما على الصلاة مع سعة وقتها، فلو تركها مع القدرة واشتغل بالصلاة عصى، لكنّ الأقوى صحّتها؛ ومع ضيق الوقت قدّمها على الإزالة.
        مسألة 2 - حصير المسجد وفرشه كنفس المسجد على الأحوط في حرمة تلويثه ووجوب إزالته عنه ولو بقطع الموضع النجس.
        مسألة 3 - لافرق في المسجد بين المعمور والمخروب والمهجور، بل الأحوط جريان الحكم في ما إذا تغيّر عنوانه، كما إذا غُصب وجُعل دارا أو خانا أو دكّانا.
        مسألة 4 - لو علم إخراج الواقف بعض أجزاء المسجد عنه لا يلحقه الحكم؛ ومع الشكّ فيه لا يلحق به مع عدم أمارة على المسجديّة.
        مسألة 5 - كما يحرم تنجيس المصحف يحرم كتابته بالمداد النجس. ولو كتب جهلا أو عمدا يجب محوه في ما ينمحي، وفي غيره كمداد الطبع يجب تطهيره.
        مسألة 6 - من صلّى في النجاسة متعمّدا بطلت صلاته ووجبت إعادتها، من غير فرق بين الوقت وخارجه. والناسي كالعامد. والجاهل بها حتّى فرغ من صلاته لا يعيد في الوقت ولا خارجه وإن كان الأحوط الإعادة. وأمّا لو علم بها في أثنائها: فإن لم يعلم بسبقها وأمكنه إزالتها - بنزع أو غيره - على وجه لا ينافي الصلاة مع بقاء الستر فعل و مضى في صلاته، وإن لم يمكنه استأنفها لو كان الوقت واسعا، وإلّا فإن أمكن طرح الثوب والصلاة عريانا يصلّي كذلك على الأقوى، وإن لم يمكن صلّى بها، وكذا لو عرضت له في الأثناء. ولو علم بسبقها وجب الاستيناف مع سعة الوقت مطلقا.
        مسألة 7 - لو انحصر الساتر في النجس: فإن لم يقدر على نزعه لبرد ونحوه صلّى فيه إن ضاق الوقت أو لم يحتمل احتمالا عقلائيّا زوال العذر، ولا إعادة عليه؛ وإن تمكّن من نزعه فالأقوى إتيان الصلاة عاريا مع ضيق الوقت، بل ومع سعته لو لم يحتمل زوال العذر، ولا قضاء عليه.
        مسألة 8 - لواشتبه الثوب الطاهر بالنجس يكرّر الصلاة فيهما مع الانحصار بهما، ولو لم يسع الوقت فالأحوط أن يصلّي عاريا مع الإمكان ويقضي خارج الوقت في ثوب طاهر، ومع عدم الإمكان يصلّي في أحدهما ويقضي في ثوب طاهر على الأحوط؛ وفي هذه الصورة لو كان أطراف الشبهة ثلاثة أو أكثر يكرّر الصلاة على نحو يعلم بوقوعها في ثوب طاهر.

      • القول في كيفية التنجيس بها

         

        القول في كيفيّة التنجّس بها

        مسألة 1 - لا ينجس الملاقي لها مع اليبوسة، ولامع النداوة الّتي لم ينتقل منها أجزاء بالملاقاة. نعم، ينجس الملاقي مع بلّة في أحدهما على وجه تصل منه إلى الآخر؛ فلا يكفي مجرّد الميعان كالزيبق، بل والذهب والفضّة الذائبين ما لم تكن رطوبة سارية من الخارج، فالذهب الذائب في البوتقة النجسة لا يتنجّس ما لم تكن رطوبة سارية فيها أو فيه، ولو كانت لا تنجس إلّا ظاهره كالجامد.
        مسألة 2 - مع الشكّ في الرطوبة أوالسراية يحكم بعدم التنجيس؛ فإذا وقع الذباب على النجس ثمّ على الثوب لا يحكم به، لاحتمال عدم تبلّل رجله ببلّة تسري إلى ملاقيه.
        مسألة 3 - لا يحكم بنجاسة شي ء ولا بطهارة ما ثبتت نجاسته إلّا باليقين، أو بإخبار ذي اليد، أو بشهادة عدلين. وفي الاكتفاء بعدل واحد إشكال، فلا يترك مراعاة الاحتياط في الصورتين. ولا يثبت الحكم في المقامين بالظنّ وإن كان قويّا، ولا بالشكّ إلّا في الخارج قبل الاستبراء كما عرفته سابقا.
        مسألة 4 - العلم الإجماليّ كالتفصيليّ؛ فإذا علم بنجاسة أحد الشيئين يجب الاجتناب عنهما، إلّا إذا لم يكن أحدهما قبل حصول العلم محلّاً لابتلائه، فلايجب الاجتناب عمّا هو محلّ ابتلائه، وفي المسألة إشكال وإن كان الأرجح بالنظر ذلك. وفي حكم العلم الإجماليّ الشهادة بالإجمال إذا وقعت على موضوع واحد؛ وأمّا إذا لم ترد الشهادة عليه ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط فيه وفي ما إذا كانت الشهادة بنحو الإجمال حتّى لدى الشاهدين.
        مسألة 5 - لو شهد الشاهدان بالنجاسة السابقة وشكّ في زوالها يجب الاجتناب.
        مسألة 6 - المراد بذي اليد كلّ من كان مستوليا عليه، سواء كان بملك أو إجارة أو إعارة أو أمانة بل أو غصب؛ فإذا أخبرت الزوجة أو الخادمة أو المملوكة بنجاسة ما في يدها من ثياب الزوج أو المولى أو ظروف البيت كفى في الحكم بالنجاسة، بل وكذا إذا أخبرت المربّية للطفل بنجاسته أو نجاسة ثيابه. نعم، يستثنى من الكلّيّة المتقدّمة قول المولى بالنسبة إلى عبده، فإنّ في اعتبار قوله بالنسبة إلى نجاسة بدن عبده أو جاريته ولباسهما الّذي تحت يديهما إشكالا، بل عدم اعتباره لا يخلو من قوّة، خصوصا إذا أخبرا بالطهارة، فإنّ الأقوى اعتبار قولهما لا قوله.
        مسألة 7 - لو كان شي ء بيد شخصين كالشريكين يسمع قول كلّ منهما في نجاسته، ولو أخبر أحدهما بنجاسته والآخر بطهارته تساقطا، كما أنّ البيّنة تسقط عند التعارض، وتقدّم على قول ذي اليد عند التعارض. هذا كلّه لو لم يكن إخبار أحدالشريكين أو إحدى البيّنتين مستندا إلى الأصل والآخر إلى الوجدان، وإلّا فيقدّم ما هو مستند إلى الوجدان، فلو أخبر أحد الشريكين بالطهارة أو النجاسة مستندا إلى أصل والآخر أخبر بخلافه مستندا إلى الوجدان يقدّم الثاني، وكذا الحال في البيّنة. وكذا لا تقدّم البيّنة المستندة إلى الأصل على قول ذي اليد.
        مسألة 8 - لا فرق في ذي اليد بين كونه عادلا أو فاسقا. وفي اعتبار قول الكافر إشكال وإن كان الأقوى اعتباره. ولا يبعد اعتبار قول الصبيّ إذا كان مراهقا، بل يراعى الاحتياط في المميّز غير المراهق أيضا.
        مسألة 9 - المتنجّس منجّس مع قلّة الواسطة كالاثنتين والثلاث، وفي ما زادت على الأحوط وإن كان الأقرب مع كثرتها عدم التنجيس. والأحوط إجراء أحكام النجس على ما تنجّس به، فيغسل الملاقي لملاقي البول مرّتين، ويعمل مع الإناء الملاقي للإناء الّذي ولغ فيه الكلب في التطهير مثل ذلك الإناء، خصوصا إذا صُبّ ماء الولوغ فيه، فيجب تعفيره على الأحوط.
        مسألة 10 - ملاقاة ما في الباطن بالنجاسة الّتي في الباطن لا ينجّسه، فالنخامة إذا لاقت الدم في الباطن وخرجت غير متلطّخة به طاهرة. نعم، لو اُدخل شي ء من الخارج ولاقى النجاسة في الباطن فالأحوط الاجتناب عنه وإن كان الأقوى عدم لزومه.

      • القول فيما يعفي عنه في الصلاة

         

        القول في ما يُعفى عنه في الصلاة

        مسألة 1 - ما يعفى عنه من النجاسات في الصلاة اُمور:
        الأوّل: دم الجروح والقروح في البدن واللباس حتّى تبرأ. والأحوط إزالته أو تبديل ثوبه إذا لم يكن مشقّة في ذلك على النوع، إلّا أن يكون حرجا عليه، فلايجب بمقدار الخروج عنه؛ فالميزان في العفو أحد الأمرين: إمّا أن يكون في التطهير والتبديل مشقّة على النوع فلايجب مطلقا، أو يكون ذلك حرجيّا عليه مع عدم المشقّة النوعيّة، فلايجب بمقدار التخلّص عنه. وكون دم البواسير منها وإن لم يكن قرحة في الخارج وكذا كلّ قرح أو جرح باطنيّ خرج دمه إلى الخارج لا يخلو من قوّة.
        الثاني: الدم في البدن واللباس إن كانت سعته أقلّ من الدرهم البغليّ ولم يكن من الدماء الثلاثة - : الحيض والنفاس والاستحاضة - ونجس العين والميتة، على الأحوط في الاستحاضة وما بعدها وإن كان العفو عمّا بعدها لا يخلو من وجه، بل الأولى الاجتناب عمّا كان من غير مأكول اللحم، ولمّا كانت سعة الدرهم البغليّ غير معلومة يقتصر على القدر المتيقّن، وهو سعة عقد السبّابة.
        مسألة 2 - لو كان الدم متفرّقا في الثياب والبدن لوحظ التقدير على فرض اجتماعه، فيدور العفو مداره، ولكنّ الأقوى العفو عن شبه النضح مطلقا. ولو تفشّى الدم من أحد جانبي الثوب إلى الآخر فهو دم واحد وإن كان الاحتياط في الثوب الغليظ لا ينبغي تركه. وأمّا مثل الظهارة والبطانة والملفوف من طيّات عديدة ونحو ذلك فهو متعدّد.
        مسألة 3 - لو شكّ في الدم الّذي يكون أقلّ من الدرهم أنّه من المستثنيات كالدماء الثلاثة أولا؟ حكم بالعفو عنه حتّى يعلم أنّه منها؛ ولو بان بعد ذلك أنّه منها فهو من الجاهل بالنجاسة على إشكال وإن لا يخلو من وجه. ولو علم أنّه من غيرها وشكّ في أنّه أقلّ من الدرهم أم لا فالأقوى العفو عنه، إلّا إذا كان مسبوقا بكونه أكثر من مقدار العفو وشكّ في صيرورته بمقداره.
        مسألة 4 - المتنجّس بالدم ليس كالدم في العفو عنه إذا كان أقلّ من الدرهم، ولكنّ الدم الأقلّ إذا اُزيل عينه يبقى حكمه.
        الثالث: كلّ ما لا تتمّ فيه الصلاة منفردا كالتكّة والجورب ونحوهما، فإنّه معفوّ عنه لو كان متنجّسا ولو بنجاسة من غير مأكول اللحم. نعم، لا يُعفى عمّا كان متّخذا من النجس، كجزء ميتة أو شعر كلب أو خنزير أو كافر.
        الرابع: ما صار من البواطن والتوابع - كالميتة الّتي أكلها، والخمر الّتي شربها، والدم النجس الّذي أدخله تحت جلده، والخيط النجس الّذي خاط به جلده - فإنّ ذلك معفوّ عنه في الصلاة. وأمّا حمل النجس فيها فالأحوط الاجتناب عنه خصوصا الميتة، وكذا المحمول المتنجّس الّذي تتمّ فيه الصلاة. وأمّا ما لا تتمّ فيه الصلاة مثل السكّين والدراهم فالأقوى جواز الصلاة معه.
        الخامس: ثوب المربّية للطفل اُمّا كانت أو غيرها، فإنّه معفوّ عنه إن تنجّس ببوله. والأحوط أن تغسل كلّ يوم لأوّل صلاة ابتليت بنجاسة الثوب، فتصلّي معه الصلاة بطهر، ثمّ تصلّي فيه بقيّة الصلوات من غير لزوم التطهير، بل هو لا يخلو من وجه. ولا يتعدّى من البول إلى غيره، ولا من الثوب إلى البدن، ولا من المربّية إلى المربيّ، ولا من ذات الثوب الواحد إلى ذات الثياب المتعدّدة مع عدم الحاجة إلى لبسهنّ جميعا، وإلّا كانت كذات الثوب الواحد.

    • فصل في المطهرات
      • أقسام مطهرات

         

        فصل في المطهّرات

        وهي أحد عشر:
        أوّلها: الماء. ويطهّر به كلّ متنجّس حتّى الماء كما تقدّم في فصل المياه، وقد مرّ كيفيّة تطهيره به. وأمّا كيفيّة تطهير غيره به فيكفي في المطر استيلاؤه على المتنجّس بعد زوال العين وبعد التعفير في الولوغ؛ وكذا في الكرّ والجاري، إلّا أنّ الأحوط في ما يقبل العصر اعتباره أو اعتبار ما يقوم مقامه من الفرك والغمز ونحوهما حتّى مثل الحركة العنيفة في الماء حتّى تخرج الماء الداخل. ولا فرق بين أنواع النجاسات وأصناف المتنجّسات سوى الإناء المتنجّس بالولوغ أو بشرب الخنزير وموت الجرذ، فإنّ الأحوط تطهيره بهما كتطهيره بالقليل، بل الأحوط الأولى تطهير مطلق الإناء المتنجّس كالتطهير بالقليل وإن كان الأرجح كفاية المرّة فيه.
        وأمّا غيره فيطهر مالا ينفذ فيه الماء والنجاسة بمجرّد غمسه في الكرّ أوالجاري بعد زوال عين النجاسة وإزالة المانع لو كان، والّذي ينفذ فيه ولا يمكن عصره -كالكوز والخشب والصابون ونحو ذلك- يطهر ظاهره بمجرّد غمسه فيهما، وباطنه بنفوذ الماء المطلق فيه بحيث يصدق أنّه غُسل به، ولا يكفي نفوذ الرطوبة؛ وتحقّق ذلك في غاية الإشكال، بل الظاهر عدم تحقّقه إلّا نادرا؛ ومع الشكّ في تحقّقه - بأن يشكّ في النفوذ أو في حصول الغسل به - يحكم ببقاء النجاسة. نعم، مع القطع بهما والشكّ في بقاء إطلاق الماء يحكم بالطهارة. هذا بعض الكلام في كيفية التطهير بالكرّ والجاري، و سنذكر بعض ما يتعلّق به في طيّ المسائل الآتية.
        وأمّا التطهير بالقليل فالمتنجّس بالبول غير الآنية يعتبر فيه التعدّد مرّتين، والأحوط كونهما غير غسلة الإزالة. والمتنجّس بغير البول إن لم يكن آنيةً يجزي فيه المرّة بعد الإزالة، ولا يُكتفى بما حصل به الإزالة. نعم، يكفي استمرار إجراء الماء بعدها. ويعتبر في التطهير به انفصال الغسالة؛ ففي مثل الثياب ممّا ينفذ فيه الماء ويقبل العصر لابدّ منه أو ما يقوم مقامه، وفي ما لا ينفذ فيه الماء وإن نفذت الرطوبة - كالصابون والحبوب - ولا يقبل العصر يطهر ظاهره بإجراء الماء عليه، ولا يضرّ به بقاء نجاسة الباطن،ولا يطهر الباطن تبعا للظاهر.
        وأمّا الآنية فإن تنجّست بولوغ الكلب في ما فيها من ماء أو غيره ممّا يتحقّق معه اسم الولوغ غُسلت ثلاثا، اُولاهنّ بالتراب - أي التعفير به - والأحوط اعتبار الطهارة فيه، ولا يقوم غيره مقامه ولو عند الاضطرار. والأحوط في الغسل بالتراب مسحه بالتراب الخالص أوّلا ثمّ غسله بوضع ماء عليه بحيث لا يخرجه عن اسم التراب. ولا يترك الاحتياط بإلحاق مطلق مباشرته بالفم، كاللطع ونحوه والشرب بلا ولوغ ومباشرة لعابه بلا ولوغ به. ولا يلحق به مباشرته بسائر أعضائه على الأقوى، والاحتياط حسن.
        مسألة 1 - لو كانت الآنية المتنجّسة بالولوغ ممّا يتعذّر تعفيرها بالتراب بالنحو المتعارف - لضيق رأسه أو غير ذلك - فلا يسقط التعفير بما يمكن، ولو بوضع خرقة على رأس عود و إدخالها فيها و تحريكها تحريكا عنيفا ليحصل الغسل بالتراب والتعفير. وفي حصوله بإدخال التراب فيها وتحريكها تحريكا عنيفا تأمّل. ولو شُكّ في حصوله يحكم ببقاء النجاسة، كما لو فرض التعذّر أصلا بقيت على النجاسة. ولا يسقط التعفير بالغسل بالماء الكثير والجاري والمطر. ولا يترك الاحتياط بالتعدّد أيضا في غير المطر، وأمّا فيه فلا يحتاج إليه.
        مسألة 2 - يجب غسل الإناء سبعا لموت الجرذ ولشرب الخنزير،ولا يجب التعفير. نعم، هو أحوط في الثاني قبل السبع. وينبغي غسله سبعا أيضا لموت الفأرة ولشرب النبيذ، بل مطلق المسكر فيه، ولمباشرة الكلب وإن لم يجب ذلك، وإنّما الواجب غسله بالقليل ثلاثا كسائر النجاسات.
        مسألة 3 - تطهير الأواني الصغيرة والكبيرة - ضيّقة الرأس وواسعته - بالكثير والجاري واضح، بأن توضع فيه حتّى يستولي عليها الماء؛ ولاينبغي ترك الاحتياط بالتثليث كذلك. وأمّا بالقليل فبصبّ الماء فيها وإدارته حتّى يستوعب جميع أجزائها بالإجراء الّذي يتحقّق به الغسل، ثمّ يراق منها، يفعل بها ثلاثا. والأحوط الفوريّة في الإدارة عقيب الصبّ فيها،والإفراغ عقيب الإدارة على جميع أجزائها. هذا في الأواني الصغار والكبار الّتي يمكن فيها الإدارة والإفراغ عقيبها. وأمّا الأواني الكبار المثبتة والحياض ونحوها فتطهيرها بإجراء الماء عليها حتّى يستوعب جميع أجزائها، ثمّ يخرج حينئذٍ ماء الغسالة المجتمع في وسطها - مثلا - بنزح وغيره، من غير اعتبار الفوريّة المزبورة. والأحوط اعتبار تطهير آلة النزح إذا اُريد عودها إليه. ولا بأس بما يتقاطر فيه حال النزح وإن كان الأحوط خلافه.
        مسألة 4 - لو تنجّس التنّور يطهر بصبّ الماء على الموضع النجس من فوق إلى تحت، ولا يحتاج إلى التثليث، فيصبّ عليه مرّتين في التنجّس بالبول، ويكفي مرّة في غيره.
        مسألة 5 - لو تنجّس ظاهر الأرز والماش ونحوهما يجعلها في شي ء ويغمس في الكرّ أو الجاري فيطهر؛ وكذا يطهر بإجراء الماء القليل عليها. وإن نفذ فيها الرطوبة النجسة فتطهيرها بالقليل غير ميسور، وكذا في الكرّ والجاري. نعم، لايبعد إمكان تطهير الكوز الّذي صنع من الطين النجس بوضعه في الكثير أو الجاري إلى أن ينفذ الماء في أعماقه، ولا يحتاج إلى التجفيف. ولو شكّ في وصول الماء بنحو يصدق عليه الغسل في أعماقه يحكم ببقاء نجاسته.
        مسألة 6 - اللحم المطبوخ بالماء النجس يمكن تطهيره بالكثير والقليل لو صبّ عليه الماء ونفذ فيه إلى المقدار الّذي نفذ فيه الماء النجس مع بقاء إطلاقه وإخراج الغسالة؛ ولو شكّ في نفوذ الماء النجس إلى باطنه يكفي تطهير ظاهره.
        مسألة 7 - لو غسل ثوبه المتنجّس ثمّ رأى فيه شيئا من الإشنان ونحوه فإن علم بعدم منعه عن وصول الماء إلى الثوب فلا إشكال؛ وفي الاكتفاء بالاحتمال إشكال، بل في الحكم بطهارة الإشنان لابدّ من العلم بانغساله، ولا يكفي الاحتمال على الأحوط.
        مسألة 8 - لو أكل طعاما نجسا فما يبقى منه بين أسنانه باقٍ على نجاسته، ويطهر بالمضمضة مع مراعاة شرائط التطهير. وأمّا لو كان الطعام طاهرا وخرج الدم من بين أسنانه فإن لم يلاقه الدم وإن لاقاه الريق الملاقي له فهو طاهر، وإن لاقاه فالأحوط الحكم بنجاسته.
        ثانيها: الأرض، فإنّها تطهّر ما يماسّها من القدم بالمشي عليها أو بالمسح بها بنحو يزول معه عين النجاسة إن كانت؛ وكذا ما يوقى به القدم كالنعل. ولو فرض زوالها قبل ذلك كفى في التطهير حينئذ المماسّة على إشكال، والأحوط أقلّ مسمّى المسح أو المشي حينئذٍ، كما أنّ الأحوط قصر الحكم بالطهارة على ما إذا حصلت النجاسة من المشي على الأرض النجسة. ولا فرق في الأرض بين التراب والرمل والحجر، أصليّا كان أو مفروشا عليها. ويلحق بها المفروشة بالآجر والجصّ على الأقوى، بخلاف المطليّة بالقير والمفروشة بالخشب. ويعتبر جفاف الأرض وطهارتها على الأقوى.
        ثالثها: الشمس، فإنّها تطهّر الأرض وكلّ ما لا ينقل من الأبنية وما اتّصل بها: من الأخشاب والأبواب والأعتاب والأوتاد المحتاج إليها في البناء المستدخلة فيه - لا مطلق ما في الجدار على الأحوط - والأشجار والنبات والثمار والخَضْراوات وإن حان قطفها، وغير ذلك حتّى الأواني المثبتة، وكذا السفينة؛ ولكن لاتخلو الأشجار وما بعدها من الإشكال وإن لا تخلو من قوّة. ولا يترك الاحتياط في الطرّادة، وكذا العَرَبة ونحوها. والأقوى تطهيرها للحُصُر والبواري. ويعتبر في طهارة المذكورات ونحوها بالشمس بعد زوال عين النجاسة عنها أن تكون رطبةً رطوبةً تعلق باليد ثمّ تجفّفها الشمس تجفيفا يستند إلى إشراقها بدون واسطة، بل لا يبعد اعتبار اليبس على النحو المزبور.
        ويطهر باطن الشي ء الواحد إذا أشرقت على ظاهره وجفّ باطنه بسبب إشراقها على الظاهر، ويكون باطنه المتنجّس متّصلا بظاهره المتنجّس على الأحوط؛ فلوكان الباطن فقط نجسا أو كان بين الظاهر والباطن فصلا بالجزء الطاهر بقي الباطن على نجاسته على الأحوط، بل لا يخلو من قوّة. وأمّا الأشياء المتعدّدة المتلاصقة فلا تطهر إذا أشرقت على بعضها وجفّت البقيّة به، وإنّما يطهر ماأشرقت عليه بلاوسط.
        مسألة 9 - لو كانت الأرض أو نحوها جافّةً واُريد تطهيرها بالشمس يُصبّ عليها الماء الطاهر أو النجس ممّا يورث الرطوبة فيها حتّى تجفّفها وتطهر.
        مسألة 10 - الحصى والتراب والطين والأحجار مادامت واقعةً على الأرض وتعدّ جزءا منها عرفا تكون بحكمها، وإن اُخذت منها أو خرجت عن الجزئيّة اُلحقت بالمنقولات. وكذا الآلات الداخلة في البناء كالأخشاب والأوتاد يلحقها حكمها، وإذا قُلعت زال الحكم، ولو اُعيدت عاد، وهكذا كلّ ما يشبه ذلك.
        رابعها: الاستحالة إلى جسم آخر؛ فيطهر ما أحالته النار رمادا أو دخانا أو بخارا، سواء كان نجسا أو متنجّسا؛ وكذا المستحيل بغيرها بخارا أو دخانا أو رمادا. أمّا ما أحالته فحما أو خزفا أو آجرا أو جصّا أو نورةً فهو باقٍ على النجاسة. ويطهر كلّ حيوان تكوّن من نجس أو متنجّس كدود الميتة والعذرة، ويطهر الخمر بانقلابها خلّاً بنفسها أو بعلاج كطرح جسم فيها، سواء استُهلك الجسم أم لا. نعم، لو لاقت الخمر نجاسة خارجيّة ثمّ انقلبت خلّاً لم تطهر على الأحوط.
        خامسها: ذهاب الثلثين في العصير بالنار أو بالشمس إذا غلى بأحدهما، فإنّه مطهّر للثلث الباقي بناءً على النجاسة، وقد مرّ أنّ الأقوى طهارته، فلا يؤثّر التثليث إلّا في حلّيّته. وأمّا إذا غلى بنفسه فإن اُحرز أنّه يصير مسكرا بذلك فهو نجس ولا يطهر بالتثليث، بل لابدّ من انقلابه خلّاً، ومع الشكّ محكوم بالطهارة.
        سادسها: الانتقال، فإنّه موجب لطهارة المنتقل إذا اُضيف إلى المنتقل إليه وعُدّ جزءا منه، كانتقال دم ذي النفس إلى غير ذي النفس؛ وكذا لو كان المنتقل غير الدم والمنتقل إليه غير الحيوان من النبات وغيره. ولو علم عدم الإضافة أو شكّ فيها من حيث عدم الاستقرار في بطن الحيوان - مثلا - على وجه يستند إليه - كالدم الّذي يمصّه العلق - بقي على النجاسة.
        سابعها: الإسلام، فإنّه مطهّر للكافر بجميع أقسامه، حتّى الرجل المرتدّ عن فطرة إذا تاب، فضلا عن المرأة. ويتبع الكافرَ فضلاته المتّصلة به: من شعره وظفره وبصاقه ونخامته وقيحه ونحو ذلك.
        ثامنها: التبعيّة، فإنّ الكافر إذا أسلم يتبعه ولده في الطهارة، أبا كان أو جدّا أو اُمّا. وأمّا تبعيّة الطفل للسابي المسلم إن لم يكن معه أحد آبائه فمحلّ إشكال، بل عدمها لا يخلو من قوّة. ويتبع الميّت بعد طهارته آلات تغسيله: من الخرقة الموضوعة عليه، وثيابه الّتي غسّل فيها، ويد المغسّل، والخرقة الملفوفة بها حين تغسيله. وفي باقي بدنه وثيابه إشكال أحوطه العدم، بل الأولى الاحتياط في ما عدا يد المغسّل.
        تاسعها: زوال عين النجاسة بالنسبة الى الصامت من الحيوان وبواطن الإنسان؛ فيطهر منقار الدجاجة الملوّثة بالعذرة بمجرّد زوال عينها وجفاف رطوبتها؛ وكذا بدن الدابّة المجروح وفم الهرّة الملوّث بالدم ونحوه، وولد الحيوان المتلطّخ به عند الولادة بمجرّد زواله عنه؛ وكذا يطهر فم الإنسان إذا أكل أو شرب نجسا أو متنجّسا بمجرّد بلعه.
        عاشرها: الغيبة، فإنّها مطهّرة للإنسان وثيابه وفرشه وأوانيه وغيرها من توابعه، فيعامل معه معاملة الطهارة، إلّا مع العلم ببقاء النجاسة. ولا يبعد عدم اعتبار شي ء فيه، فيجري الحكم سواء كان عالما بالنجاسة أم لا، معتقدا نجاسة ما أصابه أم لا، كان متسامحا في دينه أم لا. والاحتياط حسن.
        حادي عشرها: استبراء الجلّال من الحيوان بما يخرجه عن اسم الجلل، فإنّه مطهّر لبوله وخرئه. ولا يترك الاحتياط مع زوال اسمه في استبراء الإبل أربعين يوما، والبقر عشرين، والغنم عشرة أيّام، والبطّة خمسة أيّام، والدجاجة ثلاثة أيّام، بل لا يخلو كلّ ذلك من قوّة؛ وفي غيرها يكفي زوال الاسم.

      • القول في الأوانى

         

        القول في الأواني

        مسألة 1 - أواني الكفّار كأواني غيرهم محكومة بالطهارة ما لم يعلم ملاقاتهم لها مع الرطوبة السارية؛ وكذا كلّ ما في أيديهم من اللباس والفرش وغير ذلك. نعم، ما كان في أيديهم من الجلود محكومة بالنجاسة لو علم كونها من الحيوان الّذي له نفس سائلة ولم يعلم تذكيته ولم يعلم سبق يد مسلم عليها؛ وكذا الكلام في اللحوم والشحوم الّتي في أيديهم بل في سوقهم، فإنّها محكومة بالنجاسة مع الشروط المزبورة.
        مسألة 2 - يحرم استعمال أواني الذهب والفضّة في الأكل والشرب وسائر الاستعمالات، نحو التطهير من الحدث والخبث وغيرها. والمحرّم هو الأكل والشرب فيها أو منها، لا تناول المأكول والمشروب منها، ولا نفس المأكول والمشروب؛ فلو أكل منها طعاما مباحا في نهار رمضان لا يكون مفطرا بالحرام وإن ارتكب الحرام من جهة الشرب منها. هذا في الأكل والشرب. وأمّا في غيرهما فالمحرّم استعمالها؛ فإذا اغترف منها للوضوء يكون الاغتراف محرّما دون الوضوء. وهل التناول الّذي هو مقدّمة للأكل والشرب أيضا محرّم من باب حرمة مطلق الاستعمال حتّى يكون في الأكل والشرب محرّمان: هما والاستعمال بالتناول؟ فيه تأمّل وإشكال وإن كان عدم حرمة الثاني لا يخلو من قوّة.
        ويدخل في استعمالها المحرّم على الأحوط وضعها على الرفوف للتزيين وإن كان عدم الحرمة لا يخلو من قرب. والأحوط الأولى ترك تزيين المساجد والمشاهد بها أيضا. والأقوى عدم حرمة اقتنائها من غير استعمال. والأحوط حرمة استعمال الملبّس بأحدهما إن كان على وجه لو انفصل كان إناءً مستقلّاً، دون ما إذا لم يكن كذلك، ودون المفضّض والمموّه بأحدهما. والممتزج منهما بحكم أحدهما وإن لم يصدق عليه اسم أحدهما؛ بخلاف الممتزج من أحدهما بغيرهما لو لم يكن بحيث يصدق عليه اسم أحدهما.
        مسألة 3 - الظاهر أنّ المراد بالأواني ما يستعمل في الأكل والشرب والطبخ والغسل والعجن، مثل الكأس والكوز والقصاع والقدور والجفان والأقداح والطست والسماور والقوري والفنجان، بل وكوز القليان والنعلبكي، بل والملعقة على الأحوط؛ فلا يشمل مثل رأس القليان ورأس الشطب وغلاف السيف والخنجر والسكّين والصندوق وما يصنع بيتا للتعويذ وقاب الساعة والقنديل والخلخال وإن كان مجوّفا. وفي شمولها للهاون والمجامر والمباخر وظروف الغالية والمعجون والترياك ونحو ذلك تردّد وإشكال، فلا يترك الاحتياط.
        مسألة 4 - كما يحرم الأكل والشرب من آنية الذهب والفضّة بوضعهما على فمه وأخذ اللقمة منها - مثلاً - كذلك يحرم تفريغ ما فيها في إناء آخر بقصد الأكل والشرب. نعم، لو كان التفريغ في إناء آخر بقصد التخلّص من الحرام لا بأس به، بل ولا يحرم الأكل والشرب من ذلك الإناء بعد ذلك، بل لا يبعد أن يكون المحرّم في الصورة الاُولى أيضا نفس التفريغ في الآخر بذلك القصد، دون الأكل والشرب منه؛ فلو كان الصابّ منها في إناء آخر بقصد أكل الآخر أو شربه كان الصابّ مرتكبا للحرام بصبّه دون الآكل والشارب. نعم، لو كان الصبّ بأمره واستدعائه لايبعد أن يكون كلاهما مرتكبا للحرام: المأمور باستعمال الآنية، والآمر بالأمر بالمنكر، بناءً على حرمته كما لا تبعد.
        مسألة 5 - الظاهر أنّ الوضوء من آنية الذهب والفضّة كالوضوء من الآنية المغصوبة، يبطل إن كان بنحو الرمس، وكذا بنحو الاغتراف مع الانحصار، ويصحّ مع عدمه كما تقدّم.

  • كتاب الصلاة
  •  

    كتاب الصلاة

    وهي الّتي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي عمود الدين
    إن قبلت قبل ما سواها و إن ردّت ردّ ما سواها.

    • فصل في مقدمات الصلاة
    •  

      فصل فی مقدّمات الصلاة
      و هی ستّ:

      • المقدّمة الاولى
         
        المقدّمة الاُولی 
        فی أعداد الفرائض ومواقیت الیومیّة ونوافلها
        مسألة 1 - الصلاة واجبة ومندوبة:
        فالواجبة خمس: الیومیّة، ومنها الجمعة، وکذا قضاء الولد الأکبر عن والده، وصلاة الآیات، والطواف الواجب، والأموات، وما التزمه المکلّف بنذر أو إجارة أو غیرهما. وفی عدّ الأخیرة فی الواجب مسامحة، إذ الواجب هو الوفاء بالنذر ونحوه، لا عنوان الصلاة.
        والمندوبة أکثر من أن تحصی؛ منها الرواتب الیومیّة، وهی ثمانِ رکعات للظهر قبله، وثمانٍ للعصر قبله، وأربع للمغرب بعده، ورکعتان من جلوس للعشاء بعده تُعدّان برکعة تسمّی بالوتیرة، ویمتدّ وقتها بامتداد وقت صاحبها، ورکعتان للفجر قبل الفریضة، ووقتهما الفجر الأوّل، ویمتدّ إلی أن یبقی من طلوع الحمرة مقدار أداء الفریضة، ویجوز دسّهما فی صلاة اللیل قبل الفجر ولو عند نصف اللیل، بل لایبعد أن یکون وقتهما بعد مقدار إتیان صلاة اللیل من انتصافها، ولکنّ الأحوط عدم الإتیان بهما قبل الفجر الأوّل إلّا بالدسّ فی صلاة اللیل، وإحدی عشرة رکعة نافلة اللیل، صلاة اللیل ثمان رکعات ثمّ رکعتا الشفع ثمّ رکعة الوتر، وهی مع الشفع أفضل صلاة اللیل، ورکعتا الفجر أفضل منهما، ویجوز الاقتصار علی الشفع والوتر، بل علی الوتر خاصّة عند ضیق الوقت، وفی غیره یأتی به رجاءً. ووقت صلاة اللیل نصفها إلی الفجر الصادق، والسحر أفضل من غیره، والثلث الأخیر من اللیل کلّه سحر، وأفضله القریب من الفجر، وأفضل منه التفریق کما کان یصنعه النبیّ (صلی الله علیه وآله وسلم) ؛ فعدد النوافل - بعد عدّ الوتیرة رکعة - أربع وثلاثون رکعة ضعف عدد الفرائض. وتسقط فی السفر الموجب للقصر ثمانیة الظهر وثمانیة العصر، وتثبت البواقی، والأحوط الإتیان بالوتیرة رجاءً.
        مسألة 2 - الأقوی ثبوت استحباب صلاة الغفیلة، ولیست من الرواتب. وهی رکعتان بین صلاة المغرب وسقوط الشفق الغربیّ علی الأقوی، یقرأ فی الاُولی بعد الحمد: (وَذَا النّونِ إِذ ذّهَبَ مُغَ-ضِبًا فَظَنّ أَن لّن نّقْدِرَ عَلَیْهِ فَنَادَی فِی الظّلُمَ-تِ أَن لّا إِلَ-هَ إِلّا أَنتَ سُبْحَ-نَکَ إِنِّی کُنتُ مِنَ الظّ-لِمِینَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجّیْنَ-هُ مِنَ الْغَمِ ّ وَکَذَالِکَ نُ-ن-جِی الْمُؤْمِنِینَ) وفی الثانیة بعد الحمد: (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَیْبِ لَایَعْلَمُهَآ إِلّا هُوَ وَیَعْلَمُ مَافِی الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلّا یَعْلَمُهَا وَلَاحَبّةٍ فِی ظُلُمَ-تِ الْأَرْضِ وَلَارَطْبٍ وَلَایَابِسٍ إِلّا فِی کِتَ-بٍ مّبِینٍ). فإذا فرغ رفع یدیه وقال: «أَللّهُمّ إِنّی أَسْأَلُکَ بِمفَاتِحِ ألْغَیْبِ الّتِی لَا یَعْلَمُهَا إِلّا أَنْتَ أَنْ تُصَلّیَ عَلَی مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ وَأَنْ تَفْعَلَ بِی کذا وَکَذا»، فیدعوبما أراد ثمّ قال: «أَللّهُمّ أَنْتَ وَلِیّ نِعْمَتِی وَالْقادِرُ عَلَی طَلِبَتی تَعْلَمُ حَاجَتِی فَأسْأَلُکَ بِحَقّ مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ عَلَیْهِ وَعَلَیْهِمُ السّلامُ لَمّا قَضَیْتَها لِی» وسأل اللّه حاجته أعطاه اللّه عزّوجلّ ما سأله إنْ شاءَ اللّه.
        مسألة 3 - یجوز إتیان النوافل الرواتب وغیرها جالسا حتّی فی حال الاختیار، لکنّ الأولی حینئذٍ عدّ کلّ رکعتین برکعة حتّی فی الوتر، فیأتی بها مرّتین کلّ مرّة رکعة.
        مسألة 4 - وقت نافلة الظهر من الزوال إلی الذراع - أی سبعی الشاخص - والعصر إلی الذراعین - أی أربعة أسباعه - فإذا وصل إلی هذا الحدّ یقدّم الفریضة.
        مسألة 5 - لا إشکال فی جواز تقدیم نافلتی الظهر والعصر علی الزوال فی یوم الجمعة، بل یزاد علی عددهما أربع رکعات فتصیر عشرین رکعة. وأمّا فی غیر یوم الجمعة فعدم الجواز لا یخلو من قوّة؛ ومع العلم بعدم التمکّن من إتیانهما فی وقتهما فالأحوط الإتیان بهما رجاءً. ویجوز تقدیم نافلة اللیل علی النصف للمسافر والشابّ الّذی یخاف فوتها فی وقتها، بل وکلّ ذی عذر کالشیخ وخائف البرد أو الاحتلام، وینبغی لهم نیّة التعجیل لا الأداء.
        مسألة 6 - وقت الظهرین من الزوال إلی المغرب. ویختصّ الظهر بأوّله بمقدار أدائها بحسب حاله، والعصر بآخره کذلک، وما بینهما مشترک بینهما. ووقت العشاءین للمختار من المغرب إلی نصف اللیل. ویختصّ المغرب بأوّله بمقدار أدائها، والعشاء بآخره کذلک بحسب حاله، وما بینهما مشترک بینهما. والأحوط لمن أخّرهما عن نصف اللیل - اضطرارا لنوم أو نسیان أو حیض أو غیرها أو عمدا- الإتیان بهما إلی طلوع الفجر بقصد ما فی الذمّة؛ ولو لم یبق إلی طلوعه بمقدار الصلاتین یأتی بالعشاء احتیاطا، والأحوط قضاؤهما مترتّبا بعد الوقت. وما بین طلوع الفجر الصادق إلی طلوع الشمس وقت الصبح.
        ووقت فضیلة الظهر من الزوال إلی بلوغ الظلّ الحادث مثل الشاخص، کما أنّ منتهی فضیلة العصر المثلان. ومبدأ فضیلته إذا بلغ الظلّ أربعة أقدام - أی أربعة أسباع الشاخص - علی الأظهر وإن لا یبعد أن یکون مبدؤها بعد مقدار أداء الظهر. ووقت فضیلة المغرب من المغرب إلی ذهاب الشفق، وهو الحمرة المغربیّة، وهو أوّل فضیلة العشاء إلی ثلث اللیل، فلها وقتا إجزاء: قبل ذهاب الشفق، وبعد الثلث إلی النصف. ووقت فضیلة الصبح من أوّله إلی حدوث الحمرة المشرقیّة، ولعلّ حدوثها یساوق مع زمان التجلّل والإسفار وتنوّر الصبح المنصوص بها.
        مسألة 7 - المراد باختصاص الوقت عدم صحّة الشریکة فیه مع عدم أداء صاحبتها بوجه صحیح، فلا مانع من إتیان غیر الشریکة فیه کصلاة القضاء من ذلک الیوم أو غیره، وکذا لا مانع من إتیان الشریکة فیه إذا حصل فراغ الذمّة من صاحبة الوقت؛ فإذا قدّم العصر سهوا علی الظهر وبقی من الوقت مقدار أربع رکعات یصحّ إتیان الظهر فی ذلک الوقت أداءً؛ وکذا لو صلّی الظهر قبل الزوال بظنّ دخول الوقت فدخل الوقت قبل تمامها لا مانع من إتیان العصر بعدالفراغ منها، ولا یجب التأخیر إلی مضیّ مقدار أربع رکعات؛ بل لو وقع تمام العصر فی وقت الظهر صحّ علی الأقوی، کما لو اعتقد إتیان الظهر فصلّی العصر ثمّ تبیّن عدم إتیانه وأنّ تمام العصر وقع فی الوقت المختصّ بالظهر، لکن لا یترک الاحتیاط فی ما لم یدرک جزءا من الوقت المشترک.
        مسألة 8 - لو قدّم العصر علی الظهر أو العشاء علی المغرب عمدا بطل ما قدّمه، سواء کان فی الوقت المختصّ أو المشترک. ولو قدّم سهوا وتذکّر بعد الفراغ صحّ ما قدّمه، ویأتی بالاُولی بعده؛ وإن تذکّر فی الأثناء عدل بنیّته إلی السابقة، إلّا إذا لم یبق محلّ العدول، کما إذا قدّم العشاء وتذکّر بعدالدخول فی رکوع الرابعة فلاعدول، بل صحّته لا تخلو من قوّة وإن کان الأحوط حینئذٍ الإتمام ثمّ الإتیان بالمغرب ثمّ العشاء.
        مسألة 9 - إن بقی للحاضر مقدار خمس رکعات إلی الغروب وللمسافر ثلاث قدّم الظهر وإن وقع بعض العصر فی خارج الوقت. وإن بقی للحاضر أربع رکعات أو أقلّ وللمسافر رکعتان أو أقلّ صلّی العصر. وإن بقی للحاضر إلی نصف اللیل خمس رکعات أو أکثر وللمسافر أربع رکعات أو أکثر قدّم المغرب. وإن بقی للحاضر والمسافر إلیه أقلّ ممّا ذکر قدّم العشاء، ویجب المبادرة إلی إتیان المغرب بعده إن بقی مقدار رکعة أو أزید، والظاهر کونه أداءً وإن کان الأحوط عدم نیّة الأداء والقضاء.
        مسألة 10 - یجوز العدول من اللاحقة إلی السابقة بخلاف العکس؛ فلو دخل فی الظهر أو المغرب فتبیّن فی الأثناء أنّه صلّاهما لایجوز له العدول إلی اللاحقة؛ بخلاف ما إذا دخل فی الثانیة بتخیّل أنّه صلّی الاُولی فتبیّن فی الأثناء خلافه، فإنّه یعدل إلی الاُولی إن بقی محلّ العدول.
        مسألة 11 - لو کان مسافرا وبقی من الوقت مقدار أربع رکعات فشرع فی الظهر -مثلا- ثمّ نوی الإقامة فی الأثناء بطلت صلاته، ولا یجوز له العدول إلی اللاحقة فیقطعها ویشرع فیها، کما أنّه إذا کان فی الفرض ناویا للإقامة فشرع فی اللاحقة ثمّ عدل عن نیّة الإقامة یکون العدول إلی الاُولی مشکلا.
        مسألة 12 - یجب علی الأحوط علی ذوی الأعذار تأخیر الصلاة عن أوّل وقتها مع رجاء زوالها فی الوقت، إلّا فی التیمّم فإنّه یجوز فیه البدار إلّا مع العلم بارتفاع العذر فیه، کما مرّ فی بابه.
        مسألة 13 - الأقوی جواز التطوّع فی وقت الفریضة ما لم یتضیّق، وکذا لمن علیه قضاؤها.
        مسألة 14 - لو تیقّن بدخول الوقت فصلّی أو عوّل علی أمارة معتبرة کشهادة العدلین: فإن وقع تمام الصلاة قبل الوقت بطلت، وإن وقع بعضها فیه ولو قلیلا منها صحّت.
        مسألة 15 - لو مضی من أوّل الوقت مقدار أداء الصلاة و تحصیل مقدّماتها -کالطهارة المائیّة أو الترابیّة وغیرها- علی حسب حاله ثمّ حصل أحد الأعذار کالجنون والحیض وجب علیه القضاء، وإلّا لم یجب. نعم، لو کانت المقدّمات حاصلةً أوّل الوقت کفی فیه مقدار أدائها حسب حاله وتکلیفه الفعلیّ. وإن ارتفع العذر فی آخر الوقت فإن وسع الطهارة والصلاتین وجبتا، أو الطهارة وصلاةً واحدةً وجبت صاحبة الوقت. وکذا الحال فی إدراک رکعة مع الطهور، فإن بقی مقدار تحصیل الطهور وإدراک رکعة أتی بالثانیة، وإن زاد علیها بمقدار رکعة مع تحصیل الطهور وجبتا معا.
        مسألة 16 - یعتبر لغیر ذی العذر العلم بدخول الوقت حین الشروع فی الصلاة. ویقوم مقامه شهادة العدلین إذا کانت شهادتهما عن حسّ کالشهادة بزیادة الظلّ بعد نقصه. ولا یکفی الأذان ولو کان المؤذّن عدلا عارفا بالوقت علی الأحوط. وأمّا ذو العذر ففی مثل الغیم ونحوه من الأعذار العامّة یجوز له التعویل علی الظنّ به، وأمّا ذو العذر الخاصّ کالأعمی والمحبوس فلا یترک الاحتیاط بالتأخیر إلی أن یحصل له العلم بدخوله.
      • المقدّمة الثانية في القبلة

         

        المقدّمة الثانية في القبلة

        مسألة 1 - يجب الاستقبال مع الإمكان في الفرائض، يوميّةً كانت أو غيرها حتّى صلاة الجنائز، و في النافلة إذا أتى بها على الأرض حال الاستقرار، وأمّا حال المشي والركوب وفي السفينة فلا يعتبر فيها.
        مسألة 2 - يعتبر العلم بالتوجّه إلى القبلة حال الصلاة. وتقوم البيّنة مقامه على الأقوى مع استنادها إلى المبادئ الحسّيّة. ومع تعذّرهما يبذل تمام جهده ويعمل على ظنّه. ومع تعذّره و تساوي الجهات صلّى إلى أربع جهات إن وسع الوقت، وإلّا فبقدر ما وسع. ولو ثبت عدمها في بعض الجهات بعلم ونحوه صلّى إلى المحتملات الاُخر. ويعوّل على قبلة بلد المسلمين في صلاتهم وقبورهم ومحاريبهم إذا لم يعلم الخطأ.
        مسألة 3 - المتحيّر الّذي يجب عليه الصلاة إلى أزيد من جهة واحدة لو كان عليه صلاتان فالأحوط أن تكون الثانية إلى جهات الاُولى، كما أنّ الأحوط أن يتمّ جهات الاُولى ثمّ يشرع في الثانية وإن كان الأقوى جواز إتيان الثانية عقيب الاُولى في كلّ جهة.
        مسألة 4 - من صلّى إلى جهة بطريق معتبر ثمّ تبيّن خطؤه: فإن كان منحرفا عنها إلى ما بين اليمين والشمال صحّت صلاته، وإن كان في أثنائها مضى ما تقدّم منها واستقام في الباقي، من غير فرق بين بقاء الوقت وعدمه. وإن تجاوز انحرافه عمّا بينهما أعاد في الوقت دون خارجه وإن بان استدباره، إلّا أنّ الأحوط القضاء مع الاستدبار بل مطلقا. وإن انكشف في الأثناء انحرافه عمّا بينهما: فإن وسع الوقت حتّى لإدراك ركعة قطع الصلاة وأعادها مستقبلا، وإلّا استقام للباقي وصحّت على الأقوى ولو مع الاستدبار، والأحوط قضاؤها أيضا.

      • المقدّمة الثالثة في الستر والساتر

         

        المقدّمة الثالثة في الستر والساتر

        مسألة 1 - يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة وتوابعها كالركعة الاحتياطيّة، وقضاء الأجزاء المنسيّة على الأقوى، وسجدتي السهو على الأحوط؛ وكذا في النوافل، دون صلاة الجنازة وإن كان أحوط فيها أيضا. ولا يترك الاحتياط في الطواف.
        مسألة 2 - لو بدت العورة لريح أو غفلة أو كانت منكشفةً من أوّل الصلاة وهو لا يعلم فالصلاة صحيحة، لكن يبادر إلى الستر إن علم في الأثناء، والأحوط الإتمام ثمّ الاستيناف؛ وكذا لو نسي سترها في الصورتين.
        مسألة 3 - عورة الرجل في الصلاة عورته في حرمة النظر. وهي الدبر والقضيب والاُنثيان. والأحوط ستر الشبح الّذي يُرى من خلف الثوب من غير تميّز للونه. وعورة المرأة في الصلاة جميع بدنها حتّى الرأس والشعر ما عدا الوجه الّذي يجب غسله في الوضوء واليدين إلى الزندين والقدمين إلى الساقين. ويجب عليها ستر شي ء من أطراف المستثنيات مقدّمة.
        مسألة 4 - يجب على المرأة ستر رقبتها و تحت ذقنها حتّى المقدار الّذي يُرى منه عند اختمارها على الأحوط.
        مسألة 5 - الأمة والصبيّة كالحرّة والبالغة، إلّا أنّه لا يجب عليهما ستر الرأس والشعر والعنق.
        مسألة 6 - لا يجب التستّر من جهة التحت. نعم، لو وقف على طرف سطح أو شُبّاك يتوقّع وجود ناظر تحته بحيث تُرى عورته لو كان هناك ناظر فالأحوط بل الأقوى التستّر من جهته أيضا وإن لم يكن ناظر فعلا؛ وأمّا الشُبّاك الّذي لايتوقّع وجود الناظر تحته - كالشُبّاك على البئر - فلا يجب على الأقوى إلّا مع وجود ناظر فيه.
        مسألة 7 - الستر عن النظر يحصل بكلّ ما يمنع عن النظر ولو باليد أو الطلي بالطين أو الولوج في الماء، حتّى أنّه يكفي الأليتان في ستر الدبر.(1) وأمّا الستر في الصلاة فلا يكفي فيه ما ذكر حتّى حال الاضطرار. وأمّا الستر بالورق والحشيش والقطن والصوف غير المنسوجين فالأقوى جوازه مطلقا وإن لا ينبغي ترك الاحتياط في تركه في الأوّلين. والأقوى لمن لا يجد شيئا يصلّي فيه - حتّى مثل الحشيش والورق - جواز إتيان صلاة فاقد الساتر وإن كان الأحوط لمن يجد ما يطلي به الجمع بينه و بين واجده.
        مسألة 8 - يعتبر في الساتر بل مطلق لباس المصلّي اُمور:
        الأوّل: الطهارة إلّا في ما لا تتمّ الصلاة فيه منفردا كما تقدّم.
        الثاني: الإباحة؛ فلا يجوز في المغصوب مع العلم بالغصبيّة؛ فلو لم يعلم بها صحّت صلاته؛ وكذا مع النسيان إلّا في الغاصب نفسه،فلايترك الاحتياط بالإعادة.
        مسألة 9 - لا فرق بين كون المغصوب عين المال أو منفعته أو متعلّقا لحقّ الغير كالمرهون. ومن الغصب عينا ما تعلّق به الخمس أو الزكاة مع عدم أدائهما ولو من مال آخر.
        مسألة 10 - إن صُبغ الثوب بصبغ مغصوب فمع عدم بقاء عين الجوهر الّذي صُبغ به - والباقي هو اللون فقط - تصحّ الصلاة فيه على الأقوى؛ وأمّا لو بقي عينه فلا تصحّ على الأقوى؛ كما أنّ الأقوى عدم صحّتها في ثوب خيط بالمغصوب وإن لم يمكن ردّه بالفتق، فضلا عمّا يمكن. نعم، لا إشكال في الصحّة في ما إذا اُجبر الصبّاغ أو الخيّاط على عمله ولم يُعط اُجرته مع كون الصبغ والخيط من مالك الثوب؛ وكذا إذا غسل الثوب بماء مغصوب أو اُزيل وسخه بصابون مغصوب مع عدم بقاء عين منهما فيه، أو اُجبر الغاسل على غسله ولم يُعط اُجرته.
        الثالث: أن يكون مذكّىً من مأكول اللحم؛ فلا تجوز الصلاة في جلد غير المذكّى ولا في سائر أجزائه الّتي تحلّه الحياة ولو كان طاهرا من جهة عدم كونه ذانفس سائلة - كالسمك - على الأحوط، وتجوز في ما لا تحلّه الحياة من أجزائه كالصوف والشعر والوبر ونحوها.
        وأمّا غير المأكول فلا تجوز الصلاة في شي ء منه وإن ذُكّي، من غير فرق بين ماتحلّه الحياةمنه أوغيره، بل يجب إزالةالفضلات الطاهرةمنه، كالرطوبةوالشعرات الملتصقة بلباس المصلّي وبدنه. نعم، لو شكّ في اللباس أو في ما عليه في أنّه من المأكول أو غيره أو من الحيوان أو غيره صحّت الصلاة فيه؛ بخلاف ما لو شكّ في ما تحلّه الحياة من الحيوان أنّه مذكّىً أو ميتة، فإنّه لا يصلّى فيه حتّى يحرز التذكية. نعم، ما يؤخذ من يد المسلم أوسوق المسلمين مع عدم العلم بسبق يد الكافر عليه أو مع سبق يده مع احتمال أنّ المسلم الّذي بيده تفحّص عن حاله بشرط معاملته معه معاملة المذكّى على الأحوط محكوم بالتذكية، فتجوز الصلاة فيه.
        مسألة 11 - لا بأس بالشمع والعسل والحرير الممتزج وأجزاء مثل البقّ والبرغوث والزنبور ونحوها ممّا لا لحم لها، وكذلك الصدف.
        مسألة 12 - استثني ممّا لا يؤكل الخزّ، وكذا السنجاب على الأقوى، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط في الثاني. وما يسمّونه الآن بالخزّ ولم يعلم أنّه منه واشتبه حاله لا بأس به وإن كان الأحوط الاجتناب عنه.
        مسألة 13 - لا بأس بفضلات الإنسان كشعره وريقه ولبنه، سواء كان للمصلّي أو لغيره؛ فلا بأس بالشعر الموصول بالشعر، سواء كان من الرجل أو المرأة.
        الرابع: أن لا يكون الساتر بل مطلق اللباس من الذهب للرجال في الصلاة ولو كان حُليّا كالخاتم ونحوه، بل يحرم عليهم في غيرها أيضا.
        مسألة 14 - لابأس بشدّ الأسنان بالذهب، بل ولا بجعله غلافا لهاأو بدلا منها في الصلاة بل مطلقا. نعم، في مثل الثنايا ممّا كان ظاهرا وقصد به التزيين لا يخلو من إشكال، فالأحوط الاجتناب. وكذا لا بأس بجعل قاب الساعة منه واستصحابها فيها. نعم، إذا كان زنجيرها منه وعلّقه على رقبته أو بلباسه يشكل الصلاة معه؛ بخلاف ما إذا كان غير معلّق - وإن كان معه في جيبه - فإنّه لا بأس به.
        الخامس: أن لايكون حريرا محضا للرجال، بل لا يجوز لبسه لهم في غير الصلاة أيضا وإن كان ممّا لا تتمّ الصلاة فيه منفردا - كالتكّة والقلنسوة ونحوهما - على الأحوط. والمراد به ما يشمل القزّ. ويجوز للنساء ولو في الصلاة وللرجال في الضرورة وفي الحرب.
        مسألة 15 - الّذي يحرم على الرجال خصوص لبس الحرير، فلا بأس بالافتراش والركوب عليه والتدثّر به - أي التغطّي به عند النوم - ولا بزرّ الثياب وأعلامها والسفائف والقياطين الموضوعة عليها؛ كما لا بأس بعصابة الجروح والقروح وحفيظة المسلوس، بل ولا بأس بأن يرقّع الثوب به ولا الكفّ به(2) لو لم يكونا بمقدار يصدق معه لبس الحرير، وإن كان الأحوط في الكفّ أن لا يزيد على مقدار أربع أصابع مضمومة، بل الأحوط ملاحظة التقدير المزبور في الرقاع أيضا.
        مسألة 16 - قد عرفت أن المحرّم لبس الحرير المحض، أي الخالص الّذي لم يمتزج بغيره، فلا بأس بالممتزج. والمدار على صدق مسمّى الامتزاج الّذي يخرج به عن المحوضة ولو كان الخليط بقدر العشر. ويشترط في الخليط - من جهة صحّة الصلاة فيه - كونه من جنس ما تصحّ الصلاة فيه؛ فلا يكفي مزجه بصوف أو وبر ما لا يؤكل لحمه وإن كان كافيا في رفع حرمة اللبس. نعم، الثوب المنسوج من الإبريسم المفتول بالذهب يحرم لبسه، كما لا تصحّ الصلاة فيه.
        مسألة 17 - لبس لباس الشهرة وإن كان حراما على الأحوط وكذا ما يختصّ بالنساء للرجال وبالعكس على الأحوط لكن لا يضرّ لبسهما بالصلاة.
        مسألة 18 - لو شكّ في أنّ اللباس أوالخاتم ذهب أو غيره يجوز لبسه والصلاة فيه؛ وكذا ما شكّ أنّه حرير أو غيره، ومنه ما يسمّى بالشعريّ لمن لا يعرف حقيقته؛ وكذا لو شكّ في أنّه حرير محض أو ممتزج وإن كان الأحوط الاجتناب عنه.
        مسألة 19 - لا بأس بلبس الصبيّ الحرير؛ فلا يحرم على الوليّ إلباسه، ولا يبعد صحّة صلاته فيه أيضا.
        مسألة 20 - لولم يجد المصلّي ساترا حتّى الحشيش والورق يصلّي عريانا قائما على الأقوى إن كان يأمن من ناظر محترم، وإن لم يأمن منه صلّى جالسا. وفي الحالين يومئ للركوع والسجود، ويجعل إيماءه للسجود أخفض؛ فإن صلّى قائما يستر قُبُله بيده، وإن صلّى جالسا يستره بفخذيه.
        مسألة 21 - يجب على الأحوط تأخير الصلاة عن أوّل الوقت إن لم يكن عنده ساتر واحتمل وجوده في آخره، ولكن عدم الوجوب لا يخلو من قوّة.
        (1) هكذا في جميع الطبعات، لكنّ الصحيح: «الأليان» بدون التاء.
        (2) كفّ الثوب: خاط حاشيته، وهو الخياطة الثانية بعد الشلّ.
      • المقدّمة الرابعة في المكان

         

        المقدّمة الرابعة في المكان

        مسألة 1 - كلّ مكان يجوز الصلاة فيه إلّا المغصوب عينا أو منفعةً. وفي حكمه ما تعلّق به حقّ الغير - كالمرهون - وحقّ الميّت إذا أوصى بالثلث ولم يخرج بعد، بل ما تعلّق به حقّ السبق بأن سبق شخص إلى مكان من المسجد أو غيره للصلاة -مثلًا- ولم يُعرض عنه على الأحوط. وإنّما تبطل الصلاة في المغصوب إن كان عالما بالغصبيّة وكان مختارا، من غير فرق بين الفريضة والنافلة. أمّا الجاهل بها والمضطرّ والمحبوس بباطل فصلاتهم - والحالة هذه - صحيحة؛ وكذا الناسي لها إلّا الغاصب نفسه، فإنّ الأحوط بطلان صلاته. وصلاة المضطرّ كصلاة غيره بقيام وركوع وسجود.
        مسألة 2 - الأرض المغصوبة المجهول مالكها لا يجوز الصلاة فيها، ويرجع أمرها إلى الحاكم الشرعيّ. ولا تجوز أيضا في الأرض المشتركة إلّا بإذن جميع الشركاء.
        مسألة 3 - لا تبطل الصلاة تحت السقف المغصوب وفي الخيمة المغصوبة والصهوة والدار الّتي غصب بعض سورها إذا كان ما يصلّى فيه مباحا وإن كان الأحوط الاجتناب في الجميع.
        مسألة 4 - لو اشترى دارا بعين المال الّذي تعلّق به الخمس أو الزكاة تبطل الصلاة فيها، إلّا إذا جعل الحقّ في ذمّته بوجه شرعيّ كالمصالحة مع المجتهد. وكذا لايجوز التصرّف مطلقا في تركة الميّت المتعلّقة للزكاة والخمس وحقوق الناس كالمظالم قبل أداء ما عليه. وكذا إذا كان عليه دين مستغرق للتركة بل وغير المستغرق، إلّا مع رضى الديّان، أو كون الورثة بانين على الأداء غير متسامحين. والأحوط الاسترضاء من وليّ الميّت أيضا.
        مسألة 5 - المدار في جواز التصرّف والصلاة في ملك الغير على إحراز رضاه وطيب نفسه وإن لم يأذن صريحا، بأن علم ذلك بالقرائن وشاهد الحال وظواهر تكشف عن رضاه كشفا اطمينانيّا لا يعتنى باحتمال خلافه، وذلك كالمضايف المفتوحة الأبواب والحمّامات والخانات ونحو ذلك.
        مسألة 6 - يجوز الصلاة في الأراضي المتّسعة كالصحاري والمزارع والبساتين الّتي لم يُبن عليها الحيطان، بل وسائر التصرّفات اليسيرة ممّا جرت عليه السيرة كالاستطراقات العاديّة غير المضرّة والجلوس والنوم فيها وغيرذلك. ولا يجب التفحّص عن ملّاكها، من غير فرق بين كونهم كاملين أو قاصرين كالصغار والمجانين. نعم، مع ظهور الكراهة والمنع عن ملّاكها ولو بوضع ما يمنع المارّة عن الدخول فيها يشكل جميع ما ذكر وأشباهها فيها إلّا في الأراضي المتّسعة جدّا، كالصحاري الّتي من مرافق القرى وتوابعها العرفيّة ومراتع دوابّها ومواشيها، فإنّه لا يبعد فيها الجواز حتّى مع ظهور الكراهة والمنع.
        مسألة 7 - المراد بالمكان الّذي تبطل الصلاة بغصبه: ما استقرّ عليه المصلّي ولو بوسائط على إشكال فيه، وما شغله من الفضاء في قيامه وركوعه وسجوده ونحوها؛ فقد يجتمعان كالصلاة في الأرض المغصوبة، وقد يفترقان كالجناح المباح الخارج إلى فضاء غيرمباح، وكالفرش المغصوب المطروح على أرض غيرمغصوبة.
        مسألة 8 - الأقوى صحّة صلاة كلّ من الرجل والمرأة مع المحاذاة أو تقدّم المرأة، لكن على كراهيّة بالنسبة إليهما مع تقارنهما في الشروع، وبالنسبة إلى المتأخّر مع اختلافهما، لكنّ الأحوط ترك ذلك. ولا فرق فيه بين المحارم وغيرهم، ولا بين كونهما بالغين أو غير بالغين أو مختلفين، بل يعمّ الحكم الزوج والزوجة أيضا. وترتفع الكراهة بوجود الحائل وبالبعد بينهما عشرة أذرع بذراع اليد. والأحوط في الحائل كونه بحيث يمنع المشاهدة، كما أنّ الأحوط في التأخّر كون مسجدها وراء موقفه وإن لا تبعد كفاية مطلقهما.
        مسألة 9 - الظاهر جواز الصلاة مساويا لقبر المعصوم(علیه السلام) بل ومقدّما عليه، ولكن هو من سوء الأدب؛ والأحوط الاحتراز منهما. ويرتفع الحكم بالبعد المفرط على وجه لا يصدق معه التقدّم والمحاذاة ويخرج عن صدق وحدة المكان؛ وكذا بالحائل الرافع لسوءالأدب. والظاهر أنّه ليس منه الشُبّاك والصندوق الشريف وثوبه.
        مسألة 10 - لا يعتبر الطهارة في مكان المصلّي إلّا مع تعدّي النجاسة غير المعفوّ عنها إلى الثوب أو البدن. نعم، تعتبر في خصوص مسجد الجبهة كما مرّ؛ كما يعتبر فيه أيضا مع الاختيار كونه أرضا أو نباتا أو قرطاسا؛ والأفضل التربة الحسينيّة الّتي تخرق الحجب السبع، وتنوّر إلى الأرضين السبع على ما في الحديث. ولا يصحّ السجود على ما خرج عن اسم الأرض من المعادن كالذهب والفضّة والزجاج والقير ونحو ذلك، وكذا ما خرج عن اسم النبات كالرماد. والأقوى جوازه على الخزف والآجر والنورة والجصّ ولو بعد الطبخ، وكذا الفحم؛ وكذا يجوز على طين الأرمنيّ وحجر الرحى وجميع أصناف المرمر، إلّا ما هو مصنوع ولم يعلم أنّ مادّته ممّا يصحّ السجود عليها. ويعتبر في جواز السجود على النبات أن يكون من غير المأكول والملبوس؛ فلا يجوز على ما في أيدي الناس من المآكل والملابس، كالمخبوز والمطبوخ والحبوب المعتاد أكلها من الحنطة والشعير ونحوهما، والفواكه والبقول المأكولة، والثمرة المأكولة ولو قبل وصولها إلى زمان الأكل. ولا بأس بالسجود على قشورها بعد انفصالها عنها دون المتّصل بها، إلّا مثل قشر التفّاح والخيار ممّا هو مأكول ولو تبعا أو يؤكل أحيانا أو يأكله بعض الناس، وكذا قشور الحبوب ممّا هي مأكولة معها تبعا على الأحوط. نعم، لابأس بقشر نوى الأثمار إذا انفصل عن اللبّ المأكول، ومع عدم مأكوليّة لبّه ولو بالعلاج لابأس بالسجود عليه مطلقا؛ كما لابأس بغير المأكول كالحنظل والخرنوب ونحوهما؛ وكذلك لا بأس بالتبن والقصيل ونحوهما. ولا يمنع شرب التتن من جواز السجود عليه. والأحوط ترك السجود على نخالة الحنطة والشعير وكذا على قشر البطّيخ ونحوه. ولا يبعد الجواز على قشر الأرز والرمّان بعد الانفصال.
        والكلام في الملبوس كالكلام في المأكول؛ فلا يجوز على القطن والكتّان ولو قبل وصولهما إلى أوان الغزل. نعم، لا بأس بالسجود على خشبتهما وغيرها كالورق والخوص ونحوهما ممّا لم يكن معدّا لاتّخاذ الملابس المعتادة منها، فلابأس حينئذٍ بالسجود على القبقاب والثوب المنسوج من الخوص - مثلا - فضلا عن البوريا والحصير والمروحة ونحوها. والأحوط ترك السجود على القنّب، كما أنّ الأحوط الأولى تركه على القرطاس المتّخذ من غير النبات كالمتّخذ من الحرير والإبريسم وإن كان الأقوى الجواز مطلقا.
        مسألة 11 - يعتبر في ما يسجد عليه مع الاختيار كونه بحيث يمكن تمكين الجبهة عليه؛ فلا يجوز على الوحل غير المتماسك، بل ولا على التراب الّذي لايتمكّن الجبهة عليه. ومع إمكان التمكين لا بأس بالسجود على الطين وإن لصق بجبهته، لكن تجب إزالته للسجدة الثانية لو كان حاجبا؛ ولو لم يكن عنده إلّا الطين غير المتماسك سجد عليه بالوضع من غير اعتماد.
        مسألة 12 - إن كانت الأرض والوحل بحيث لو جلس للسجود والتشهّد يتلطّخ بدنه وثيابه ولم يكن له مكان آخر يصلّي قائما مومئا للسجود والتشهّد على الأحوط الأقوى.
        مسألة 13 - إن لم يكن عنده ما يصحّ السجود عليه أو كان ولم يتمكّن من السجود عليه لعذر - من تقيّة ونحوها - سجد على ثوب القطن أو الكتّان؛ ومع فقده سجد على ثوبه من غير جنسهما؛ ومع فقده سجد على ظهر كفّه؛ وإن لم يتمكّن فعلى المعادن.
        مسألة 14 - لو فقد ما يصحّ السجود عليه في أثناء الصلاة قطعها في سعةالوقت، وفي الضيق سجد على غيره بالترتيب المتقدّم.
        مسألة 15 - يعتبر في المكان الّذي يصلّي فيه الفريضة أن يكون قارّا غير مضطرب؛ فلو صلّى اختيارا في سفينة أو على سرير أو بيدر: فإن فات الاستقرار المعتبر بطلت صلاته، وإن حصل بحيث يصدق أنّه مستقرّ مطمئنّ صحّت صلاته وإن كانت في سفينة سائرة وشبهها كالطيّارة والقطار ونحوهما، لكن تجب المحافظة على بقيّة ما يعتبر فيها من الاستقبال ونحوه. هذا كلّه مع الاختيار. وأمّإ؛ظظظظ مع الاضطرار فيصلّي ماشيا وعلى الدابّة وفي السفينة غير المستقرّة ونحوها مراعيا للاستقبال بما أمكنه من صلاته، وينحرف إلى القبلة كلّما انحرف المركوب مع الإمكان؛ فإن لم يتمكّن من الاستقبال إلّا في تكبيرةالإحرام اقتصر عليه، وإن لم يتمكّن منه أصلا سقط، لكن يجب عليه تحرّي الأقرب إلى القبلة فالأقرب. وكذا بالنسبة إلى غيره ممّا هو واجب في الصلاة، فإنّه يأتي بما هو الممكن منه أو بدله، ويسقط ما تقتضي الضرورة سقوطه.
        مسألة 16 - يستحبّ الصلاة في المساجد، بل يكره عدم حضورها بغير عذر كالمطر، خصوصا لجار المسجد، حتّى ورد في الخبر: «لا صلاة لجار المسجد إلّا في المسجد». وأفضلها المسجد الحرام، ثمّ مسجد النبيّ (صلى الله علیه وآله وسلم)، ثمّ مسجد الكوفة والأقصى، ثمّ مسجد الجامع، ثمّ مسجد القبيلة، ثمّ مسجد السوق. والأفضل للنساء الصلاة في بيوتهنّ، والأفضل بيت المخدع. وكذا يستحبّ الصلاة في مشاهد الأئمّة(علیهم السلام) ، خصوصا مشهد أمير المؤمنين (علیه السلام) وحائر أبي عبداللّه الحسين (علیه السلام).
        مسألة 17 - يكره تعطيل المسجد؛ وقد ورد أنّه أحد الثلاثة الّذين يشكون إلى اللّه عزّوجلّ يوم القيامة، والآخران عالم بين جهّال، ومصحف معلّق قد وقع عليه الغبار لا يُقرأ فيه؛ وورد أنّ «من مشى إلى مسجد من مساجد اللّه فله بكلّ خطوة خطاها حتّى يرجع إلى منزله عشر حسنات، ومحي عنه عشر سيّئات، ورفع له عشر درجات».
        مسألة 18 - من المستحبّات الأكيدة بناء المسجد، وفيه أجر عظيم وثواب جسيم؛ وقد ورد أنّه قال رسول اللّه (صلی الله علیه وآله وسلم): «من بنى مسجدا في الدنيا أعطاه اللّه بكلّ شبر منه - أو قال: بكلّ ذراع منه - مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهب وفضّة ودرّ وياقوت وزُمُرّد وزبرجد ولؤلؤ» الحديث.
        مسألة 19-عن المشهوراعتبارإجراءصيغةالوقف في صيرورةالأرض مسجدا، بأن يقول: «وقفتها مسجدا قربةً إلى اللّه تعالى»، لكنّ الأقوى كفاية البناء بقصد كونه مسجدا مع قصد القربة وصلاة شخص واحد فيه بإذن الباني، فتصير مسجدا.
        مسألة 20- تكره الصلاة في الحمّام حتّى المسلخ منه، وفي المزبلة والمجزرة والمكان المتّخذ للكنيف - ولو سطحا متّخذا مبالا - وبيت المسكر، وفي أعطان الإبل، وفي مرابط الخيل والبغال والحمير والبقر ومرابض الغنم، والطرق إن لم تضرّ بالمارّة، وإلّا حرمت، وفي قرى النمل ومجاري المياه وإن لم يتوقّع جريانها فيها فعلا، وفي الأرض السبخة، وفي كلّ أرض نزل فيها عذاب، وعلى الثلج، وفي معابد النيران بل كلّ بيت اُعدّ لإضرام النار فيه، وعلى القبر وإليه وبين القبور. وترتفع الكراهة في الأخيرين بالحائل، وببعد عشرة أذرع. ولا بأس بالصلاة خلف قبور الأئمّة (علیهم السلام) وعن يمينها وشمالها وإن كان الأولى الصلاة عند الرأس على وجه لا يساوي الإمام (علیه السلام). وكذا تكره وبين يديه نار مُضرمة أو سراج أو تمثال ذي روح؛ و تزول في الأخير بالتغطية. وتكره وبين يديه مصحف أو كتاب مفتوح أو مقابله باب مفتوح، أو حائط ينزّ من بالوعة يبال فيها؛ وترتفع بستره. والكراهة في بعض تلك الموارد محلّ نظر، والأمر سهل.
      • المقدّمة الخامسة في الأذان والإقامة

         

        المقدّمة الخامسة في الأذان والإقامة

        مسألة 1 - لا إشكال في تأكّد استحبابهما للصلوات الخمس، أداءً وقضاءً، حضرا وسفرا، في الصحّة والمرض، للجامع والمنفرد، للرجال والنساء، حتّى قال بعض بوجوبهما؛ والأقوى استحبابهما مطلقا وإن كان في تركهما حرمان عن ثواب جزيل.
        مسألة 2 - يسقط الأذان في العصر والعشاء إذا جمع بينهما وبين الظهر والمغرب، من غير فرق بين موارد استحباب الجمع، مثل عصر يوم الجمعة وعصر يوم عرفة وعشاء ليلة العيد في المزدلفة، حيث إنّه يستحبّ الجمع بين الصلاتين في هذه المواضع الثلاثة وبين غيرها. ويتحقّق التفريق المقابل للجمع بطول الزمان بين الصلاتين، وبفعل النافلة الموظّفة بينهما على الأقوى؛ فبإتيان نافلة العصر بين الظهرين ونافلة المغرب بين العشاءين يتحقّق التفريق الموجب لعدم سقوط الأذان. والأقوى أنّ سقوط الأذان في حال الجمع في عصر يوم عرفة وعشاء ليلة العيد بمزدلفة عزيمة بمعنى عدم مشروعيّته، فيحرم إتيانه بقصدها، والأحوط الترك في جميع موارد الجمع.
        مسألة 3 - يسقط الأذان والإقامة في مواضع:
        منها: الداخل في الجماعة الّتي أذّنوا وأقاموا لها وإن لم يسمعهما ولم يكن حاضرا حينهما.
        ومنها: من صلّى في مسجد فيه جماعة لم تتفرّق، سواء قصد الإتيان إليها أم لا، وسواء صلّى جماعةً - إماما أو مأموما - أم منفردا؛ فلو تفرّقت أو أعرضوا عن الصلاة وتعقيبها وإن بقوا في مكانهم لم يسقطا عنه؛ كما لا يسقطان لو كانت الجماعة السابقة بغير أذان وإقامة ولو كان تركهم لهما من جهة اكتفائهم بالسماع من الغير؛ وكذا في ما إذا كانت باطلةً من جهة فسق الإمام مع علم المأمومين به أو من جهة اُخرى؛ وكذا مع عدم اتّحاد مكان الصلاتين عرفا، بأن كانت إحداهما داخل المسجد والاُخرى على سطحه، أو بعدت إحداهما عن الاُخرى كثيرا. وهل يختصّ الحكم بالمسجد أو يجري في غيره أيضا؟ محلّ إشكال، فلا يترك الاحتياط بالترك مطلقا في المسجد وغيره، بل لا يبعد عدم الاختصاص بالمسجد. وكذا لايترك في ما لم تكن صلاته مع الجماعة أدائيّتين، بأن كانت إحداهما أو كلتاهما قضائيّةً عن النفس أو الغير على وجه التبرّع أو الإجارة. وكذا في ما لم تشتركا في الوقت، كما إذا كانت الجماعة السابقة عصرا وهو يريد أن يصلّي المغرب. والإتيان بهما في موارد الإشكال رجاءً لا بأس به.

      • المقدّمة السادسة

         

        المقدّمة السادسة

        ينبغي للمصلّي إحضار قلبه في تمام الصلاة أقوالها وأفعالها، فإنّه لا يُحسب للعبد من صلاته إلّا ما أقبل عليه. ومعناه الالتفات التامّ إليها وإلى مايقول فيها، والتوجّه الكامل نحو حضرة المعبود جلّ جلاله، واستشعار عظمته وجلال هيبته، وتفريغ قلبه عمّا عداه، فيرى نفسه متمثّلا بين يدي ملك الملوك عظيم العظماء مخاطبا له مناجيا إيّاه، فإذا استشعر ذلك وقع في قلبه هيبة يهابه، ثمّ يرى نفسه مقصّرا في أداء حقّه فيخافه، ثمّ يلاحظ سعة رحمته فيرجو ثوابه، فيحصل له حالة بين الخوف والرجاء، وهذه صفة الكاملين، ولها درجات شتّى ومراتب لا تحصى على حسب درجات المتعبّدين. وينبغي له الخضوع والخشوع، والسكينة والوقار، والزيّ الحسن والطيب والسواك قبل الدخول فيها والتمشيط. وينبغي أن يصلّي صلاة مودّع، فيجدّد التوبة والإنابة والاستغفار، وأن يقوم بين يدي ربّه قيام العبد الذليل بين يدي مولاه، وأن يكون صادقا في مقالة «إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ»، لايقول هذا القول وهو عابد لهواه ومستعين بغير مولاه. وينبغي له أيضا أن يبذل جهده في التحذّر عن موانع القبول: من العجب والحسد والكبر والغيبة وحبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة ممّا هو من موانع القبول.

    • فصل في أفعال الصلاة
    •  

      فصل في أفعال الصلاة

      وهي واجبة ومسنونة. والواجب أحد عشر: النيّة، وتكبيرة الإحرام، والقيام، والركوع، والسجود، والقراءة، والذكر، والتشهّد، والتسليم، والترتيب، والموالاة.
      وسيأتي أنّ بعض ما ذكر ركن تبطل الصلاة بزيادته ونقصانه عمدا وسهوا، لكن لايتصوّر الزيادة في النيّة بناءً على الداعي، وبناءً على الإخطار غير قادحة. وغير الركن من الواجبات لا تبطل الصلاة بزيادته أو نقصانه سهوا دون عمد.

      • القول في النيّة

         

        القول في النيّة

        مسألة 1 - النيّة عبارة عن قصد الفعل. ويعتبر فيها التقرّب إلى اللّه تعالى وامتثال أمره. ولا يجب فيها التلفّظ، لأنّها أمر قلبيّ، كمالا يجب فيها الإخطار أي الحديث الفكريّ والإحضار بالبال، بأن يرتّب في فكره وخزانة خياله مثلا: اُصلّي صلاةً فلانيّةً امتثالا لأمره، بل يكفي الداعي وهو الإرادة الإجماليّة المؤثّرة في صدور الفعل، المنبعثة عمّا في نفسه من الغايات على وجه يخرج به عن الساهي والغافل ويدخل فعله في فعل الفاعل المختار - كسائر أفعاله الإراديّة والاختياريّة- ويكون الباعث والمحرّك للعمل الامتثال ونحوه.
        مسألة 2 - يعتبر الإخلاص في النيّة؛ فمتى ضمّ إليها ما ينافيه بطل العمل، خصوصا الرياء، فإنّه مفسد على أيّ حال، سواء كان في الابتداء أو الأثناء، في الأجزاء الواجبة أو المندوبة، وكذلك في الأوصاف المتّحدة مع الفعل، ككون الصلاة في المسجد أو جماعة ونحو ذلك. ويحرم الرياء المتأخّر وإن لم يكن مبطلًا، كما لو أخبر بمافعله من طاعة رغبةً في الأغراض الدنيويّة من المدح والثناء والجاه والمال؛ فقد ورد في المرائي عن النبيّ (صلی الله علیه وآله وسلم) أنّه قال: «المرائي يُدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا فاجر يا كافر يا غادر يا خاسر حبط عملك، وبطل أجرك، ولاخلاص لك اليوم، التمس أجرك ممّن كنت تعمل له».
        مسألة 3 - غير الرياء من الضمائم المباحة أو الراجحة إن كانت مقصودةً تبعا وكان الداعي والغرض الأصليّ امتثال الأمر الصلاتيّ محضا فلا إشكال، وإن كان بالعكس بطلت بلا إشكال؛ وكذا إذا كان كلّ منهما جزءا للداعي بحيث لو لم ينضمّ كلّ منهما إلى الآخر لم يكن باعثا ومحرّكا. والأحوط بطلان العمل في جميع موارد اشتراك الداعي، حتّى مع تبعيّة داعي الضميمة، فضلًا عن كونهما مستقلّين.
        مسألة 4 - لو رفع صوته بالذكر أو القراءة لإعلام الغير لم تبطل الصلاة بعد ما كان أصل إتيانهمابقصد الامتثال؛ وكذلك لو أوقع صلاته في مكان أو زمان خاصّ لغرض من الأغراض المباحة، بحيث يكون أصل الإتيان بداعي الامتثال وكان الداعي على اختيار ذلك المكان أو الزمان لغرض كالبرودة ونحوها.
        مسألة 5 - يجب تعيين نوع الصلاة الّتى يأتي بها في القصد ولو إجمالا، بأن ينوي - مثلا - ما اشتغلت به ذمّته إذا كان متّحدا، أو ما اشتغلت به ذمّته أوّلا أو ثانيا إذا كان متعدّدا.
        مسألة 6 - لايجب قصدالأداء والقضاء بعد قصد العنوان الّذي يتّصف بصفتي القضاء والأداء كالظهر والعصر - مثلا - ولو على نحو الإجمال؛ فلو نوى الإتيان بصلاة الظهر الواجبة عليه فعلا ولم يشتغل ذمّته بالقضاء يكفي. نعم، لو اشتغلت ذمّته بالقضاء أيضا لا بدّ من تعيين ما يأتي به وأنّه فرض لذلك اليوم أو غيره. ولو كان من قصده امتثال الأمر المتعلّق به فعلا وتخيّل أنّ الوقت باقٍ فنوى الأداء فبان انقضاء الوقت صحّت ووقعت قضاءً؛ كما لو نوى القضاء بتخيّل خروج الوقت فبان عدم الخروج صحّت ووقعت أداءً.
        مسألة 7 - لايجب نيّة القصر والإتمام في موضع تعيّنهما، بل ولا في أماكن التخيير؛ فلو شرع في صلاة الظهر - مثلا - مع الترديد والبناء على أنّه بعد التشهّد الأوّل إمّا يسلّم على الركعتين أو يلحق بهما الأخيرتين صحّت، بل لو عيّن أحدهما لم يلتزم به على الأظهر، وكان له العدول إلى الآخر، بل الأقوى عدم التعيّن بالتعيين، ولا يحتاج إلى العدول، بل القصر يحصل بالتسليم بعد الركعتين، كما أنّ الإتمام يحصل بضمّ الركعتين إليهما خارجا من غير دخل القصد فيهما؛ فلو نوى القصر فشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين يبني على الثلاث، ويعالج صلاته عن الفساد من غير لزوم نيّة العدول، بل لا يبعد أن يتعيّن العمل بحكم الشكّ. ولا ينبغي ترك الاحتياط بنيّة العدول في أشباهه ثمّ العلاج ثمّ إعادة العمل.
        مسألة 8 - لا يجب قصد الوجوب والندب، بل يكفي قصد القربة المطلقة، والأحوط قصدهما.
        مسألة 9 - لا يجب حين النيّة تصوّر الصلاة تفصيلا، بل يكفي الإجمال.
        مسألة 10 - لو نوى في أثناء الصلاة قطعها أو الإتيان بالقاطع مع الالتفات إلى منافاته للصلاة: فإن أتمّ صلاته في تلك الحال بطلت، وكذا لو أتى ببعض الأجزاء ثمّ عاد إلى النيّة الاُولى واكتفى بما أتى به؛ ولو عاد إلى الاُولى قبل أن يأتي بشي ء لم يبطل، كما أنّ الأقوى عدم البطلان مع الإتمام أو الإتيان ببعض الأجزاء في تلك الحال لو لم يلتفت إلى منافاة ما ذُكر للصلاة. والأحوط على جميع التقادير الإتمام ثمّ الإعادة.
        مسألة 11 - لو شكّ في ما بيده أنّه عيّنها ظهرا أو عصرا ويدري أنّه لم يأت بالظهر ينويها ظهرا في غير الوقت المختصّ بالعصر؛ وكذا لو شكّ في إتيان الظهر على الأقوى. وأمّا في الوقت المختصّ به: فإن علم أنّه لم يأت بالعصر رفع اليد عنها واستأنف العصر إن أدرك ركعةً من الوقت وقضى الظهر بعده، وإن لم يدرك رفع اليد عنها وقضى الصلاتين. والأحوط - الّذي لا يترك - إتمامها عصرا مع إدراك بعض الركعة ثمّ قضاؤهما. وإن لم يدر إتيان الظهر فلا يبعد جواز عدم الاعتناء بشكّه، لكنّ الأحوط قضاؤه أيضا. ولو علم بإتيان الظهر قبل ذلك يرفع اليد عنها و يستأنف العصر. نعم، لو رأى نفسه في صلاة العصر وشكّ في أنّه من أوّل الأمر نواها أو نوى الظهر بنى على أنّه من أوّل الأمر نواها.
        مسألة 12 - يجوز العدول من صلاة إلى اُخرى في مواضع:
        منها: في الصلاتين المرتّبتين - كالظهرين والعشاءين - إذا دخل في الثانية قبل الاُولى سهوا أو نسيانا، فإنّه يجب أن يعدل إليها إن تذكّر في الأثناء ولم يتجاوز محلّ العدول؛ بخلاف ما إذا تذكّر بعد الفراغ أو بعد تجاوز محلّ العدول، كما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة من العشاء فتذكّر ترك المغرب فلا عدول، بل يصحّ اللاحقة، فيأتي بعدها بالسابقة في الفرض الأوّل - أي التذكّر بعد الفراغ - بل في الفرض الثاني أيضا لا يخلو من قوّة وإن كان الأحوط الإتمام ثمّ الإتيان بالمغرب والعشاء مترتّبا. وكذا الحال في الصلاتين المقضيّتين المترتّبتين، كما لو فات الظهران أو العشاءان من يوم واحد فشرع في قضائهما مقدّما للثانية على الاُولى فتذكّر؛ بل الأحوط لو لم يكن الأقوى أنّ الأمر كذلك في مطلق الصلوات القضائيّة.
        ومنها: إذا دخل في الحاضرة فذكر أنّ عليه قضاءً فإنّه يستحبّ أن يعدل إليه مع بقاء المحلّ، إلّا إذا خاف فوت وقت فضيلة ما بيده فإنّ في استحبابه تأمّلا، بل عدمه لا يخلو من قوّة.
        ومنها: العدول من الفريضة إلى النافلة، وذلك في موضعين:
        أحدهما: في ظهر يوم الجمعة لمن نسي قراءة سورة الجمعة وقرأ سورة اُخرى وبلغ النصف أو تجاوز.
        ثانيهما: في ما إذا كان متشاغلا بالصلاة واُقيمت الجماعة وخاف السبق، فيجوز له العدول إلى النافلة وإتمامها ركعتين ليلحق بها.
        مسألة 13 - لا يجوز العدول من النفل إلى الفرض، ولا من النفل الى النفل حتّى في ما كان كالفرائض في التوقيت والسبق واللحوق. وكذا لايجوز من الفائتة إلى الحاضرة؛ فلو دخل في فائتة ثمّ ذكر في أثنائها أنّ الحاضرة قد ضاق وقتها قطعها وأتى بالحاضرة، ولا يجوز العدول عنها إليها. وكذا لا يجوز في الحاضرتين المرتّبتين من السابقة إلى اللاحقة؛ بخلاف العكس، فلو دخل في الظهر بتخيّل عدم إتيانه فبان في الأثناء إتيانه لم يجز له العدول إلى العصر. وإذا عدل في موضع لايجوز العدول لا يبعد القول بصحّة المعدول عنه لو تذكّر قبل الدخول في ركن، فعليه الإتيان بما أتى بغير عنوانه بعنوانه.
        مسألة 14 - لو دخل في ركعتين من صلاة الليل - مثلا - بقصد الركعتين الثانيتين فتبيّن أنّه لم يصلّ الأوّلتين صحّت وحُسبت له الأوّلتان قهرا؛ وليس هذا من باب العدول ولا يحتاج إليه، حيث إنّ الأوّليّة والثانويّة لا يعتبر فيها القصد، بل المدار على ما هو الواقع.

      • القول في تكبيرة الإحرام

         

        القول في تكبيرة الإحرام

        وتسمّى تكبيرة الافتتاح أيضا. وصورتها «اللّه أكبر»، ولا يجزي غيرها ولا مرادفها من العربيّة، ولاترجمتها بغيرالعربيّة. وهي ركن تبطل الصلاةبنقصانها عمدا وسهوا، وكذا بزيادتها؛ فإذا كبّر للافتتاح ثمّ زاد ثانيةً له أيضا بطلت الصلاة واحتاج إلى ثالثة، فإن أبطلها برابعة احتاج إلى خامسة وهكذا. ويجب في حالها القيام منتصبا؛ فلو تركه عمدا أو سهوا بطلت، بل لا بدّ من تقديمه عليها مقدّمةً، من غير فرق في ذلك بين المأموم الّذي أدرك الإمام راكعا وغيره، بل ينبغي التربّص في الجملة حتّى يعلم وقوع التكبير تامّا قائما منتصبا. والأحوط أنّ الاستقرار في القيام كالقيام في البطلان بتركه عمدا أو سهوا؛ فلو ترك الاستقرار سهوا أتى بالمنافي احتياطا ثمّ كبّر مستقرّا، وأحوط منه الإتمام ثمّ الإعادة بتكبير مستقرّا.
        مسألة 1 - الأحوط ترك وصلها بما قبلها من الدعاء ليحذف الهمزة من «اللّه». والظاهر جواز وصلها بما بعدها من الاستعاذة أو البسملة، فيظهر إعراب راء «أكبر». والأحوط تركه أيضا، كما أنّ الأحوط تفخيم اللام والراء وإن كان الأقوى جواز تركه.
        مسألة 2 - يستحبّ زيادة ستّ تكبيرات على تكبيرة الإحرام قبلها أو بعدها أو بالتوزيع، والأحوط الأوّل، فيجعل الافتتاح السابعة، والأفضل أن يأتي بالثلاث ولاءا ثمّ يقول: «أَللّهُمّ أَنْتَ الْمَلِكُ الْحَقّ الْمُبينُ، لَا إِلهَ إِلّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْلي ذَنْبِي ، إِنّهُ لَا يَغْفِرْ الذّنُوبَ إِلّا أَنْتَ»، ثمّ يأتي باثنتين فيقول: «لَبّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ وَالشّرّ لَيْسَ إِلَيْكَ، وَالْمَهْدِىّ مَنْ هَدَيْتَ، لَا مَلْجَأَ مِنْكَ إِلّا إِلَيْكَ، سُبْحانَكَ وَحَنانَيْكَ، تَبارَكْتَ وَتَعالَيْتَ، سُبْحانَكَ رَبّ الْبَيْتِ»، ثمّ كبّر تكبيرتين، ثمّ يقول: «وَجّهْتُ وَجْهِيَ لِلّذِي فَطَرَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ، عالِمِ الْغَيْبِ وَالشّهَادَةِ، حَنِيفا مُسْلِما وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للّهِ ِ رَبّ الْعَالَمِينَ، لَا شَريكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، ثمّ يشرع في الاستعاذة والقراءة.
        مسألة 3 - يستحبّ للإمام الجهر بتكبيرة الإحرام بحيث يسمع من خلفه، والإسرار بالستّ الباقية.
        مسألة 4 - يستحبّ رفع اليدين عند التكبير إلى الاُذنين أو إلى حيال وجهه، مبتدئا بالتكبير بابتداء الرفع و منتهيا بانتهائه. والأولى أن لا يتجاوز الاُذنين، وأن يضمّ أصابع الكفّين، ويستقبل بباطنهما القبلة.
        مسألة 5 - إذا كبّر ثمّ شكّ وهو قائم في كونه تكبيرة الإحرام أو الركوع بنى على الأوّل.

      • القول في القيام

         

        القول في القيام

        مسألة 1 - القيام ركن في تكبيرة الإحرام الّتي تقارنها النيّة، وفي الركوع، وهو الّذي يقع الركوع عنه، وهو المعبّر عنه بالقيام المتّصل بالركوع؛ فمن أخلّ به في هاتين الصورتين عمدا أو سهوا (بأن كبّر للافتتاح وهو جالس، أو صلّى ركعةً تامّةً من جلوس، أو ذكر حال الهويّ إلى السجود ترك الركوع وقام منحنيا بركوعه، أو ذكر قبل الوصول إلى الركوع وقام متقوّسا وغير منتصب ولو ساهيا) بطلت صلاته. والقيام في غيرهما واجب ليس بركن، لا تبطل الصلاة بنقصانه إلّا عن عمد، كالقيام حال القراءة، فمن سها وقرأ جالسا ثمّ ذكر وقام فصلاته صحيحة؛ وكذا بزيادته، كمن قام ساهيا في محلّ القعود.
        مسألة 2 - يجب مع الإمكان الاعتدال في القيام والانتصاب بحسب حال المصلّي؛ فلو انحنى أو مال إلى أحد الجانبين بحيث خرج عن صدقه بطل؛ بل الأحوط الأولى نصب العنق وإن كان الأقوى جواز إطراق الرأس. ولا يجوز الاستناد إلى شي ء حال القيام مع الاختيار. نعم، لا بأس به مع الاضطرار، فيستند إلى إنسان أو غيره. ولا يجوز القعود مستقلّاً مع التمكّن من القيام مستندا.
        مسألة 3 - يعتبر في القيام عدم التفريج الفاحش بين الرجلين بحيث يخرج عن صدق القيام، بل وعدم التفريج غير المتعارف وإن صدق عليه القيام على الأقوى.
        مسألة 4 - لا يجب التسوية بين الرجلين في الاعتماد. نعم، يجب الوقوف على القدمين على الأقوى، لا على قدم واحدة، ولا على الأصابع، ولا على أصلهما.
        مسألة 5 - إن لم يقدر على القيام أصلا ولو مستندا أو منحنيا أو متفرّجا -وبالجملة لم يقدر على جميع أنواع القيام حتّى الاضطراريّ منه بجميع أنحائه- صلّى من جلوس. ويعتبر فيه الانتصاب والاستقلال؛ فلا يجوز فيه الاستناد والتمايل مع التمكّن من الاستقلال والانتصاب، ويجوز مع الاضطرار. ومع تعذّر الجلوس رأسا صلّى مضطجعا على الجانب الأيمن كالمدفون؛ فإن تعذّر منه فعلى الأيسر عكس الأوّل؛ فإن تعذّر صلّى مستلقيا كالمحتضر.
        مسألة 6 - لو تمكّن من القيام ولم يتمكّن من الركوع قائما صلّى قائما ثمّ جلس وركع جالسا. وإن لم يتمكّن من الركوع والسجود أصلا ولا من بعض مراتبهما الميسورة حتّى جالسا صلّى قائما وأومأ للركوع والسجود. والأحوط في ما إذا تمكّن من الجلوس أن يكون إيماؤه للسجود جالسا، بل الأحوط وضع ما يصحّ السجود عليه على جبهته إن أمكن.
        مسألة 7 - لو قدر على القيام في بعض الركعات دون الجميع وجب أن يقوم إلى أن يعجز فيجلس، ثمّ إذا قدر على القيام قام وهكذا.
        مسألة 8 - يجب الاستقرار في القيام وغيره من أفعال الفريضة كالركوع والسجود والقعود؛ فمن تعذّر عليه الاستقرار وكان متمكّنا من الوقوف مضطربا قدّمه على القعود مستقرّا؛ وكذا الركوع والذكر ورفع الرأس، فيأتي بكلّ منها مضطربا ولا ينتقل إلى الجلوس وإن حصل به الاستقرار.

      • القول في القراءة والذكر

         

        القول في القراءة والذكر

        مسألة 1 - يجب في الركعة الاُولى والثانية من الفرائض قراءة الفاتحة وسورة كاملة عقيبها. وله ترك السورة في بعض الأحوال، بل قد يجب مع ضيق الوقت والخوف ونحوهما من أفراد الضرورة. ولو قدّمها على الفاتحة عمدا استأنف الصلاة. ولو قدّمها سهوا وذكر قبل الركوع: فإن لم يكن قرأ الفاتحة بعدها أعادها بعد أن يقرأ الفاتحة، وإن قرأها بعدها أعادها دون الفاتحة.
        مسألة 2 - يجب قراءة الحمد في النوافل كالفرائض، بمعنى كونها شرطا في صحّتها. وأمّا السورة فلا تجب في شي ء منها وإن وجبت بالعارض بنذر ونحوه. نعم، النوافل الّتي وردت في كيفيّتها سور خاصّة يعتبر في تحقّقها تلك السور، إلّا أن يعلم أنّ إتيانها بتلك السور شرط لكمالها، لا لأصل مشروعيّتها وصحّتها.
        مسألة 3 - الأقوى جواز قراءة أزيد من سورة واحدة في ركعة من الفريضة على كراهيّة، بخلاف النافلة فلا كراهة فيها، والأحوط تركها في الفريضة.
        مسألة 4 - لا يجوز قراءة ما يفوت الوقت بقراءته من السور الطوال؛ فإن فعله عامدا بطلت صلاته على إشكال، وإن كان سهوا عدل إلى غيرها مع سعة الوقت، وإن ذكر بعد الفراغ منها وقد فات الوقت أتمّ صلاته. وكذا لا يجوز قراءة إحدى السور العزائم في الفريضة؛ فلو قرأها نسيانا إلى أن قرأ آية السجدة أو استمعها وهو في الصلاة فالأحوط أن يومئ إلى السجدة وهو في الصلاة ثمّ يسجد بعد الفراغ، وإن كان الأقوى جواز الاكتفاء بالإيماء في الصلاة وجواز الاكتفاء بالسورة.
        مسألة 5 - البسملة جزء من كلّ سورة - فيجب قراءتها - عدا سورة البراءة.
        مسألة 6 - سورة الفيل والإيلاف سورة واحدة،وكذلك والضحى وألم نشرح؛ فلا تجزي واحدة منها، بل لابدّ من الجمع مرتّبا مع البسملة الواقعة في البين.
        مسألة 7 - يجب تعيين السورة عند الشروع في البسملة على الأقوى. ولو عيّن سورةً ثمّ عدل إلى غيرها تجب إعادة البسملة للمعدول إليها. وإذا عيّن سورةً عند البسملة ثمّ نسيها ولم يدر ما عيّن أعاد البسملة مع تعيين سورة معينّة. ولو كان بانيا من أوّل الصلاة على أن يقرأ سورةً معينّةً فنسي وقرأ غيرها أو كانت عادته قراءة سورة فقرأ غيرها كفى ولم يجب إعادة السورة.
        مسألة 8 - يجوز العدول اختيارا من سورة إلى غيرها ما لم يبلغ النصف، عدا التوحيد والجحد، فإنّه لايجوز العدول منهما إلى غيرهما، ولا من إحداهما إلى الاُخرى بمجرّد الشروع. نعم، يجوز العدول منهما إلى الجمعة والمنافقين في ظهر يوم الجمعة، وفي الجمعة على الأقوى إذا شرع فيهما نسيانا ما لم يبلغ النصف.
        مسألة 9 - يجب الإخفات بالقراءة عدا البسملة في الظهر والعصر. ويجب على الرجال الجهر بها في الصبح واُوليي المغرب والعشاء؛ فمن عكس عامدا بطلت صلاته. ويُعذر الناسي بل مطلق غير العامد والجاهل بالحكم من أصله غير المتنبّه للسؤال، بل لا يعيدون ما وقع منهم من القراءة بعد ارتفاع العذر في الأثناء. أمّا العالم به في الجملة الّذي جهل محلّه أو نساه والجاهل بأصل الحكم المتنبّه للسؤال عنه فالأحوط لهما الاستيناف وإن كان الأقوى الصحّة مع حصول نيّة القربة منهما. ولا جهر على النساء، بل يتخيّرن بينه وبين الإخفات مع عدم الأجنبيّ. ويجب عليهنّ الإخفات في ما يجب على الرجال ويُعذرن في ما يُعذرون فيه.
        مسألة 10 - يستحبّ للرجال الجهر بالبسملة في الظهرين للحمد والسورة، كما أنّه يستحبّ لهم الجهر بالقراءة في ظهر يوم الجمعة، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالإخفات.
        مسألة 11 - مناط الجهر والإخفات ظهور جوهر الصوت وعدمه، لاسماع من بجانبه وعدمه. ولا يجوز الإفراط في الجهر كالصياح؛ كما أنّه لايجوز الإخفات بحيث لا يسمع نفسه مع عدم المانع.
        مسألة 12 - يجب أن تكون القراءة صحيحة؛ فلو أخلّ عامدا بحرف أو حركة أو تشديد أو نحو ذلك بطلت صلاته. ومن لا يحسن الفاتحة أو السورة يجب عليه تعلّمهما.
        مسألة 13 - المدار في صحّة القراءة على أداء الحروف من مخارجها على نحو يعدّه أهل اللسان مؤدّيا للحرف الفلانيّ دون حرف آخر، ومراعاة حركات البنية وماله دخل في هيئة الكلمة، والحركات والسكنات الإعرابيّة والبنائيّة على وفق ما ضبطه علماء العربيّة، وحذف همزة الوصل في الدرج كهمزة «أل» وهمزة «إهْدِنَا» على الأحوط، وإثبات همزة القطع كهمزة «أَنْعَمْتَ». ولا يلزم مراعاة تدقيقات علماء التجويد في تعيين مخارج الحروف، فضلا عمّا يرجع إلى صفاتها: من الشدّة والرخوة والتفخيم والترقيق والاستعلاء وغير ذلك، ولا الإدغام الكبير، وهو إدراج الحرف المتحرّك بعد إسكانه في حرف مماثل له مع كونهما في كلمتين، مثل «يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيِهمْ» بإدراج الميم في الميم، أو مقارب له ولو في كلمة واحدة ك «يَرْزُقُكُمْ» و«زُحْزِحَ عَنِ النّارِ» بإدراج القاف في الكاف والحاء في العين، بل الأحوط ترك مثل هذا الإدغام خصوصا في المقارب، بل ولا يلزم مراعاة بعض أقسام الإدغام الصغير، كإدراج الساكن الأصليّ في ما يقاربه، ك«مِنْ رَبّكَ» بإدراج النون في الراء. نعم، الأحوط مراعاة المدّ اللازم، وهو ما كان حرف المدّ وسبباه - أي الهمزة والسكون - في كلمة واحدة، مثل «جآء» و«سوء» و«جي ء» و«دآبّة» و«ق» و«ص»؛ وكذا ترك الوقف على المتحرّك، والوصل مع السكون، وإدغام التنوين والنون الساكنة في حروف «يرملون» وإن كان المترجّح في النظر عدم لزوم شي ء ممّا ذكر.
        مسألة 14 - الأحوط عدم التخلّف عن إحدى القراءات السبع، كما أنّ الأحوط عدم التخلّف عمّا في المصاحف الكريمة الموجودة بين أيدي المسلمين، وإن كان التخلّف في بعض الكلمات مثل «مَلِكِ يَوْمِ الدّينِ» و «كُفُوا أَحَدٌ» غير مضرّ، بل لايبعد جواز القراءة بإحدى القراءات.
        مسألة 15 - يجوز قراءة «مَالِكِ يَوْمِ الدّينِ» و «مَلِكِ يَوْمِ الدّينِ»، ولا يبعد أن يكون الأوّل أرجح؛ وكذا يجوز في «الصراط» أن يقرأ بالصاد والسين، والأرجح بالصاد. وفي «كُفُوا أَحَدٌ» وجوه أربعة: بضم الفاء وسكونه مع الهمزة أو الواو، ولا يبعد أن يكون الأرجح بضمّ الفاء مع الواو.
        مسألة 16 - من لا يقدر إلّا على الملحون أو تبديل بعض الحروف ولا يستطيع أن يتعلّم أجزأه ذلك، ولا يجب عليه الايتمام وإن كان أحوط. ومن كان قادرا على التصحيح والتعلّم ولم يتعلّم يجب عليه على الأحوط الايتمام مع الإمكان.
        مسألة 17 - يتخيّر في ما عدا الركعتين الاُوليين من الفريضة بين الذكر والفاتحة. ولا يبعد أن يكون الأفضل للإمام القراءة، وللمأموم الذكر، وهما للمنفرد سواء. وصورته: «سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر». وتجب المحافظة على العربيّة. ويجزي مرّة واحدة. والأحوط الأفضل التكرار ثلاثا، والأولى إضافة الاستغفار إليها. ويجب الإخفات في الذكر والقراءة حتّى البسملة على الأحوط. ولا يجب اتّفاق الركعتين الأخيرتين في الذكر أو القراءة.
        مسألة 18 - لو قصد التسبيح مثلاً فسبق لسانه إلى القراءة من غير تحقّق القصد إليها ولو ارتكازا فالأقوى عدم الاجتزاء بها، ومع تحقّقه فالأقوى الصحّة؛ وكذا الحال لو فعل ذلك غافلا من غير قصد إلى أحدهما، فإنّه مع عدمه ولو ارتكازا فالأقوى عدم الصحّة، وإلّا فالأقوى الصحّة.
        مسألة 19 - لو قرأ الفاتحة بتخيّل أنّه في الاُوليين فتبيّن كونه في الأخيرتين يجتزئ بها؛ وكذا لو قرأها بتخيّل أنّه في الأخيرتين فتبيّن كونه في الاُوليين.
        مسألة 20 - الأحوط أن لا يزيد على ثلاثة تسبيحات إلّا بقصد الذكر المطلق.
        مسألة 21 - يستحبّ قراءة «عمّ يتساءلون» أو «هل أتى» أو «الغاشية» أو «القيامة» وأشباهها في صلاة الصبح، وقراءة «سبّح اسم» أو «والشمس» في الظهر، و«إذا جاء نصراللّه» و«ألهيكم التكاثر» في العصر والمغرب. والأولى اختيار قراءة «الجمعة» في الركعة الاُولى من العشاءين «والأعلى» في الثانية منهما في ليلة الجمعة، وقراءة سورة «الجمعة» في الركعة الاُولى و«المنافقين» في الثانية في الظهر والعصر من يوم الجمعة، وكذا في صبح يوم الجمعة، أو يقرأ فيها في الاُولى «الجمعة» و«التوحيد» في الثانية، وفي المغرب في ليلة الجمعة في الاُولى «الجمعة» وفي الثانية «التوحيد»، كما أنّه يستحبّ في كلّ صلاة قراءة سورة «القدر» في الاُولى و«التوحيد» في الثانية.
        مسألة 22 - قد عرفت أنّه يجب الاستقرار حال القراءة والأذكار؛ فلو أراد حالهما التقدّم أو التأخّر أو الانحناء لغرض يجب تركهما حال الحركة، لكن لايضرّ مثل تحريك اليد أو أصابع الرجلين وإن كان الترك أولى. ولو تحرّك حال القراءة قهرا فالأحوط إعادة ما قرأه في تلك الحالة.
        مسألة 23 - لو شكّ في صحّة قراءة آية أو كلمة يجب إعادتها إذا لم يتجاوز، ويجوز بقصد الاحتياط مع التجاوز؛ ولو شكّ ثانيا أو ثالثا لا بأس بالتكرار ما لم يكن عن وسوسة، وإلّا فلا يعتني بشكّه.

      • القول في الركوع

         

        القول في الركوع

        مسألة 1 - يجب في كلّ ركعة من الفرائض اليوميّة ركوع واحد. وهو ركن تبطل الصلاة بزيادته ونقصانه عمدا وسهوا، إلّا في الجماعة للمتابعة بتفصيل يأتي في محلّه. ولابدّ فيه من الانحناء المتعارف بحيث تصل يده إلى ركبته، والأحوط وصول الراحة إليها، فلا يكفي مسمّى الانحناء.
        مسألة 2 - من لم يتمكّن من الانحناء المزبور اعتمد؛ فإن لم يتمكّن ولو بالاعتماد أتى بالممكن منه، ولا ينتقل إلى الجلوس وإن تمكّن منه جالسا. نعم، لولم يتمكّن من الانحناء أصلا انتقل إليه، والأحوط صلاة اُخرى بالإيماء قائما. وإن لم يتمكّن من الركوع جالسا أجزأ الإيماء حينئذٍ، فيومئ برأسه قائما؛ فإن لم يتمكّن غمض عينيه للركوع وفتحهما للرفع منه. ويتحقّق ركوع الجالس بانحنائه بحيث يساوي وجهه ركبتيه؛ والأفضل الأحوط الزيادة على ذلك بحيث يحاذي مسجده.
        مسألة 3 - يعتبر في الانحناء أن يكون بقصد الركوع؛ فلو انحنى بقصد وضع شي ء على الأرض - مثلا - لايكفي في جعله ركوعا، بل لابدّمن القيام ثمّ الانحناءله.
        مسألة 4 - من كان كالراكع - خلقةً أو لعارض - إن تمكّن من الانتصاب ولو بالاعتماد - لتحصيل القيام الواجب ليركع عنه - وجب؛ وإن لم يتمكّن من الانتصاب التامّ فلابدّ منه في الجملة وما هو أقرب إلى القيام؛ وإن لم يتمكّن أصلا وجب أن ينحني أزيد من المقدار الحاصل إن لم يخرج بذلك عن حدّ الركوع؛ وإن لم يتمكّن منه - بأن لم يقدر على زيادة الانحناء أو كان انحناؤه بالغا أقصى مراتب الركوع بحيث لو زاد خرج عن حدّه - نوى الركوع بانحنائه، ولا يترك الاحتياط بالإيماء بالرأس إليه أيضا، ومع عدم تمكّنه من الإيماء يجعل غمض العينين ركوعا وفتحهما رفعا على الأحوط، وأحوط منه أن ينوي الركوع بالانحناء مع الإيماء وغمض العين مع الإمكان.
        مسألة 5 - لو نسي الركوع فهوى إلى السجود وتذكّر قبل وضع جبهته على الأرض رجع إلى القيام ثمّ ركع؛ ولا يكفي أن يقوم منحنيا إلى حدّ الركوع. ولو تذكّر بعد الدخول في السجدة الاُولى أو بعد رفع الرأس منها فالأحوط العود إلى الركوع - كما مرّ - وإتمام الصلاه ثمّ إعادتها.
        مسألة 6 - لو انحنى بقصد الركوع ولمّا وصل إلى حدّه نسي وهوى إلى السجود: فإن تذكّر قبل أن يخرج من حدّه بقي على تلك الحال مطمئنّا وأتى بالذكر، وإن تذكّر بعد خروجه من حدّه فإن عرض النسيان بعد وقوفه في حدّ الركوع آنامّا فالأقوى السجود بلا انتصاب، وإلّا فلا يترك الاحتياط بالانتصاب ثمّ الهويّ إلى السجود وإتمام الصلاة وإعادتها.
        مسألة 7 - يجب الذكر في الركوع. والأقوى الاجتزاء بمطلقه. والأحوط كونه بمقدار الثلاث من الصغرى أو الواحدة من الكبرى؛ كما أنّ الأحوط مع اختيار التسبيح اختيار الثلاث من الصغرى، وهي «سبحان اللّه»، أو الكبرى الواحدة، وهي «سبحان ربّي العظيم وبحمده»؛ والأحوط الأولى اختيار الأخيرة، وأحوط منه تكرارها ثلاثا.
        مسألة 8 - يجب الطمأنينة حال الذكر الواجب؛ فإن تركها عمدا بطلت صلاته؛ بخلافه سهوا وإن كان الأحوط الاستيناف معه أيضا. ولو شرع في الذكر الواجب عامدا قبل الوصول إلى حدّ الركوع أو بعده قبل الطمأنينة أو أتمّه حال الرفع قبل الخروج عن اسمه أو بعده لم يجز الذكر المزبور قطعا، والأقوى بطلان صلاته؛ والأحوط إتمامها ثمّ استينافها، بل الأحوط ذلك في الذكر المندوب أيضا لو جاء به كذلك بقصد الخصوصيّة، وإلّا فلا إشكال. ولو لم يتمكّن من الطمأنينة لمرض أو غيره سقطت، لكن يجب عليه إكمال الذكر الواجب قبل الخروج عن مسمّى الركوع. ويجب أيضا رفع الرأس منه حتّى ينتصب قائما مطمئنّا؛ فلو سجد قبل ذلك عامدا بطلت صلاته.
        مسألة 9 - يستحبّ التكبير للركوع وهو قائم منتصب، والأحوط عدم تركه. ويستحبّ رفع اليدين حال التكبير، ووضع الكفّين مفرّجات الأصابع على الركبتين حال الركوع، والأحوط عدم تركه مع الإمكان. وكذا يستحبّ ردّ الركبتين إلى الخلف وتسوية الظهر ومدّ العنق والتجنيح بالمرفقين، وأن تضع المرأة يديها على فخذيها فوق الركبتين، واختيار التسبيحةالكبرى، وتكرارها ثلاثا أو خمسا أوسبعا بل أزيد، ورفع اليدين للانتصاب من الركوع، وأن يقول بعد الانتصاب: «سمع اللّه لمن حمده»، وأن يكبّر للسجود ويرفع يديه له. ويكره أن يطأطئ رأسه حال الركوع، وأن يضمّ يديه إلى جنبيه، وأن يُدخل يديه بين ركبتيه.

      • القول في السجود

         

        القول في السجود

        مسألة 1 - يجب في كلّ ركعة سجدتان. وهما معا ركن تبطل الصلاة بزيادتهما معاً في الركعة الواحدة ونقصانهما كذلك عمدا أو سهوا؛ فلو أخلّ بواحدة -زيادةً أو نقصانا- سهوا فلا بطلان. ولا بدّ فيه من الانحناء ووضع الجبهة على وجه يتحقّق به مسمّاه. وهذا مدار الركنيّة والزيادة العمديّة والسهويّة.
        ويعتبر فيه اُمور اُخر، لا مدخليّة لها في ذلك:
        منها: السجود على ستّة أعضاء: الكفّين والركبتين والإبهامين. والمعتبر باطن الكفّين، والأحوط الاستيعاب العرفيّ. هذا مع الاختيار. وأمّا مع الاضطرار فيجزي مسمّى الباطن. ولو لم يقدر إلّا على ضمّ الأصابع إلى كفّه والسجود عليها يجتزئ به؛ ومع تعذّر ذلك كلّه يجزي الظاهر؛ ومع عدم إمكانه أيضا -لقطع ونحوه- ينتقل إلى الأقرب من الكفّ. وأمّا الركبتان فيجب صدق مسمّى السجود على ظاهرهما وإن لم يستوعبه. وأمّا الإبهامان فالأحوط مراعاة طرفيهما. ولا يجب الاستيعاب في الجبهة، بل يكفي صدق السجود على مسمّاها، ويتحقّق بمقدار رأس الأنملة؛ والأحوط أن يكون بمقدار الدرهم، كما أنّ الأحوط كونه مجتمعا لا متفرّقا وإن كان الأقوى عدم الفرق، فيجوز على السبحة إذا كان ما وقع عليه الجبهة بمقدار رأس الأنملة. ولا بدّ من رفع ما يمنع من مباشرتها لمحلّ السجود من وسخ أو غيره فيها أو فيه، حتّى لو لصق بجبهته تربة أو تراب أو حصاة ونحوها في السجدة الاُولى تجب إزالتها للثانية على الأحوط لو لم يكن الأقوى. والمراد بالجبهة هنا: ما بين قصاص الشعر وطرف الأنف الأعلى والحاجبين طولاً وما بين الجبينين عرضا.
        مسألة 2 - الأحوط الاعتماد على الأعضاء السبعة؛ فلا يجزي مجرّد المماسّة. ولا يجب مساواتها فيه؛ كما لا تضرّ مشاركة غيرها معها فيه كالذراع مع الكفّين وسائر أصابع الرجلين مع الإبهامين.
        ومنها: وجوب الذكر على نحو ما تقدّم في الركوع. والتسبيحة الكبرى هاهنا: «سبحان ربيّ الأعلى وبحمده».
        ومنها: وجوب الطمأنينة حال الذكر الواجب نحو ما سمعته في الركوع.
        ومنها: وجوب كون المساجد السبعة في محالّها حال الذكر؛ فلا بأس بتغيير المحلّ في ما عدا الجبهة أثناء الذكر الواجب حال عدم الاشتغال؛ فلو قال: «سبحان اللّه» ثمّ رفع يده لحاجة أو غيرها ووضعها وأتى بالبقيّة لا يضرّ.
        ومنها: وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه على ما مرّ في مبحث المكان.
        ومنها: رفع الرأس من السجدة الاُولى والجلوس مطمئنّا معتدلا.
        ومنها: أن ينحني للسجود حتّى يساوي موضع جبهته موقفه؛ فلو ارتفع أحدهما على الآخر لا تصحّ، إلّا أن يكون التفاوت بينهما قدر لبنة موضوعة على سطحها الأكبر في اللبن المتعارفة أو أربع أصابع كذلك مضمومات. ولا يعتبر التساوي في سائر المساجد لا بعضها مع بعض، ولا بالنسبة إلى الجبهة؛ فلا يقدح ارتفاع مكانها أو انخفاضه مالم يخرج به السجود عن مسمّاه.
        مسألة 3 - المراد بالموقف - الّذي يجب عدم التفاوت بينه وبين موضع الجبهة بما تقدّم - الركبتان والإبهامان على الأحوط؛ فلو وضع إبهاميه على مكان أخفض أو أعلى من جبهته بأزيد ممّا تقدّم بطلت صلاته على الأحوط وإن ساوى موضع ركبتيه موضعَ جبهته.
        مسألة 4 - لو وقعت جبهته على مكان مرتفع أزيد من المقدار المغتفر: فإن كان الارتفاع بمقدار لا يصدق معه السجود عرفا فالأحوط الأولى رفعها ووضعها على المحلّ الجائز، ويجوز جرّها أيضا، وإن كان بمقدار يصدق معه السجود عرفا فالأحوط الجرّ إلى الأسفل، ولو لم يمكن فالأحوط الرفع والوضع ثمّ إعادة الصلاة بعد إتمامها.
        مسألة 5 - لو وضع جبهته من غير عمد على الممنوع من السجود عليه جرّها عنه إلى ما يجوز السجود عليه، وتصحّ صلاته، وليس له رفعها عنه. ولو لم يمكن إلّا الرفع المستلزم لزيادة السجود فالأحوط إتمام صلاته ثم استينافها من رأس، سواء كان الالتفات إليه قبل الذكر الواجب أو بعده. نعم، لو كان الالتفات بعد رفع الرأس من السجود كفاه الإتمام.
        مسألة 6 - من كان بجبهته علّة كالدمّل: فإن لم تستوعبها وأمكن وضع الموضع السليم منها على الأرض ولو بحفر حفيرة وجعل الدمّل فيها وجب، وإن استوعبتها أو لم يمكن وضع الموضع السليم منها على الأرض سجد على أحد الجبينين؛ والأولى تقديم الأيمن على الأيسر. وإن تعذّر سجد على ذقنه. وإن تعذّر فالأحوط تحصيل هيئة السجود بوضع بعض وجهه أو مقدّم رأسه على الأرض. ومع تعذّره فالأحوط تحصيل ما هو الأقرب إلى هيئته.
        مسألة 7 - لو ارتفعت جبهته من الأرض قهرا وعادت إليها قهرا فلا يبعدأن يكون عودا إلى السجدة الاُولى، فيحسب سجدة واحدة، سواء كان الارتفاع قبل القرار أو بعده، فيأتي بالذكر الواجب. ومع القدرة على الإمساك بعد الرفع يحسب هذا الوضع سجدة واحدة مطلقا، سواء كان الرفع قبل القرار أو بعده.
        مسألة 8 - من عجز عن السجود فإن أمكنه تحصيل بعض المراتب الميسورة من السجدة يجب، محافظا على ما عرفت وجوبه: من وضع المساجد في محالّها مع التمكّن والاعتماد والذكر والطمأنينة ونحوها؛ فإذا تمكّن من الانحناء فعل بمقدار ما يتمكّن، ورفع المسجد إلى جبهته واضعا لها عليه، مراعيا لما تقدّم من الواجبات؛ وإن لم يتمكّن من الانحناء أصلا أومأ إليه برأسه؛ وإن لم يتمكّن فبالعينين، والأحوط له رفع المسجد مع ذلك إذا تمكّن من وضع الجبهة عليه. ومع عدم تحقّق الميسور من السجود لا يجب وضع المساجد في محالّها وإن كان أحوط.
        مسألة 9 - يستحبّ التكبير حال الانتصاب من الركوع للأخذ في السجود وللرفع منه، والسبق باليدين إلى الأرض عند الهويّ إليه، واستيعاب الجبهة على ما يصحّ السجود عليه، والإرغام بمسمّاه بالأنف على مسمّى ما يصحّ السجود عليه، والأحوط عدم تركه، وتسوية موضع الجبهة مع الموقف، بل جميع المساجد، وبسط الكفّين مضمومتي الأصابع حتّى الإبهام حذاء الاُذنين موجّها بهما إلى القبلة، والتجافي حال السجود بمعنى رفع البطن عن الأرض، والتجنيح بأن يرفع مرفقيه عن الأرض مفرّجا بين عضديه وجنبيه مبعّدا يديه عن بدنه جاعلا يديه كالجناحين، والدعاء بالمأثور قبل الشروع في الذكر وبعد رفع الرأس من السجدة الاُولى، واختيار التسبيحة الكبرى وتكرارها، والختم على الوتر، والدعاء في السجود أو الأخير منه بما يريد من حاجات الدنيا والآخرة، سيّما طلب الرزق الحلال، بأن يقول: «يَا خَيْرَ الْمَسْؤُولِينَ وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ، اُرْزُقْنِي وَارْزُقْ عِيَالِي مِنْ فَضْلِكَ، فَإنّكَ ذُوالْفَضْلِ الْعَظِيمِ»، والتورّك في الجلوس بين السجدتين وبعدهما، بأن يجلس على فخذه الأيسر جاعلا ظهر القدم اليمنى على بطن اليسرى، وأن يقول: بين السجدتين: «أستغفر اللّه ربّي وأتوب إليه»، ووضع اليدين حال الجلوس على الفخذين: اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى، والجلوس مطمئنّا بعد رفع الرأس من السجدة الثانية قبل أن يقوم، وهو المسمّى بالجلسة الاستراحة، والأحوط لزوما عدم تركها، وأن يقول إذا أراد النهوض إلى القيام: «بحول اللّه وقوّته أقوم وأقعد»، وأن يعتمد على يديه عند النهوض من غير عجن بهما، أي لا يقبضهما بل يبسطهما على الأرض.
        مسألة 10 - تختصّ المرأة في الصلاة بآداب: الزينة بالحليّ والخضاب، والإخفات في قولها، والجمع بين قدميها حال القيام، وضمّ ثدييها بيديها حاله، ووضع يديها على فخذيها حال الركوع، غير رادّة ركبتيها إلى ورائها، والبدأة للسجود بالقعود، والتضمّم حاله لاطئةً بالأرض فيه غير متجافية، والتربّع في جلوسها مطلقا.

      • القول في سجدتي التلاوة والشكر

         

        القول في سجدتي التلاوة والشكر

        مسألة 1 - يجب السجود عند تلاوة آياتٍ أربع في السورالأربع: آخر«النجم» و«العلق» و«لَا يَسْتَكْبِرُونَ» في الم تنزيل و«تَعْبُدُونَ» في «حم فصّلت»، وكذا عند استماعها دون سماعها على الأظهر، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط. والسبب مجموع الآية؛ فلا يجب بقراءة بعضها ولو لفظ السجدة منهإ؛گ كظظ وإن كان أحوط. ووجوبها فوريّ لا يجوز تأخيرها؛ وإن أخّرها ولو عصيانا يجب إتيانها ولا تسقط.
        مسألة 2 - يتكرّر السجود بتكرّر السبب مع التعاقب وتخلّل السجود قطعا، وهو مع التعاقب بلا تخلّله لا يخلو من قوّة، ومع عدم التعاقب لا يبعد عدمه.
        مسألة 3 - إن قرأها أو استمعها في حال السجود يجب رفع الرأس منه ثمّ الوضع، ولا يكفي البقاء بقصده، ولا الجرّ إلى مكان آخر؛ وكذا في ما إذا كان جبهته على الأرض لا بقصد السجدة فسمع أو قرأ آية السجدة.
        مسألة 4 - الظاهر أنّه يعتبر في وجوبها على المستمع كون المسموع صادرا بعنوان التلاوة وقصد القرآنيّة؛ فلو تكلّم شخص بالآية لا بقصدها لا تجب بسماعها؛ وكذالو سمعها من صبيّ غير مميّز أو نائم أو من حبس صوت وإن كان الأحوط ذلك، خصوصا في النائم.
        مسألة 5 - يعتبر في السماع تمييز الحروف والكلمات؛ فلا يكفي سماع الهمهمة وإن كان أحوط.
        مسألة 6 - يعتبر في هذا السجود بعد تحقّق مسمّاه النيّة وإباحة المكان. والأحوط وضع المواضع السبعة، ووضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه وإن كان الأقوى عدم اللزوم. نعم، الأحوط ترك السجود على المأكول والملبوس، بل عدم الجواز لا يخلو من وجه. ولا يعتبر فيه الاستقبال، ولا الطهارة من الحدث والخبث، ولا طهارة موضع الجبهة، ولا ستر العورة.
        مسألة 7 - ليس في هذا السجود تشهّد ولا تسليم ولا تكبيرة افتتاح. نعم، يستحبّ التكبير للرفع عنه، ولا يجب فيه الذكر، بل يستحبّ، ويكفي مطلقه، والأولى أن يقول: «لَا إِلهَ إِلّا اللّهُ حَقّا حَقّا، لَا إِلهَ إِلّا اللّهُ إيمَ-انا وَتَصْدِيقا، لَا إِلهَ إِلّا اللّهُ عُبُودِيّةً وَرِقّا، سَجَدْتُ لَكَ يَا رَبّ تَعَبّدا وَرِقّا، لَا مُسْتَنْكِفا وَلَا مُسْتَكْبِرا، بَلْ أَنَا عَبْدٌ ذَلِيلٌ خآئِفٌ مُسْتَجِيرٌ».
        مسألة 8 - السجود للّه تعالى في نفسه من أعظم العبادات؛ وقد ورد فيه أنّه «ما عُبداللّه بمثله» و«أقرب ما يكون العبد إلى اللّه وهو ساجد». ويستحبّ أكيدا للشكرللّه عند تجدّد كلّ نعمة، ودفع كلّ نقمة، وعند تذكّرهما، وللتوفيق لأداء كلّ فريضة أو نافلة، بل كلّ فعل خير حتّى الصلح بين اثنين. ويجوز الاقتصار على واحدة. والأفضل أن يأتي باثنتين، بمعنى الفصل بينهما بتعفير الخدّين أو الجبينين. ويكفي في هذا السجود مجرّد وضع الجبهة مع النيّة. والأحوط فيه وضع المساجد السبعة، ووضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه، بل اعتبار عدم كونه ملبوسا أو مأكولا لايخلو من قوّة كماتقدّم في سجودالتلاوة. ويستحبّ فيه افتراش الذراعين وإلصاق الجؤجؤ والصدر والبطن بالأرض. ولا يشترط فيه الذكر وإن استحبّ أن يقول: «شكرا للّه» أو «شكرا شكرا» مائةمرّة؛ ويكفي ثلاث مرّات، بل مرّة واحدة.
        وأحسن ما يقال فيه ما ورد عن مولانا الكاظم(عليه السلام) : قل وأنت ساجد: «أَللّهُمّ إِنّي اُشْهِدُكَ وَاُشْهِدُ مَلآئِكَتَكَ وَأَنْبِيآئَكَ وَرُسُلَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أَنّكَ أَنْتَ اللّهُ رَبّي ، وَالإِسْلَامَ دِينِي ، وَمُحَمّدا نَبِيّي ، وَعَلِيّا وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ - تعدّهم إلى آخرهم - أَئِمّتِي ، بِهمْ أَتَوَلّى وَمِنْ أَعْدَآئِهِمْ أَتَبَرّأُ، أَللّهُمّ إِنّي اُنْشِدُكَ دَمَ الْمَظْلُوم - ثلاثا - أَللّهُمّ إِنّي اُنْشِدُكَ بِإِيوَآئِكَ عَلَى نَفْسِكَ لِأَعْدآئِكَ لِتُهْلِكَنّهُمْ بِأَيْدِينَا وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ، أَللّهُمّ إِنّي اُنْشِدُكَ بِإِيوَآئِكَ عَلَى نَفْسِكَ لِأَوْلِيآئِكَ لِتَظْفُرَنّهُمْ بِعَدُوّكَ وَعَدُوّهِمْ أنْ تُصَلّيَ عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى الْمُسْتَحْفِظِينَ مِنْ آلِ مُحَمّدٍ - ثلاثا - أَللّهُمّ إِنّي أَسْأَلُكَ الْيُسْرَ بَعْدَ الْعُسْرِ» ثلاثا، ثمّ تضع خدّك الأيمن على الأرض وتقول: «يا كَهْفِي حِينَ تُعْيِيني الْمَذَاهِبُ وَتَضِيقُ عَلَيّ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ، يا بارِئَ خَلْقِي رَحْمَةً بِي وَقَدْ كُنْتَ عَنْ خَلْقِي غَنِيّا صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَعَلَى الْمُسْتَحْفِظِينَ مِنْ آلِ مُحَمّدٍ»، ثمّ تضع خدّك الأيسر وتقول: «يا مُذِلّ كُلّ جَبّارٍ وَيا مُعِزّ كُلّ ذَليلٍ قَد وَعِزّتِكَ بَلَغَ مَجْهُودِي » ثلاثا، ثمّ تقول: «يا حَنّانُ يا مَنّانُ يا كاشِفَ الْكُرَبِ الْعِظامِ»، ثمّ تعود للسجود فتقول مائة مرّة: «شكرا شكرا»، ثمّ تسأل حاجتك تُقضى إن شاء اللّه.

      • القول في التشهّد

         

        القول في التشهّد

        مسألة 1 - يجب التشهّد في الثنائيّة مرّةً بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة، وفي الثلاثيّة والرباعيّة مرّتين: الاُولى بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة الثانية، والثانية بعد رفع الرأس منها في الركعة الأخيرة. وهو واجب غير ركن تبطل الصلاة بتركه عمدا - لا سهوا - حتّى يركع وإن وجب عليه قضاؤه كما يأتي في الخلل.
        والواجب فيه أن يقول: «أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، أللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد». ويستحبّ الابتداء بقوله: «الحمدللّه» أو «بسم اللّه وباللّه والحمد للّه وخير الأسماء للّه - أو - الأسماء الحسنى كلّها للّه»، وأن يقول بعد الصلاة على النبيّ وآله: «وتقبّل شفاعته في اُمّته وارفع درجته». والأحوط عدم قصد التوظيف والخصوصيّة به في التشهّد الثاني. ويجب فيه اللفظ الصحيح الموافق للعربيّة. ومن عجز عنه وجب عليه تعلّمه.
        مسألة 2 - يجب الجلوس مطمئنّا حال التشهّد بأيّ كيفيّة كان. ويُكره الإقعاء، وهو أن يعتمد بصدر قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه، والأحوط تركه. ويستحبّ فيه التورّك كما يستحبّ ذلك بين السجدتين و بعدهما كما تقدّم.

      • القول في التسليم

         

        القول في التسليم

        مسألة 1 - التسليم واجب في الصلاة، وجزء منها ظاهرا، ويتوقّف تحلّل المنافيات والخروج عن الصلاة عليه. وله صيغتان: الاُولى: «السلام علينا وعلى عباداللّه الصالحين»، والثانية: «السلام عليكم» بإضافة «ورحمة اللّه وبركاته» على الأحوط وإن كان الأقوى استحبابه. والثانية على تقدير الإتيان بالاُولى جزء مستحبّ، وعلى تقدير عدمه جزء واجب على الظاهر. ويجوز الاجتزاء بالثانية، بل بالاُولى أيضا وإن كان الأحوط عدم الاجتزاء بها. وأمّا «السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته» فهي من توابع التشهّد لا يحصل بها تحلّل، ولا تبطل الصلاة بتركها عمدا ولا سهوا، لكنّ الأحوط المحافظة عليها، كما أنّ الأحوط الجمع بين الصيغتين بعدها مقدّما للاُولى.
        مسألة 2 - يجب في التسليم بكلّ من الصيغتين العربيّة والإعراب. ويجب تعلّم إحداهما مع الجهل؛ كما أنّه يجب الجلوس حالته مطمئنّا،ويستحبّ فيه التورّك.

      • القول في الترتيب

         

        القول في الترتيب

        مسألة - يجب الترتيب في أفعال الصلاة؛ فيجب تقديم تكبيرة الإحرام على القراءة، والفاتحة على السورة، وهي على الركوع، وهو على السجود وهكذا؛ فمن صلّى مقدّما للمؤخّر وبالعكس عمدا بطلت صلاته، وكذا سهوا لو قدّم ركنا على ركن. أمّا لو قدّم ركنا على ما ليس بركن سهوا كما لو ركع قبل القراءة فلابأس ويمضي في صلاته. وكذا لو قدّم غير ركن على ركن سهواكما لو قدّم التشهّد على السجدتين فلا بأس، لكن مع إمكان التدارك يعود إلى ما يحصل به الترتيب وتصحّ صلاته. كما أنّه لا بأس بتقديم غير الأركان بعضها على بعض سهوا، فيعود أيضا إلى ما يحصل به الترتيب مع الإمكان وتصحّ صلاته.

      • القول في الموالاة

         

        القول في الموالاة

        مسألة 1 - يجب الموالاة في أفعال الصلاة، بمعنى عدم الفصل بين أفعالها على وجه تنمحي صورتها بحيث يصحّ سلب الاسم عنها؛ فلو ترك الموالاة بالمعنى المزبور عمدا أو سهوا بطلت صلاته. وأمّا الموالاة بمعنى المتابعة العرفيّة فواجبة أيضا على الأحوط، فتبطل الصلاة بتركها عمدا على الأحوط لا سهوا.
        مسألة 2 - كما تجب الموالاة في أفعال الصلاة بعضها مع بعض كذلك تجب في القراءة والتكبير والذكر والتسبيح بالنسبة إلى الآيات والكلمات، بل والحروف؛ فمن تركها عمدا في أحد المذكورات الموجب لمحو أسمائها بطلت صلاته في ماإذا لزم من تحصيل الموالاة زيادة مبطلة، بل مطلقا على الأحوط؛ وإن كان سهوا فلا بأس، فيعيد ماتحصل به الموالاة إن لم يتجاوز المحلّ. لكن هذا إذا لم يكن فوات الموالاة المزبورة في أحد المذكورات موجبا لفوات الموالاة في الصلاة بالمعنى المزبور، وإلّا فتبطل ولو مع السهو.

      • القول في القنوت

         

        بقي أمران: القنوت والتعقيب

        القول في القنوت

        مسألة 1 - يستحبّ القنوت في الفرائض اليوميّة، ويتأكّد في الجهريّة، بل الأحوط عدم تركه فيها. ومحلّه قبل الركوع في الركعة الثانية بعد الفراغ عن القراءة. ولو نسي أتى به بعد رفع الرأس من الركوع، ثمّ هوى إلى السجود؛ وإن لم يذكره في هذا الحال وذكره بعد ذلك فلا يأتي به حتّى يفرغ من صلاته فيأتي به حينئذٍ؛ وإن لم يذكره إلّا بعد انصرافه أتى به متى ذكره ولو طال الزمان. ولو تركه عمدا فلا يأتي به بعد محلّه. ويستحبّ أيضا في كلّ نافلة ثنائيّة في المحلّ المزبور حتّى نافلة الشفع على الأقوى؛ والأولى إتيانه فيه رجاءً. ويستحبّ أكيدا في الوتر. ومحلّه ما عرفت قبل الركوع بعد القراءة.
        مسألة 2 - لا يعتبر في القنوت قول مخصوص، بل يكفي فيه كلّ ما تيسّر من ذكر ودعاء، بل يجزي البسملة مرّةواحدة، بل «سبحان اللّه» خمس أو ثلاث مرّات، كما يجزي الاقتصار على الصلاةعلى النبيّ وآله. والأحسن ماوردعن المعصوم (عليه السلام) من الأدعية، بل والأدعية الّتي في القرآن. ويستحبّ فيه الجهر، سواء كانت الصلاة جهريّةً أو إخفاتيّةً، إماما أو منفردا، بل أو مأموما إن لم يسمع الإمام صوته.
        مسألة 3 - لايعتبر رفع اليدين في القنوت على إشكال، فالأحوط عدم تركه.
        مسألة 4 - يجوز الدعاء في القنوت وفي غيره بالملحون - مادّةً أو إعرابا - إن لم يكن فاحشا أو مغيّرا للمعنى؛ وكذا الأذكار المندوبة، والأحوط الترك مطلقا. أمّا الأذكار الواجبة فلا يجوز فيها غير العربيّة الصحيحة.

      • القول في التعقيب

         

        القول في التعقيب

        مسألة 1 - يستحبّ التعقيب بعد الفراغ من الصلاة ولو نافلةً، وفي الفريضة آكد، خصوصا في الغداة. والمراد به الاشتغال بالدعاء والذكر والقرآن ونحو ذلك.
        مسألة 2 - يعتبر في التعقيب أن يكون متّصلا بالفراغ من الصلاة على وجه لايشاركه الاشتغال بشي ء آخر يذهب بهيئته عند المتشرّعة كالصنعة ونحوها. والأولى فيه الجلوس في مكانه الّذي صلّى فيه، والاستقبال والطهارة. ولا يعتبر فيه قول مخصوص. والأفضل ماوردعنهم (عليهم السلام): ممّاتضمّنته كتب الأدعية والأخبار.
        ولعلّ أفضلها تسبيح الصدّيقة الزهراء (سلام اللّه عليها). وكيفيّته على الأحوط أربع وثلاثون تكبيرة، ثمّ ثلاث وثلاثون تحميدة، ثمّ ثلاث وثلاثون تسبيحة. ولو شكّ في عددها يبني على الأقلّ إن لم يتجاوز المحلّ؛ فلو سها فزاد على عدد التكبير أو غيره رفع اليد عن الزائد وبنى على الأربع وثلاثين أو الثلاث وثلاثين، والأولى أن يبني على نقص واحدة ثمّ يكمّل العدد بها في التكبير والتحميد دون التسبيح.
        ومن التعقيبات قول: «لا إِلهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَأَعَزّ جُنْدَهُ، وَغَلَبَ الأَحْزابَ وَحْدَهُ، فَلَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلى كُلّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ».
        ومنها: قول: «أَللّهُمّ صَلّ عَلَى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَأَجِرْني مِنَ النّارِ، وَارْزُقْنِي الْجَنّةَ، وَزَوّجْنِي مِنَ الْحُورِالْعِينِ».
        ومنها: قول: «أَللّهُمّ اهْدِنِي مِنْ عِنْدِكَ، وَأَفِضْ عَلَيّ مِنْ فَضْلِكَ، وَانْشُرْ عَلَيّ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَأنْزِلْ عَلَيّ مِنْ بَرَكاتِكَ».
        ومنها: قول: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ، وَعِزّتِكَ الّتِي لَا تُرامُ، وَقُدْرَتِكَ الّتِي لَا يَمْتَنِعُ مِنْها شَيْ ءٌ، مِنْ شَرّ الدّنْيا وَالْآخِرَةِ، وَمِنْ شَرّ الْأَوْجَاعِ كُلّها، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ الْعَلِيّ الْعَظِيمِ».
        ومنها: قول: «أَللّهُمّ إِنّي أَسْأَلُكَ مِنْ كُلّ خَيْرٍ أَحاطَ بِهِ عِلْمُكَ، وَأَعُوذُبِكَ مِنْ كُلّ شَرّ أَحَاطَ بِهِ عِلْمُكَ، أَللّهُمّ إِنّي أَسْأَلُكَ عافِيَتَكَ فِي أُمُورِي كُلّها، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ خِزْيِ الدّنْيا وَعَذابِ الْاخِرَةِ».
        ومنها: قول: «سبحان اللّه والحمدللّه ولاإله إلّااللّه واللّه أكبر» مائة مرّة أو ثلاثين.
        ومنها: قراءة آية الكرسيّ والفاتحة وآية «شَهِدَ اللّهُ أَنّهُ لَا إِلهَ إِلّا هُوَ» وآية «قُلِ اللّهُمّ مَالِكَ الْمُلْكِ».
        ومنها: الإقرار بالنبيّ والأئمّة عليهم الصلاة والسلام.
        ومنها: سجود الشكر، وقد مرّ كيفيّته سابقا.

    • القول في مبطلات الصلاة

       

      القول في مبطلات الصلاة

      وهي اُمور:
      أحدها: الحدث الأصغر والأكبر، فإنّه مبطل لها أينما وقع فيها ولو عند الميم من التسليم على الأقوى، عمدا أو سهوا أو سبقا، عدا المسلوس والمبطون والمستحاضة على ما مرّ.
      ثانيها: التكفير. وهو وضع إحدى اليدين على الاُخرى نحو ما يصنعه غيرنا. وهو مبطل عمدا على الأقوى، لا سهوا وإن كان الأحوط فيه الإعادة. ولا بأس به حال التقيّة.
      ثالثها: الالتفات بكلّ البدن إلى الخلف أو اليمين أو الشمال، بل وما بينهما على وجه يخرج به عن الاستقبال، فإنّ تعمّد ذلك كلّه مبطل لها، بل الالتفات بكلّ البدن بما يخرج به عمّا بين المشرق والمغرب مبطل حتّى مع السهو أو القسر ونحوهما. نعم، لا يبطل الالتفات بالوجه يمينا وشمالا مع بقاء البدن مستقبلا إذا كان يسيرا، إلّا أنّه مكروه. وأمّا إذا كان فاحشا بحيث يجعل صفحة وجهه بحذاء يمين القبلة أو شمالها فالأقوى كونه مبطلا.
      رابعها: تعمّد الكلام ولو بحرفين مهملين، بأن استعمل اللفظ المهمل المركّب من حرفين في معنىً كنوعه وصنفه، فإنّه مبطل على الأقوى، ومع عدمه كذلك على الأحوط. وكذا الحرف الواحد المستعمل في المعنى كقوله: «ب» مثلا رمزا إلى أوّل بعض الأسماء بقصد إفهامه، بل لا يخلو إبطاله من قوّة؛ فالحرف المفهم مطلقا - وإن لم يكن موضوعا - إن كان بقصد الحكاية لا تخلو مبطليّته من قوّة؛ كما أنّ اللفظ الموضوع إذا تلفّظ به لا بقصد الحكاية وكان حرفا واحدا لا يبطل على الأقوى؛ وإن كان حرفين فصاعدا فالأحوط مبطليّته ما لم يصل إلى حدّ محو اسم الصلاة، وإلّا فلا شبهة فيها حتّى مع السهو. وأمّا التكلّم في غير هذه الصورة فغير مبطل مع السهو؛ كما أنّه لا بأس بردّ سلام التحيّة، بل هو واجب. ولو تركه واشتغل بالقراءة ونحوها لا تبطل الصلاة، فضلا عن السكوت بمقداره، لكن عليه إثم ترك الواجب خاصّة.
      مسألة 1 - لا بأس بالذكر والدعاء وقراءة القرآن - غير ما يوجب السجود - في جميع أحوال الصلاة. والأقوى إبطال مطلق مخاطبة غير اللّه حتّى في ضمن الدعاء، بأن يقول: «غفر اللّه لك» وقوله: «صبّحك اللّه بالخير» إذا قصد الدعاء، فضلا عمّا إذا قصد التحيّة به. وكذا الابتداء بالتسليم.
      مسألة 2 - يجب ردّ السلام في أثناء الصلاة بتقديم السلام على الظرف وإن قدّم المسلّم الظرف على السلام على الأقوى. والأحوط مراعاة المماثلة في التعريف والتنكير والإفراد والجمع وإن كان الأقوى عدم لزومها. وأمّا في غيرالصلاة فيستحبّ الردّ بالأحسن، بأن يقول في جواب «سلام عليكم» مثلا: «عليكم السلام و رحمة اللّه وبركاته».
      مسألة 3 - لو سلّم بالملحون بحيث لم يخرج عن صدق سلام التحيّة يجب الجواب صحيحا، وإن خرج عنه لا يجوز في الصلاة ردّه.
      مسألة 4 - لو كان المسلّم صبيّا مميّزا يجب ردّه. والأحوط عدم قصد القرآنيّة، بل عدم جوازه قويّ.
      مسألة 5 - لو سلّم على جماعة كان المصلّي أحدهم فالأحوط له عدم الردّ إن كان غيره يردّه. وإذا كان بين جماعة فسلّم واحد عليهم وشكّ في أنّه قصده أم لا؟ لا يجوز له الجواب.
      مسألة 6 - يجب إسماع ردّ السلام في حال الصلاة وغيرها، بمعنى رفع الصوت به على المتعارف بحيث لو لم يكن مانع عن السماع لسمعه. وإذا كان المسلّم بعيدا لا يمكن إسماعه الجواب لا يجب جوابه على الظاهر، فلا يجوز ردّه في الصلاة. وإذا كان بعيدا بحيث يحتاج إسماعه إلى رفع الصوت يجب رفعه،إلّا إذا كان حرجيّا فيكتفي بالإشارة مع إمكان تنبّهه عليها على الأحوط. وإذا كان في الصلاة ففي وجوب رفعه وإسماعه تردّد، والأحوط الجواب بالإشارة مع الإمكان. وإذا كان المسلّم أصمّ فإن أمكن أن ينبّهه على الجواب ولو بالإشارة لايبعد وجوبه مع الجواب على المتعارف، وإلّا يكفي الجواب كذلك من غير إشارة.
      مسألة 7 - تجب الفوريّة العرفيّة في الجواب؛ فلا يجوز تأخيره على وجه لايصدق معه الجواب وردّ التحيّة؛ فلو أخّره عصيانا أو نسيانا أو لعذر إلى ذلك الحدّ سقط، فلا يجوز في حال الصلاة ولا يجب في غيرها؛ ولو شكّ في بلوغ التأخير إلى ذلك الحدّ فكذلك لا يجوز فيها ولا يجب في غيرها.
      مسألة 8 - الابتداء بالسلام مستحبّ كفائيّ، كما أنّ ردّه واجب كفائيّ؛ فلو دخل جماعة على جماعة يكفي في الوظيفة الاستحبابيّة تسليم شخص واحد من الواردين وجواب شخص واحد من المورود عليهم.
      مسألة 9 - لو سلّم شخص على أحد شخصين ولم يعلما أنّه أيّهما أراد لايجب الردّ على واحد منهما، ولا يجب عليهما الفحص والسؤال، وإن كان الأحوط الردّ من كلّ منهما إذا كانا في غير حال الصلاة.
      مسألة 10 - لو سلّم شخصان كلّ على الآخر يجب على كلّ منهما ردّ سلام الآخر حتّى من وقع سلامه عقيب سلام الآخر. ولو انعكس الأمر بأن سلّم كلّ منهما بعنوان الردّ بزعم أنّه سلّم عليه لا يجب على واحد منهما ردّ الآخر. ولو سلّم شخص على أحد بعنوان الردّ بزعم أنّه سلّم مع أنّه لم يسلّم عليه وتنبّه على ذلك المسلّم عليه لم يجب ردّه على الأقوى وإن كان أحوط، بل الاحتياط حسن في جميع الصور.
      خامسها: القهقهة ولو اضطرارا. نعم، لا بأس بالسهويّة، كما لا بأس بالتبسّم ولو عمدا. والقهقهة هي الضحك المشتمل على الصوت والترجيع. ويلحق بها حكما على الأحوط المشتمل على الصوت. ولو اشتمل عليه أو على الترجيع أيضا تقديرا - كمن منع نفسه عنه إلّا أنّه قد امتلأ جوفه ضحكا واحمرّ وجهه وارتعش مثلا - فلا يبطلها إلّا مع محو الصورة.
      سادسها: تعمّد البكاء بالصوت لفوات أمر دنيويّ ، دون ما كان منه للسهو عن الصلاة، أو على أمر اُخرويّ، أو طلب أمر دنيويّ من اللّه تعالى خصوصا إذا كان المطلوب راجحا شرعا، فإنّه غير مبطل. وأمّا غير المشتمل على الصوت فالأحوط فيه الاستيناف وإن كان عدم إبطاله لا يخلو من قوّة. ومن غلب عليه البكاء المبطل قهرا فالأحوط الاستيناف بل وجوبه لا يخلو من قوّة. وفي جواز البكاء على سيّد الشهداء - أرواحنا فداه - تأمّل وإشكال، فلا يترك الاحتياط.
      سابعها: كلّ فعلٍ ماحٍ لها مُذهب لصورتها على وجه يصحّ سلب الاسم عنها وإن كان قليلا ، فإنّه مبطل لها عمدا و سهوا. أمّا غير الماحي لها: فإن كان مفوّتا للموالاةفيها - بمعنى المتابعةالعرفيّة - فهومبطل مع العمد على الأحوط دون السهو، وإن لم يكن مفوّتا لها فعمده غيرمبطل، فضلا عن سهوه وإن كان كثيرا، كحركة الأصابع، والإشارة باليد أو غيرها لنداء أحد، وقتل الحيّة والعقرب، وحمل الطفل ووضعه وضمّه وإرضاعه، ونحو ذلك ممّا هو غيرمناف للموالاة ولا ماحٍ للصورة.
      ثامنها: الأكل والشرب وإن كانا قليلين على الأحوط. نعم، لابأس بابتلاع ذرّات بقيت في الفم أو بين الأسنان، والأحوط الاجتناب عنه. ولا يترك الاحتياط بالاجتناب عن إمساك السكّر ولو قليلا في الفم ليذوب وينزل شيئا فشيئا وإن لم يكن ماحيا للصورة ولا مفوّتا للموالاة.
      ولا فرق في جميع ما سمعته من المبطلات بين الفريضة والنافلة، إلّا الالتفات في النافلة مع إتيانها حال المشي، وفي غيرها الأحوط الإبطال، وإلّا العطشان المتشاغل بالدعاء في الوتر العازم على صوم ذلك اليوم إن خشي مفاجأة الفجر وكان الماء أمامه واحتاج الى خطوتين أو ثلاث، فإنّه يجوز له التخطّي والشرب حتّى يروي وإن طال زمانه لو لم يفعل غير ذلك من منافيات الصلاة، حتّى إذا أراد العود إلى مكانه رجع القهقرى لئلّا يستدبر القبلة. والأقوى الاقتصار على خصوص شرب الماء، دون الأكل ودون شرب غيره وإن قلّ زمانه؛ كما أنّ الأحوط الاقتصار على خصوص الوتر دون سائر النوافل. ولا يبعد عدم الاقتصار على حال الدعاء، فيلحق بها غيرها من أحوالها وإن كان الأحوط الاقتصار عليها. وأحوط منه الاقتصار على ما إذا حدث العطش بين الاشتغال بالوتر؛ بل الأقوى عدم استثناء من كان عطشانا فدخل في الوتر ليشرب بين الدعاء قُبيل الفجر.
      تاسعها: تعمّد قول «آمين» بعد إتمام الفاتحة إلّا مع التقيّة، فلابأس به كالساهي.
      عاشرها: الشكّ في عدد غير الرباعيّة من الفرائض، والاُوليين منها على ما يأتي في محلّه إن شاء اللّه تعالى.
      حادي عشرها: زيادة جزء أو نقصانه مطلقا إن كان ركنا، وعمدا إن كان غيره.
      مسألة 11 - يكره في الصلاة - مضافا إلى ما سمعته سابقا - نفخ موضع السجود إن لم يحدث منه حرفان، وإلّا فالأحوط الاجتناب عنه، والتأوّه والأنين والبصاق بالشرط المذكور والاحتياط المتقدّم، والعبث وفرقعة الأصابع والتمطّي والتثاؤب الاختياريّ، ومدافعة البول والغائط ما لم تصل إلى حدّ الضرر، وإلّا فيجتنب وإن كانت الصلاة صحيحة مع ذلك.
      مسألة 12 - لا يجوز قطع الفريضة اختيارا. وتُقطع للخوف على نفسه أو نفس محترمة أو عرضه أو ماله المعتدّ به ونحو ذلك، بل قد يجب القطع في بعض تلك الأحوال، لكن لو عصى فلم يقطعها أثم وصحّت صلاته. والأحوط عدم جواز قطع النافلة أيضا اختيارا وإن كان الأقوى جوازه.

    • القول في صلاة الآيات

       

      القول في صلاة الآيات

      مسألة 1 - سبب هذه الصلاة كسوف الشمس وخسوف القمر ولو بعضهما، والزلزلة، وكلّ آية مخوّفة عند غالب الناس، سماويّةً كانت كالريح السوداء أو الحمراء أو الصفراء غير المعتادة، والظلمة الشديدة، والصيحة، والهدّة، والنار الّتي قد تظهر في السماء، وغير ذلك؛ أو أرضيّةً - على الأحوط فيها - كالخسف ونحوه. ولا عبرة بغير المخوّف ولا بخوف النادر من الناس. نعم، لا يعتبر الخوف في الكسوفين والزلزلة، فيجب الصلاة فيها مطلقا.
      مسألة 2 - الظاهر أنّ المدار في كسوف النيّرين صدق اسمه وإن لم يستند إلى سببيه المتعارفين من حيلولة الأرض والقمر، فيكفي انكسافهما ببعض الكواكب الاُخر أو بسبب آخر. نعم، لو كان قليلا جدّا بحيث لا يظهر للحواسّ المتعارفة وإن أدركه بعض الحواسّ الخارقة أو يدرك بواسطة بعض الآلات المصنوعة فالظاهر عدم الاعتبار به وإن كان مستندا إلى أحد سببيه المتعارفين؛ وكذا لا اعتبار به لو كان سريع الزوال كمرور بعض الأحجار الجوّيّة عن مقابلهما بحيث ينطمس نورهما عن البصر وزال بسرعة.
      مسألة 3 - وقت أداء صلاة الكسوفين من حين الشروع إلى الشروع في الانجلاء. ولا يترك الاحتياط بالمبادرة إليها قبل الأخذ في الانجلاء. ولو أخّر عنه أتى بها لا بنيّة الأداء والقضاء بل بنيّة القربة المطلقة. وأمّا في الزلزلة ونحوهإ؛ن مظظ ممّا لاتسع وقتها للصلاة غالبا - كالهدّة والصيحة - فهي من ذوات الأسباب لاالأوقات، فتجب حال الآية، فإن عصى فبعدها طول العمر، والكلّ أداء.
      مسألة 4 - يختصّ الوجوب بمن في بلد الآية، فلا تجب على غيرهم. نعم، يقوى إلحاق المتّصل بذلك المكان ممّا يعدّ معه كالمكان الواحد.
      مسألة 5 - تثبت الآية وكذا وقتها ومقدار مكثها بالعلم وشهادة العدلين، بل وبالعدل الواحد على الأحوط، وبإخبار الرصديّ الّذي يطمأنّ بصدقه أيضا على الأحوط لو لم يكن الأقوى.
      مسألة 6 - تجب هذه الصلاة على كلّ مكلّف. والأقوى سقوطها عن الحائض والنفساء، فلا قضاء عليهما في الموقّتة، ولا يجب أداء غيرها. هذا في الحيض والنفاس المستوعبين، وأمّا غيره ففيه تفصيل، والاحتياط حسن.
      مسألة 7 - من لم يعلم بالكسوف إلى تمام الانجلاء ولم يحترق جميع القرص لم يجب عليه القضاء. أمّا إذا علم به وتركها ولو نسيانا أو احترق جميع القرص وجب القضاء. وأمّا في سائرالآيات فمع التأخير متعمّدا أو لنسيان يجب الإتيان بها مادام العمر؛ ولو لم يعلم بها حتّى مضى الزمان المتّصل بالآية فالأحوط الإتيان بها وإن لا يخلو عدم الوجوب من قوّة.
      مسألة 8 - لو أخبر جماعة غير عدول بالكسوف ولم يحصل له العلم بصدقهم وبعد مضيّ الوقت تبيّن صدقهم فالظاهر إلحاقه بالجهل، فلا يجب القضاء مع عدم احتراق جميع القرص. وكذا لو أخبر شاهدان ولم يعلم عدالتهما ثمّ ثبتت عدالتهما بعد الوقت؛ لكنّ الأحوط القضاء خصوصا في الصورة الثانية، بل لايترك فيها.
      مسألة 9 - صلاة الآيات ركعتان في كلّ واحدة منهما خمسة ركوعات فيكون المجموع عشرة. وتفصيله بأن يُحرم مع النيّة كما في الفريضة، ثمّ يقرأ الفاتحة وسورة، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه، ثمّ يقرأ الحمد وسورة، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه ويقرأ، وهكذا حتّى يتمّ خمسا على هذا الترتيب، ثمّ يسجد سجدتين بعد رفع رأسه من الركوع الخامس، ثمّ يقوم ويفعل ثانيا كما فعل أوّلا، ثمّ يتشهّد ويسلّم. ولا فرق في السورة بين كونها متّحدة في الجميع أو متغايرة.
      ويجوز تفريق سورة كاملة على الركوعات الخمسة من كلّ ركعة، فيقرأ بعد تكبيرةالإحرام الفاتحة، ثمّ يقرأ بعدها آية من سورة أو أقلّ أو أكثر، ثمّ يركع، ثم يرفع رأسه ويقرأ بعضا آخر من تلك السورة متّصلا بما قرأه منها أوّلا، ثمّ يركع، ثمّ يرفع رأسه ويقرأ بعضا آخر منها كذلك، وهكذا إلى الركوع الخامس حتّى يُتمّ سورةً ثمّ يركع الخامس ثمّ يسجد؛ ثمّ يقوم إلى الثانية ويصنع كما صنع في الركعة الاُولى، فيكون في كلّ ركعة الفاتحة مرّة مع سورة تامّة متفرّقة؛ ويجوز الإتيان في الركعة الثانية بالسورة المأتيّة في الاُولى وبغيرها. ولا يجوز الاقتصار على بعض سورة في تمام الركعة؛ كما أنّه في صورة تفريق السورة على الركوعات لا تشرع الفاتحة إلّا مرّة واحدة في القيام الأوّل، إلّا إذا أكمل السورة في القيام الثاني أو الثالث مثلا، فإنّه تجب عليه في القيام اللاحق بعد الركوع قراءة الفاتحة ثمّ سورة أو بعضها، وهكذا كلّما ركع عن تمام السورة وجبت الفاتحة في القيام منه؛ بخلاف ما لو ركع عن بعضها، فإنّه يقرأ من حيث قطع، ولا يعيد الحمد كما عرفت. نعم، لو ركع الركوع الخامس عن بعض السورة فسجد ثمّ قام للثانية فالأقوى وجوب الفاتحة ثمّ القراءة من حيث قطع؛ لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالركوع الخامس عن آخر السورة وافتتاح سورة في الثانية بعد الحمد.
      مسألة 10 - يعتبر في صلاة الآيات ما يعتبر في الفرائض اليوميّة من الشرائط وغيرها وجميع ما عرفته وتعرفه: من واجب وندب في القيام والقعود والركوع والسجود وأحكام السهو والشكّ في الزيادة والنقيصة بالنسبة إلى الركعات وغيرها؛ فلو شكّ في عدد ركعتيها بطلت كما في كلّ فريضة ثنائيّة، فإنّها منها وإن اشتملت ركعتها على خمسة ركوعات؛ ولو نقص ركوعا منها أوزاده عمدا أو سهوا بطلت، لأنّها أركان، وكذا القيام المتّصل بها. ولو شكّ في ركوعها يأتي به ما دام في المحلّ، ويمضي إن خرج عنه، ولا تبطل إلّا إذا بان بعد ذلك النقصان أو الزيادة أو رجع شكّه فيه إلى الشكّ في الركعات، كما إذا لم يعلم أنّه الخامس فيكون آخر الركعة الاُولى أو السادس فيكون أوّل الركعة الثانية.
      مسألة 11 - يستحبّ فيها الجهر بالقراءة ليلا أو نهارا حتّى صلاة كسوف الشمس، والتكبير عند كلّ هويّ للركوع وكلّ رفع منه، إلّا في الرفع من الخامس والعاشر، فإنّه يقول: «سمع اللّه لمن حمده» ثمّ يسجد. ويستحبّ فيها التطويل خصوصا في كسوف الشمس،وقراءة السورالطوال ك«يس» و«الروم» و«الكهف» ونحوها، وإكمال السورة في كلّ قيام، والجلوس في المصلّى مشتغلا بالدعاء والذكر إلى تمام الانجلاء، أو إعادة الصلاة إذا فرغ منها قبل تمام الانجلاء. ويستحبّ فيها في كلّ قيامٍ ثانٍ بعد القراءة قنوت، فيكون في مجموع الركعتين خمسة قنوتات؛ ويجوز الاجتزاء بقنوتين: أحدهما قبل الركوع الخامس لكن يأتي به رجاءً، والثاني قبل العاشر؛ ويجوز الاقتصار على الأخير منها.
      مسألة 12 - يستحبّ فيها الجماعة. ويتحمّل الإمام عن المأموم القراءة خاصّة كما في اليوميّة، دون غيرها من الأفعال والأقوال. والأحوط للمأموم الدخول في الجماعة قبل الركوع الأوّل أو فيه من الركعة الاُولى أو الثانية حتّى ينتظم صلاته.

    • القول في الخلل الواقع في الصلاة

       

      القول في الخلل الواقع في الصلاة

      مسألة 1 - من أخلّ بالطهارة من الحدث بطلت صلاته مع العمد والسهو والعلم والجهل؛ بخلاف الطهارة من الخبث، كما مرّ تفصيل الحال فيها وفي غيرها من الشرائط كالوقت والاستقبال والستر وغيرها. ومن أخلّ بشي ء من واجبات صلاته عمدا ولو حركةً من قراءتها وأذكارها الواجبة بطلت. وكذا إن زاد فيها جزءا متعمّدا قولا أو فعلا، من غير فرق بين الركن وغيره، بل ولا بين كونه موافقا لأجزائها أو مخالفا وإن كان الحكم في المخالف بل وفي غير الجزء الركنيّ لايخلو من تأمّل وإشكال. ويعتبر في تحقّق الزيادة في غير الأركان الإتيان بالشي ء بعنوان أنّه من الصلاة أو أجزائها؛ فليس منها الإتيان بالقراءة والذكر والدعاء في أثنائها إذا لم يأت بها بعنوان أنّها منها؛ فلابأس بها ما لم يحصل بها المحو للصورة؛ كما لابأس بتخلّل الأفعال المباحة الخارجيّة كحكّ الجسد ونحوه لو لم يكن مفوّتا للموالاة أو ماحيا للصورة كما مرّ سابقا.
      وأمّا الزيادة السهويّة فمن زاد ركعةً أو ركنا من ركوع أو سجدتين من ركعة أو تكبيرةالإحرام سهوا بطلت صلاته على إشكال في الأخير. وأمّا زيادة القيام الركنيّ فلا تتحقّق إلّا مع زيادة الركوع أو تكبيرة الإحرام. وأمّا النيّة فبناءً على أنّها الداعي لا تتصوّر زيادتها، وعلى القول بالإخطار لا تضرّ. وزيادة غيرالأركان سهوا لا تبطل وإن أوجبت سجدتي السهو على الأحوط كما سيأتي.
      مسألة 2 - من نقص شيئا من واجبات صلاته سهوا ولم يذكره إلّا بعد تجاوز محلّه فإن كان ركنا بطلت صلاته، وإلّا صحّت وعليه سجود السهو على تفصيل يأتي في محلّه. وقضاء الجزء المنسيّ بعد الفراغ منها إن كان المنسيّ التشهّد أو إحدى السجدتين. ولا يقضي من الأجزاء المنسيّة غيرهما. ولو ذكره في محلّه تداركه وإن كان ركنا، وأعاد ما فعله ممّا هو مترتّب عليه بعده.
      والمراد بتجاوز المحلّ الدخول في ركن آخر بعده، أو كون محلّ إتيان المنسيّ فعلا خاصّا وقد جاوز محلّ ذلك الفعل، كالذكر في الركوع والسجود إذا نسيه وتذكّر بعد رفع الرأس منهما؛ فمن نسي الركوع حتّى دخل في السجدة الثانية أو نسي السجدتين حتّى دخل في الركوع من الركعة اللاحقة بطلت صلاته؛ بخلاف ما لو نسي الركوع وتذكّر قبل أن يدخل في السجدة الاُولى أو نسي السجدتين وتذكّر قبل الركوع رجع وأتى بالمنسيّ، وأعاد ما فعله سابقا ممّا هو مترتّب عليه.
      ولو نسي الركوع وتذكّر بعد الدخول في السجدة الاُولى فالأحوط أن يرجع ويأتي بالمنسيّ وما هو مترتّب عليه، ويعيد الصلاة بعد إتمامها. ومن نسي القراءة أو الذكر أو بعضهما أو الترتيب فيهما وذكر قبل أن يصل إلى حدّ الركوع تدارك ما نسيه وأعاد ما هو مترتّب عليه. ومن نسي القيام أو الطمأنينة في القراءة أو الذكر وذكر قبل الركوع فالأحوط إعادتهما بقصد القربة المطلقة لا الجزئيّة.
      نعم، لو نسي الجهر أو الإخفات في القراءة فالظاهر عدم وجوب تلافيهما وإن كان الأحوط التدارك سيّما إذا تذكّر في الأثناء، فإنّه لا ينبغي له ترك الاحتياط بالإتيان بقصد القربة المطلقة. ومن نسي الانتصاب من الركوع أو الطمأنينة فيه وذكر قبل الدخول في السجود انتصب مطمئنّا، لكن بقصد الاحتياط والرجاء في نسيان الطمأنينة، ومضى في صلاته. ومن نسي الذكر في السجود أو الطمأنينة فيه أو وضع أحد المساجد حاله وذكر قبل أن يخرج عن مسمّى السجود أتى بالذكر، لكن في غير نسيان الذكر يأتي به بقصد القربة المطلقة لا الجزئيّة. ولو ذكر بعد رفع الرأس فقد جاز محلّ التدارك فيمضي في صلاته. ومن نسي الانتصاب من السجود الأوّل أو الطمأنينة فيه وذكر قبل الدخول في مسمّى السجود الثاني انتصب مطمئنّا ومضى فيها، لكن في نسيان الطمأنينة يأتي رجاءً واحتياطا. ولو ذكر بعد الدخول في السجدة الثانية فقد جاز محلّ التدارك فيمضي فيها.
      ومن نسي السجدة الواحدة أو التشهّد أو بعضه وذكر قبل الوصول إلى حدّالركوع أو قبل التسليم إن كان المنسيّ السجدة الأخيرة أو التشهّد الأخير يتدارك المنسيّ ويعيد ما هو مترتّب عليه. ولو نسي سجدةً واحدةً أو التشهّد من الركعة الأخيرة وذكر بعد التسليم: فإن كان بعد فعل ما يبطل الصلاة عمدا وسهوا كالحدث فقد جاز محلّ التدارك، وإنّما عليه قضاء المنسيّ وسجدتا السهو؛ وإن كان قبل ذلك فالأحوط في صورة نسيان السجدة الإتيان بها من دون تعيين للأداء والقضاء، ثمّ بالتشهّد والتسليم احتياطا، ثمّ سجدتي السهو احتياطا، وفي صورة نسيان التشهّد الإتيان به كذلك، ثمّ بالتسليم وسجدتي السهو احتياطا وإن كان الأقوى فوت محلّ التدارك فيهما بعد التسليم مطلقا، وعليه قضاء المنسيّ وسجدتا السهو. ومن نسي التسليم وذكره قبل حصول ما يبطل الصلاة عمدا وسهوا تداركه، فإن لم يتداركه بطلت صلاته، وكذا لو لم يتدارك ما ذكره في المحلّ على ما تقدّم.
      مسألة 3 - من نسي الركعة الأخيرة - مثلا - فذكرها بعد التشهّد قبل التسليم قام وأتى بها، ولو ذكرها بعده قبل فعل ما يبطل سهوا قام وأتمّ أيضا، ولو ذكرها بعده استأنف الصلاة من رأس، من غير فرق بين الرباعيّة وغيرها؛ وكذا لو نسي أكثر من ركعة؛ وكذا يستأنف لو زاد ركعة قبل التسليم بعد التشهّد أو قبله.
      مسألة 4 - لو علم إجمالا - قبل أن يتلبّس بتكبير الركوع على فرض الإتيان به وقبل الهويّ إلى الركوع على فرض عدمه - إمّا بفوات سجدتين من الركعة السابقة أو القراءة من هذه الركعة يكتفي بالإتيان بالقراءة على الأقوى. وكذا لوحصل له ذلك بعد الشروع في تكبير القنوت أو بعد الشروع فيه أو بعده، فيكتفي بالقراءة على الأقوى، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بإعادة الصلاة.
      مسألة 5 - لو علم بعد الفراغ أنّه ترك سجدتين ولم يدر أنّهما من ركعة أو ركعتين فالأحوط أن يأتي بقضاء سجدتين، ثمّ بسجدتي السهو مرّتين، ثمّ أعاد الصلاة. وكذا لو كان في الأثناء لكن بعد الدخول في الركوع. وأمّا لو كان قبل الدخول فيه فله صور لا يسع المجال بذكرها.
      مسألة 6 - لو علم بعد القيام إلى الثالثة أنّه ترك التشهّد ولا يدري أنّه ترك السجدة أيضا أم لا فلايبعد جوازالاكتفاء بالتشهّد، والأحوط إعادة الصلاة مع ذلك.

    • القول في الشك
    •  

      القول في الشكّ

      وهو إمّا في أصل الصلاة، وإمّا في أجزائها، وإمّا في ركعاتها:
      مسألة 1 - من شكّ في الصلاة فلم يدر أنّه صلّى أم لا: فإن كان بعد مضيّ الوقت لم يلتفت وبنى على الإتيان بها، وإن كان قبله أتى بها. والظنّ بالإتيان وعدمه هنا بحكم الشكّ.
      مسألة 2 - لو علم أنّه صلّى العصر ولم يدر أنّه صلّى الظهر أيضا أم لا فالأحوط بل الأقوى وجوب الإتيان بها، حتّى في ما لو لم يبق من الوقت إلّا مقدار الاختصاص بالعصر. نعم، لو لم يبق إلّا هذا المقدار وعلم بعدم الإتيان بالعصر وكان شاكّا في الإتيان بالظهر أتى بالعصر ولم يلتفت إلى الشكّ. وأمّا لو شكّ في إتيان العصر في الفرض فيأتي به، والأحوط قضاء الظهر. وكذا الحال في ما مرّ بالنسبة إلى العشاءين.
      مسألة 3 - إن شكّ في بقاء الوقت وعدمه يلحقه حكم البقاء.
      مسألة 4 - لو شك في أثناء صلاة العصر في أنّه صلّى الظهر أم لا: فإن كان في وقت الاختصاص بالعصر بنى على الإتيان بالظهر، وإن كان في وقت المشترك بنى على عدم الإتيان بها، فيعدل إليها.
      مسألة 5 - لو علم أنّه صلّى إحدى الصلاتين من الظهر أو العصر ولم يدر المعيّن منهما: فإن كان في الوقت المختصّ بالعصر يأتي به، والأحوط قضاء الظهر، وإن كان في الوقت المشترك أتى بأربع ركعات بقصد ما في الذمّة. ولو علم أنّه صلّى إحدى العشاءين ففي الوقت المختصّ بالعشاء يأتي به ويقضي المغرب احتياطا، وفي الوقت المشترك يأتي بهما.
      مسألة 6 - إنّما لا يعتني بالشكّ في الصلاة بعد الوقت، ويبني على إتيانها في ما إذا كان حدوثه بعده؛ فإذا شكّ فيها في أثناء الوقت ونسي الإتيان بها حتّى خرج الوقت وجب قضاؤها.
      مسألة 7 - لو شكّ في الإتيان واعتقد أنّه خارج الوقت ثمّ تبيّن بعده أنّ شكّه كان في أثنائه قضاها. بخلاف العكس، بأن اعتقد حال الشكّ أنّه في الوقت فترك الإتيان بها عمدا أو سهوا ثمّ تبيّن أنّه كان خارج الوقت فليس عليه القضاء.
      مسألة 8 - حكم كثير الشكّ في الإتيان بالصلاة وعدمه حكم غيره، فيجري فيه التفصيل بين كونه في الوقت وخارجه. وأمّا الوسواسيّ فالظاهر أنّه لا يعتني بالشكّ وإن كان في الوقت.

      • القول في الشكّ في شي ء من أفعال الصلاة

         

        القول في الشكّ في شي ء من أفعال الصلاة

        مسألة 1 - من شكّ في شي ء من أفعال الصلاة: فإن كان قبل الدخول في غيره ممّا هو مترتّب عليه وجب الإتيان به، كما إذا شكّ في تكبيرة الإحرام قبل أن يدخل في القراءة حتّى الاستعاذة، أو في الحمد قبل الدخول في السورة، أو فيها قبل الأخذ في الركوع، أو فيه قبل الهويّ إلى السجود، أو فيه قبل القيام أو الدخول في التشهّد؛ وإن كان بعد الدخول في غيره ممّا هو مترتّب عليه وإن كان مندوبا لم يلتفت وبنى على الإتيان به، من غير فرق بين الأوّلتين والأخيرتين؛ فلا يلتفت إلى الشكّ في الفاتحة وهو آخذ في السورة، ولا فيها وهو في القنوت، ولا في الركوع أو الانتصاب منه وهو في الهويّ للسجود، ولا في السجود وهو قائم أو في التشهّد، ولا فيه وهو قائم، بل وهو آخذ في القيام على الأقوى. نعم، لو شكّ في السجود في حال الأخذ في القيام يجب التدارك.
        مسألة 2 - الأقوى في البناء على الإتيان - وعدم الاعتناء بالشكّ - بعد الدخول في الغير عدمُ الفرق بين أن يكون الغير من الأجزاء المستقلّة -كالأمثلة المتقدّمة- وبين غيرها، كما إذا شكّ في الإتيان بأوّل السورة وهو في آخرها، أو أوّل الآية وهو في آخرها، بل أوّل الكلمة وهو في آخرها، وإن كان الأحوط الإتيان بالمشكوك فيه بقصد القربة المطلقة.
        مسألة 3 - لو شكّ في صحّة ما وقع وفساده - لا في أصل الوقوع - لم يلتفت وإن كان في المحلّ، وإن كان الاحتياط في هذه الصورة بإعادة القراءة والذكر بنيّة القربة، وفي الركن بإتمام الصلاة ثمّ الإعادة مطلوبا.
        مسألة 4 - لو شكّ في التسليم لم يلتفت إن كان قد دخل في ما هو مترتّب على الفراغ من التعقيب ونحوه، أو في بعض المنافيات أو نحو ذلك ممّا لا يفعله المصلّي إلّا بعد الفراغ؛ كما أنّ المأموم لو شكّ في التكبير مع اشتغاله بفعل مترتّب عليه ولو كان بمثل الإنصات المستحبّ في الجماعة ونحو ذلك لم يلتفت.
        مسألة 5 - ما شكّ فى إتيانه في المحلّ فأتى به ثمّ ذكر أنّه فعله لا يُبطل الصلاة إلّا أن يكون ركنا؛ كما أنّه لو لم يفعله مع التجاوز عنه فبان عدم إتيانه لم يبطل ما لم يكن ركنا ولم يمكن تداركه بأن كان داخلا في ركن آخر، وإلّا تداركه مطلقا.
        مسألة 6 - لو شكّ وهو في فعلٍ أنّه هل شكّ في بعض الأفعال المتقدّمة عليه سابقا أم لا؟ لا يعتني به؛ وكذلك لو شكّ في أنّه هل سها كذلك أم لا؟. نعم، لو شكّ في السهو وعدمه وهو في محلّ تدارك المشكوك فيه يأتي به.

      • القول في الشكّ في عدد ركعات الفريضة

         

        القول في الشكّ في عدد ركعات الفريضة

        مسألة 1 - لا حكم للشكّ المزبور بمجرّد حصوله إن زال بعد ذلك. وأمّا لو استقرّ فهو مفسد للثنائيّة والثلاثيّة والاُوليين من الرباعيّة، وغير مفسد بل له علاج في صور منها بعد إحراز الاُوليين منها، الحاصل برفع الرأس من السجدة الأخيرة، وأمّا مع إكمال الذكر الواجب فيها فالأحوط البناء والعمل بالشكّ ثمّ الإعادة وإن كان الأقوى لزوم الإعادة ومفسديّته:
        الصورة الاُولى: الشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين، فيبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ويتمّ صلاته، ثمّ يحتاط بركعة من قيام أوركعتين من جلوس؛ والأحوط الأولى الجمع بينهما مع تقديم الركعة من قيام، ثمّ استيناف الصلاة.
        الثانية: الشكّ بين الثلاث والأربع في أيّ موضع كان، فيبني على الأربع؛ وحكمه كالسابق حتّى في الاحتياط، إلّا في تقديم الركعة من قيام.
        الثالثة: الشكّ بين الاثنتين والأربع بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع ويتمّ صلاته، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام.
        الرابعة: الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد إكمال السجدتين، فيبني على الأربع ويتمّ صلاته، ثمّ يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس؛ والأحوط بل الأقوى تقديم الركعتين من قيام.
        الخامسة: الشكّ بين الأربع والخمس. وله صورتان: إحداهما بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة، فيبني على الأربع ويتشهّد ويسلّم ثمّ يسجد سجدتي السهو. ثانيتهما حال القيام. وهذه مندرجة تحت الشكّ بين الثلاث والأربع حال القيام ولم يدر أنّه ثلاثا صلّى أو أربعا، فيبني على الأربع، ويجب عليه هدمُ القيام والتشهّدُ والتسليمُ وصلاة ركعتين جالسا أو ركعة قائما. وكذا الحال في جميع صور الهدم، فإنّه لا يوجب انقلاب الشكّ، بل هو مقدّمة للتسليم بعد صدق الشكّ بين الركعات حال القيام.
        السادسة: الشكّ بين الثلاث والخمس حال القيام. وهو مندرج في الشكّ بين الاثنتين والأربع، فيجلس ويتمّ الصلاة ويعمل عمل الشكّ.
        السابعة: الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام. وهو راجع إلى الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، فيجلس ويتمّ صلاته ويعمل عمله.
        الثامنة: الشكّ بين الخمس والستّ حال القيام. وهو راجع إلى الشكّ بين الأربع والخمس، فيجلس ويتمّ ويسجد سجدتي السهو مرّتين: مرّةً وجوبا للشكّ المزبور، ومرّةً احتياطا لزيادة القيام، وإن كان عدم وجوبها لزيادته لا يخلو من قوّة. والأحوط في الصور الأربع المتأخّرة استيناف الصلاة مع ذلك.
        مسألة 2 - لو شكّ بين الثلاث والأربع أو بين الثلاث والخمس أو بين الثلاث والأربع والخمس في حال القيام وعلم أنّه ترك سجدة أو سجدتين من الركعة الّتي قام منها بطلت صلاته، لأنّه راجع إلى الشكّ بين الاثنتين والزائدة قبل إكمال السجدتين.
        مسألة 3 - في الشكوك المعتبر فيها إكمال السجدتين لو شكّ في الإكمال وعدمه: فإن كان في المحلّ - أي حال الجلوس قبل القيام أو التشهّد - بطلت صلاته، وإن كان بعد التجاوز عنه ففيه إشكال، لا يترك الاحتياط بالبناء والعمل بالشكّ والإعادة.
        مسألة 4 - الشكّ في الركعات ما عدا الصور المزبورة موجب للبطلان وإن كان الطرف الأقلّ الأربعَ وكان بعد إكمال السجدتين أو كان الشكّ بين الأربع والأقلّ والأكثر بعد إكمالهما، كالشكّ بين الثلاث والأربع والستّ.
        مسألة 5 - لو شكّ بين الاثنتين والثلاث وعمل عمل الشكّ وبعد الفراغ عن صلاة الاحتياط شكّ في أنّ شكّه السابق كان قبل إكمال السجدتين أو بعده يبني على الصحّة ولا يعتني بشكّه. وأمّا لو شكّ في ذلك في أثناء الصلاة أو بعدها وقبل الإتيان بصلاة الاحتياط أو في أثنائها فالأحوطالبناء وعمل الشكّ ثمّ إعادةالصلاة.
        مسألة 6 - لو شكّ بعد الفراغ من الصلاة أنّ شكّه كان موجبا لركعة أو ركعتين فالأحوط الإتيان بهما ثمّ إعادة الصلاة. وكذا لو لم يدر أنّه أيّ شكّ من الشكوك الصحيحة، فإنّه يعيدها بعد العمل بموجب الجميع؛ ويحصل ذلك بالإتيان بركعتين من قيام وركعتين من جلوس وسجود السهو. وكذا لو لم ينحصر المحتملات في الشكوك الصحيحة بل احتمل بعض الوجوه الباطلة، فإنّ الأحوط العمل بموجب الشكوك الصحيحة ثمّ الإعادة.
        مسألة 7 - لو عرض له أحد الشكوك ولم يعلم الوظيفة: فإن لم يسع الوقتُ أو لم يتمكّن من التعلّم في الوقت تعيّن عليه العمل بالراجح من المحتملات لو كان، أو أحدها لو لم يكن، ويتمّ صلاته ويعيدها احتياطا مع سعة الوقت؛ ولو تبيّن بعد ذلك أنّ عمل الشكّ مخالف للواقع يستأنف الصلاة لو لم يأت بها في الوقت؛ وإن اتّسع الوقت وتمكّن من التعلّم فيه يقطع ويتعلّم وإن جاز له إتمام العمل على طبق بعض المحتملات ثمّ التعلّم، فإن كان موافقا اكتفى به، وإلّا أعاد، وإن كان الأحوط الإعادة حتّى مع الموافقة.
        مسألة 8 - لو انقلب شكّه بعد الفراغ إلى شكّ آخر كما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع وبعد الصلاة انقلب إلى الثلاث والأربع أو شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع فانقلب إلى الثلاث والأربع فلا يبعد لزوم ركعة متّصلة في الفرع الأوّل وأشباهه، ولزوم عمل الشكّ الثاني في أشباه الفرع الثاني، أي الثلاثيّ الأطراف الّذي خرج أحد الأطراف عن الطرفيّة. هذا إذا لم ينقلب إلى ما يعلم معه بالنقيصة كالمثالين المذكورين. وأمّا إذا انقلب إلى ذلك كما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع ثمّ انقلب بعد السلام إلى الاثنتين والثلاث فلا شكّ في أنّ اللازم أن يعمل عمل الشكّ المنقلب إليه، لتبيّن كونه في الصلاة وأنّ السلام وقع في غير محلّه، فيضيف إلى عمل الشكّ الثاني سجدتي السهو للسلام في غير محلّه.
        مسألة 9 - إن شكّ بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث ثمّ شكّ بين الثلاث البنائيّ والأربع فالظاهر انقلاب شكّه إلى الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع، فيعمل عمله.
        مسألة 10 - لو شكّ بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث فلمّا أتى بالرابعة تيقّن أنّه حين الشكّ لم يأت بالثلاثة لكن يشكّ أنّه في ذلك الحين أتى بركعة أو ركعتين يرجع شكّه بالنسبة إلى حاله الفعليّ إلى الاثنتين والثلاث، فيعمل عمله.
        مسألة 11 - من كان عاجزا عن القيام وعرض له أحد الشكوك الصحيحة فالظاهر أنّ صلاته الاحتياطيّة القياميّة بالتعيين تصير جلوسيّة، والجلوسيّة بالتعيين تبقى على حالها، وتتعيّن الجلوسيّة الّتي هي إحدى طرفي التخيير؛ ففي الشكّ بين الاثنتين والثلاث أو بين الثلاث والأربع تتعيّن عليه الركعتان من جلوس، وفي الشكّ بين الاثنتين والأربع يأتي بالركعتين جالسا بدلا عنهما قائما، وفي الشكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع يأتي بالركعتين جالسا بدلا عنهما قائما ثمّ الركعتين جالسا لكونهما وظيفته، مقدّما للركعتين بدلا على ما هما وظيفته. والأحوط الأولى في الجميع إعادة الصلاة بعد العمل المذكور.
        مسألة 12 - لا يجوز في الشكوك الصحيحة قطع الصلاة واستينافها، بل يجب العمل على طبق وظيفة الشاكّ. نعم، لو أبطلها يجب عليه الاستيناف وصحّت صلاته وإن أثم للإبطال.
        مسألة 13 - في الشكوك الباطلة إذا غفل عن شكّه وأتمّ صلاته ثمّ تبيّن له موافقتها للواقع ففي الصحّة وعدمها وجهان، أوجههما الصحّة في غير الشكّ في الاُوليين، فإنّ الأحوط فيه الإعادة.
        مسألة 14 - لو كان المسافر في أحد مواطن التخيير فنوى القصر وشكّ في الركعات فلا يبعد تعيّن العمل بحكم الشكّ ولزوم العلاج، من غير حاجة إلى نيّة العدول، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط بالعمل بالشكّ بعد نيّةالعدول وإعادةالصلاة.
        مسألة 15 - لو شكّ وهو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين والثلاث وعلم بعدم إتيان التشهّد في هذه الصلاة فالأقوى وجوب المضيّ بعد البناء على الثلاث وقضاء التشهّد بعد الصلاة. وكذا لو شكّ وهو قائم بين الثلاث والأربع مع علمه بعدم الإتيان بالتشهّد فيبني على الأربع ويمضي ويقضي التشهّد بعدها.

      • القول في الشكوك الّتي لا اعتباربها

         

        القول في الشكوك الّتي لا اعتباربها

        وهي في مواضع:
        منها: الشكّ بعد تجاوز المحلّ، وقد مرّ.
        ومنها: الشكّ بعد الوقت، وقد مرّ أيضا.
        ومنها: الشكّ بعد الفراغ من الصلاة، سواء تعلّق بشروطها أو أجزائها أو ركعاتها، بشرط أن يكون أحد طرفي الشكّ الصحّة؛ فلو شكّ في الرباعيّة أنّه صلّى الثلاث أو الأربع أو الخمس وفي الثلاثيّة أنّه صلّى الثلاث أو الأربع أو الخمس وفي الثنائيّة أنّه صلّى اثنتين أو أزيد أو أقلّ بنى على الصحيح في الكلّ؛ بخلاف ما إذا شكّ في الرباعيّة بين الثلاث والخمس وفي الثلاثيّة بين الاثنتين والأربع، فإنّ صلاته باطلة في نظائرهما.
        ومنها: شكّ كثير الشكّ، سواء كان في الركعات أو الأفعال أو الشرائط، فيبني على وقوع ما شكّ فيه وإن كان في محلّه، إلّا إذا كان مفسدا فيبني على عدمه. ولوكان كثير الشكّ في شي ء خاصّ أو صلاة خاصّة يختصّ الحكم به؛ فلو شكّ في غير ذلك الفعل يعمل عمل الشكّ.
        مسألة 1 - المرجع في كثرة الشكّ إلى العرف. ولا يبعد تحقّقه في ما إذا لم تخلُ منه ثلاث صلوات متوالية. ويعتبر في صدقها أن لايكون ذلك من جهةعروض عارض: من خوف أو غضب أو همّ ونحو ذلك ممّا يوجب اغتشاش الحواسّ.
        مسألة 2 - لو شكّ في أنّه حصل له حالة كثرة الشكّ أم لا بنى على عدمها. ولو شكّ كثير الشكّ في زوال تلك الحالة بنى على بقائها لو كان الشكّ من جهة الاُمور الخارجيّة لا الشبهة المفهوميّة، وإلّا فيعمل عمل الشكّ.
        مسألة 3 - لا يجوز لكثير الشكّ الاعتناء بشكّه؛ فلو شكّ في الركوع وهو في المحلّ لا يجوز أن يركع، ولو ركع بطلت صلاته، والأحوط ترك القراءة والذكر ولو بقصد القربة لمراعاة الواقع رجاءً، بل عدم الجواز لا يخلو من قوّة.
        ومنها: شكّ كلّ من الإمام والمأموم في الركعات مع حفظ الآخر؛ فيرجع الشاكّ منهما إلى الآخر. وجريان الحكم في الشكّ في الأفعال أيضا لا يخلو من وجه. ولا يرجع الظانّ إلى المتيقّن، بل يعمل على طبق ظنّه، ويرجع الشاكّ إلى الظانّ على الأقوى. ولو كان الإمام شاكّا والمأمومون مختلفين في الاعتقاد لم يرجع إليهم. نعم، لو كان بعضهم شاكّا وبعضهم متيقّنا يرجع إلى المتيقّن منهم، بل يرجع الشاكّ منهم بعد ذلك إلى الإمام لو حصل له الظنّ، ومع عدم حصوله فالأقوى عدم رجوعه إليه ويعمل عمل شكّه.
        مسألة 4 - لو عرض الشكّ لكلّ من الإمام والمأموم: فإن اتّحد شكّهما عمل كلّ منهما عمل ذلك الشكّ، كما أنّه لو اختلف ولم يكن بين الشكّين رابطة - كما إذا شكّ أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الأربع والخمس - ينفرد المأموم، ويعمل كلّ عمل شكّه، وأمّا لو كان بينهما رابطة وقدر مشترك كما لو شكّ أحدهما بين الاثنتين والثلاث والآخر بين الثلاث والأربع ففي مثله يبنيان على القدر المشترك، كالثلاث في المثال، لأنّ ذلك قضيّة رجوع الشاكّ منهما إلى الحافظ، حيث إنّ الشاكّ بين الاثنتين والثلاث معتقد بعدم الأربع وشاكّ في الثلاث، والشاكّ بين الثلاث والأربع معتقد بوجود الثلاث وشاكّ في الأربع، فالأوّل يرجع إلى الثاني في تحقّق الثلاث والثاني يرجع إلى الأوّل في نفي الأربع، فينتج بناءهما على الثلاث، والأحوط مع ذلك إعادة الصلاة. نعم، يكتفى في تحقّق الاحتياط في الأوّل البناء على الثلاث والإتيان بصلاةالاحتياط إذا عرض الشكّ بعدالسجدتين.
        ومنها: الشكّ في ركعات النافلة، سواء كانت ركعةً كالوتر أو ركعتين، فيتخيّر بين البناء على الأقلّ أوالأكثر، والأوّل أفضل، وإن كان الأكثرمفسدايبني على الأقلّ.
        وأمّا الشكّ في أفعال النافلة فهو كالشكّ في أفعال الفريضة يأتي بها في المحلّ، ولا يعتني به بعد التجاوز. ولا يجب قضاء السجدة المنسيّة ولا التشهّد المنسيّ. ولا يجب سجود السهو فيها لموجباته.
        مسألة 5 - النوافل الّتي لها كيفيّة خاصّة أو سورة مخصوصة - كصلاة ليلة الدفن والغفيلة - إذا نسي فيها تلك الكيفيّة: فإن أمكن الرجوع والتدارك يتدارك، وإن لم يمكن أعادها. نعم، لو نسي بعض التسبيحات فى صلاة جعفر قضاه متى تذكّر في حالة اُخرى من حالات الصلاة، ولو تذكّر بعد الصلاة يأتي به رجاءً.

    • القول في حكم الظن في أفعال الصلاة وركعاتها

       

      القول في حكم الظنّ في أفعال الصلاة وركعاتها

      مسألة 1 - الظنّ في عدد الركعات مطلقا - حتّى في ما تعلّق بالركعتين الأوّلتين من الرباعيّة أو بالثنائيّة والثلاثيّة - كاليقين، فضلا عمّا تعلّق بالأخيرتين من الرباعيّة، فيجب العمل بمقتضاه ولو كان مسبوقا بالشكّ؛ فلو شكّ أوّلا ثمّ ظنّ بعد ذلك في ما كان شاكّا فيه كان العمل على الأخير؛ وكذا لو انقلب ظنّه إلى الشكّ أو شكّه إلى شكّ آخر عمل بالأخير؛ فلو شكّ في حال القيام بين الثلاث والأربع وبنى على الأربع فلمّا رفع رأسه من السجود - مثلا - انقلب شكّه الى الشكّ بين الأربع والخمس، عمل عمل الشكّ الثاني وهكذا. والأحوط في ما تعلّق الظنّ بغير الركعتين الأخيرتين من الرباعيّة العمل على الظنّ ثمّ الإعادة.
      وأمّا الظنّ في الأفعال ففي اعتباره إشكال، فلا يترك الاحتياط في ما لو خالف الظنّ مع وظيفة الشكّ - كما إذا ظنّ بالإتيان وهو في المحلّ - بإتيان مثل القراءة بنيّة القربة المطلقة وإتيان مثل الركوع ثمّ الإعادة، وكذا إذا ظنّ بعدم الإتيان بعد المحلّ مع بقاء محلّ التدارك؛ ومع تجاوز محلّه أيضا يتمّ الصلاة، ويعيدها في مثل الركوع.
      مسألة 2 - لو تردّد في أنّ الحاصل له ظنّ أو شكّ - كما قد يتّفق - ففيه إشكال لايترك الاحتياط بالعلاج، أمّا في الركعات فيعمل على طبق أحدهما ويعيدالصلاة، والأحوط العمل على طبق الشكّ ثمّ الإعادة، وأمّا في الأفعال فمثل مامرّ. نعم، لوكان مسبوقا بالظنّ أو الشكّ وشكّ في انقلابه فلا يبعد البناء على الحالة السابقة.

    • القول في ركعات الاحتياط

       

      القول في ركعات الاحتياط

      مسألة 1 - ركعات الاحتياط واجبة، فلا يجوز تركها وإعادة الصلاة من الأصل. وتجب المبادرة إليها بعد الفراغ من الصلاة، كما أنّه لا يجوز الفصل بينها وبين الصلاة بالمنافي؛ فإن فعل ذلك فالأحوط الإتيان بها وإعادة الصلاة. ولو أتى بالمنافي قبل صلاة الاحتياط ثمّ تبيّن له تماميّة صلاته لا تجب إعادتها.
      مسألة 2 - لا بدّ في صلاة الاحتياط من النيّة وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة -والأحوط الإسرار بها وبالبسملة أيضا- والركوع والسجود والتشهّد والتسليم. ولا قنوت فيها وإن كانت ركعتين، كما أنّه لا سورة فيها.
      مسألة 3 - لو نسي ركنا من ركعات الاحتياط أو زاده فيها بطلت، فلا يترك الاحتياط باستيناف الاحتياط ثمّ إعادة الصلاة.
      مسألة 4 - لو بان الاستغناء عن صلاة الاحتياط قبل الشروع فيها لا يجب الإتيان بها. وإن كان بعد الفراغ منها وقعت نافلة. وإن كان في الأثناء أتمّها كذلك. والأحوط إضافة ركعة ثانية لو كانت ركعةً من قيام. ولو تبيّن نقص الصلاة بعد الفراغ من صلاة الاحتياط فإن كان النقص بمقدار ما فعله من الاحتياط - كما إذا شكّ بين الثلاث والأربع وأتى بركعة قائما فتبيّن كونها ثلاثا - تمّت صلاته، والأحوط الاستيناف. لكن ذلك في ما إذا كان ما فعله أحد طرفي الشكّ من النقص، كالمثال المذكور. وأمّا مجرّد موافقة ما فعله للنقص في المقدار ففي جبره إشكال، كما لو شكّ بين الاثنتين والأربع و بنى على الأربع وأتى بركعةقائما عوض ركعتي الاحتياط اشتباها فتبيّن أنّ النقص بركعة، فالأحوط في مثله الإعادة. ولو كان النقص أزيد منه - كما إذا شكّ بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع وصلّى صلاة الاحتياط فتبيّن كونها ركعتين - تجب عليه الإعادة بعد الإتيان بركعة أو ركعتين متّصلة. وكذا لو كان أقلّ منه، كما إذا شكّ بين الاثنتين والأربع فبنى على الأربع و أتى بركعتين من قيام ثمّ تبيّن كون صلاته ثلاث ركعات، فيأتي بركعة متّصلة ثمّ يعيد الصلاة. ولو تبيّن النقص في أثناء صلاة الاحتياط فالأقوى الا كتفاء بما جعله الشارع جبرا ولو كان مخالفا في الكمّ والكيف لما نقص من صلاته، فضلا عمّا كان موافقا له؛ فمن شكّ بين الثلاث والأربع وبنى على الأربع وشرع في الركعتين جالسا فتبيّن كون صلاته ثلاث ركعات أتمّهما واكتفى بهما، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط مطلقا بالإعادة، خصوصا في صورة المخالفة. وأمّا في غير صورة ما جعله جبرا كما لو شكّ بين الثلاث والأربع واشتغل بصلاة ركعتين جالسا فتبيّن كونها ثنتين فالأحوط قطعها وجبر الصلاة بركعتين موصولتين ثمّ إعادتها. وإذا تبيّن النقص قبل الدخول في صلاة الاحتياط كان له حكم من نقص من الركعات من غير عمد من التدارك الّذي قد عرفته، فلاتكفي صلاة الاحتياط، بل اللازم حينئذ إتمام ما نقص وسجدتا السهو للسلام في غير محلّه.
      مسألة 5 - لو شكّ في إتيان صلاة الاحتياط: فإن كان بعد الوقت لا يلتفت إليه، وإن كان في الوقت فإن لم يدخل في فعل آخر ولم يأت بالمنافي ولم يحصل الفصل الطويل بنى على عدم الإتيان. ومع أحد الاُمور الثلاثة فللبناء على الإتيان بها وجه، ولكنّ الأحوط الإتيان بها ثمّ إعادة الصلاة.
      مسألة 6 - لو شكّ في فعل من أفعالها أتى به لو كان في المحلّ، وبنى على الإتيان لو تجاوز كما في أصل الصلاة. ولو شكّ في ركعاتها فالأقوى وجوب البناء على الأكثر، إلّا أن يكون مبطلا فيبني على الأقلّ، لكنّ الأحوط مع ذلك إعادتها ثمّ إعادة أصل الصلاة.
      مسألة 7 - لو نسيها ودخل في صلاة اُخرى - من نافلة أو فريضة - قطعها وأتى بها، خصوصا إذا كانت الثانية مترتّبةً على الاُولى، والأحوط مع ذلك إعادة أصل الصلاة. هذا إذا كان ذلك غير مخلّ بالفوريّة، وإلّا فلا يبعد وجوب العدول إلى أصل الصلاة إن كانت مترتّبةً، والأحوط إعادتها بعدذلك أيضا؛ ومع عدم الترتّب يرفع اليد عنها ويعيد أصل الصلاة؛ والأحوط الإتيان بصلاة الاحتياط ثمّ الإعادة.

    • القول في الأجزاء المنسية

       

      القول في الأجزاء المنسيّة

      مسألة 1 - لا يقضي من الأجزاء المنسيّة في الصلاة غير السجود والتشهّد على الأحوط في الثاني، فينوي أنّهما قضاء المنسيّ مقارنا للنيّة لأوّلهما، محافظا على ماكان واجبا فيهماحال الصلاة، فإنّهماكالصلاةفي الشرائطوالموانع،بل لايجوز الفصل بينهما وبين الصلاة بالمنافي على الأحوط؛ فلو فصل به يأتي بهما مع الشرائط. والأحوط إعادة الصلاة خصوصا في الترك العمديّ وإن كان الأقوى عدم وجوبها. والأقوى عدم وجوب قضاءأبعاض التشهّدحتّى الصلاةعلى النبيّ وآله.
      مسألة 2 - لو تكرّر نسيان السجدة والتشهّد يتكرّر قضاؤهما بعدد المنسيّ. ولا يشترط التعيين ولا ملاحظة الترتيب. نعم، لو نسي السجدة والتشهّد معا فالأحوط تقديم قضاء السابق منهما في الفوت، ولو لم يعلم السابق احتاط بالتكرار، فيأتي بما قدّمه مؤخّرا أيضا.
      مسألة 3 - لا يجب التسليم في التشهّد القضائيّ، كما لا يجب التشهّد والتسليم في السجدة القضائيّة. نعم، لو كان المنسيّ التشهّد الأخير فالأحوط إتيانه بقصد القربة المطلقة من غير نيّة الأداء والقضاء مع الإتيان بالسلام بعده، كما أنّ الأحوط إتيان سجدتي السهو. ولو كان المنسيّ السجدة من الركعة الأخيرة فالأحوط إتيانها كذلك مع الإتيان بالتشهّد والتسليم وسجدتي السهو وإن كان الأقوى كونها قضاءً ووقوع التشهّد والتسليم في محلّهما، ولا يجب إعادتهما.
      مسألة 4 - لو اعتقد نسيان السجدة أو التشهّد مع فوات محلّ تداركهما ثمّ بعدالفراغ من الصلاة انقلب اعتقاده إلى الشكّ فالأحوط وجوب القضاء وإن كان الأقوى عدمه.
      مسألة 5 - لو شكّ في أنّ الفائت سجدة واحدة أو سجدتان من ركعتين بنى على الأقلّ.
      مسألة 6 - لو نسي قضاء السجدة أو التشهّد وتذكّر بعد الدخول في صلاة اُخرى قطعها إن كانت نافلةً، وأمّا إن كانت فريضةً ففي قطعها إشكال، خصوصا إذا كان المنسيّ التشهّد.
      مسألة 7 - لو كان عليه قضاء أحدهما في صلاة الظهر وضاق وقت العصر: فإن لم يدرك منها لو أتى به حتّى ركعة قدّم العصر وقضى الجزء بعدها، وإن أدرك منها ركعةً فلا يبعد وجوب تقديم العصر أيضا. ولو كان عليه صلاة الاحتياط للظهر وضاق وقت العصر: فإن أدرك منها ركعةً قدّم صلاة الاحتياط، وإلّا قدّم العصر ويحتاط بإتيان صلاة الاحتياط بعدها وإعادة الظهر.

    • القول في سجود السهو

       

      القول في سجود السهو

      مسألة 1 - يجب سجود السهو للكلام ساهيا ولو لظنّ الخروج، ونسيان السجدة الواحدة إن فات محلّ تداركها، والسلام في غير محلّه، ونسيان التشهّد مع فوت محلّ تداركه على الأحوط فيهما، والشكّ بين الأربع والخمس. والأحوط إتيانه لكلّ زيادة ونقيصة في الصلاة لم يذكرها في محلّها وإن كان الأقوى عدم وجوبه لغير ما ذكر، بل عدم وجوبه في القيام موضع القعود وبالعكس لا يخلومن قوّة، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط. وللكلام سجدتا سهو وإن طال إن عُدّ كلاما واحدا. نعم، إن تعدّد - كما لو تذكّر في الأثناء ثمّ سها بعده فتكلّم - تعدّد السجود.
      مسألة 2 - التسليم الزائد لو وقع مرّة واحدة ولو بجميع صيغه سجد له سجدتي السهو مرّة واحدة، وإن تعدّد سجد له متعدّدا. والأحوط تعدّده لكلّ تسليم. وكذا الحال في التسبيحات الأربع.
      مسألة 3 - لو كان عليه سجود سهو وقضاء أجزاء منسيّة وركعات احتياطيّة أخّر السجود عنهما. والأحوط تقديم الركعات الاحتياطيّة على قضاء الأجزاء، بل وجوبه لا يخلو من رجحان.
      مسألة 4 - تجب المبادرة في سجود السهو بعد الصلاة. ويعصي بالتأخير وإن صحّت صلاته؛ ولم يسقط وجوبه بذلك ولا فوريّته فيسجد مبادرا؛ كما أنّه لو نسيه -مثلا- يسجد حين الذكر فورا، فلو أخّر عصى.
      مسألة 5 - تجب في السجود المزبور النيّة مقارنا لأوّل مسمّاه. ولا يجب فيه تعيين السبب ولو مع التعدّد، كما لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه على الأقوى. ولا يجب فيه التكبير وإن كان أحوط. والأحوط مراعاة جميع ما يجب في سجود الصلاة، خصوصا وضع المساجد السبعة، وإن كان عدم وجوب شي ء ممّا لايتوقّف صدق مسمّى السجود عليه لا يخلو من قوّة. نعم، لا يترك الاحتياط في ترك السجود على الملبوس والمأكول. والأحوط فيه الذكر المخصوص، فيقول في كلّ من السجدتين: «بسم اللّه وباللّه، وصلّى اللّه على محمّد وآل محمّد» أو يقول: «بسم اللّه وباللّه، أللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد» أو يقول: «بسم اللّه وباللّه، السلام عليك أيّها النبيّ ورحمة اللّه وبركاته».
      والأحوط اختيار الأخير، لكن عدم وجوب الذكر سيّما المخصوص منه لايخلو من قوّة. ويجب بعد السجدة الأخيرة التشهّد والتسليم؛ والواجب من التشهّد المتعارفُ منه في الصلاة، ومن التسليم «السلام عليكم».
      مسألة 6 - لو شكّ في تحقّق موجبه بنى على عدمه. ولو شكّ في إتيانه بعد العلم بوجوبه وجب الإتيان به. ولو علم بالموجب وتردّد بين الأقلّ والأكثر بنى على الأقلّ. ولو شكّ في فعل من أفعاله فإن كان في المحلّ أتى به، وإن تجاوز لايعتني به. وإذا شكّ في أنّه سجد سجدتين أو واحدةً بنى على الأقلّ، إلّا إذا كان شكّه بعدالدخول في التشهّد. ولو علم بأنّه زاد سجدةً أو علم أنّه نقص واحدةً أعاد.

    • ختام فيه مسائل متفرفة

       

      ختام فيه مسائل متفرّقة

      مسألة 1 - لو شكّ في أنّ ما بيده ظهر أو عصر: فإن كان قد صلّى الظهر بطل ما بيده، وإن كان لم يصلّها أو شكّ في أنّه صلّاها أولا فإن كان لم يصلّ العصر وكان في الوقت المشترك عدل به إلى الظهر، وكذا إن كان في الوقت المختصّ بالعصر لوكان الوقت واسعا لإتيان بقيّة الظهر وإدراك ركعة من العصر، ومع عدم السعة فإن كان الوقت واسعا لإدراك ركعة من العصر ترك ما بيده وصلّى العصر ويقضي الظهر، وإلّا فالأحوط إتمامه عصرا وقضاء الظهر والعصر خارج الوقت وإن كان جواز رفع اليد عنه لا يخلو من وجه. وفي المسألة صور كثيرة ربما تبلغ ستّا وثلاثين. وممّا ذُكر ظهر حال ما إذا شكّ في أنّ ما بيده مغرب أو عشاء. نعم، موضع جواز العدول هاهنا في ما إذا لم يدخل في ركوع الرابعة.
      مسألة 2 - لو علم بعد الصلاة أنّه ترك سجدتين من ركعتين - سواء كانتا من الأوّلتين أو الأخيرتين - صحّت، وعليه قضاؤهما وسجدتا السهو مرّتين؛ وكذا إن لم يدر أنّهما من أيّ الركعات بعد العلم بأنّهما من ركعتين؛ وكذا إن علم في أثنائها بعد فوت محلّ التدارك.
      مسألة 3 - لو كان في الركعة الرابعة - مثلا - وشكّ في أنّ شكّه السابق بين الاثنتين والثلاث كان قبل إكمال السجدتين أو بعده فالأحوط الجمع بين البناء وعمل الشكّ وإعادة الصلاة؛ وكذلك إذا شكّ بعد الصلاة.
      مسألة 4 - لو شكّ في أنّ الركعة الّتي بيده آخر الظهر أو أنّه أتمّها وهذه أوّل العصر: فإن كان في الوقت المشترك جعلها آخر الظهر، وإن كان في الوقت المختصّ بالعصر فالأقوى هو البناء على إتيان الظهر ورفعُ اليد عمّا بيده وإتيانُ العصر إن وسع الوقت لإدراك ركعة منه، ومع عدم السعة له فالأحوط إتمامه عصرا وقضاؤه خارج الوقت وإن كان جواز رفع اليد عنه لا يخلو من وجه.
      مسألة 5 - لو شكّ في العشاء بين الثلاث والأربع وتذكّر أنّه لم يأت بالمغرب بطلت صلاته وإن كان الأحوط إتمامها عشاءً والإتيان بالاحتياط ثمّ إعادتها بعدالإتيان بالمغرب.
      مسألة 6 - لو تذكّر في أثناء العصر أنّه ترك من الظهر ركعةً فالأقوى رفع اليد عن العصر وإتمام الظهر ثمّ الإتيان بالعصر، بل لإتمام العصر ثمّ إتيان الظهر وجه. والأحوط إعادة الصلاة بعد إتمام الظهر، وأحوط منه إعادتهما. هذا في الوقت المشترك، وفي المختصّ تفصيل.
      مسألة 7 - لو صلّى صلاتين ثمّ علم نقصان ركعة - مثلا - من إحداهما من غيرتعيين: فإن كان مع الإتيان بالمنافي بعد كلّ منهما فإن اختلفا في العدد أعادهما، وإلّا أتى بواحدة بقصد ما في الذمّة؛ وإن كان قبل المنافي في الثانية مع الإتيان بالمنافي بعد الاُولى ضمّ إلى الثانية ما يحتمل النقصان ثمّ أعاد الاُولى، ومع عدم الإتيان به بعدهما لا يبعد جواز الاكتفاء بركعة متّصلة بقصد ما في الذمّة، لكن لاينبغى ترك الاحتياط بالإعادة. هذا في الوقت المشترك. وأمّافي المختصّ بالعصر فالظاهر جواز الاكتفاء بركعة متّصلة بقصد الثانية، وعدم وجوب إعادة الاُولى.
      مسألة 8 - لو شكّ بين الثلاث والاثنتين أو غيره من الشكوك الصحيحة ثمّ شكّ في أنّ ما بيده آخر صلاته أو صلاة الاحتياط يتمّها بقصد ما في الذمّة، ثمّ يأتي بصلاة الاحتياط،ولا تجب عليه إعادة الصلاة. هذا إذا كانت صلاة الاحتياط المحتملة ركعةً واحدةً. وأمّا إذا كانت ركعتين كالشكّ بين الاثنتين والأربع فالأحوط مع ذلك إعادة الصلاة.
      مسألة 9 - لو شكّ في أنّ ما بيده رابعة المغرب أو أنّه سلّم على الثلاث وهذه اُولى العشاء: فإن كان بعد الركوع بطلت، ووجبت عليه إعادة المغرب، وإن كان قبله يجعلها من المغرب ويجلس ويتشهّد ويسلّم، ولا شي ء عليه.
      مسألة 10 - لو شكّ وهو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين والثلاث وعلم بعدم إتيان التشهّد في هذه الصلاة يبني على الثلاث ويقضي التشهّد بعد الفراغ. وكذا لو شكّ في حال القيام بين الثلاث والأربع مع علمه بعدم الإتيان بالتشهّد.
      مسألة 11 - لو شكّ في أنّه بعد الركوع من الثالثة أو قبل الركوع من الرابعة فالظاهر بطلان صلاته. ولو انعكس بأن كان شاكّا في أنّه قبل الركوع من الثالثة أو بعده من الرابعة فيبني على الأربع ويأتي بالركوع ثمّ يأتي بوظيفة الشاكّ، لكنّ الأحوط إعادة الصلاة أيضا.
      مسألة 12 - لو كان قائما وهو في الركعة الثانية من الصلاة ويعلم أنّه أتى فيها بركوعين ولا يدري أنّه أتى بهما في الاُولى أو أتى فيها بواحد وأتى بالآخر في هذه الركعة فالظاهر بطلان صلاته.
      مسألة 13 - لو علم بعد الفراغ من الصلاة أنّه ترك سجدتين ولم يدر أنّهما من ركعة واحدة أو من ركعتين فالأحوط قضاء السجدة مرّتين، وكذا سجود السهو مرّتين، ثمّ إعادة الصلاة. وكذا إذا كان في الأثناء مع عدم بقاء المحلّ الشكّيّ، وأمّا مع بقائه فالأقوى الإتيان بهما، ولا شي ء عليه.
      مسألة 14 - لو علم بعد ما دخل في السجدة الثانية - مثلا - أنّه إمّا ترك القراءة أو الركوع فالظاهر صحّة صلاته. وكذا لو حصل الشكّ بعد الفراغ من صلاته. ولو شكّ في الفرضين في أنّه ترك سجدة من الركعة السابقة أو ركوع هذه الركعة تجب عليه الإعادة بعد الاحتياط بإتمام الصلاة وقضاء السجدة وسجدتي السهو.
      مسألة 15 - لو علم قبل أن يدخل في الركوع أنّه إمّا ترك سجدتين من الركعة السابقة أو ترك القراءة فمع بقاء المحلّ الشكّيّ فالأقوى الاكتفاء بإتيان القراءة، وكذا في كلّ علم إجماليّ مشابه لذلك؛ ومع التجاوز عن المحلّ لزوم العود لتداركهما مع بقاء محلّ التدارك.
      مسألة 16 - لو علم بعد القيام إلى الثالثة أنّه ترك التشهّد وشكّ في أنّه ترك السجدة أيضا أم لا فالأقوى الاكتفاء بإتيان التشهّد.
      مسألة 17 - لو علم إجمالا أنّه أتى بأحد الأمرين من السجدة والتشهّد من غير تعيين وشكّ في الآخر: فإن كان بعد الدخول في القيام لم يعتن بشكّه، وإن كان في المحلّ الشكّيّ فالظاهر جواز الاكتفاء بالتشهّد ولا شي ء عليه.
      مسألة 18 - لو علم أنّه ترك إمّا السجدة من الركعة السابقة أو التشهّد من هذه الركعة: فإن كان جالسا أتى بالتشهّد وأتمّ الصلاة ولا شي ء عليه، وإن نهض إلى القيام أو بعد الدخول فيه فشكّ فالأقوى وجوب العود لتدارك التشهّد والإتمام وقضاء السجدة وسجود السهو. وكذا الحال في نظائر المسألة، كما إذا علم أنّه ترك سجدةً إمّا من الركعة السابقة أو من هذه الركعة.
      مسألة 19 - لو تذكّر وهو في السجدة أو بعدها من الركعة الثانية - مثلا - أنّه ترك سجدةً أو سجدتين من الاُولى وترك أيضا ركوع هذه الركعة جعل السجدة أو السجدتين للركعة الاُولى، وقام وقرأ وقنت وأتمّ صلاته ولا شي ء عليه. وكذا الحال في نظير المسألة بالنسبة إلى سائر الركعات.
      مسألة 20 - لو صلّى الظهرين وقبل أن يسلّم للعصر علم إجمالا أنّه إمّا ترك ركعةً من الظهر والّتي بيده رابعة العصر أو أنّ ظهره تامّة وهذه الركعة ثالثة العصر يبني على أنّ الظهر تامّة، وبالنسبة إلى العصر يبني على الأكثر ويتمّ ويأتي بصلاة الاحتياط؛ ويحتمل جواز الاكتفاء بركعة متّصلة بقصد ما في الذمّة. وكذلك الحال في المغرب والعشاء.
      مسألة 21 - لو صلّى الظهرين ثماني ركعات والعشاءين سبع ركعات لكن لم يدر أنّه صلّاها صحيحةً أو نقص من إحدى الصلاتين ركعةً وزاد في قرينتها صحّت ولا شي ء عليه.
      مسألة 22 - لو شكّ - مع العلم بأنّه صلّى الظهرين ثماني ركعات - قبل السلام من العصر في أنّه صلّى الظهر أربع فالّتي بيده رابعة العصر أو صلّاها خمسا(1) فالّتي بيده ثالثة العصر يبني على صحّة صلاة ظهره، وبالنسبة إلى العصر يبني على الأربع ويعمل عمل الشكّ. وكذا الحال في العشاءين إذا شكّ - مع العلم بإتيان سبع ركعات - قبل السلام من العشاء في أنّه سلّم في المغرب على الثلاث أو على الأربع.
      مسألة 23 - لو علم أنّه صلّى الظهرين تسع ركعات ولم يدر أنّه زاد ركعةً في الظهر أو في العصر: فإن كان بعد السلام من العصر وجب عليه إتيان صلاة أربع ركعات بقصد ما في الذمّة، وإن كان قبل السلام فإن كان قبل إكمال السجدتين فالظاهر الحكم ببطلان الثانية وصحّة الاُولى، وإن كان بعده عدل إلى الظهر وأتمّ الصلاة ولا شي ء عليه.
      مسألة 24 - لو علم أنّه صلّى العشاءين ثماني ركعات ولا يدري أنّه زاد الركعة في المغرب أو العشاء وجبت إعادتهما مطلقا، إلّا في ما كان الشكّ قبل إكمال السجدتين، فإنّ الظاهر الحكم ببطلان الثانية وصحّة الاُولى.
      مسألة 25 - لو صلّى صلاةً ثمّ اعتقد عدم الإتيان بها وشرع فيها وتذكّر قبل السلام أنّه كان آتيا بها لكن علم بزيادة ركعة - إمّا في الاُولى أو الثانية - له أن يكتفي بالاُولى ويرفع اليد عن الثانية.
      مسألة 26 - لو شكّ في التشهّد وهو في المحلّ الشكّيّ الّذي يجب الإتيان به ثمّ غفل وقام ليس شكّه بعد تجاوز المحلّ، فيجب عليه الجلوس للتشهّد. ولو كان المشكوك فيه الركوع ثمّ دخل في السجود يرجع ويركع ويتمّ الصلاة ويعيدها احتياطا. ولو تذكّر بعد الدخول في السجدة الثانية بطلت صلاته. ولو كان المشكوك فيه غير ركن وتذكّر بعد الدخول في الركن صحّت وأتى بسجدتي السهو إن كان ممّا يوجب ذلك.
      مسألة 27 - لو علم نسيان شي ء قبل فوات محلّ المنسيّ ووجب عليه التدارك فنسي حتّى دخل في ركن بعده ثمّ انقلب علمه بالنسيان شكّا يحكم بالصحّة إن كان ذلك الشي ء ركنا، وبعدم وجوب القضاء وسجدتي السهو في ما يوجب ذلك. هذا إذا عرض العلم بالنسيان بعد المحلّ الشكّيّ، وأمّا إذا كان في محلّه فهو محلّ إشكال وإن لا يخلو من قرب.
      مسألة 28 - لو تيقّن بعد السلام قبل إتيان المنافي - عمدا أو سهوا - نقصان الصلاة وشكّ في أنّ الناقص ركعة أو ركعتان يجري عليه حكم الشكّ بين الاثنتين والثلاث، فيبني على الأكثر ويأتي بركعة، ويأتي بصلاة الاحتياط ويسجد سجدتي السهو لزيادة السلام احتياطا. وكذا لو تيقّن نقصان ركعة وبعد الشروع فيها شكّ في ركعة اُخرى. وعلى هذا إذا كان ذلك في صلاة المغرب يحكم ببطلانها.
      مسألة 29 - لو تيقّن بعد السلام قبل إتيان المنافي نقصان ركعة ثمّ شكّ في أنّه أتى بها أم لا؟ يجب عليه الإتيان بركعة متّصلة. ولو كان ذلك الشكّ قبل السلام فالظاهر جريان حكم الشكّ من البناء على الأكثر في الرباعيّة، والحكم بالبطلان في غيرها.
      مسألة 30 - لو علم أنّ ما بيده رابعة لكن لا يدري أنّها رابعة واقعيّة أو رابعة بنائيّة وأنّه شكّ سابقا بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث فتكون هذه رابعة، يجب عليه صلاة الاحتياط.
      مسألة 31 - لو تيقّن بعد القيام إلى الركعة التالية أنّه ترك سجدةً أو سجدتين أو تشهّدا ثمّ شكّ في أنّه هل رجع وتدارك ثمّ قام أو هذا هو القيام الأوّل؟ فالظاهر وجوب العود والتدارك. ولو شكّ في ركن بعد تجاوز المحلّ ثمّ أتى به نسيانا فالظاهر بطلان صلاته. ولو شكّ في ما يوجب زيادته سجدتي السهو بعد تجاوز محلّه ثمّ أتى به نسيانا فالأحوط وجوب سجدتي السهو عليه.
      مسألة 32 - لو كان في التشهّد فذكر أنّه نسي الركوع ومع ذلك شكّ في السجدتين أيضا فالظاهر لزوم العود إلى التدارك ثمّ الإتيان بالسجدتين، من غير فرق بين سبق تذكّر النسيان وبين سبق الشكّ في السجدتين، والأحوط إعادة الصلاة أيضا.
      مسألة 33 - لو شكّ بين الثلاث والأربع - مثلاً - وعلم أنّه على فرض الثلاث ترك ركنا أو عمل ما يوجب بطلان صلاته فالظاهر بطلان صلاته؛ وكذا لو علم ذلك على فرض الأربع. ولو علم أنّه على فرض الثلاث أو الأربع أتى بما يوجب سجدتي السهو أو ترك ما يوجب القضاء فلا شي ء عليه.
      مسألة 34 - لو علم بعد القيام أو الدخول في التشهّد نسيان إحدى السجدتين وشكّ في الاُخرى فالأقرب العود إلى تدارك المنسيّ، ويجري بالنسبة إلى المشكوك فيه قاعدة التجاوز. وكذا الحال في أشباه ذلك.
      مسألة 35 - لو دخل في السجود من الركعة الثانية فشكّ في ركوع هذه الركعة وفي السجدتين من الاُولى يبني على إتيانهما. وعلى هذا لو شكّ بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين مع الشكّ في ركوع الّتي بيده وفي السجدتين من السابقة يكون من الشكّ بين الاثنتين والثلاث بعد الإكمال، فيعمل عمل الشكّ وصحّت صلاته. نعم، لو علم بتركهما مع الشكّ المذكور بطلت صلاته.
      مسألة 36 - لا يجري حكم كثير الشكّ في أطراف العلم الإجماليّ؛ فلو علم ترك أحد الشيئين إجمالا يجب عليه مراعاته وإن كان شاكّا بالنسبة إلى كلّ منهما.
      مسألة 37 - لو علم أنّه إمّا ترك سجدةً من الاُولى أو زاد سجدةً في الثانية فلايجب عليه شي ء. ولو علم أنّه إمّا ترك سجدةً أو تشهّدا وجب على الأحوط الإتيان بقضائهما وسجدتي السهو مرّة.
      مسألة 38 - لو كان مشغولا بالتشهّد أو بعد الفراغ منه وشكّ في أنّه صلّى ركعتين وأنّ التشهّد في محلّه أو ثلاث ركعات وأنّه في غير محلّه يجري عليه حكم الشكّ بين الاثنتين والثلاث، وليس عليه سجدتا السهو وإن كان الأحوط الإتيان بهما.
      مسألة 39 - لو صلّى من كان تكليفه الصلاة إلى أربع جهات ثمّ بعد السلام من الأخيرة علم ببطلان واحدة منها بنى على صحّة صلاته ولا شي ء عليه.
      مسألة 40 - لو قصد الإقامة وصلّى صلاةً تامّةً ثمّ رجع عن قصده وصلّى صلاةً قصرا غفلةً أو جهلا ثمّ علم ببطلان إحداهما يبني على صحّة صلاته التامّة، وتكليفه التمام بالنسبة إلى الصلوات الآتية.


      ورد في جميع الطبعات «أربع»، والصحيح «أربعاً».

    • القول في صلاة القضاء

       

      القول في صلاة القضاء

      بجب قضاء الصلوات اليوميّة الّتي فاتت في أوقاتها - عدا الجمعة - عمدا كان أو سهوا أو جهلا أو لأجل النوم المستوعب للوقت وغير ذلك؛ وكذا المأتيّ بها فاسدا لفقد شرط أو جزء يوجب تركه البطلان. ولا يجب قضاء ما تركه الصبيّ في زمان صباه، والمجنون في حال جنونه، والمغمى عليه إذا لم يكن إغماؤه بفعله، وإلّا فيقضي على الأحوط، والكافر الأصليّ في حال كفره، دون المرتدّ، فإنّه يجب عليه قضاء ما فاته في حال ارتداده بعد توبته، وتصحّ منه وإن كان عن فطرة على الأصحّ، والحائض والنفساء مع استيعاب الوقت.
      مسألة 1 - يجب على المخالف بعد استبصاره قضاء ما فات منه أو أتى على وجه يخالف مذهبه؛ بخلاف ما أتى به على وفق مذهبه، فإنّه لا يجب عليه قضاؤها وإن كانت فاسدةً بحسب مذهبنا. نعم، إذا استبصر في الوقت يجب عليه الأداء؛ فلو تركها أو أتى بها فاسدا بحسب المذهب الحقّ يجب عليه القضاء.
      مسألة 2 - لو بلغ الصبيّ أو أفاق المجنون أو المغمى عليه في الوقت وجب عليهم الأداء وإن لم يُدركوا إلّا مقدار ركعة مع الطهارة ولو كانت ترابيّةً، ومع الترك يجب عليهم القضاء؛ وكذلك الحائض والنفساء إذا زال عذرهما. كما أنّه لو طرأالجنون أو الإغماء أو الحيض أو النفاس بعد مضيّ مقدار صلاة المختار من أوّل الوقت بحسب حالهم - من السفر والحضر والوضوء والتيمّم - ولم يأتوا بالصلاة وجب عليهم القضاء.
      مسألة 3 - فاقد الطهورين يجب عليه القضاء، ويسقطعنه الأداءعلى الأقوى، لكن لا ينبغي له ترك الاحتياط بالأداء أيضا.
      مسألة 4 - يجب قضاء غير اليوميّة من الفرائض - سوى العيدين وبعض صور صلاة الآيات - حتّى المنذورة في وقت معيّن على الأحوط فيها.
      مسألة 5 - يجوز قضاء الفرائض في كلّ وقت من ليل أو نهار أو سفر أو حضر. ويصلّي في السفر ما فات في الحضر تماما، كما أنّه يصلّي في الحضر ما فات في السفر قصرا. ولو كان في أوّل الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا أو بالعكس فالعبرة بحال الفوت على الأصحّ، فيقضي قصرا في الأوّل وتماما في الثاني، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع. وإذا فاتته في ما يجب عليه الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام يحتاط في القضاء أيضا.
      مسألة 6 - لو فاتت الصلاة في أماكن التخيير فالظاهر التخيير في القضاء أيضا إذا قضاها في تلك الأماكن، وتعيّن القصر على الأحوط لو قضاها في غيرها.
      مسألة 7 - يستحبّ قضاء النوافل الرواتب. ويكره أكيدا تركه إذا شغله عنها جمع الدنيا. ومن عجز عن قضائها استحبّ له التصدّق بقدر طوله. وأدنى ذلك التصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ، وإن لم يتمكّن فعن كلّ أربع ركعات بمدّ، وإن لم يتمكّن فمدّ لصلاة الليل ومدّ لصلاة النهار.
      مسألة 8 - إذا تعدّدت الفوائت فمع العلم بكيفيّة الفوت والتقديم والتأخير فالأحوط تقديم قضاء السابق في الفوات على اللاحق. وأمّا ما كان الترتيب في أدائها معتبرا شرعا - كالظهرين والعشاءين من يوم واحد - فيجب في قضائها الترتيب على الأقوى. وأمّا مع الجهل بالترتيب فالأحوط ذلك وإن كان عدمه لايخلو من قوّة، بل عدم وجوب الترتيب مطلقا - إلّا ما كان الترتيب في أدائها معتبرا - لا يخلو من قوّة.
      مسألة 9 - لو علم أنّ عليه إحدى الصلوات الخمس من غير تعيين يكفيه صبح ومغرب وأربع ركعات بقصد ما في الذمّة، مردّدةً بين الظهر والعصر والعشاء، مخيّرا فيها بين الجهر والإخفات. وإذا كان مسافرا يكفيه مغرب وركعتان مردّدتان بين الأربع.وإن لم يعلم أنّه كان حاضرا أو مسافرا يأتي بمغرب وركعتين مردّدتين بين الأربع، وأربع ركعات مردّدة بين الثلاث. وإن علم أنّ عليه اثنتين من الخمس من يوم أتى بصبح، ثمّ أربع ركعات مردّدة بين الظهر والعصر، ثمّ مغرب، ثمّ أربع مردّدة بين العصر والعشاء، وله أن يأتي بصبح، ثمّ بأربع مردّدة بين الظهر والعصر والعشاء، ثمّ مغرب، ثمّ أربع مردّدة بين العصر والعشاء. وإذا علم أنّهما فاتتا في السفر أتى بركعتين مردّدتين بين الأربع، وبمغرب وركعتين مردّدتين بين الثلاث ما عدا الاُولى، وله أن يأتي بركعتين مردّدتين بين الصبح والظهر والعصر، ومغرب وركعتين مردّدتين بين الظهرين والعشاء. وإن لم يعلم أنّ الفوت في الحضر أو السفر أتى بركعتين مردّدتين بين الأربع، وبمغرب وركعتين مردّدتين بين الثلاث ما عدا الاُولى، وأربعٍ مردّدة بين الظهرين والعشاء، وأربعٍ مردّدة بين العصر والعشاء. وإن علم أنّ عليه ثلاثا من الخمس يأتي بالخمس إن كان في الحضر، وإن كان في السفر يأتي بركعتين مردّدتين بين الصبح والظهرين، وركعتين مردّدتين بين الظهرين والعشاء، وبمغرب وركعتين مردّدتين بين العصر والعشاء. وتتصوّر طرق اُخر للتخلّص. والميزان هو العلم بإتيان جميع المحتملات.
      مسألة 10 - إذا علم بفوات صلاة معيّنة كالصبح - مثلا - مرّات ولم يعلم عددها يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى، لكنّ الأحوط التكرار حتّى يغلب على ظنّه الفراغ، وأحوط وأحسن منه التكرار حتّى يحصل العلم بالفراغ، خصوصا مع سبق العلم بالمقدار وحصول النسيان بعده. وكذلك الحال في ما إذا فاتت منه صلوات أيّام لا يعلم عددها.
      مسألة 11 - لا يجب الفور في القضاء، بل هو موسّع مادام العمر لو لم ينجرّ إلى المسامحة في أداء التكليف والتهاون به.
      مسألة 12 - الأحوط لذوي الأعذار تأخير القضاء إلى زمان رفع العذر، إلّا إذا علم ببقائه إلى آخر العمر أو خاف من مفاجأة الموت لظهور أماراته. نعم، لو كان معذورا عن الطهارة المائيّة فللمبادرة إلى القضاء مع الترابيّة وجه - حتّى مع رجاء زوال العذر - لا يخلو من إشكال، فالأحوط تأخيره إلى الوجدان.
      مسألة 13 - لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة، فيجوز الاشتغال بالحاضرة لمن عليه القضاء وإن كان الأحوط تقديمها عليها خصوصا في فائتة ذلك اليوم، بل إذا شرع في الحاضرة قبلها استحبّ له العدول منها إليها إن لم يتجاوز محلّ العدول، بل لا ينبغي ترك الاحتياط المتقدّم وترك العدول إلى الفائتة.
      مسألة 14 - يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى، كما يجوز الإتيان بها أيضا بعد دخول الوقت قبل إتيان الفريضة.
      مسألة 15 - يجوز الإتيان بالقضاء جماعةً، سواء كان الإمام قاضيا أو مؤدّيا، بل يستحبّ ذلك. ولا يجب اتّحاد صلاة الإمام والمأموم.
      مسألة 16 - يجب على الوليّ - وهو الولد الأكبر - قضاء ما فات عن والده من الصلوات لعذر: من نوم ونسيان ونحوهما. ولا تُلحق الوالدة بالوالد وإن كان أحوط. والأقوى عدم الفرق بين الترك عمدا وغيره. نعم، لا يبعد عدم إلحاق ما تركه طغيانا على المولى وإن كان الأحوط إلحاقه، بل لا يترك هذ الاحتياط. والظاهر وجوب قضاء ما أتى به فاسدا من جهة إخلاله بما اعتُبر فيه. وإنّما يجب عليه قضاء ما فات عن الميّت من صلاة نفسه، دون ما وجب عليه بالإجارة أو من جهة كونه وليّا. ولا يجب على البنات، ولا على غير الولد الأكبر من الذكور، ولا على سائر الأقارب حتّى الذكور - كالأب والأخ والعمّ والخال - وإن كان هو الأحوط في ذكورهم. وإذا مات الولد الأكبر بعد والده لا يجب على من دونه في السنّ من إخوته.
      ولا يعتبر في الوليّ أن يكون بالغا عاقلا عند الموت، فيجب على الصبيّ إذا بلغ، وعلى المجنون إذا عقل؛ كما أنّه لا يعتبر كونه وارثا، فيجب على الممنوع منه بسبب القتل أو الكفر أو نحوهما. ولو تساوى الولدان في السنّ يقسّط القضاء عليهما، ولو كان كسرٌ يجب عليهما كفايةً. ولا يجب على الوليّ المباشرة، بل يجوز له أن يستأجر. والأجير ينوي النيابة عن الميّت لا عن الوليّ. وإن باشر الوليّ أو غيره الإتيان يراعي تكليف نفسه باجتهاد أو تقليد في أحكام الشكّ والسهو، بل في أجزاء الصلاة وشرائطها، دون تكليف الميّت؛ كما أنّه يراعي تكليف نفسه في أصل وجوب القضاء إذا اختلف مقتضى تقليده أو اجتهاده مع الميّت.

    • القول في صلاة الاستئجار

       

      القول في صلاة الاستيجار

      يجوز الاستيجار للنيابة عن الأموات في قضاء الصلوات كسائر العبادات؛ كما تجوز النيابة عنهم تبرّعا. ويقصد النائب بفعله - أجيرا كان أو متبرّعا - النيابة والبدليّة عن فعل المنوب عنه، وتفرغ ذمّته، ويتقرّب به ويثاب عليه. ويعتبر فيه قصد تقرّب المنوب عنه لا تقرّب نفسه. ولا يحصل له بذلك تقرّب، إلّا أن يقصد في تحصيل هذا التقرّب للمنوب عنه الإحسانَ إليه للّه تعالى، فيحصل له القرب أيضا كالمتبرّع لو كان قصده ذلك؛ وأمّا وصول الثواب إلى الأجير كما يظهر من بعض الأخبار فهو لمحض التفضّل. ويجب تعيين الميّت المنوب عنه في نيّته ولو بالإجمال، كصاحب المال ونحوه.
      مسألة 1 - يجب على من عليه واجب - من الصلاة والصيام - الإيصاء باستيجاره، إلّا من له وليّ يجب عليه القضاء عنه ويطمئنّ بإتيانه. ويجب على الوصيّ - لو أوصى - إخراجها من الثلث، ومع إجازة الورثة من الأصل. وهذا بخلاف الحجّ والواجبات الماليّة كالزكاة والخمس والمظالم والكفّارات ونحوها، فإنّها تخرج من أصل المال، أوصى بها أو لم يوص، إلّا إذا أوصى بأن تخرج من الثلث فتخرج منه، فإن لم يف بها يخرج الزائد من الأصل. وإن أوصى بأن يُقضى عنه الصلاة والصوم ولم يكن له تركة لا يجب على الوصيّ المباشرة أو الاستيجار من ماله. والأحوط للولد - ذكرا كان أو اُنثى - المباشرة لو أوصى إليه بها لو لم تكن حرجا عليه. نعم، يجب على وليّه قضاء ما فات منه إمّا بالمباشرة أو الاستيجار من ماله وإن لم يوص به كما مرّ.
      مسألة 2 - لو آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حجّ فمات قبل الإتيان به: فإن اشترط عليه المباشرة بطلت الإجارة بالنسبة إلى ما بقي عليه، وتشتغل ذمّته بمال الإجارة إن قبضه، فيخرج من تركته، وإن لم يشترط المباشرة وجب الاستيجار من تركته إن كانت له تركة، وإلّا فلا يجب على الورثة كسائر ديونه مع فقد التركة.
      مسألة 3 - يشترط في الأجير أن يكون عارفا بأجزاء الصلاة وشرائطها ومنافياتها وأحكام الخلل وغيرها عن اجتهاد أو تقليد صحيح. نعم، لا يبعد جواز استيجار تارك الاجتهاد والتقليد إذا كان عارفا بكيفيّة الاحتياط وكان محتاطا في عمله.
      مسألة 4 - لا يشترط عدالة الأجير، بل يكفي كونه أمينا بحيث يُطمأَنّ بإتيانه على الوجه الصحيح. وهل يعتبر فيه البلوغ فلا يصحّ استيجار الصبيّ المميّز ونيابته وإن علم إتيانه على الوجه الصحيح؟ لا يبعد عدمه وإن كان الأحوط اعتباره.
      مسألة 5 - لا يجوز استيجار ذوي الأعذار كالعاجز عن القيام مع وجود غيره، بل لو تجدّد له العجز ينتظر زمان رفعه، وإن ضاق الوقت انفسخت الإجارة، بل الأحوط عدم جواز استيجار ذي الجبيرة ومن كان تكليفه التيمّم.
      مسألة 6 - لو حصل للأجير سهو أو شكّ يعمل بحكمه على طبق اجتهاده أو تقليده وإن خالف الميّت؛ كما أنّه يجب عليه أن يأتي بالصلاة على مقتضى تكليفه واعتقاده من اجتهاد أو تقليد لو استؤجر على الإتيان بالعمل الصحيح؛ وإن عيّن له كيفيّة خاصة يرى بطلانه بحسبها فالأحوط له عدم إجارة نفسه له.
      مسألة 7 - يجوز استيجار كلّ من الرجل والمرأة للآخر. وفي الجهر والإخفات والتستّر وشرائط اللباس يراعى حال النائب لا المنوب عنه؛ فالرجل يجهر في الجهريّة ولا يستر ستر المرأة وإن كان نائبا عنها، والمرأة مخيّرة في الجهر والإخفات فيها، ويجب عليها الستر بالكيفيّة الّتي لها وإن كانت نائبةً عن الرجل.
      مسألة 8 - قد عرفت سابقا أنّ عدم وجوب الترتيب مطلقا في القضاء -خصوصا في ما إذا جهل بكيفيّة الفوت- لا يخلو من قوّة؛ فيجوز استيجار جماعة عن واحد في قضاء صلواته، ولا يجب تعيين الوقت لهم، ويجوز لهم الإتيان في وقت واحد، سيّما مع العلم بجهل الميّت أو الجهل بحاله.
      مسألة 9 - لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل بلا إذن من المستأجر. نعم، لو تقبّل العمل من دون أن يؤاجر نفسه له يجوز أن يستأجر غيره له، لكن حينئذٍ لا يجوز أن يستأجره بأقلّ من الاُجرة المجعولة له على الأحوط، إلّا إذا أتى ببعض العمل وإن قلّ.
      مسألة 10 - لو عيّن للأجير وقتا ومدّةً ولم يأت بالعمل أو تمامه في تلك المدّة ليس له أن يأتي به بعدها إلّا بإذن من المستأجر؛ ولو أتى به فهو كالمتبرّع لا يستحقّ اُجرة. نعم، لوكان القرار على الإتيان في الوقت المعيّن بعنوان الاشتراط يستحقّ الاُجرة المسمّاة لو تخلّف، وللمستأجر خيار الفسخ لتخلّف الشرط؛ فإن فسخ يرجع إلى الأجير بالاُجرة المسمّاة، وهو يستحقّ اُجرة المثل للعمل.
      مسألة 11 - لو تبيّن بعد العمل بطلان الإجارة استحقّ الأجير اُجرة المثل بعمله؛ وكذا إذا فُسخت الإجارة من جهة الغبن أو غيره.
      مسألة 12 - لو لم يعيّن كيفيّة العمل من حيث الإتيان بالمستحبّات ولم يكن انصراف يجب الإتيان بالمستحبّات المتعارفة، كالقنوت وتكبيرةالركوع ونحوذلك.

    • البحث في صلاة الجمعة
    •  

      البحث في صلاة الجمعة

      مسألة 1 - تجب صلاةالجمعة في هذه الأعصار مخيّرا بينها وبين صلاة الظهر. والجمعة أفضل والظهر أحوط، وأحوط من ذلك الجمع بينهما؛ فمن صلّى الجمعة سقطت عنه صلاة الظهر على الأقوى، لكنّ الأحوط الإتيان بالظهر بعدها. وهي ركعتان كالصبح.
      مسألة 2 - من ائتمّ بإمام في الجمعة جاز الاقتداء به في العصر، لكن لو أراد الاحتياط أعاد الظهرين بعد الايتمام، إلّا إذا احتاط الإمام بعد صلاة الجمعة قبل العصر بأداءالظهر وكذا المأموم، فيجوزالاقتداء به في العصر ويحصل به الاحتياط.
      مسألة 3 - يجوز الاقتداء في الظهر الاحتياطيّ؛ فإذا صلّوا الجمعة جاز لهم صلاة الظهر جماعةً احتياطا؛ ولو ائتمّ بمن يصلّيها احتياطا من لم يصلّ الجمعة لايجوز له الاكتفاء بها، بل تجب عليه إعادة الظهر.

      • القول في شرائط صلاة الجمعة

         

        القول في شرائط صلاة الجمعة

        وهي اُمور:
        الأوّل: العدد. وأقلّه خمسة نفر أحدهم الإمام، فلا تجب ولا تنعقد بأقلّ منها. وقيل: أقلّه سبعة نفر، والأشبه ما ذكرناه؛ فلو اجتمع سبعة نفر وما فوق تكون الجمعة آكد في الفضل.
        الثاني: الخطبتان. وهما واجبتان كأصل الصلاة. ولا تنعقد الجمعة بدونهما.
        الثالث: الجماعة، فلا تصحّ الجمعة فرادى.
        الرابع: أن لا يكون هناك جمعة اُخرى وبينهما دون ثلاثة أميال؛ فإذا كان بينهما ثلاثة أميال صحّتا جميعا. والميزان هو البعد بين الجمعتين لا البلدين اللذين ينعقد فيهما الجمعة، فجازت إقامة جُمُعات في بلاد كبيرة تكون طولها فراسخ.
        مسألة 1 - لو اجتمع خمسة نفر للجمعة فتفرّقوا في أثناء الخطبة أو بعدها قبل الصلاة ولم يعودوا ولم يكن هناك عدد بقدر النصاب تعيّن على كلّ صلاة الظهر.
        مسألة 2 - لو تفرّقوا في أثناء الخطبة ثمّ عادوا: فإن كان تفرّقهم بعد تحقّق مسمّى الواجب فالظاهر عدم وجوب إعادتها ولو طالت المدّة، كما أنّه كذلك لو تفرّقوا بعدها فعادوا، وإن كان قبل تحقّق الواجب منها فإن كان التفرّق للانصراف عن الجمعة فالأحوط استينافها مطلقا، وإن كان لعذر كمطر - مثلا - فإن طالت المدّة بمقدار أضرّ بالوحدة العرفيّة فالظاهر وجوب الاستيناف، وإلّا بنوا عليها وصحّت.
        مسألة 3 - لو انصرف بعضهم قبل الإتيان بمسمّى الواجب ورجع من غيرفصل طويل: فإن سكت الإمام في غيبته اشتغل بها من حيث سكت، وإن أدامها ولم يسمعها الغائب أعادها من حيث غاب ولم يدركها، وإن لم يرجع إلّا بعد فصل طويل يضرّ بوحدة الخطبة عرفا أعادها، وإن لم يرجع وجاء آخر تجب استينافها مطلقا.
        مسألة 4 - لو زاد العدد على نصاب الجمعة لا يضرّ مفارقة بعضهم مطلقا بعد بقاء مقدار النصاب.
        مسألة 5 - إن دخل الإمام في الصلاة وانفضّ الباقون قبل تكبيرهم ولم يبق إلّا الإمام فالظاهر عدم انعقاد الجمعة. وهل له العدول إلى الظهر أو يجوز إتمامها ظهرا من غير نيّة العدول بل تكون ظهرا بعد عدم انعقاد الجمعة فيتمّها أربع ركعات؟ فيه إشكال، والأحوط نيّة العدول وإتمامها ثمّ الإتيان بالظهر، وأحوط منه إتمامها جمعةً ثمّ الإتيان بالظهر وإن كان الأقرب بطلانها، فيجوز رفع اليد عنهإ؛ك ظظ والإتيان بالظهر.
        مسألة 6 - إن دخل العدد - أي أربعة نفر - مع الإمام في صلاة الجمعة ولو بالتكبير وجب الإتمام ولو لم يبق إلّا واحد على قول معروف، والأشبه بطلانها، سواء بقي الإمام وانفضّ الباقون أو بعضهم أو انفضّ الإمام وبقي الباقون أو بعضهم، وسواء صلّوا ركعة أو أقلّ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالإتمام جمعةً ثمّ الإتيان بالظهر. نعم، لا يبعد الصحّة جمعةً إذا انفضّ بعض في أخيرة الركعة الثانيةبل بعد ركوعها؛ والاحتياط بإتيان الظهر مع ذلك بعدها لا ينبغي تركه.
        مسألة 7 - يجب في كلّ من الخطبتين التحميد، ويعقّبه بالثناء عليه تعالى على الأحوط، والأحوط أن يكون التحميد بلفظ الجلالة وإن كان الأقوى جوازه بكلّ ما يعدّ حمدا له تعالى، والصلاة على النبيّ صلّى اللّه عليه وآله على الأحوط في الخطبة الاُولى، وعلى الأقوى في الثانية، والإيصاء بتقوى اللّه تعالى في الاُولى على الأقوى، وفي الثانية على الأحوط، وقراءة سورة صغيرة في الاُولى على الأقوى، وفي الثانية على الأحوط. والأحوط الأولى في الثانية الصلاة على أئمّة المسلمين: بعد الصلاة على النبيّ 9 والاستغفار للمؤمنين والمؤمنات. والأولى اختيار بعض الخطب المنسوبة إلى أمير المؤمنين سلام اللّه عليه أو المأثورة عن أهل بيت العصمة:.
        مسألة 8 - الأحوط إتيان الحمد والصلاة في الخطبة بالعربيّ وإن كان الخطيب والمستمع غير عربيّ. وأمّا الوعظ والإيصاء بتقوى اللّه تعالى فالأقوى جوازه بغيره، بل الأحوط أن يكون الوعظ ونحوه - من ذكر مصالح المسلمين - بلغة المستمعين، وإن كانوا مختلطين يجمع بين اللغات. نعم، لو كان العدد أكثر من النصاب جاز الاكتفاء بلغة النصاب، لكنّ الأحوط أن يعظهم بلغتهم.
        مسألة 9 - ينبغي للإمام الخطيب أن يذكر في ضمن خطبته ما هو من مصالح المسلمين في دينهم ودنياهم، ويخبرهم بما جرى في بلاد المسلمين وغيرها من الأحوال الّتي لهم فيها المضرّة أو المنفعة، وما يحتاج المسلمون إليه في المعاش والمعاد، والاُمور السياسيّة والاقتصاديّة ممّا هي دخيلة في استقلالهم وكيانهم، وكيفيّة معاملتهم مع سائر الملل، والتحذير عن تدخّل الدول الظالمة المستعمرة في اُمورهم - سيّما السياسيّة والاقتصاديّة - المنجرّ إلى استعمارهم واستثمارهم. وبالجملة: الجمعة وخطبتاها من المواقف العظيمة للمسلمين كسائر المواقف العظيمة، مثل الحجّ والمواقف الّتي فيه والعيدين وغيرها، ومع الأسف أغفل المسلمون عن الوظائف المهمّة السياسيّة فيها وفي غيرها من المواقف السياسيّة الإسلاميّة، فالإسلام دين السياسة بشؤونها، يظهر لمن له أدنى تدبّر في أحكامه الحكوميّة والسياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة؛ فمن توهّم أنّ الدين منفكّ عن السياسة فهو جاهل لم يعرف الإسلام ولا السياسة.
        مسألة 10 - يجوز إيقاع الخطبتين قبل زوال الشمس بحيث إذا فرغ منهما زالت، والأحوط إيقاعهما عند الزوال.
        مسألة 11 - يجب أن تكون الخطبتان قبل صلاة الجمعة؛ فلو بدأ بالصلاة تبطل. وتجب الصلاة بعدهما لو بقي الوقت. والظاهر عدم وجوب إعادتهما إذا كان الإتيان جهلا أو سهوا، فيأتي بالصلاة بعدهما. ولو قيل بعدم وجوب إعادة الصلاة أيضا إذا كان التقديم عن غير عمد و علم لكان له وجه.
        مسألة 12 - يجب أن يكون الخطيب قائما وقت إيراد الخطبة، ويجب وحدة الخطيب والإمام؛ فلو عجز الخطيب عن القيام خطب غيره وأمّهم الّذي خطبهم؛ ولو لم يكن غير العاجز فالظاهر الانتقال إلى الظهر. نعم، لو كانت الجمعة واجبةً تعيينا خطبهم العاجز عن القيام جالسا. والأحوط الإتيان بالظهر بعد الجمعة. ويجب الفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة.
        مسألة 13 - الأحوط لو لم يكن الأقوى وجوب رفع الصوت في الخطبة بحيث يسمع العدد، بل الظاهر عدم جواز الإخفات بها، بل لا إشكال في عدم جواز إخفات الوعظ والإيصاء. وينبغي أن يرفع صوته بحيث يسمع الحضّار بل هو أحوط، أو يخطب بواسطة السمّاعات إذا كان الجماعة كثيرة لإبلاغ الوعظ والترغيب والترهيب والمسائل المهتمّ بها.
        مسألة 14 - الأحوط بل الأوجه وجوب الإصغاء إلى الخطبة، بل الأحوط الإنصات وترك الكلام بينها وإن كان الأقوى كراهته. نعم، لو كان التكلّم موجبا لترك الاستماع وفوات فائدة الخطبة لزم تركه. والأحوط الأولى استقبال المستمعين الإمامَ حال الخطبة، وعدم الالتفات زائدا على مقدار الجواز في الصلاة، وطهارة الإمام حال الخطبة عن الحدث والخبث، وكذا المستمعين. والأحوط الأولى للإمام أن لا يتكلّم بين الخطبة بما لا يرجع إلى الخطابة. ولابأس بالتكلّم بعد الخطبتين إلى الدخول في الصلاة. وينبغي أن يكون الخطيب بليغا مراعيا لمقتضيات الأحوال بالعبارات الفصيحة الخالية عن التعقيد، عارفا بما جرى على المسلمين في الأقطار سيّما قطره، عالما بمصالح الإسلام والمسلمين، شجاعا لا يلومه في اللّه لومة لائم، صريحا في إظهار الحقّ وإبطال الباطل حسب المقتضيات والظروف، مراعيا لما يوجب تأثير كلامه في النفوس: من مواظبة أوقات الصلوات، والتلبّس بزيّ الصالحين والأولياء، وأن يكون أعماله موافقا لمواعظه وترهيبه وترغيبه، وأن يجتنب عمّا يوجب وهنه ووهن كلامه، حتّى كثرة الكلام والمزاح وما لا يعني. كلّ ذلك إخلاصا للّه تعالى وإعراضا عن حبّ الدنيا والرئاسة - فإنّه رأس كلّ خطيئة - ليكون لكلامه تأثير في النفوس. ويستحبّ له أن يتعمّم في الشتاء والصيف، ويتردّى ببرد يمنيّ أو عدنيّ، ويتزيّن، ويلبس أنظف ثيابه متطيّبا، على وقار وسكينة، وأن يسلّم إذا صعد المنبر، واستقبل الناس بوجهه، ويستقبلونه بوجوههم، وأن يعتمد على شي ء من قوس أو عصا أو سيف، وأن يجلس على المنبر أمام الخطبة حتّى يفرغ المؤذّنون.
        مسألة 15 - قد مرّ اعتبار الفاصلة بين الجمعتين بثلاثة أميال؛ فإن اُقيمت جمعتان دون الحدّ المعتبر فإن اقترنتا بطلتا جميعا، وإن سبقت إحداهما ولو بتكبيرة الإحرام بطلت المتأخّرة، سواء كان المصلّون عالمين بسبق جمعة أم لا، وصحّت المتقدّمة، سواء علم المصلّون بلحوق جمعة أم لا. والميزان في الصحّة تقدّم الصلاة لا الخطبة؛ فلو تقدّم إحدى الجمعتين في الخطبة والاُخرى في الصلاة بطلت المتأخّرة في الشروع في الصلاة.
        مسألة 16 - الأحوط عند إرادة إقامة جمعة في محلّ إحراز أن لا جمعة هناك -دون الحدّ المقرّر- مقارنةً لها أو منعقدةً قبلها، وإن كان الأشبه جواز الانعقاد وصحّة الجمعة ما لم يحرز انعقاد جمعة اُخرى مقارنةً لها أو مقدّمةً عليها، بل الظاهر جواز الانعقاد لو علم بانعقاد اُخرى وشكّ في مقارنتها أو سبقها.
        مسألة 17 - لو علموا بعد الفراغ من الصلاة بعقد جمعة اُخرى واحتمل كلّ من الجماعتين السبق واللحوق فالظاهر عدم وجوب الإعادة عليهما -لا جمعةً ولاظهرا- وإن كان الوجوب أحوط. ويجب على الجماعة الّتي لم يحضروا الجمعتين إذا أرادوا إقامة جمعة ثالثة إحرازُ بطلان الجمعتين المتقدّمتين، ومع احتمال صحّة إحداهما لا يجوز إقامة جمعة اُخرى.

      • القول في من تجب عليه

         

        القول في من تجب عليه

        مسألة 1 - يشترط في وجوبها اُمور: التكليف، والذكورة، والحرّيّة، والحضر، والسلامة من العمى والمرض، وأن لا يكون شيخا كبيرا، وأن لا يكون بينه وبين محلّ إقامة الجمعة أزيد من فرسخين؛ فهؤلاء لا يجب عليهم السعي إلى الجمعة لو قلنا بالوجوب التعيينيّ، ولا تجب عليهم ولو كان الحضور لهم غير حرجيّ ولا مشقّة فيه.
        مسألة 2 - كلّ هؤلاء إذا اتّفق منهم الحضور أو تكلّفوه صحّت منهم وأجزأت عن الظهر؛ وكذا كلّ من رُخّص له في تركها لمانع: من مطر، أو برد شديد، أو فقد رجل، ونحوها ممّا يكون الحضور معه حرجا عليه. نعم، لا تصحّ من المجنون، وصحّت صلاة الصبيّ؛ وأمّا إكمال العدد به فلا يجوز، وكذا لا تنعقد بالصبيان فقط.
        مسألة 3 - يجوز للمسافر حضور الجمعة. وتنعقد منه وتجزيه عن الظهر، لكن لو أراد المسافرون إقامتها من غير تبعيّة للحاضرين لا تنعقد منهم، وتجب عليهم صلاة الظهر. ولو قصدوا الإقامة جازت لهم إقامتها. ولا يجوز أن يكون المسافر مكمّلا للعدد.
        مسألة 4 - يجوز للمرأة الدخول في صلاة الجمعة، وتصحّ منها وتجزيها عن الظهر إن كان عدد الجمعة - أي خمسة نفر - رجالا؛ وأمّا إقامتها للنساء أو كونها من جملة الخمسة فلاتجوز، ولا تنعقد إلّا بالرجال.
        مسألة 5 - تجب الجمعة على أهل القرى والسواد كما تجب على أهل المدن والأمصار مع استكمال الشرائط. وكذا تجب على ساكني الخيم والبوادي إذا كانوا قاطنين فيها.
        مسألة 6 - تصحّ الجمعة من الخنثى المشكل. ولا يصحّ جعله إماما أو مكمّلا للعدد، فلو لم يكمّل إلّا به لا تنعقد الجمعة وتجب الظهر.

      • القول في وقتها

         

        القول في وقتها

        مسألة 1 - يدخل وقتها بزوال الشمس، فإذا زالت فقد وجبت؛ فإذا فرغ الإمام من الخطبتين عند الزوال فشرع فيها صحّت. وأمّا آخر وقتها بحيث تفوت بمضيّه ففيه خلاف وإشكال، والأحوط عدم التأخير عن الأوائل العرفيّة من الزوال، وإذا اُخّرت عن ذلك فالأحوط اختيار الظهر وإن لا يبعد امتداده إلى قدمين من في ء المتعارف من الناس.
        مسألة 2 - لا يجوز إطالة الخطبة بمقدار يفوت وقت الجمعة إذا كان الوجوب تعيينيّا؛ فلو فعل أثم ووجبت صلاة الظهر، كما تجب الظهر في الفرض على التخيير أيضا، وليس للجمعة قضاء بفوات وقتها.
        مسألة 3 - لو دخلوا في الجمعة فخرج وقتها فإن أدركوا منها ركعة في الوقت صحّت، وإلّا بطلت على الأشبه؛ والأحوط الإتمام جمعةً ثمّ الإتيان بالظهر. ولو تعمّدوا إلى بقاء الوقت بمقدار ركعة فإن قلنا بوجوبها تعيينا أثموا وصحّت صلاتهم، وإن قلنا بالتخيير - كما هو الأقوى - فالأحوط اختيار الظهر، بل لا يترك الاحتياط بإتيان الظهر في الفرض الأوّل أيضا مع القول بالتخيير.
        مسألة 4 - لو تيقّن أنّ الوقت يتّسع لأقلّ الواجب من الخطبتين وركعتين خفيفتين تخيّر بين الجمعة والظهر. ولو تيقّن بعدم الاتّساع لذلك تعيّن الظهر. ولو شكّ في بقاء الوقت صحّت، ولو انكشف بعدُ عدم الاتّساع حتّى لركعة يأتي بالظهر. ولو علم مقدار الوقت وشكّ في اتّساعه لها يجوز الدخول فيها، فإن اتّسع صحّت، وإلّا يأتي بالظهر؛ والأحوط اختيار الظهر، بل لا يترك في الفرع السابق مع الاتّساع لركعة.
        مسألة 5 - لو صلّى الإمام بالعدد المعتبر في اتّساع الوقت ولم يحضر المأموم من غير العدد الخطبةَ وأوّلَ الصلاة ولكنّه أدرك مع الإمام ركعةً صلّى جمعةً ركعةً مع الإمام وأضاف ركعةً اُخرى منفردا وصحّت صلاته. وآخر إدراك الركعة إدراك الإمام في الركوع؛ فلو ركع والإمام لم ينهض إلى القيام صحّت صلاته. والأفضل لمن لم يدرك تكبيرة الركوع الإتيان بالظهر أربع ركعات. ولو كبّر وركع ثمّ شكّ في أنّ الإمام كان راكعا وأدرك ركوعه أو لا لم تقع صلاته جمعةً؛ وهل تبطل أو تصحّ ويجب الإتمام ظهرا؟ فيه إشكال، والأحوط إتمامها ظهرا ثمّ إعادتها.

      • فروع

         

        فروع

        الأوّل: شرائطالجماعة في غيرالجمعة معتبرة في الجمعةأيضا:من عدم الحائل، وعدم علوّ موقف الإمام، وعدم التباعد وغيرها. وكذا شرائط الإمام في الجمعة هي الشرائط في إمام الجماعة: من العقل والإيمان وطهارة المولد والعدالة. نعم، لايصحّ في الجمعة إمامة الصبيان ولا النساء وإن قلنا بجوازها لمثلهما في غيرها.
        الثاني: الأذان الثاني يوم الجمعة بدعة محرّمة. وهو الأذان الّذي يأتي المخالفون به بعد الأذان الموظّف، وقد يطلق عليه الأذان الثالث، ولعلّه باعتبار كونه ثالث الأذان والإقامة، أو ثالث الأذان للإعلام والأذان للصلاة، أو ثالث باعتبار أذان الصبح والظهر. والظاهر أنّه غير الأذان للعصر.
        الثالث: لا يحرم البيع ولا غيره من المعاملات يوم الجمعة بعد الأذان في أعصارنا ممّا لا تجب الجمعة فيها تعيينا.
        الرابع: لو لم يتمكّن المأموم - لزحام ونحوه - من السجود مع الإمام في الركعة الاُولى الّتي أدرك ركوعها معه: فإن أمكنه السجود واللحاق به قبل الركوع أو فيه فعل وصحّت جمعته، وإن لم يمكنه ذلك لم يتابعه في الركوع، بل اقتصر على متابعته في السجدتين، ونوى بهما للاُولى، فيكمل له ركعة مع الإمام، ثمّ يأتي بركعة ثانية لنفسه، وقد تمّت صلاته. وإن نوى بهما الثانية قيل: يحذفهما ويسجد للاُولى ويأتي بالركعة الثانية وصحّت صلاته، وهو مرويّ؛ وقيل: تبطل الصلاة. ويحتمل جعلهما للاُولى إذا كانت نيّته للثانية لغفلة أو جهل، وأتى بالركعة الثانية كالفرض الأوّل. والمسألة لا تخلو من إشكال، فالأحوط الإتمام بحذفهما والسجدة للاُولى والإتيان بالظهر؛ وكذا لو نوى بهما التبعيّة للإمام.
        الخامس: صلاة الجمعة ركعتان. وكيفيّتها كصلاة الصبح. ويستحبّ فيها الجهر بالقراءة، وقراءة «الجمعة» في الاُولى و«المنافقين» في الثانية. وفيها قنوتان: أحدهما قبل ركوع الركعة الاُولى، وثانيهما بعد ركوع الثانية.
        وقد مرّ بعض الأحكام الراجعة إليها في مباحث القراءة وغيرها. ثمّ إنّ أحكامها في الشرائط والموانع والقواطع والخلل والشكّ والسهو وغيرها ما تقدّمت في كتاب الطهارة والصلاة.

    • القول في صلاة العيدين

       

      القول في صلاة العيدين
      الفطر والأضحى
       
      وهي واجبة مع حضور الإمام (عليه السلام) وبسط يده واجتماع سائر الشرائط، ومستحبّة في زمان الغيبة. والأحوط إتيانها فرادى في ذلك العصر. ولابأس بإتيانها جماعةً رجاءً، لا بقصد الورود. ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال، ولاقضاء لها لوفاتت. وهي ركعتان في كلّ منهما يقرأ«الحمد» وسورةً. والأفضل أن يقرأ في الاُولى سورة «الشمس» وفي الثانية سورة «الغاشية»، أو في الاُولى سورة «الأعلى» وفي الثانية سورة «الشمس». وبعد السورة في الاُولى خمس تكبيرات وخمسة قنوتات، بعد كلّ تكبيرة قنوت، وفي الثانية أربع تكبيرات وأربعة قنوتات، بعد كلّ تكبيرةٍ قنوت. ويجزي في القنوت كلّ ذكر ودعاء كسائر الصلوات. ولو أتى بما هو المعروف رجاء الثواب لا بأس به وكان حسنا، وهو:
      «أَللّهُمّ أَهْلَ الْكِبْرِيَآءِ وَالْعَظَمَةِ، وَأَهْلَ الْجُودِ وَالْجَبَرُوتِ، وَأَهْلَ الْعَفْوِ وَالرّحْمَةِ، وَأَهْلَ التّقْوى وَالْمَغْفِرَةِ، أَسْأَلُكَ بِحَقّ هَذا الْيَوْمِ، أَلّذِي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمينَ عِيدا، وَلِمُحَمّدٍ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ذُخْرا وَشَرَفا، وَكَرَامَةً وَمَزِيدا، أَنْ تُصَلّيَ عَلَى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَأَنْ تُدْخِلَنِي فِي كُلّ خَيْرٍ أَدْخَلْتَ فِيهِ مُحَمّدا وَآلَ مُحَمّدٍ، وَأَنْ تُخْرِجَنِي مِنْ كُلّ سُوءٍ أَخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمّدا وَآلَ مُحَمّدٍ، صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، أَللّهُمّ إِنّي أَسْأَلُكَ بِهِ خَيْرَ مَا سَأَلَكَ بِهِ عِبَادُكَ الصّالِحُونَ، وَأَعُوذُبِكَ مِمّا اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الْمُخْلَصُونَ».
      ولو صلّى جماعةً رجاءً يأتي بخطبتين بعدها رجاءً أيضا. ويجوز تركهما في زمان الغيبة. ويستحبّ فيها الجهر للإمام والمنفرد، ورفع اليدين حال التكبيرات، والإصحار بها إلّا في مكّة. ويكره أن يصلّي تحت السقف.
      مسألة 1 - لا يتحمّل الإمام فيها ما عدا القراءة كسائر الجماعات.
      مسألة 2 - لو شكّ في التكبيرات أو القنوتات وهو في المحلّ بنى على الأقلّ.
      مسألة 3 - لو أتى بموجب سجود السهو فيها فالأحوط الإتيان رجاءً وإن كان عدم وجوبه في صورة استحبابها لا يخلو من قوّة. وكذا الحال في قضاء التشهّد والسجدة المنسيّين.
      مسألة 4 - ليس في هذه الصلاة أذان ولا إقامة. نعم، يستحبّ أن يقول المؤذّن: «الصلاة» ثلاثا.
    • القول في بعض الصلوات المندوبة
      • صلاة جعفر بن أبي‌طالب (عليه السلام)


        صلاة جعفر بن أبي‌طالب (عليه السلام)

        فمنها: صلاة جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) وهي من المستحبّات الأكيدة، ومن المشهورات بين العامّة والخاصّة، وممّا حباه النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ابن عمّه حين قدومه من سفره حبّا له وكرامةً عليه؛ فعن الصادق (عليه السلام) أنّه «قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لجعفر حين قدومه من الحبشة يوم فتح خيبر: ألا أمنحك؟ ألا اُعطيك؟ ألا أحبوك؟ فقال: بلى يا رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) - قال: - فظنّ الناس أنّه يعطيه ذهبا أو فضّةً، فأشرف الناس لذلك، فقال له: إنّي اُعطيك شيئا إن أنت صنعته في كلّ يوم كان خيرا لك من الدنيا وما فيها، فإن صنعته بين يومين غفراللّه لك ما بينهما، أو كلّ جمعة أو كلّ شهر أو كلّ سنةٍ غفر لك ما بينهما».
        وأفضل أوقاتها يوم الجمعة حين ارتفاع الشمس. ويجوز احتسابها من نوافل الليل أو النهار، تحسب له من نوافله وتحسب له من صلاة جعفر7 كما في الخبر، فينوي بصلاة جعفر نافلة المغرب مثلا.
        وهي أربع ركعات بتسليمتين، يقرأ في كلّ ركعة «الحمد» وسورةً ثمّ يقول: «سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر» خمس عشرة مرّة، ويقولها في الركوع عشر مرّات، وكذا بعد رفع الرأس منه عشر مرّات، وكذا في السجدة الاُولى وبعد رفع الرأس منها، وفي السجدة الثانية وبعد رفع الرأس منها يقولها عشر مرّات، فتكون في كلّ ركعة خمس وسبعون مرّة، ومجموعها ثلاثمائة تسبيحة. والظاهر الاكتفاء بالتسبيحات عن ذكر الركوع والسجود، والأحوط عدم الاكتفاء بها عنه. ولا تتعيّن فيها سورة مخصوصة، لكنّ الأفضل أن يقرأ في الركعة الاُولى «إِذَا زُلْزِلَتْ» وفي الثانية «وَالْعَادِيَاتِ»، وفي الثالثة «إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللّهِ»، وفي الرابعة «قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ».
        مسألة 1 - يجوز تأخير التسبيحات إلى ما بعد الصلاة إذا كان مستعجلا؛ كما يجوز التفريق في أصل الصلاة إذا كانت له حاجة ضروريّة، فيأتي بركعتين، وبعد قضاء تلك الحاجة يأتي بالبقيّة.
        مسألة 2 - لوسها عن بعض التسبيحات في محلّه: فإن تذكّره في بعض المحالّ الاُخر قضاه في ذلك المحلّ مضافا إلى وظيفته، فإذا نسي تسبيحات الركوع وتذكّرها بعد رفع الرأس منه سبّح عشرين تسبيحة، وهكذا في باقي المحالّ والأحوال، وإن لم يتذكّرها إلّا بعد الصلاة فالأولى والأحوط أن يأتي بها رجاءً.
        مسألة 3 - يستحبّ أن يقول في السجدة الثانية من الركعة الرابعة بعد التسبيحات: «يَا مَنْ لَبِسَ الْعِزّ وَالْوَقَارَ، يَا مَنْ تَعَطّفَ بِالْمَجْدِ وَتَكَرّمَ بِهِ، يَا مَنْ لَا يَنْبَغِي التّسْبِيحُ إِلّا لَهُ، يَا مَنْ أَحْصَى كُلّ شَيْ ءٍ عِلْمُهُ، يَا ذَا النّعْمَةِ وَالطّوْلِ، يَا ذَاالْمَنّ وَالْفَضْلِ، يَا ذَا الْقُدْرَةِ وَالْكَرَمِ، أَسْأَلُكَ بِمَعَاقِدِ الْعِزّ مِنْ عَرْشِكَ، وَمُنْتَهَى الرّحْمَةِ مِنْ كِتابِكَ، وَبِاِسْمِكَ الْأَعْظَمِ الأَعْلَى وَكَلِمَاتِكَ التّامّاتِ، أَنْ تُصَلّيَ عَلَى مُحَمّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ، وَأَنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا» ويذكر حاجاته.
        ويستحبّ أن يدعو بعد الفراغ من الصلاة ما رواه الشيخ الطوسيّ والسيّد ابن طاووس عن المفضّل بن عمر، قال: «رأيت أبا عبداللّه (عليه السلام) يصلّي صلاة جعفر، ورفع يديه ودعا بهذا الدعاء: «يَا رَبّ يَا رَبّ» حتّى انقطع النفس «يَا رَبّاهُ يَا رَبّاهُ» حتّى انقطع النفس «رَبّ رَبّ» حتّى انقطع النفس «يَا أَللّهُ يَا أللّهُ» حتّى انقطع النفس «يَا حَيّ يَا حَيّ» حتّى انقطع النفس «يَا رَحِيمُ يَا رَحِيمُ» حتّى انقطع النفس «يَارَحْمَانُ يَا رَحْمَانُ» سبع مرّات «يَا أَرْحَمَ الرّاحِمِينَ» سبع مرّات، ثمّ قال: «أَللّهُمّ إِنّي أَفْتَتِحُ الْقَوْلَ بِحَمْدِكَ، وَأَنْطِقُ بِالثّنآءِ عَلَيْكَ، وَاُمَجّدُكَ، وَلَا غَايَةَ لِمَدْحِكَ، وَأُثْنِي عَلَيْكَ، وَمَنْ يَبْلُغُ غَايَةَ ثَنآئِكَ وَأَمَدَ مَجْدِكَ؟! وَأَنّى لِخَلِيقَتِكَ كُنْهُ مَعْرِفَةِ مَجْدِكَ؟! وَأَيّ زَمَنٍ لَمْ تَكُنْ مَمْدُوحا بِفَضْلِكَ، مَوْصُوفا بِمَجْدِكَ، عَوّادا عَلَى الْمُذْنِبينَ بِحِلْمِكَ؟! تَخَلّفَ سُكّانُ أَرْضِكَ عَنْ طَاعَتِكَ، فَكُنْتَ عَلَيْهِمْ عَطُوفا بِجُودِكَ، جَوادا بِفَضْلِكَ، عَوّادا بِكَرَمِكَ، يَا لَا إِلهَ إِلّا أَنْتَ الْمَنّانُ، ذُوالْجَلالِ وَالْإِكْرَامِ». ثمّ قال لي: يا مفضّل إذا كانت لك حاجة مهمّة فصلّ هذه الصلاة وادع بهذا الدعاء وسل حاجتك يقضها اللّه إن شاء اللّه وبه الثقة».
      • صلاة الإستسقاء

         

        ومنها: صلاة الاستسقاء

        وهو طلب السُقيا. وهي مستحبّة عند غور الأنهار وفتور الأمطار، ومنع السماء قطرها لأجل شيوع المعاصي، وكفران النعم، ومنع الحقوق، والتطفيف في المكيال والميزان، والظلم والغدر، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنع الزكاة، والحكم بغير ما أنزل اللّه، وغير ذلك ممّا يوجب غضب الرحمان الموجب لحبس الأمطار كما في الأثر.
        وكيفيّتها كصلاة العيدين ركعتان في جماعة. ولا بأس بالفرادى رجاءً. يقرأ في كلّ منهما «الحمد» وسورةً، ويكبّر بعد السورة في الاُولى خمس تكبيرات، ويأتي بعد كلّ تكبيرة بقنوت، وفي الثانية أربع تكبيرات، يأتي بعد كلّ تكبيرة بقنوت. ويجزي في القنوت كلّ دعاء. والأولى اشتماله على طلب الغيث والسقي واستعطاف الرحمان بإرسال الأمطار وفتح أبواب السماء بالرحمة. ويقدّم على الدعاء الصلاة على محمّد وآله عليهم الصلاة والسلام.
        ومسنوناتها اُمور:
        منها: الجهر بالقراءة، وقراءة السور الّتي تستحبّ في العيدين.
        ومنها: أن يصوم الناس ثلاثة أيّام، ويكون خروجهم يوم الثالث، ويكون ذلك الثالث يوم الاثنين، وإن لم يتيسّر فيوم الجمعة لشرفه وفضله.
        ومنها: أن يخرج الإمام ومعه الناس إلى الصحراء في سكينة ووقار وخشوع ومسألة، ويتّخذوا مكانا نظيفا للصلاة. والأولى أن يكون الخروج في زيّ يجلب الرحمة، ككونهم حُفاةً.
        ومنها: إخراج المنبر معهم إلى الصحراء، وخروج المؤذّنين بين يدي الإمام.
        ومنها: ما ذكره الأصحاب من أن يُخرجوا معهم الشيوخ والأطفال والعجائز والبهائم، ويفرّق بين الأطفال واُمّهاتهم ليكثروا من الضجيج والبكاء، ويكون سببا لدرّ الرحمة، ويمنعون خروج الكفّار كأهل الذمّة وغيرهم معهم.
        مسألة 1 - الأولى إيقاعها وقت صلاة العيد وإن لا يبعد عدم توقيتها بوقت.
        مسألة 2 - لا أذان ولا إقامة لها، بل يقول المؤذّن بدلا عنهما: «الصلاة» ثلاث مرّات.
        مسألة 3 - إذا فرغ الإمام من الصلاة حوّل رداءه استحبابا، بأن يجعل ما على اليمين على اليسار وبالعكس، وصعد المنبر، واستقبل القبلة، وكبّر مائة تكبيرة رافعا بها صوته، ثمّ التفت إلى الناس عن يمينه فسبّح اللّه مائة تسبيحة رافعا بها صوته. ثمّ التفت إلى الناس على يساره فهلّل اللّه مائة تهليلة رافعا بها صوته، ثمّ استقبل الناس فحمد اللّه مائة تحميدة. ولابأس برفع الصوت فيها أيضا، كما لابأس بمتابعة المأمومين الإمام في الأذكار، بل وفي رفع الصوت، ولعلّه أجلب للرحمة وأرجى لتحصيل المقصود. ثمّ يرفع الإمام يديه ويدعو ويدعو الناس، ويبالغون في الدعاء والتضرّع والاستعطاف والابتهال إليه تعالى. ولا بأس بأن يؤمّن الناس على دعاء الإمام. ثمّ يخطب الإمام ويبالغ في التضرّع والاستعطاف. والأولى اختيار بعض ما ورد عن المعصومين: كالواردة عن مولانا أمير المؤمنين 7 ممّا أوّلها «أَلْحَمْدُ للّهِ ِ سَابِ-غِ النّعَمِ ...». والأولى أن يخطب فيها خطبتين كما في العيدين، ويأتي بالثانية رجاءً.
        مسألة 4 - كما تجوز هذه الصلاة عند قلّة الأمطار تجوز عند جفاف مياه العيون والآبار.
        مسألة 5 - لو تأخّر الإجابة كرّروا الخروج حتّى يدركهم الرحمة إن شاء اللّه تعالى. ولو لم يجبهم فلمصالح هو تعالى عالم بها، وليس لنا الاعتراض ولا اليأس من رحمة اللّه تعالى. ويجوز التكرار متّصلا والاكتفاء بصوم الثلاثة، وغيرَ متّصل مع صوم ثلاثة أيّام اُخر يأتي بها رجاءً، بل يأتي بالتكرار أيضا رجاءً.
        ومنها: صلاة الغفيلة. وهي ركعتان بين المغرب والعشاء. وقد تقدّم تفصيلها في المقدّمة الاُولى من كتاب الصلاة.
        ومنها: صلاة ليلة الدفن. وقد مرّت في باب الدفن من أحكام الأموات أيضا.
        ومنها: صلاة أوّل الشهر، وصلاة الحاجة وغيرهما ممّا هو مذكور في محالّها مفصّلا.

    • فصل في صلاة المسافر
      • شرائط السفر

         

         شرائط السفر

        يجب القصر على المسافر في الصلوات الرباعيّة مع اجتماع الشروط الآتية؛ وأمّا الصبح والمغرب فلا قصر فيهما.
        ويشترط في التقصير للمسافر اُمور:
        أحدها: المسافة. وهي ثمانية فراسخ امتداديّة ذهابا أو إيابا أو ملفّقة، بشرط عدم كون الذهاب أقلّ من أربعة، سواء اتّصل إيابه بذهابه ولم يقطعه بمبيت ليلة فصاعدا في الأثناء، أو قطعه بذلك لا على وجه تحصل به الإقامة القاطعة للسفر ولا غيرها من القواطع، فيقصّر ويفطر، إلّا أنّ الأحوط احتياطا شديدا في الصورة الأخيرة التمام مع ذلك وقضاء الصوم.

        مسألة 1- الفرسخ ثلاثة أميال. والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد، الّذي طوله عرض أربعة وعشرين إصبعا، وكلّ إصبع عرض سبع شعيرات، وكلّ شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البِرْذَون، فإن نقصت عن ذلك ولو يسيرا بقي على التمام.
        مسألة 2 - لو كان الذهاب خمسة فراسخ والإياب ثلاثة وجب القصر؛ بخلاف العكس. ولو تردّد في أقلّ من أربعة فراسخ ذاهبا وجائيا مرّات حتّى بلغ المجموع ثمانية وأكثر لم يقصّر وإن كان خارجا عن حدّ الترخّص؛ فلا بدّ في التلفيق أن يكون المجموع من ذهاب واحد وإياب واحد ثمانيةً.
        مسألة 3 - لو كان للبلد طريقان والأبعد منهما مسافة دون الأقرب: فإن سلك الأبعد قصّر، وإن سلك الأقرب أتمّ، وإن ذهب من الأقرب وكان أقلّ من أربعة فراسخ بقي على التمام وإن رجع من الأبعد وكان المجموع مسافةً.
        مسألة 4 - مبدأ حساب المسافة سور البلد، وفي ما لا سور له آخر البيوت. هذا في غير البلدان الكبار الخارقة؛ وأمّا فيها فهو آخر المحلّة إذا كان منفصل المحالّ بحيث تكون المحلّات كالقرى المتقاربة، وإلّا ففيه إشكال كالمتّصل المحالّ، فالأحوط الجمع فيها في ما إذا لم يبلغ المسافة من آخر البلد وكان بمقدارها إذا لوحظ منزله، وإن كان القول بأنّ مبدأ الحساب في مثلها من منزله ليس ببعيد.
        مسألة 5 - لو كان قاصدا للذهاب إلى بلد وكان شاكّا في كونه مسافةً أو معتقدا للعدم ثمّ بان في أثناء السير كونه مسافةً يقصّر وإن لم يكن الباقي مسافةً.
        مسألة 6 - تثبت المسافة بالعلم وبالبيّنة. ولو شهد العدل الواحد فالأحوط الجمع؛ فلو شكّ في بلوغها أو ظنّ به بقي على التمام. ولا يجب الاختبار المستلزم للحرج. نعم، يجب الفحص بسؤال ونحوه عنها على الأحوط. ولو شكّ العاميّ في مقدار المسافة شرعا ولم يتمكّن من التقليد وجب عليه الاحتياط بالجمع.
        مسألة 7 - لو اعتقد كونه مسافةً فقصّر ثمّ ظهر عدمها وجبت الإعادة؛ ولو اعتقد عدم كونه مسافةً فأتمّ ثمّ ظهر كونه مسافةً وجبت الإعادة في الوقت على الأقوى، وفي خارجه على الأحوط.
        مسألة 8 - الذهاب في المسافة المستديرة هو السير إلى النقطة المقابلة لمبدأ السير؛ فإذا أراد السير مستديرا يقصّر ولو كان شغله قبل البلوغ إلى النقطة المقابلة، بشرط كون السير إليها أربعة فراسخ، والأحوط الجمع إذا كان شغله قبلها.
        ثانيها: قصد قطع المسافة من حين الخروج؛ فلو قصد ما دونها و بعد الوصول إلى المقصد قصد مقدارا آخر دونها وهكذا يتمّ في الذهاب وإن كان المجموع مسافةً وأكثر. نعم، لو شرع في العود يقصّر إذا كملت المسافة وكان من قصده قطعها؛ وكذا لو لم يكن له مقصد معيّن ولا يدري أيّ مقدار يقطع - كما لو طلب دابّةً شاردةً مثلا ولم يدر إلى أين مسيره - لا يقصّر في ذهابه وإن قطع المسافة فأكثر. نعم، يقصّر في العود بالشرط المتقدّم. ولو عيّن في الأثناء مقصدا يبلغ المسافة ولوبالتلفيق مع الشرط المتقدّم فيه يقصّر. ولو خرج إلى ما دون الأربعة وينتظر رفقةً إن تيسّروا سافر معهم، وإلّا فلا، أو كان سفره منوطا بحصول أمر ولم يطمئنّ بتيسّر الرفقة أو حصول ذلك الأمر يجب عليه التمام.
        مسألة 9 - المدار قصد قطع المسافة - وإن حصل ذلك منه في أيّام - مع عدم تخلّل أحد قواطع السفر، ما لم يخرج بذلك عن صدق اسم السفر عرفا، كما لو قطع في كلّ يوم مقدارا يسيرا جدّا للتنزّه ونحوه، لا من جهة صعوبة السير، فإنّه يتمّ حينئذٍ، والأحوط الجمع.
        مسألة 10 - لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلّاً، بل يكفي ولو من جهة التبعيّة، سواء كان لوجوب الطاعة كالزوجة، أو قهرا كالأسير، أو اختيارا كالخادم، بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافةً، وإلّا بقي على التمام، والأحوط الاستخبار وإن كان الأقوى عدم وجوبه. ولا يجب على المتبوع الإخبار وإن فرض وجوب الاستخبار على التابع.
        مسألة 11 - لو اعتقد التابع أنّ متبوعه لم يقصد المسافة أو شكّ في ذلك وعلم في الأثناء أنّه كان قاصدا لها: فإن كان الباقي مسافةً يجب عليه القصر، وإلّا فالظاهر وجوب التمام عليه.
        ثالثها: استمرار القصد؛ فلو عدل عنه قبل بلوغ أربعة فراسخ أو تردّد أتمّ، ومضى ما صلّاه قصرا، ولا إعادة عليه في الوقت ولا خارجه؛ وإن كان العدول أو التردّد بعد بلوغ الأربعة بقي على التقصير وإن لم يرجع ليومه إذا كان عازما على العود قبل عشرة أيّام.
        مسألة 12 - يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع وان عدل عن الشخص، كما لو قصد السفر إلى مكان خاصّ وكان مسافةً فعدل في أثناء الطريق إلى آخر يبلغ ما مضى مع ما بقي إليه مسافةً، فإنّه يقصّر حينئذٍ على الأصحّ؛ كما أنّه يقصّر لوكان من أوّل الأمر قاصدا للنوع دون الشخص، بأن يشرع في السفر قاصدا للذهاب إلى أحد الأمكنة الّتي كلّها مسافة ولم يعيّن أحدها بل أوكل التعيين إلى وقت الوصول إلى الحدّ المشترك بينها.
        مسألة 13 - لو تردّد في الأثناء قبل بلوغ أربعة فراسخ ثمّ عاد إلى الجزم: فإن لم يقطع شيئا من الطريق حال التردّد بقي على القصر وإن لم يكن ما بقي مسافةً ولو ملفّقة؛ وإن قطع شيئا منه حاله: فإن كان ما بقي مسافةً بقي على القصر أيضا، وإن لم يكن مسافةً فلا إشكال في وجوب التمام إذا لم يكن ما بقي بضمّ ما قطع قبل حصول التردّد مسافةً؛ وأمّا إذا كان المجموع بإسقاط ما تخلّل في البين مسافةً فالأحوط الجمع وإن لا يبعد العود إلى القصر، خصوصا إذا كان القطع يسيرا.
        رابعها: أن لا ينوي قطع السفر بإقامة عشرة أيّام فصاعدا في أثناء المسافة أو بالمرور على وطنه كذلك، كما لو عزم على قطع أربعة فراسخ قاصدا للإقامة في أثنائها أو على رأسها أو كان له وطن كذلك وقد قصد المرور عليه، فإنّه يُتمّ حينئذٍ؛ وكذا لو كان متردّدا في نيّة الإقامة أو المرور على المنزل المزبور على وجه ينافي قصد قطع المسافة. ومنه ما إذا احتمل عروض عارضٍ منافٍ لإدامة السير أو عروض مقتضٍ لنيّة الإقامة في الأثناء أو المرور على الوطن، بشرط أن يكون ذلك ممّا يعتني به العقلاء؛ وأمّا مع احتمالٍ غير معتنىً به كاحتمال حدوث مرض أو غيره ممّا يكون مخالفا للأصل العقلائيّ فإنّه يقصّر.
        مسألة 14 - لو كان حين الشروع قاصدا للإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية أو كان متردّدا ثمّ عدل وبنى على عدم الأمرين: فإن كان ما بقي بعد العدول مسافةً ولو ملّفقةً قصّر، وإلّا فلا.
        مسألة 15 - لو لم يكن من نيّته الإقامة وقطع مقدارا من المسافة ثمّ بدا له قبل بلوغ الثمانية ثمّ عدل عمّا بدا له وعزم على عدم الإقامة: فإن كان ما بقي بعدالعدول عمّا بدا له مسافةً قصّر بلا إشكال؛ وكذا إن لم يكن كذلك ولم يقطع بين العزمين شيئا من المسافة وكان المجموع مسافةً؛ وأمّا لو قطع شيئا بينهما فهل يضمّ ما مضى قبل العدول إلى ما بقي - بإسقاط ما تخلّل في البين - إذا كان المجموع مسافةً أم لا؟ فالأحوط الجمع وإن لا يبعد العود إلى التقصير، خصوصا إذا كان القطع يسيرا كما مرّ نظيره.
        خامسها: أن يكون السفر سائغا؛ فلو كان معصيةً لم يقصّر، سواء كان بنفسه معصيةً كالفرار من الزحف ونحوه، أو غايته كالسفر لقطع الطريق ونيل المظالم من السلطان ونحو ذلك. نعم، ليس منه ما وقع المحرّم في أثنائه مثل الغيبة ونحوها ممّا ليس غايةً لسفره، فيبقى على القصر،بل ليس منه ما لو ركب دابّةً مغصوبةً على الأقوى؛ وكذا ما كان ضدّا لواجب وقد تركه وسافر، كما إذا كان مديونا وسافر مع مطالبة الديّان وإمكان الأداء في الحضر دون السفر. نعم، لا يترك الاحتياط بالجمع في ما إذا كان السفر لأجل التوصّل إلى ترك واجب وإن كان تعيّن الإتمام فيه لا يخلو من قوّة.
        مسألة 16 - التابع للجائر يقصّر إن كان مجبورا في سفره أو كان قصده دفع مظلمة ونحوه من الأغراض الصحيحة؛ وأمّا إن كان من قصده إعانته في جوره أو كان متابعته له معاضدةً له في جهة ظلمه أو تقويةً لشوكته مع كون تقويتها محرّمةً وجب عليه التمام.
        مسألة 17 - لو كانت غاية السفر طاعةً ويتبعها داعي المعصية - بحيث ينسب السفر إلى الطاعة - يقصّر؛ وأمّا في غير ذلك ممّا كانت الغاية معصيةً يتبعها داعي الطاعة أو كان الداعيان مشتركين بحيث لو لا اجتماعهما لم يسافر أو مستقلّين فيتمّ، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع في غير الصورة الاُولى - أي تبعيّة داعي الطاعة - فإنّه يتمّ بلاإشكال.
        مسألة 18 - لو كان ابتداء سفره طاعةً ثمّ قصد المعصية به في الأثناء فمع تلبّسه بالسير مع قصدها انقطع ترخّصه وإن كان قد قطع مسافات، ولا تجب إعادة ما صلّاه قصرا، ومع عدم تلبّسه به فالأوجه عدم انقطاعه، والأحوط الجمع ما لم يتلبّس به. ثمّ لو عاد إلى قصد الطاعة بعد ضربه في الأرض: فإن كان الباقي مسافةً ولو ملفّقةً بأن كان الذهاب إلى المقصد أربعة أو أزيد يجب عليه القصر أيضا، وكذا لو لم يكن الباقي مسافةً لكن مجموع ما مضى مع ما بقي بعد طرح ما تخلّل في البين من المصاحب للمعصية بقدر المسافة، لكن في هذه الصورة الأحوط الأولى ضمّ التمام أيضا، ولو لم يكن المجموع مسافةً إلّا بضمّ ما تخلّل من المصاحب للمعصية فوجوب التمام لا يخلو من قوّة، والأحوط الجمع. وإن كان ابتداء سفره معصيةً ثمّ عدل إلى الطاعة يقصّر إن كان الباقي مسافةً ولو ملفّقةً، وإلّا فالأحوط الجمع وإن كان البقاء على التمام لا يخلو من قوّة.
        مسألة 19 - لو كان ابتداء سفره معصيةً فنوى الصوم ثمّ عدل إلى الطاعة: فإن كان قبل الزوال وجب الإفطار إن كان الباقي مسافةً ولو ملفّقةً، وإلّا صحّ صومه؛ وإن كان بعده لا يبعد الصحّة، لكنّ الأحوط الإتمام ثمّ القضاء. ولو كان ابتداؤه طاعةً ثمّ عدل إلى المعصية في الأثناء: فإن كان بعد تناول المفطر أو بعدالزوال لم يصحّ منه الصوم، وإن كان قبلهما فصحّته محلّ تأمّل، فلايترك الاحتياط بالصوم والقضاء.
        مسألة 20 - الراجع من سفرالمعصية إن كان بعد التوبة أو بعد عروض ما يخرج العود عن جزئيّة سفر المعصية - كما لو كان محرّكه للرجوع غايةً اُخرى مستقلّةً، لاالرجوع إلى وطنه - يقصّر، وإلّا فلا يبعد وجوب التمام عليه، والأحوط الجمع.
        مسألة 21 - يلحق بسفر المعصية السفر للصيد لهوا كما يستعمله أبناء الدنيا. وأمّا إن كان للقوت يقصّر. وكذا إذا كان للتجارة بالنسبة إلى الإفطار؛ وأمّا بالنسبة إلى الصلاة ففيه إشكال، والأحوط الجمع. ولا يلحق به السفر بقصد مجرّد التنزّه، فلا يوجب ذلك التمام.
        سادسها: أن لا يكون من الّذين بيوتهم معهم، كبعض أهل البوادي الّذين يدورون في البراري، وينزلون في محلّ الماء والعشب والكلأ، ولم يتّخذوا مقرّا معيّنا؛ ومن هذا القبيل الملّاحون وأصحاب السفن الّذين كانت منازلهم فيها معهم، فيجب على أمثال هؤلاء التمام في سيرهم المخصوص. نعم، لو سافروا لمقصد آخر -من حجّ أو زيارة ونحوهما- قصّروا كغيرهم. ولو سار أحدهم لاختيار منزل مخصوص أو لطلب محلّ الماء والعشب - مثلا - وكان يبلغ مسافةً ففي وجوب القصر أوالتمام عليه إشكال، فلا يترك الاحتياط بالجمع.
        سابعها: أن لا يتّخذ السفر عملا له، كالمكاري والساعي وأصحاب السيّارات ونحوهم؛ ومنهم أصحاب السفن والملّاح إذا كان منزلهم خارج السفينة واتّخذوا الملاحة صنعةً؛ وأمّا إذا كان منزلهم معهم فهم من الصنف السابق، فإنّ هؤلاء يتمّون الصلاة في سفرهم الّذي هو عمل لهم وإن استعملوه لأنفسهم لا لغيرهم، كحمل المكاري - مثلا - متاعه وأهله من مكان إلى مكان آخر. نعم، يقصّرون في السفر الّذي ليس عملا لهم، كما لو فارق المّلاح - مثلا - سفينته وسافر للزيارة أو غيرها. والمدار صدق اتّخاذ السفر عملاً وشغلا له. ويتحقّق ذلك بالعزم عليه مع الاشتغال بالسفر مقدارا معتّدا به. ولا يحتاج في الصدق تكرّر السفر مرّتين أو مرّات. نعم، لايبعد وجوب القصر في السفر الأوّل مع صدق العناوين أيضا، وإن كان الأحوط الجمع فيه وفي السفر الثاني، ويتعيّن التمام في الثالث.
        مسألة 22 - من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس فالظاهر أنّه يجب عليه التمام في حال شغله وإن كان الأحوط الجمع. وأمّا مثل الحملداريّة الّذين يتشاغلون بالسفر في خصوص أشهر الحجّ فالظاهر وجوب القصر عليهم.
        مسألة 23 - يعتبر في استمرار من عمله السفر على التمام أن لا يقيم في بلده أو غير بلده عشرة أيّام ولو غير منويّة، وإلّا انقطع حكم عمليّة السفر وعاد إلى القصر، لكن في السفرة الاُولى خاصّة دون الثانية، فضلاً عن الثالثة؛ لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع في السفرة الاُولى لمن أقام في غير بلده عشرة من دون نيّة الإقامة، بل الأحوط الجمع في السفرة الثانية والثالثة أيضا له مطلقا ولمن أقام في بلده بنيّة أو بلا نيّة.
        مسألة 24 - لو لم يكن شغله السفر لكن عرض له عارض فسافر أسفارا عديدة يقصّر، كما لو كان له شغل في بلد وقد احتاج إلى التردّد إليه مرّات عديدة، بل وكذا في ما إذا كان منزله إلى الحائر الحسينيّ - مثلا - مسافةً ونذر أو بنى على أن يزوره كلّ ليلة جمعة، وكذا في ما إذا كان منزله إلى بلد كان شغله فيه مسافةً ويأتي منه إليه كلّ يوم، فإن الظاهر أنّ عليه القصر في السفر والبلد الّذي ليس وطنه.
        مسألة 25 - ممّن شغله السفر الراعي الّذي كان الرعي عمله، سواء كان له مكان مخصوص أولا؛ والتاجر الّذي يدور في تجارته؛ ومنه السائح الّذي لم يتّخذ وطنا وكان شغله السياحة، ويمكن إدراجه في العنوان السادس؛ وكيف كان، يجب عليهم التمام.
        ثامنها: وصوله إلى محلّ الترخّص؛ فلا يقصّر قبله. والمراد به المكان الّذي يخفى عليه فيه الأذان، أو يتوارى عنه فيه الجدران وأشكالها لا أشباحها. ولايترك الاحتياط في مراعاة حصولهما معا. ويعتبر أن يكون الخفاء والتواري المذكوران لأجل البعد لا عوارض اُخر.
        مسألة 26 - كما أنّه يعتبر في التقصير الوصول إلى محلّ الترخّص إذا سافر من بلده فهل يعتبر في السفر من محلّ الإقامة ومن محلّ التردّد ثلاثين يوما أولا؟ فيه تأمّل، فلا يترك مراعاة الاحتياط فيهما.
        مسألة 27 - كما أنّه من شروط القصر في ابتداء السفر الوصول إلى حدّ الترخّص كذلك عند العود ينقطع حكم السفر بالوصول إليه، فيجب عليه التمام، والأحوط مراعاة رفع الأمارتين، والأحوط الأولى تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله، والجمع بين القصر والتمام إن صلّى بعد الوصول إلى الحدّ. وأمّا بالنسبة إلى المحلّ الّذي عزم على الإقامة فيه فهل يعتبر فيه حدّ الترخّص فينقطع حكم السفر بالوصول إليه أو لا؟ فيه إشكال، فلايترك الاحتياط إمّا بتأخير الصلاة إليه أو الجمع.
        مسألة 28 - المدار في عين الرائي واُذن السامع وصوت المؤذّن والهواء هو المتوسّط المعتدل.
        مسألة 29 - الأقوى أنّ الميزان في خفاء الأذان هو خفاؤه بحيث لا يتميّز بين كونه أذانا أو غيره. وينبغي الاحتياط في ما إذا تميّز كونه أذانا لكن لا يتميّز بين فصوله، وفي ما إذا لم يصل إلى حدّ خفاء الصوت رأسا.
        مسألة 30 - لو لم يكن هناك بيوت ولا جدران يعتبر التقدير؛ بل الأحوط ذلك في مثل بيوت الأعراب ونحوهم ممّن لا جدران لبيوتهم.
        مسألة 31 - لو شكّ في البلوغ إلى حدّ الترخّص بنى على عدمه؛ فيبقى على التمام في الذهاب وعلى القصر في الإياب، إلّا إذا استلزم منه محذور، كمخالفة العلم الإجماليّ أو التفصيليّ ببطلان صلاته، كمن صلّى الظهر تماما في الذهاب في المكان المذكور وأراد إتيان العصر في الإياب فيه قصرا.
        مسألة 32 - لو كان في السفينة ونحوها فشرع في الصلاة قبل حد الترخّص بنيّة التمام ثمّ وصل إليه في الأثناء: فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتمّها قصرا وصحّت صلاته إن كان معتقدا لإتمامها قبل الوصول إلى حدّ الترخّص، وإلّا فإن وصل إليه قبل الدخول في الركعة الثالثة أتمّها قصرا وصحّت، ومع الدخول فيها فمحلّ إشكال، فالأحوط إتمامها قصرا ثمّ إعادتها تماما، أو تماما ثمّ الإعادة قصرا؛ كما أنّه لو وصل إليه بعد الدخول في الركوع فمحلّ إشكال، فلا يترك الاحتياط بإتمامها تماما ثمّ إعادتها قصرا. ولو كان في حال العود وشرع في الصلاة بنيّة القصر قبل الوصول إلى الحدّ ثمّ وصل إليه في الأثناء أتمّها تماما وصحّت.

      • القول في قواطع السفر

         

        القول في قواطع السفر

        و هى اُمور:
        الأوّل: الوطن؛ فينقطع السفر بالمرور عليه، ويحتاج في القصر بعده إلى قصد مسافة جديدة، سواء كان وطنه الأصليّ ومسقط رأسه أو المستجدّ - وهو المكان الّذي اتّخذه مسكنا ومقرّا له دائما - ولا يعتبر فيه حصول ملك ولا إقامة ستّة أشهر. نعم، يعتبر في المستجدّ الإقامة فيه بمقدار يصدق عرفا أنّه وطنه ومسكنه، بل قد يصدق الوطن بواسطة طول الإقامة إذا أقام في بلد بلا نيّة للإقامة دائما ولا نيّة تركها.
        مسألة 1 - لو أعرض عن وطنه الأصليّ أو المستجدّ وتوطّن في غيره: فإن لم يكن له فيه ملك أو كان ولم يكن قابلا للسكنى أو كان ولم يسكن فيه ستّة أشهر بقصد التوطّن الأبديّ يزول عنه حكم الوطنيّة، وأمّا إذا كان له ملك وقد سكن فيه ستّة أشهر بعد اتّخاذه وطنا دائما أو كونه وطنا أصليّا فالمشهور على أنّه بحكم الوطن الفعليّ، ويسمّونه بالوطن الشرعيّ، فيوجبون عليه التمام بالمرور عليه مادام ملكه باقيا فيه، بل قال بعضهم بوجوب التمام إذا كان له فيه ملك غير قابل للسكنى ولو نخلة ونحوها، بل في ما إذا سكن ستّة أشهر ولو لم يكن بقصد التوطّن دائما بل بقصد التجارة مثلا. والأقوى خلاف ذلك كلّه، فلا يجري حكم الوطن في ما ذكر كلّه. ويزول حكم الوطن مطلقا بالإعراض وإن كان الأحوط الجمع بين إجراء حكم الوطن وغيره فيها، خصوصا الصورة الاُولى.
        مسألة 2 - يمكن أن يكون للإنسان وطنان فعليّان في زمان واحد، بأن جعل بلدين مسكنا له دائما، فيقيم في كلّ منهما ستّة أشهر - مثلاً - في كلّ سنة. وأمّا الزائد عليهما فمحلّ إشكال لا بدّ من مراعاة الاحتياط.
        مسألة 3 - الظاهر أنّ التابع الّذي لا استقلال له في الإرادة والتعيّش تابعٌ لمتبوعه في الوطن، فيعدّ وطنه وطنه، سواء كان صغيرا - كما هو الغالب - أو كبيرا شرعا، كما قديتّفق للولد الذكر وكثيرا مّاللاُنثى، خصوصافي أوائل البلوغ. والميزان هو التبعيّة وعدم الاستقلال، فربما يكون الصغير المميّز مستقلّاً في الإرادة والتعيّش كما ربما لا يستقلّ الكبير الشرعيّ. ولا يختصّ ذلك بالآباء والأولاد، بل المناط هو التبعيّة وإن كانت لسائر القرابات أو للأجنبيّ أيضا. هذا كلّه في الوطن المستجدّ. وأمّا الأصليّ ففي تحقّقه لا يحتاج إلى الإرادة، وليس اتّخاذيّا إراديّا، لكن في الإعراض الّذي يحصل بالإعراض العمليّ يأتي الكلام المتقدّم فيه.
        مسألة 4 - لو تردّد في المهاجرة عن الوطن الأصليّ فالظاهر بقاؤه على الوطنيّة ما لم يتحقّق الخروج والإعراض عنه؛ وأمّا في الوطن المستجدّ فلاإشكال في زواله إن كان ذلك قبل أن يبقى فيه مقدارا يتوقّف عليه صدق الوطن عرفا، وإن كان بعد ذلك فالأحوط الجمع بين أحكام الوطن وغيره وإن كان الأقوى بقاؤه على الوطنيّة أيضا.
        الثاني من قواطع السفر: العزم على إقامة عشرة أيّام متواليات، أو العلم ببقائه كذلك وإن كان لا عن اختياره.
        مسألة 5 - الليالي المتوسّطة داخلة في العشرة، دون الليلة الاُولى والأخيرة، فيكفي عشرة أيّام وتسع ليالٍ، ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر على الأقوى، كما إذا نوى المقام عند الزوال من اليوم الأوّل إلى الزوال من اليوم الحادي عشر. ومبدأ اليوم طلوع الفجر الثاني على الأقوى؛ فلو دخل حين طلوع الشمس كان انتهاء العشرة طلوع الشمس من الحادي عشر، لا غروب الشمس من العاشر.
        مسألة 6 - يشترط وحدة محلّ الإقامة؛ فلو قصدالإقامة في أمكنة متعدّدة عشرة أيّام لم ينقطع حكم السفر، كما إذاعزم على الإقامة عشرة أيّام في النجف والكوفة معا. نعم، لا يضرّ بوحدة المحلّ فصل مثل الشطّ ونحوه بعد كون المجموع بلدا واحدا كجانبي بغداد وإسلامبول؛ فلو قصد الإقامة في مجموع الجانبين يكفي في انقطاع حكم السفر.
        مسألة 7 - لا يعتبر في نيّة الإقامة قصد عدم الخروج عن خطّة سور البلد، بل لو قصد حال نيّتها الخروج إلى بعض بساتينها ومزارعها جرى عليه حكم المقيم، بل لو كان من نيّته الخروج عن حدّ الترخّص بل إلى ما دون الأربعة أيضا لايضرّ إذا كان من قصده الرجوع قريبا، بأن كان مكثه مقدار ساعة أو ساعتين -مثلا- بحيث لا يخرج به عن صدق إقامة عشرة أيّام في ذلك البلد عرفا، وأمّا الزائد على ذلك ففيه إشكال، خصوصا إذا كان من قصده المبيت.
        مسألة 8 - لا يكفي القصد الإجماليّ في تحقّق الإقامة، فالتابع للغير -كالزوجة والرفيق- إن كان قاصدا للمقام بمقدار ما قصده المتبوع لا يكفي وإن كان المتبوع قاصدا لإقامة العشرة إذا لم يدر من أوّل الأمر مقدار قصده؛ فإذا تبيّن له بعد أيّام أنّه كان قاصدا للعشرة يبقى على القصر، إلّا إذا نوى بعد ذلك بقاء عشرة أيّام، بل لو كان قاصدا للمقام إلى آخر الشهر أو إلى يوم العيد - مثلاً - وكان في الواقع عشرة أيّام ولم يكن عالما به حين القصد لا يبعد عدم كفايته ووجوب القصر عليه، ولكن لا يترك الاحتياط ما أمكن.
        مسألة 9 - لو عزم على الإقامة ثمّ عدل عن قصده: فإن صلّى مع العزم المذكور رباعيّةً بتمام بقي على التمام مادام في ذلك المكان ولو كان من قصده الارتحال بعد ساعة أو ساعتين، وإن لم يصلّ أو صلّى صلاةً ليس فيها تقصير -كالصبح- يرجع بعد العدول إلى القصر، ولو صلّى رباعيّةً تماما مع الغفلة عن عزمه على الإقامة أو صلّاها تماما لشرف البقعة بعد الغفلة عن نيّة الإقامة فلا يترك الاحتياط بالجمع وإن كان تعيّن القصر فيهما لا يخلو من وجه.
        مسألة 10 - لو فاتته الصلاة على وجه يجب عليه قضاؤها فقضاها تماما ثمّ عدل عن نيّة الإقامة بقي على حكم التمام على إشكال، والأحوط الجمع. وأمّا إن عدل عنها قبل قضائها فالظاهر العود إلى القصر.
        مسألة 11 - لو عزم على الإقامة فنوى الصوم ثمّ عدل بعد الزوال قبل إتيان الصلاة تماما رجع إلى القصر في صلاته لكن صحّ صومه، فهو كمن صام ثمّ سافر بعد الزوال.
        مسألة 12 - لا فرق في العدول عن قصد الإقامة بين أن يعزم على عدمها أو يتردّد فيها في أنّه لو كان بعد الصلاة تماما بقي على التمام، ولو كان قبله رجع إلى القصر.
        مسألة 13 - إذا تمّت العشرة لا يحتاج البقاء على التمام إلى قصد إقامة جديدة، فمادام لم ينشئ سفرا جديدا يبقى على التمام.
        مسألة 14 - لو قصد الإقامة واستقرّ حكم التمام بإتيان صلاة واحدة بتمام ثمّ خرج إلى ما دون المسافة وكان من نيّته العود إلى مكان الإقامة من حيث إنّه مكان إقامته - بأن كان رحله باقيا فيه - ولم يعرض عنه: فإن كان من نيّته مقام عشرة أيّام فيه بعد العود إليه فلا إشكال في بقائه على التمام، وإن لم يكن من نيّته ذلك -سواء كان متردّدا أو ناويا للعدم- فالأقوى أيضا البقاء على التمام في الذهاب والمقصد والإياب ومحلّ الإقامة ما لم ينشئ سفرا جديدا، خصوصا إذا كان المقصد في طريق بلده. والأحوط الجمع خصوصا في الإياب ومحلّ الإقامة، وبالأخصّ في ما إذا كان محلّ الإقامة في طريق بلده. نعم، لو كان مُنشئا للسفر من حين الخروج عن محلّ الإقامة وكان ناويا للعود إليه من حيث إنّه أحد منازله في سفره الجديد كان حكمه وجوب القصر في العود ومحلّ الإقامة، وأمّا في الذهاب والمقصد فمحلّ إشكال لا يترك الاحتياط بالجمع وإن لا يبعد وجوب التمام فيهما. هذا كلّه في ما إذا لم يكن من نيّته الخروج في أثناء العشرة إلى مادون المسافة من أوّل الأمر، وإلّا فقد مرّ أنّه إن كان من قصده العود قريبا جدّا يكون حكمه التمام، وإلّا ففيه إشكال. ولو خرج إلى ما دون المسافة وكان متردّدا في العود إلى محلّ الإقامة وعدمه أو ذاهلا عنه فالاحتياط بالجمع بين القصر والتمام لا ينبغي تركه، وإن كان الأقوى البقاء على التمام ما لم ينشئ سفرا جديدا.
        مسألة 15 - لو بدا للمقيم السفر ثمّ بدا له العود إلى محلّ الإقامة والبقاء عشرة أيّام: فإن كان ذلك بعد بلوغ أربعة فراسخ قصّر في الذهاب والمقصد والعود، وإن كان قبله قصّر حال الخروج بعد التجاوز عن حدّ الترخّص إلى حال العزم على العود، ولا يجب عليه قضاء ما صلّى قصرا. وأمّا حال العزم فالأحوط الجمع وإن كان البقاء على القصر أقرب؛ وكذا إذا بدا له العود بدون إقامة جديدة بقي على القصر حتّى في محلّ الإقامة.
        مسألة 16 - لو دخل في الصلاة بنيّة القصر ثمّ بدا له الإقامة في أثنائها أتمّها. ولو نوى الإقامة ودخل فيها بنيّة التمام ثمّ عدل عنها في الأثناء: فإن كان قبل الدخول في ركوع الثالثة أتمّها قصرا، وإن كان بعده قبل الفراغ عن الصلاة فالأقوى بطلان صلاته والرجوع إلى القصر وإن كان الأحوط إتمامها تماما ثمّ إعادتها قصرا والجمع بينهما ما لم يسافر.
        الثالث من القواطع: البقاء ثلاثين يوما في مكان متردّدا. ويلحق بالتردّد ما إذا عزم على الخروج غدا أو بعده ولم يخرج، وهكذا إلى أن يمضي ثلاثون يوما، بل يلحق به أيضا إذا عزم على الإقامة تسعة أيّام - مثلا - ثمّ بعدها عزم على إقامة تسعة اُخرى وهكذا، فيقصّر إلى ثلاثين يوما ثمّ يتمّ وإن لم يبق إلّا مقدار صلاة واحدة.
        مسألة 17 - الظاهر إلحاق الشهر الهلاليّ بثلاثين يوما إن كان تردّده من أوّل الشهر.
        مسألة 18 - يشترط اتّحاد مكان التردّد كمحلّ الإقامة، فمع التعدّد لا ينقطع حكم السفر.
        مسألة 19 - حكم المتردّد المستقرّ عليه التمام بعد ثلاثين يوما إذا خرج عن مكان التردّد إلى ما دون المسافة وكان من نيّته العود إلى ذلك المكان حكم العازم على الإقامة، وقد مرّ حكمه.
        مسألة 20 - لو تردّد في مكان تسعة وعشرين - مثلا - أو أقلّ ثمّ سافر إلى مكان آخر وبقي متردّدا فيه كذلك بقي على القصر مادام كذلك، إلّا إذا نوى الإقامة بمكان أو بقي متردّدا ثلاثين يوما.

      • القول في أحكام المسافر

         

        القول في أحكام المسافر

        قد عرفت أنّه تسقط عن المسافر بعد تحقّق الشرائط ركعتان من الظهرين والعشاء؛ كما أنّه تسقط عنه نوافل الظهرين، ويبقى سائر النوافل، والأحوط الإتيان بالوتيرة رجاءً.
        مسألة 1 - لو صلّى المسافر بعد تحقّق شرائط القصر تماما: فإن كان عالما بالحكم والموضوع بطلت صلاته وأعادها في الوقت وخارجه، وإن كان جاهلا بأصل الحكم - وأنّ حكم المسافر التقصير - لم يجب عليه الإعادة فضلا عن القضاء، وإن كان عالما بأصل الحكم وجاهلا ببعض الخصوصيّات - مثل جهله بأنّ السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر، أو أنّ من شغله السفر إذا أقام ببلده عشرة أيّام يجب عليه القصر في السفر الأوّل، ونحو ذلك - فأتمّ وجبت عليه الإعادة في الوقت والقضاء في خارجه؛ وكذا إذا كان عالما بالحكم جاهلا بالموضوع، كما إذا تخيّل عدم كون مقصده مسافةً فأتمّ مع كونه مسافةً. وأمّا إذا كان ناسيا لسفره فأتمّ: فإن تذكّر في الوقت وجبت عليه الإعادة، وإن تذكّر في خارجه لا يجب عليه القضاء.
        مسألة 3 - يُلحق الصوم بالصلاة في ما ذكر على الأقوى؛ فيبطل مع العلم والعمد، ويصحّ مع الجهل بأصل الحكم، دون خصوصيّاته ودون الجهل بالموضوع. نعم، لا يلحق بها في النسيان، فمعه يجب عليه القضاء.
        مسألة 4 - لو قصّر من كانت وظيفته التمام بطلت صلاته مطلقا، حتّى المقيم المقصّر للجهل بأنّ حكمه التمام.
        مسألة 5 - لو تذكّر الناسي للسفر في أثناء الصلاة: فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتمّ الصلاة قصرا واجتزأ بها، وإن تذكّر بعد ذلك بطلت ووجبت عليه الإعادة مع سعة الوقت ولو بإدراك ركعة منه.
        مسألة 6 - لو دخل الوقت وهو حاضر متمكّن من فعل الصلاة ثمّ سافر قبل أن يصلّي حتّى تجاوز محلّ الترخّص والوقت باقٍ قصّر، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالإتمام أيضا. ولو دخل الوقت وهو مسافر فحضر قبل أن يصلّي والوقت باقٍ أتمّ، والأحوط القصر أيضا.
        مسألة 7 - لو فاتت منه الصلاة في الحضر يجب عليه قضاؤها تماما ولو في السفر، كما أنّه لو فاتت منه في السفر يجب قضاؤها قصرا ولو في الحضر.
        مسألة 8 - إن فاتت منه الصلاة وكان في أوّل الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا أو بالعكس فالأقوى مراعاة حال الفوت في القضاء وهو آخر الوقت، فيقضي في الأوّل قصرا وفي الثاني تماما، لكن لا ينبغي له ترك الاحتياط بالجمع.
        مسألة 9 - يتخيّر المسافر مع عدم قصد الإقامة بين القصر والإتمام في الأماكن الأربعة: وهي المسجد الحرام، ومسجد النبيّ 9 ، ومسجد الكوفة، والحائر الحسينيّ على مشرّفه السلام، والإتمام أفضل. وفي إلحاق بلدي مكّة والمدينة بمسجديهما تأمّل، فلا يترك الاحتياط باختيار القصر. ولا يلحق بها سائر المساجد والمشاهد. ولا فرق في تلك المساجد بين السطوح والصحن والمواضع المنخفضة، كبيت الطشت في مسجد الكوفة. والأقوى دخول تمام الروضة الشريفة في الحائر، فيمتدّ من طرف الرأس إلى الشُبّاك المتّصل بالرواق، ومن طرف الرجل إلى الباب المتّصل بالرواق، ومن الخلف إلى حدّ المسجد. ودخول المسجد والرواق الشريف فيه أيضا لا يخلو من قوّة، لكنّ الاحتياط بالقصر لا ينبغي تركه.
        مسألة 10 - التخيير في هذه الأماكن الشريفة استمراريّ، فيجوز لمن شرع في الصلاة بنيّة القصر العدول إلى التمام وبالعكس ما لم يتجاوز محلّ العدول، بل لابأس بأن ينوي الصلاة من غير تعيين للقصر والإتمام من أوّل الأمر فيختار أحدهما بعده.
        مسألة 11 - لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور، فلا يصحّ له الصوم فيها ما لم ينو الإقامة أو لم يبق ثلاثين متردّدا.
        مسألة 12 - يستحبّ أن يقول عقيب كلّ صلاة مقصورة ثلاثين مرّة: «سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر».

    • فصل في صلاة الجماعة
      • بعض أحكام الجماعة

         

        بعض أحكام الجماعة

        وهي من المستحبّات الأكيدة في جميع الفرائض خصوصا اليوميّة، ويتأكّد في الصبح والعشاءين، ولها ثواب عظيم. وليست واجبةً بالأصل -لا شرعا ولاشرطا- إلّا في الجمعة مع الشرائط المذكورة في محلّها. ولا تشرع في شي ء من النوافل الأصليّة وإن وجبت بالعارض بنذر ونحوه عدا صلاة الاستسقاء، وقد مرّ أنّ الأحوط في صلاة العيدين الإتيان بها فرادى، ولا بأس بالجماعة رجاءً.
        مسألة 1 - لا يشترط في صحّة الجماعة اتّحاد صلاة الإمام والمأموم نوعا أو كيفيّةً، فيأتمّ مصلّي اليوميّة أيّ صلاة كانت بمصلّيها كذلك وإن اختلفتا في القصروالإتمام أو الأداء والقضاء، وكذا مصلّي الآية بمصلّيها وإن اختلفت الآيتان. نعم، لايجوز اقتداء مصلّي اليوميّة بمصلّي العيدين والآيات والأموات بل وصلاة الاحتياط والطواف وبالعكس. وكذا لايجوز الاقتداء في كلّ من الخمس بعضها ببعض،بل مشروعيّة الجماعة في صلاة الطواف وكذا صلاةالاحتياط محلّ إشكال.
        مسألة 2 - أقلّ عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة والعيدين اثنان أحدهما الإمام، سواء كان المأموم رجلا أو امرأةً بل أو صبيّا مميّزا على الأقوى.
        مسألة 3 - لا يعتبر في انعقاد الجماعة في غير الجمعة والعيدين وبعض فروع المعادة -بناءً على المشروعيّة- نيّة الإمام الجماعةَ والإمامةَ وإن توقّف حصول الثواب في حقّه عليها. وأمّا المأموم فلا بدّ له من نيّة الاقتداء، فلو لم ينوه لم تنعقد وإن تابع الإمام في الأفعال والأقوال. ويجب وحدة الإمام؛ فلو نوى الاقتداء بالاثنين لم تنعقد ولو كانا متقارنين. وكذا يجب تعيين الإمام بالاسم أو الوصف أو الإشارة الذهنيّة أو الخارجيّة، كأن ينوي الاقتداء بهذا الحاضر ولو لم يعرفه بوجه مع علمه بكونه عادلًا صالحا للاقتداء؛ فلو نوى الاقتداء بأحد هذين لم تنعقد وإن كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك.
        مسألة 4 - لو شكّ في أنّه نوى الاقتداء أم لا بنى على العدم وإن علم أنّه قام بنيّة الدخول في الجماعة، بل وإن كان على هيئة الايتمام. نعم، لو كان مشتغلا بشي ء من أفعال المؤتمّين - ولو مثل الإنصات المستحبّ في الجماعة - بنى عليه.
        مسألة 5 - لو نوى الاقتداء بشخص على أنّه زيد فبان أنّه عمرو: فإن لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته وصلاته إن زاد ركنا بتوهّم الاقتداء، وإلّا فصحّتها لاتخلو عن قوّة، والأحوط الإتمام ثمّ الإعادة، وإن كان عادلا فالأقوى صحّة صلاته وجماعته، سواء كان من قصده الاقتداء بزيد وتخيّل أنّ الحاضر هو زيد أو من قصده الاقتداء بهذا الحاضر ولكن تخيّل أنّه زيد. والأحوط الإتمام والإعادة في الصورة الاُولى إن خالفت صلاة المنفرد.
        مسألة 6 - لا يجوز للمنفرد العدول إلى الايتمام في الأثناء على الأحوط.
        مسألة 7 - الظاهر جواز العدول من الايتمام إلى الانفراد - ولو اختيارا - في جميع أحوال الصلاة وإن كان من نيّته ذلك في أوّل الصلاة، لكنّ الأحوط عدم العدول إلّا لضرورة ولو دنيويّةً، خصوصا في الصورة الثانية.
        مسألة 8 - لو نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الركوع لا تجب عليه القراءة، بل لو كان في أثناء القراءة تكفيه بعد نيّة الانفراد قراءة ما بقي منها وإن كان الأحوط استينافها بقصد القربة والرجاء، خصوصا في الصورة الثانية.
        مسألة 9 - لو نوى الانفراد في الأثناء لا يجوز له العود إلى الايتمام على الأحوط.
        مسألة 10 - لو أدرك الإمام في الركوع قبل أن يرفع رأسه منه ولو بعد الذكر أو أدركه قبله ولم يدخل في الصلاة إلى أن ركع جاز له الدخول معه، وتحسب له ركعة، وهو منتهى ما يدرك به الركعة في ابتداء الجماعة؛ فإدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقّف على إدراك ركوع الإمام قبل الشروع في رفع رأسه، وأمّا في الركعات الاُخر فلا يضرّ عدم إدراك الركوع مع الإمام، بأن ركع بعد رفع رأسه منه، لكن بشرط أن يدرك بعض الركعة قبل الركوع، وإلّا ففيه إشكال.
        مسألة 11 - الظاهر أنّه إذا دخل في الجماعة في أوّل الركعة أو في أثناء القراءة واتّفق تأخّره عن الإمام في الركوع وما لحق به فيه صحّت صلاته وجماعته، وتحسب له ركعة. وما ذكرناه في المسألة السابقة مختصّ بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام أو قبله بعد تمام القراءة.
        مسألة 12 - لو ركع بتخيّل أنّه يدرك الإمام راكعا ولم يدركه أو شكّ في إدراكه وعدمه فلا تبعد صحّة صلاته فرادى، والأحوط الإتمام والإعادة.
        مسألة 13 - لا بأس بالدخول في الجماعة بقصد الركوع من الإمام رجاءً مع عدم الاطمينان بإدراكه على الأقوى، فإن أدركه صحّت صلاته، والّا بطلت لو ركع؛ كما لابأس بأن يكبّر للإحرام بقصد أنّه إن أدركه لحق، وإلّا انفرد قبل الركوع، أو انتظر الركعة الثانية بالشرط الآتي في المسألة اللاحقة.
        مسألة 14 - لو نوى الايتمام وكبّر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع لزمه الانفراد أو انتظار الإمام قائما إلى الركعة الاُخرى، فيجعلها الاُولى له بشرط أن لا يكون الإمام بطيئا في صلاته بحيث يخرج به عن صدق القدوة، وإلّا فلايجوز الانتظار.
        مسألة 15 - لو أدرك الإمام في السجدة الاُولى أو الثانية من الركعة الأخيرة وأراد إدراك فضل الجماعة نوى وكبّر وسجد معه السجدة أو السجدتين وتشهّد، ثمّ يقوم بعد تسليم الإمام، ولا يترك الاحتياط بأن يتمّ الصلاة ويعيدها، وإن كان الاكتفاء بالنيّة والتكبير وإلقاء ما زاد تبعا للإمام وصحّة صلاته لاتخلو من وجه. والأولى عدم الدخول في هذه الجماعة. ولو أدركه في التشهّد الأخير يجوز له الدخول معه، بأن ينوي ويكبّر ثمّ يجلس معه ويتشهّد، فإذا سلّم الإمام يقوم فيصلّي، ويكتفي بتلك النيّة وذلك التكبير، ويحصل له بذلك فضل الجماعة وإن لم يدرك ركعةً.

      • القول في شرائط الجماعة

         

        القول في شرائط الجماعة

        وهي - مضافا إلى ما مرّ - اُمور:
        الأوّل: أن لا يكون بين المأموم والإمام أو بين بعض المأمومين مع بعض آخرممّن يكون واسطةً في اتّصاله بالإمام حائلٌ يمنع المشاهدة. هذا إذا كان المأموم رجلا. وأمّا المرأة فإن اقتدت بالرجل فلا بأس بالحائل بينها وبينه ولا بينها وبين الرجال المأمومين. وأمّا بينها وبين النساء ممّن تكون واسطةً في اتّصالها وكذا بينها وبين الإمام إذا كان امرأةً - على فرض المشروعيّة - فمحلّ إشكال.
        الثاني: أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين إلّا يسيرا، والأحوط الاقتصار على المقدار الّذي لا يرى العرف أنّه أرفع منهم ولو مسامحةً. ولا بأس بعلوّ المأموم على الإمام ولو بكثير، لكن كثرة متعارفة كسطح الدكّان والبيت، لا كالأبنية العالية المتداولة في هذا العصر على الأحوط.
        الثالث: أن لا يتباعد المأموم عن الإمام أو عن الصفّ المتقدّم عليه بما يكون كثيرا في العادة، والأحوط أن لا يكون بين مسجد المأموم وموقف الإمام أو بين مسجد اللاحق وموقف السابق أزيد من مقدار الخطوة المتعارفة، وأحوط منه أن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل.
        الرابع: أن لا يتقدّم المأموم على الإمام في الموقف، والأحوط تأخّره عنه ولو يسيرا. ولا يضرّ تقدّم المأموم في ركوعه وسجوده لطول قامته بعد عدم تقدّمه في الموقف وإن كان الأحوط مراعاته في جميع الأحوال، خصوصا حال الجلوس بالنسبة إلى ركبتيه.
        مسألة 1 - ليس من الحائل الظلمة والغبار المانعان من المشاهدة، وكذا نحو النهر والطريق إن لم يكن فيه بُعد ممنوع في الجماعة، بل الظاهر عدم كون الشُبّاك أيضا منه، إلّا مع ضيق الثقب بحيث يصدق عليه السترة والجدار؛ وأمّا الزجاج الحاكي عن ورائه فعدم كونه منه لا يخلو من قرب، والأحوط الاجتناب.
        مسألة 2 - لا بأس بالحائل القصير الّذي لا يمنع المشاهدة في أحوال الصلاة وان كان مانعا منها حال السجود - كمقدار شبر وأزيد - لو لم يكن مانعا حال الجلوس، وإلّا ففيه إشكال لا يترك فيه الاحتياط.
        مسألة 3 - لا يقدح حيلولة المأمومين المتقدّمين وإن لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيّئين مشرفين على العمل، كما لا يقدح عدم مشاهدة بعض أهل الصفّ الأوّل أو أكثرهم للإمام إن كان ذلك من جهة استطالة الصفّ، وكذا عدم مشاهدة بعض أهل الصفّ الثاني للصفّ الأوّل إن كان من جهة أطوليّته من الأوّل.
        مسألة 4 - لو وصلت الصفوف إلى باب المسجد - مثلا - ووقف صفّ أو صفوف في خارج المسجد بحيث وقف واحد منهم - مثلا - بحيال الباب والباقون في جانبيه فالأحوط بطلان صلاة من على جانبيه من الصفّ الأوّل ممّن كان بينهم وبين الإمام أو الصفّ المتقدّم حائل، بل البطلان لا يخلو من قوّة؛ وكذا الحال في المحراب الداخل. نعم، تصحّ صلاة الصفوف المتأخّرة أجمع.
        مسألة 5 - لو تجدّد الحائل أو البُعد في الأثناء فالأقوى كونه كالابتداء، فتبطل الجماعة ويصير منفردا.
        مسألة 6 - لا بأس بالحائل غير المستقرّ كمرور إنسان أو حيوان. نعم، لواتّصلت المارّة لا يجوز وإن كانوا غير مستقرّين.
        مسألة 7 - لو تمّت صلاة أهل الصفّ المتقدّم يشكل بقاء اقتداء المتأخّر وإن عادوا إلى الجماعة بلا فصل، فلا يترك الاحتياط بالعدول إلى الانفراد.
        مسألة 8 - إن علم ببطلان صلاة أهل الصفّ المتقدّم تبطل جماعة المتأخّر لوحصل الفصل أو الحيلولة. نعم، مع الجهل بحالهم تحمل على الصحّة، وإن كانت صلاتهم صحيحةً بحسب تقليدهم وباطلةً بحسب تقليد أهل الصفّ المتأخّر يشكل دخوله فيها مع الفصل أو الحيلولة.
        مسألة 9 - يجوز لأهل الصفّ المتأخّر الإحرام قبل المتقدّم إذا كانوا قائمين متهيّئين للإحرام تهيّؤا مشرفا على العمل.

      • القول في أحكام الجماعة

         

        القول في أحكام الجماعة

        الأقوى وجوب ترك المأموم القراءة في الركعتين الاُوليين من الإخفاتيّة، وكذا في الاُوليين من الجهريّة لو سمع صوت الإمام ولو همهمته، وإن لم يسمع حتّى الهمهمة جاز بل استُحبّ له القراءة. والأحوط في الأخيرتين من الجهريّة تركه القراءة لو سمع قراءته وأتى بالتسبيح؛ وأمّا في الإخفاتيّة فهو كالمنفرد فيهما يجب عليه القراءة أو التسبيح مخيّرا بينهما، سمع قراءة الإمام أو لم يسمع.
        مسألة 1- لا فرق بين كون عدم السماع للبُعد أو لكثرة الأصوات أو للصمم أو لغير ذلك.
        مسألة 2 - لوسمع بعض قراءة الإمام دون بعض فالأحوط ترك القراءة مطلقا.
        مسألة 3 - لو شكّ في السماع وعدمه أو أنّ المسموع صوت الإمام أو غيره فالأحوط ترك القراءة وإن كان الأقوى جوازها.
        مسألة 4 - لا يجب على المأموم الطمأنينة حال قراءة الإمام وإن كان الأحوط ذلك؛ وكذا لا تجب عليه المبادرة إلى القيام حال قراءته في الركعة الثانية، فيجوز أن يطيل سجوده ويقوم بعد أن قرأ الإمام بعض القراءة لو لم ينجرّ إلى التأخّر الفاحش.
        مسألة 5 - لا يتحمّل الإمام عن المأموم شيئا غير القراءة في الاُوليين إذا ائتمّ به فيهما، وأمّا في الأخيرتين فهو كالمنفرد وإن قرأ الإمام فيهما الحمد وسمع المأموم مع التحفّظ على الاحتياط المتقدّم في صدر الباب. ولو لم يدرك الاُوليين وجب عليه القراءة فيهما، لأنّهما أوّلتا صلاته؛ وإن لم يمهله الإمام لإتمامها اقتصر على الحمد وترك السورة ولحق به في الركوع؛ وإن لم يمهله لإتمامه أيضا فالأقوى جواز إتمام القراءة واللحوق بالسجود، ولعلّه أحوط أيضا وإن كان قصدالانفراد جائزا.
        مسألة 6 - لو أدرك الإمام في الركعة الثانية تحمّل عنه القراءة فيها، ويتابع الإمام في القنوت والتشهّد، والأحوط التجافي فيه، ثمّ بعد القيام إلى الثانية تجب عليه القراءة فيها، لكونها ثالثة الإمام، سواء قرأ الإمام فيها الحمد أو التسبيح.
        مسألة 7 - إذا قرأ المأموم خلف الإمام وجوبا - كما إذا كان مسبوقا بركعة أو ركعتين - أو استحبابا (كما في الاُوليين من الجهريّة إذا لم يسمع صوت الإمام) يجب عليه الإخفات وإن كانت الصلاة جهريّةً.
        مسألة 8 - لو أدرك الإمام في الأخيرتين فدخل في الصلاة معه قبل ركوعه وجبت عليه القراءة، وإن لم يُمهله ترك السورة. ولو علم أنّه لو دخل معه لم يمهله لإتمام الفاتحة فالأحوط عدم الدخول إلّا بعد ركوعه، فيحرم ويركع معه وليس عليه القراءة حينئذٍ.
        مسألة 9 - تجب على المأموم متابعة الإمام في الأفعال، بمعنى أن لا يتقدّم فيها عليه ولا يتأخّر عنه تأخّرا فاحشا. وأمّا في الأقوال فالأقوى عدم وجوبها عدا تكبيرةالإحرام، فإنّ الواجب فيها عدم التقدّم والتقارن. والأحوط عدم الشروع فيها قبل تماميّة تكبيرة الإمام، من غير فرق في ما ذكر بين المسموع من الأقوال وغيره وإن كانت أحوط في المسموع وفي خصوص التسليم. ولو ترك المتابعة في ما وجبت فيه عصى ولكن صحّت صلاته وجماعته أيضا، إلّا في ما إذا ركع حال اشتغال الإمام بالقراءة في الاُوليين منه ومن المأموم، فإنّ صحّة صلاته فضلا عن جماعته مشكلة بل ممنوعة، كما أنّه لو تقدّم أو تأخّر فاحشا على وجه ذهبت هيئة الجماعة بطلت جماعته في ما صحّت صلاته.
        مسألة 10 - لو أحرم قبل الإمام سهوا أو بزعم تكبيره كان منفردا، فإن أراد الجماعة عدل إلى النافلة وأتمّها ركعتين.
        مسألة 11 - لو رفع رأسه من الركوع أو السجود قبل الإمام سهوا أو لزعم رفع رأسه وجب عليه العود والمتابعة، ولا يضرّ زيادة الركن حينئذٍ، وإن لم يعد أثم وصحّت صلاته إن كان آتيا بذكرهما وسائر واجباتهما، وإلّا فالأحوط البطلان، وأحوط منه الإتمام ثمّ الإعادة. ولو رفع رأسه قبله عامدا أثم وصحّت صلاته لو كان ذلك بعد الذكر وسائر الواجبات، وإلّا بطلت صلاته إن كان الترك عمدا. ومع الرفع عمدا لا يجوز له المتابعة، فإن تابع عمدا بطلت صلاته للزيادة العمديّة، وإن تابع سهوا فكذلك لو زاد ركنا.
        مسألة 12 - لو رفع رأسه من الركوع قبل الإمام سهوا ثمّ عاد إليه للمتابعة فرفع الإمام رأسه قبل وصوله إلى حدّ الركوع لا يبعد بطلان صلاته، والأحوط الإتمام ثمّ الإعادة.
        مسألة 13 - لو رفع رأسه من السجود فرأى الإمام في السجدة فتخيّل أنّها الاُولى فعاد إليها بقصد المتابعة فبان كونها الثانية ففي احتسابها ثانية إشكال لايترك الاحتياط بالإتمام والإعادة؛ ولو تخيّل أنّها الثانية فسجد اُخرى بقصدها فبان أنّها الاُولى حسبت ثانيةً، فله قصد الانفراد والإتمام، ولا يبعد جواز المتابعة في السجدة الثانية وجواز الاستمرار إلى اللحوق بالإمام، والأوّل أحوط، كما أنّه مع المتابعة إعادة الصلاة أحوط.
        مسألة 14 - لو ركع أو سجد قبل الإمام عمدا لا يجوز له المتابعة، وإن كان سهوا فوجوبها - بالعود إلى القيام أو الجلوس ثمّ الركوع أو السجود - لا يخلو من وجه وإن لا يخلو من إشكال، والأحوط مع ذلك إعادة الصلاة.
        مسألة 15 - لوكان مشتغلاً بالنافلة فاُقيمت الجماعة وخاف عدم إدراكها استُحبّ قطعها. ولو كان مشتغلاً بالفريضة منفرداً استحبّ العدول إلى النافلة وإتمامها ركعتين إن لم يتجاوز محلّ العدول، كما لو دخل في ركوع الركعة الثالثة.

      • القول في شرائط إمام الجماعة

         

        القول في شرائط إمام الجماعة

        ويشترط فيه اُمور: الإيمان، وطهارة المولد، والعقل، والبلوغ إذا كان المأموم بالغاً، بل إمامة غير البالغ ولو لمثله محلّ إشكال، بل عدم جوازه لا يخلو من قرب، والذكورة إذا كان المأموم ذكراً بل مطلقاً على الأحوط، والعدالة، فلا تجوز الصلاة خلف الفاسق ولا مجهول الحال. وهي حالة نفسانيّة باعثة على ملازمة التقوى مانعة عن ارتكاب الكبائر بل والصغائر على الأقوى، فضلاً عن الإصرار عليها(۱) الّذي عدّ من الكبائر، وعن ارتكاب أعمال دالّة عرفاً على عدم مبالاةفاعلهابالدين. والأحوط اعتبار الاجتناب عن منافيات المروّة وإن كان الأقوى عدم اعتباره.
        وأمّا الكبائر فهي كلّ معصية ورد التوعيد عليها بالنار أو بالعقاب أو شدّد عليها تشديداً عظيماً، أو دلّ دليل على كونها أكبر من بعض الكبائر أو مثله، أو حكم العقل بأنّها كبيرة، أو كان في ارتكاز المتشرّعة كذلك، أو ورد النصّ بكونها كبيرة.
        وهي كثيرة: منها اليأس من روح اللّه، والأمن من مكره، والكذب عليه أو على رسوله وأوصيائه:، وقتل النفس الّتي حرّمها اللّه إلّا بالحقّ، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلماً، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، وقطيعة الرحم، والسحر، والزنا، واللواط، والسرقة، واليمين الغَمُوس، وكتمان الشهادة، وشهادة الزور، ونقض العهد، والحيف في الوصيّة، وشرب الخمر، وأكل الربا، وأكل السحت، والقمار، وأكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما اُهلّ لغير اللّه من غير ضرورة، والبخس في المكيال والميزان، والتعرّب بعد الهجرة، ومعونة الظالمين، والركون إليهم، وحبس الحقوق من غير عذر، والكذب، والكبر، والإسراف، والتبذير، والخيانة، والغيبة، والنميمة، والاشتغال بالملاهي، والاستخفاف بالحجّ، وترك الصلاة، ومنع الزكاة، والإصرار على الصغائر من الذنوب. وأمّا الإشراك باللّه تعالى وإنكار ما أنزله ومحاربة أوليائه فهي من أكبر الكبائر، لكن في عدّها من الّتي يعتبر اجتنابها في العدالة مسامحة.
        مسألة 1 - الإصرار الموجب لدخول الصغيرة في الكبائر هو المداومة والملازمة على المعصية من دون تخلّل التوبة. ولا يبعد أن يكون من الإصرار العزم على العود إلى المعصية بعد ارتكابها وإن لم يعد إليها، خصوصا إذا كان عزمه على العود حال ارتكاب المعصية الاُولى. نعم، الظاهر عدم تحقّقه بمجرّد عدم التوبة بعد المعصية من دون العزم على العود إليها.
        مسألة 2 - الأقوى جواز تصدّي الإمامة لمن يعرف من نفسه عدم العدالة مع اعتقاد المأمومين عدالته وإن كان الأحوط الترك. وهي جماعة صحيحة يترتّب عليها أحكامها.
        مسألة 3 - تثبت العدالة بالبيّنة والشياع الموجب للاطمينان، بل يكفي الوثوق والاطمينان من أيّ وجه حصل ولو من جهة اقتداء جماعة من أهل البصيرة والصلاح، كما أنّه يكفي حسن الظاهر الكاشف ظنّا عن العدالة، بل الأقوى كفاية حسن الظاهر ولو لم يحصل منه الظنّ وإن كان الأحوط اعتباره.
        مسألة 4 - لا يجوز إمامة القاعد للقائم، ولا المضطجع للقاعد، ولا من لايحسن القراءة - بعدم تأدية الحروف من مخرجه أو إبداله بغيره حتّى اللحن في الإعراب وإن كان لعدم استطاعته - لمن يحسنها، وكذا الأخرس للناطق وإن كان ممّن لا يحسنها. وفي جواز إمامة من لا يحسن القراءة في غير المحلّ الّذي يتحمّلها الإمام عن المأموم - كالركعتين الأخيرتين - لمن يحسنها إشكال، فلايترك الاحتياط.
        مسألة 5 - جواز الاقتداء بذوي الأعذار مشكل، لا يترك الاحتياط بتركه وإن كان إمامته لمثله أو لمن هو متأخّر عنه رتبةً كالقاعد للمضطجع لا يخلو من وجه. نعم، لابأس بإمامة القاعد لمثله والمتيمّم وذي الجبيرة لغيرهما.
        مسألة 6 - لو اختلف الإمام مع المأموم في المسائل المتعلّقة بالصلاة اجتهادا أو تقليدا صحّ الاقتداء به - وإن لم يتّحدا في العمل - في ما إذا رأى المأموم صحّة صلاته مع خطئه في الاجتهاد أو خطأ مجتهده، كما إذا اعتقد المأموم وجوب التسبيحات الأربعة ثلاثا ورأى الإمام أنّ الواجب واحدة منها وعمل به. ولا يصحّ الاقتداء مع اعتقاده اجتهادا أو تقليدا بطلان صلاته؛ كما يشكل ذلك في ما إذا اختلفا في القراءة ولو رأى المأموم صحّة صلاته، كما لو لم يرالإمام وجوب السورة وتركها ورأى المأموم وجوبها، فلايترك الاحتياط بترك الاقتداء. نعم، إذا لم يعلم اختلافهما في الرأي يجوز الايتمام، ولا يجب الفحص والسؤال. وأمّا مع العلم باختلافهما في الرأي والشكّ في تخالفهما في العمل فالأقوى عدم جوازالاقتداء في ما يرجع إلى المسائل الّتي لا يجوز معها الاقتداء مع وضوح الحال، ويشكل في ما يرجع إلى المسائل المحكومة بالإشكال.
        مسألة 7 - لو دخل الإمام في الصلاة معتقدا دخول الوقت واعتقد المأموم عدمه أو شكّ فيه لايجوز له الايتمام في تلك الصلاة. نعم، لو علم بالدخول في أثناء صلاة الإمام جاز له الايتمام عند دخوله إذا دخل الإمام على وجه يحكم بصحّة صلاته.
        مسألة 8 - لو تشاحّ الأئمّة فالأحوط الأولى ترك الاقتداء بهم جميعا. نعم، إذا تشاحّوا في تقديم الغير وكلّ يقول: «تقدّم يا فلان» يرجّح من قدّمه المأمومون، ومع الاختلاف أو عدم تقديمهم يقدّم الفقيه الجامع للشرائط، وإن لم يكن أو تعدّد يقدّم الأجود قراءة، ثمّ الأفقه في أحكام الصلاة، ثمّ الأسنّ. والإمام الراتب في المسجد أولى بالإمامة من غيره وإن كان أفضل، لكنّ الأولى له تقديم الأفضل. وصاحب المنزل أولى من غيره المأذون في الصلاة، والأولى له تقديم الأفضل. والهاشميّ أولى من غيره المساوي له في الصفات. والترجيحات المذكورة إنّما هي من باب الأفضليّة والاستحباب، لا على وجه اللزوم والإيجاب حتّى في أولويّة الإمام الراتب، فلا يحرم مزاحمة الغير له وإن كان مفضولا من جميع الجهات، لكن مزاحمته قبيحة، بل مخالفة للمروّة وإن كان المزاحم أفضل منه من جميع الجهات.
        مسألة 9 - الأحوط للأجذم والأبرص والمحدود بعد توبته ترك الإمامة وترك الاقتداء بهم. ويُكره إمامة الأغلف المعذور في ترك الختان، ومن يَكره المأمومون إمامته، والمتيمّم للمتطهّر، بل الأولى عدم إمامة كلّ ناقص للكامل.
        مسألة 10 - لو علم المأموم بطلان صلاة الإمام - من جهة كونه محدثا أو تاركا لركن ونحوه - لايجوز له الاقتداء به وإن اعتقد الإمام صحّتها جهلا أو سهوا.
        مسألة 11 - لو رأى المأموم في ثوب الإمام نجاسةً غير معفوّ عنها: فإن علم أنّه قد نسيها لايجوز الاقتداء به، وإن علم أنّه جاهل بها يجوز الاقتداء به، وإن لم يدر أنّه جاهل أو ناسٍ ففي جوازه تأمّل وإشكال، فلايترك الاحتياط.
        مسألة 12 - لو تبيّن بعد الصلاة كون الإمام فاسقا أو محدثا صحّ ما صلّى معه جماعةً، ويغتفر فيه ما يغتفر في الجماعة.


        قد استفتي أخيرا من حضرةالإمام بالنسبة إلى الصغائر، فكتب بالاحتياط، كما احتاط في كتاب الشهادات.

  • كتاب الصوم
    • القول في النية

       

      القول في النيّة

      مسألة 1 - يشترط في الصوم النيّة، بأن يقصد تلك العبادة المقرّرة في الشريعة ويعزم على الإمساك عن المفطرات المعهودة بقصد القربة. ولا يعتبر في الصحّة العلم بالمفطرات على التفصيل؛ فلو نوى الإمساك عن كلّ مفطر ولم يعلم بمفطريّة بعض الأشياء كالاحتقان - مثلا - أو زعم عدمها ولكن لم يرتكبه صحّ صومه. وكذا لونوى الإمساك عن اُمور يعلم باشتمالها على المفطرات صحّ على الأقوى. ولايعتبر في النيّة - بعد القربة والإخلاص - سوى تعيين الصوم الّذي قصد إطاعة أمره. ويكفي في صوم شهر رمضان نيّة صوم غد من غير حاجة إلى تعيينه، بل لونوى غيره فيه جاهلا به أو ناسيا له صحّ ووقع عن رمضان، بخلاف العالم به فإنّه لا يقع لواحد منهما، ولابدّ في ما عدا شهر رمضان من التعيين، بمعنى قصد صنف الصوم المخصوص، كالكفّارة والقضاء والنذر المطلق بل المعيّن أيضا على الأقوى. ويكفي التعيين الإجماليّ، كما إذا كان ما وجب في ذمّته صنفا واحدا فقصد ما في الذمّة فإنّه يجزيه. والأظهر عدم اعتبار التعيين في المندوب المطلق؛ فلو نوى صوم غد للّه تعالى صحّ ووقع ندبا لو كان الزمان صالحا له وكان الشخص ممّن يصحّ منه التطوّع بالصوم؛ بل وكذا المندوب المعيّن أيضا إن كان تعيّنه بالزمان الخاصّ، كأيّام البيض والجمعة والخميس. نعم، في إحراز ثواب الخصوصيّة يعتبر إحراز ذلك اليوم وقصده.
      مسألة 2 - يعتبر في القضاء عن الغير نيّة النيابة ولولم يكن في ذمّته صوم آخر.
      مسألة 3 - لا يقع في شهر رمضان صوم غيره، واجبا كان أو ندبا، سواء كان مكلّفا بصومه أم لا كالمسافر ونحوه، بل مع الجهل بكونه رمضانا أو نسيانه لو نوى فيه صوم غيره يقع عن رمضان كما مرّ.
      مسألة 4 - الأقوى أنّه لا محلّ للنيّة شرعا في الواجب المعيّن، رمضانا كان أو غيره، بل المعيار حصول الصوم عن عزمٍ وقصدٍ باقٍ في النفس ولو ذهل عنه بنوم أو غيره. ولا فرق في حدوث هذا العزم بين كونه مقارنا لطلوع الفجر أو قبله، ولابين حدوثه في ليلة اليوم الّذي يريد صومه أو قبلها؛ فلو عزم على صوم الغد من اليوم الماضي ونام على هذا العزم إلى آخر النهار صحّ على الأصحّ. نعم، لو فاتته النيّة لعذر - كنسيان أو غفلة أو جهل بكونه رمضانا أو مرض أو سفر - فزال عذره قبل الزوال يمتدّ وقتها شرعا إلى الزوال لو لم يتناول المفطر، فإذا زالت الشمس فات محلّها. نعم، في جريان الحكم في مطلق الأعذار إشكال، بل في المرض لايخلو من إشكال وإن لا يخلو من قرب. ويمتدّ محلّها اختيارا في غير المعيّن إلى الزوال دون ما بعده؛ فلو أصبح ناويا للإفطار ولم يتناول مفطرا فبدا له قبل الزوال أن يصوم قضاء شهر رمضان أو كفّارةً أو نذرا مطلقا جاز وصحّ دون ما بعده. ومحلّها في المندوب يمتدّ إلى أن يبقى من الغروب زمان يمكن تجديدها فيه.
      مسألة 5 - يوم الشكّ في أنّه من شعبان أو رمضان يبني على أنّه من شعبان، فلا يجب صومه. ولو صامه بنيّة أنّه من شعبان ندبا أجزأه عن رمضان لو بان أنّه منه. وكذا لو صامه بنيّة أنّه منه قضاءً أو نذرا أجزأه لو صادفه؛ بل لو صامه على أنّه إن كان من شهر رمضان كان واجبا وإلّا كان مندوبا لا يبعد الصحّة ولو على وجه الترديد في النيّة في المقام. نعم، لو صامه بنيّة أنّه من رمضان لم يقع لا له ولا لغيره.
      مسألة 6 - لو كان في يوم الشكّ بانيا على الإفطار ثمّ ظهر في أثناء النهار أنّه من شهر رمضان: فإن تناول المفطر أو ظهر الحال بعد الزوال وإن لم يتناوله يجب عليه إمساك بقيّة النهار تأدّبا وقضاء ذلك اليوم، وإن كان قبل الزوال ولم يتناول مفطرا يجدّد النيّة وأجزأ عنه.
      مسألة 7 - لو صام يوم الشكّ بنيّة أنّه من شعبان ثمّ تناول المفطر نسيانا وتبيّن بعد ذلك أنّه من رمضان أجزأ عنه. نعم، لو أفسد صومه برياء ونحوه لم يُجزِه منه حتّى لو تبيّن كونه منه قبل الزوال وجدّد النيّة.
      مسألة 8 - كما تجب النيّة في ابتداء الصوم تجب الاستدامة عليها في أثنائه؛ فلو نوى القطع في الواجب المعيّن - بمعنى قصد رفع اليد عمّا تلبّس به من الصوم - بطل على الأقوى وإن عاد إلى نيّة الصوم قبل الزوال؛ وكذا لو قصد القطع لزعم اختلال صومه ثمّ بان عدمه. وينافي الاستدامة أيضا التردّد في إدامة الصوم أو رفع اليد عنه؛ وكذا لو كان تردّده في ذلك لعروض شي ء لم يدر أنّه مبطل لصومه أولا. وأمّا في غير الواجب المعيّن لو نوى القطع ثمّ رجع قبل الزوال صحّ صومه. هذا كلّه في نيّة القطع. وأمّا نيّة القاطع - بمعنى نيّة ارتكاب المفطر - فليست بمفطرة على الأقوى وإن كانت مستلزمةً لنيّة القطع تبعا. نعم، لو نوى القاطع والتفت إلى استلزامها ذلك فنواه استقلالا بطل على الأقوى.

    • القول فيما يجب الامساك عنه

       

      القول في ما يجب الإمساك عنه

      مسألة 1 - يجب على الصائم الإمساك عن اُمور:
      الأوّل والثاني: الأكل والشرب، معتادا كان كالخبز والماء، أو غيره كالحصاة وعصارة الأشجار، ولو كانا قليلين جدّا كعُشر حبّة وعُشر قطرة.
      مسألة 2 - المدار هو صدق الأكل والشرب ولو كانا على النحوغيرالمتعارف؛ فإذا أوصل الماء إلى جوفه من طريق أنفه صدق الشرب عليه وإن كان بنحو غير متعارف.
      الثالث: الجماع، ذكرا كان الموطوء أو اُنثى، إنسانا أو حيوانا، قُبلا أو دُبرا، حيّا أو ميّتا، صغيرا أوكبيرا، واطئا كان الصائم أو موطوءا؛ فتعمّد ذلك مبطل وإن لم يُنزل. ولا يبطل مع النسيان أو القهر السالب للاختيار، دون الإكراه فإنّه مبطل أيضا؛ فإن جامع نسيانا أو قهرا فتذكّر أو ارتفع القهر في الأثناء وجب الإخراج فورا، فإن تراخى بطل صومه. ولو قصد التفخيذ - مثلا - فدخل بلا قصد لم يبطل، وكذا لو قصد الإدخال ولم يتحقّق، لما مرّ من عدم مفطريّة قصد المفطر. ويتحقّق الجماع بغيبوبة الحشفة أو مقدارها، بل لا يبعد إبطال مسمّى الدخول في المقطوع وإن لم يكن بمقدارها.
      الرابع: إنزال المنيّ باستمناء أو ملامسة أو قُبلة أو تفخيذ أو نحو ذلك من الأفعال الّتي يقصد بها حصوله، بل لو لم يقصد حصوله وكان من عادته ذلك بالفعل المزبور فهو مبطل أيضا. نعم، لو سبقه المنيّ من دون إيجاد شي ء يترتّب عليه حصوله - ولو من جهة عادته من دون قصد له - لم يكن مبطلا.
      مسألة 3 - لا بأس بالاستبراء بالبول أو الخرطات لمن احتلم في النهار وإن علم بخروج بقايا المنيّ الّذي في المجرى إذا كان ذلك قبل الغسل من الجنابة، وأمّا الاستبراء بعده فمع العلم بحدوث جنابة جديدة به فالأحوط تركه، بل لا يخلو لزومه من قوّة. ولا يجب التحفّظ من خروج المنيّ بعد الإنزال إن استيقظ قبله، خصوصا مع الحرج والإضرار.
      الخامس: تعمّد البقاء على الجنابة إلى الفجر في شهر رمضان وقضائه؛ بل الأقوى في الثاني البطلان بالإصباح جنبا وإن لم يكن عن عمد؛ كما أنّ الأقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلا قبل الفجر حتّى مضى عليه يوم أو أيّام، بل الأحوط إلحاق غير شهر رمضان - من النذر المعيّن ونحوه - به وإن كان الأقوى خلافه إلّا في قضاء شهر رمضان، فلا يترك الاحتياط فيه. وأمّا غير شهر رمضان وقضائه من الواجب المعيّن والموسّع والمندوب ففي بطلانه بسبب تعمّد البقاء على الجنابة إشكال، الأحوط ذلك خصوصا في الواجب الموسّع، والأقوى العدم خصوصا في المندوب.
      مسألة 4 - من أحدث سبب الجنابة في وقت لا يسع الغسل ولا التيمّم مع علمه بذلك فهو كمتعمّد البقاء عليها، ولو وسع التيمّم خاصّة عصى وصحّ صومه المعيّن، والأحوط القضاء.
      مسألة 5 - لو ظنّ السعة وأجنب فبان الخلاف لم يكن عليه شي ء إذا كان مع المراعاة، وإلّا فعليه القضاء.
      مسألة 6 - كما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمّدا كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض والنفاس إلى طلوع الفجر، فإذا طهرتا منهما قبل الفجر وجب عليهما الغسل أو التيمّم، ومع تركهما عمدا يبطل صومهما. وكذا يشترط على الأقوى في صحّة صوم المستحاضة الأغسال النهاريّة الّتي للصلاة دون غيرها؛ فلو استحاضت قبل الإتيان بصلاة الصبح أو الظهرين بما يوجب الغسل -كالمتوسّطة والكثيرة- فتركت الغسل بطل صومها، بخلاف ما لو استحاضت بعد الإتيان بصلاة الظهرين فتركت الغسل إلى الغروب فإنّه لا يبطله. ولا يترك الاحتياط بإتيان الغسل لصلاة الليلة الماضية. ويكفي عنه الغسل قبل الفجر لإتيان صلاة الليل أو الفجر، فصحّ صومها حينئذٍ على الأقوى.
      مسألة 7 - فاقد الطهورين يصحّ صومه مع البقاء على الجنابة أو حدث الحيض أو النفاس. نعم، في ما يفسده البقاء على الجنابة ولو عن غير عمد - كقضاء شهر رمضان - فالظاهر بطلانه به.
      مسألة 8 - لا يشترط في صحّة الصوم الغسل لمسّ الميّت، كما لا يضرّ مسّه به في أثناء النهار.
      مسألة 9 - من لم يتمكّن من الغسل - لفقد الماء أو لغيره من أسباب التيمّم ولو لضيق الوقت - وجب عليه التيمّم للصوم، فمن تركه حتّى أصبح كان كتارك الغسل. ولا يجب عليه البقاء على التيمّم مستيقظا حتّى يصبح وإن كان أحوط.
      مسألة 10 - لو استيقظ بعد الصبح محتلما: فإن علم أنّ جنابته حصلت في الليل صحّ صومه إن كان مضيّقا، إلّا في قضاء شهر رمضان، فإنّ الأحوط فيه الإتيان به وبعوضه وإن كان جواز الاكتفاء بالعوض بعد شهر رمضان الآتي لا يخلو من قوّة، وإن كان موسّعا بطل إن كان قضاء شهر رمضان، وصحّ إن كان غيره أو كان مندوبا، إلّا أنّ الأحوط إلحاقهما به؛ وإن لم يعلم بوقت وقوع الجنابة أو علم بوقوعها نهارا لا يبطل صومه، من غير فرق بين الموسّع وغيره والمندوب. ولا يجب عليه البدار إلى الغسل كما لا يجب على كلّ من أجنب في النهار بدون اختيار وإن كان أحوط.
      مسألة 11 - من أجنب في الليل في شهر رمضان جاز له أن ينام قبل الاغتسال إن احتمل الاستيقاظ حتّى بعد الانتباه أو الانتباهتين بل وأزيد، خصوصا مع اعتياد الاستيقاظ، فلا يكون نومه حراما وإن كان الأحوط شديدا ترك النوم الثاني فما زاد. ولو نام مع احتمال الاستيقاظ فلم يستيقظ حتّى طلع الفجر: فإن كان بانيا على عدم الاغتسال لو استيقظ أو متردّدا فيه أو غير ناوٍ له وإن لم يكن متردّدا ولا ذاهلا وغافلا لحقه حكم متعمّد البقاء على الجنابة، فعليه القضاء والكفّارة كما يأتي، وإن كان بانيا على الاغتسال لا شي ء عليه، لا القضاء ولا الكفّارة. لكن لاينبغي للمحتلم أن يترك الاحتياط لو استيقظ ثمّ نام ولم يستيقظ حتّى طلع الفجر بالجمع بين صوم يومه وقضائه وإن كان الأقوى صحّته. ولو انتبه ثمّ نام ثانيا حتّى طلع الفجر بطل صومه، فيجب عليه الإمساك تأدّبا والقضاء. ولو عاد إلى النوم ثالثا ولم ينتبه فعليه الكفّارة أيضا على المشهور، وفيه تردّد، بل عدم وجوبها لايخلو من قوّة، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط. ولو كان ذاهلا وغافلا عن الاغتسال ولم يكن بانيا عليه ولا على تركه ففي لحوقه بالأوّل أو الثاني وجهان، أوجههما اللحوق بالثاني.
      السادس: تعمّد الكذب على اللّه تعالى ورسوله والأئمّة - صلوات اللّه عليهم - على الأقوى، وكذا باقي الأنبياء والأوصياء: على الأحوط، من غير فرق بين كونه في الدين أو الدنيا، وبين كونه بالقول أو بالكتابة أو الإشارة أو الكناية ونحوها ممّا يصدق عليه الكذب عليهم: ، فلو سأله سائل: هل قال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) كذا؟ فأشار «نعم» في مقام «لا»، أو «لا» في مقام «نعم» بطل صومه؛ وكذا لو أخبر صادقا عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)  ثمّ قال: «ما أخبرت به عنه كذبٌ» أو أخبر عنه كاذبا في الليل ثمّ قال في النهار: «إنّ ما أخبرت به في الليل صدقٌ» فسد صومه. والأحوط عدم الفرق بين الكذب عليهم في أقوالهم أو غيرها، كالإخبار كاذبا بأنّه فعل كذا أو كان كذا. والأقوى عدم ترتّب الفساد مع عدم القصد الجدّيّ إلى الإخبار، بأن كان هازلا أو لاغيا.
      مسألة 12 - لو قصد الصدق فبان كذبا لم يضرّ، وكذا إذا قصد الكذب فبان صدقا وإن علم بمفطريّته.
      مسألة 13 - لا فرق بين أن يكون الكذب مجعولا له أو لغيره - كما إذا كان مذكورا في بعض كتب التواريخ أو الأخبار - إذا كان على وجه الإخبار. نعم، لايفسده إذا كان على وجه الحكاية والنقل من شخص أو كتاب.
      السابع: رمس الرأس في الماء على الأحوط ولو مع خروج البدن. ولا يلحق المضاف بالمطلق. نعم، لا يترك الاحتياط في مثل الجلّاب خصوصا مع ذهاب رائحته. ولا بأس بالإفاضة ونحوها ممّا لا يسمّى رمسا وإن كثر الماء، بل لابأس برمس البعض وإن كان فيه المنافذ، ولا بغمس التمام على التعاقب، بأن غمس نصفه ثمّ أخرجه وغمس نصفه الآخر.
      مسألة 14 - لو ألقى نفسه في الماء بتخيّل عدم الرمس فحصل لم يبطل صومه إذا لم تقض العادة برمسه، وإلّا فمع الالتفات فالأحوط إلحاقه بالعمد إلّإ؛ظظ مع القطع بعدمه.
      مسألة 15 - لو ارتمس الصائم مغتسلا: فإن كان تطوّعا أو واجبا موسّعا بطل صومه وصحّ غسله، وإن كان واجبا معيّنا فإن قصد الغسل بأوّل مسمّى الارتماس بطل صومه وغسله على تأمّل فيه، وإن نواه بالمكث أو الخروج صحّ غسله دون صومه في غير شهر رمضان، وأمّا فيه فيبطلان معا، إلّا إذا تاب ونوى الغسل بالخروج فإنّه صحيح حينئذٍ.
      الثامن: إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق، بل وغير الغليظ على الأحوط وإن كان الأقوى خلافه، سواء كان الإيصال بإثارته بنفسه بكنس أو نحوه أو بإثارة غيره أو بإثارة الهواء مع تمكينه من الوصول وعدم التحفّظ؛ وفي ما يعسر التحرّز عنه تأمّل. ولا بأس به مع النسيان أو الغفلة أو القهر الرافع للاختيار أو تخيّل عدم الوصول، إلّا أن يجتمع في فضاء الفم ثمّ أكله اختياراً. والأقوى عدم لحوق البخار به إلّا إذا انقلب في الفم ماءً وابتلعه، كما أنّ الأقوى عدم لحوق الدخان به أيضا. نعم، يلحق به شرب الأدخنة على الأحوط.
      التاسع: الحَقنة بالمائع ولو لمرض ونحوه، ولا بأس بالجامد المستعمل للتداوي كالشياف. وأمّا إدخال نحو الترياك للمعتادين به وغيرهم للتغذّي والاستنعاش ففيه إشكال، فلا يترك الاحتياط باجتنابه؛ وكذلك كلّ ما يحصل به التغذّي من هذا المجرى، بل وغيره كتلقيح ما يتغذّى به. نعم، لا بأس بتلقيح غيره للتداوي، كما لابأس بوصول الدواء إلى جوفه من جرحه.
      العاشر: تعمّد القي ء وإن كان للضرورة، دون ما كان منه بلا عمد. والمدار صدق مسمّاه. ولو ابتلع في الليل ما يجب عليه ردّه ويكون القي ء في النهار مقدّمة له صحّ صومه لو ترك القي ء عصيانا ولو انحصر إخراجه به. نعم، لو فرض ابتلاع ما حكم الشارع بقيئه بعنوانه ففي الصحّة والبطلان تردّد، والصحّة أشبه.
      مسألة 16 - لو خرج بالتجشّؤ شي ء ووصل إلى فضاء الفم ثمّ نزل من غير اختيار لم يبطل صومه، ولو بلعه اختيارا بطل وعليه القضاء والكفّارة. ولا يجوز للصائم التجشّؤ اختيارا إذا علم بخروج شي ء معه يصدق عليه القي ء أو ينحدر بعد الخروج بلا اختيار، وإن لم يعلم به بل احتمله فلا بأس به، بل لو ترتّب عليه حينئذٍ الخروج والانحدار لم يبطل صومه. هذا إذا لم يكن من عادته ذلك وإلّا ففيه إشكال، ولا يترك الاحتياط.
      مسألة 17 - لا يبطل الصوم بابتلاع البصاق المجتمع في الفم وإن كان بتذكّر ما كان سببا لاجتماعه، ولا بابتلاع النخامة الّتي لم تصل إلى فضاء الفم، من غير فرق بين النازلة من الرأس والخارجة من الصدر على الأقوى. وأمّا الواصلة إلى فضاء الفم لا يترك الاحتياط بترك ابتلاعها. ولو خرجت عن الفم ثمّ ابتلعها بطل صومه. وكذا البصاق، بل لو كانت في فمه حصاة فأخرجها و عليها بلّة من الريق ثمّ أعادها وابتلعها أو بلّ الخيّاط الخيط بريقه ثم ردّه وابتلع ما عليه من الرطوبة أو استاك وأخرج المسواك المبلّل بالريق فردّه وابتلع ما عليه من الرطوبة إلى غير ذلك بطل صومه. نعم، لو استهلك ما كان عليه من الرطوبة في ريقه - على وجه لا يصدق أنّه ابتلع ريقه مع غيره - لا بأس به. ومثله ذوق المرق ومضغ الطعام والمتخلّف من ماء المضمضة. وكذا لا بأس بالعلك على الأصحّ وإن وجد منه طعما في ريقه، ما لم يكن ذلك بتفتّت أجزائه ولو كان بنحو الذوبان في الفم.
      مسألة 18- كلّ ما مرّ من أنّه يفسد الصوم - ما عدا البقاء على الجنابة الّذي مرّ التفصيل فيه - إنّما يفسده إذا وقع عن عمد، لابدونه كالنسيان أو عدم القصد، فإنّه لا يفسده بأقسامه، كما أنّ العمد يفسده بأقسامه، من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به مقصّرا على الأقوى أو قاصرا على الأحوط. ومن العمد من أكل ناسيا فظنّ فساده فأفطر عامدا. والمقهور المسلوب عنه الاختيار الموجَر في حلقه لايبطل صومه. والمكره الّذي يتناول بنفسه يبطله. ولو اتّقى من المخالفين في أمر يرجع إلى فتواهم أو حكمهم فلا يفطره؛ فلو ارتكب تقيّةً ما لا يرى المخالف مفطرا صحّ صومه على الأقوى. وكذا لو أفطر قبل ذهاب الحمرة، بل وكذا لو أفطر يوم الشكّ تقيّةً - لحكم قضاتهم بحسب الموازين الشرعيّة الّتي عندهم - لايجب عليه القضاء مع بقاء الشكّ على الأقوى. نعم، لو علم بأنّ حكمهم بالعيد مخالف للواقع يجب عليه الإفطار تقيّةً، وعليه القضاء على الأحوط.

    • القول فيما يكره للصائم ارتكابه

       

      القول في ما يكره للصائم ارتكابه

      مسألة 1 - يكره للصائم اُمور:
      منها: مباشرة النساء تقبيلا ولمسا وملاعبةً، وللشابّ الشبق ومن تتحرّك شهوته أشدّ. هذا إذا لم يقصد الإنزال بذلك ولم يكن من عادته، وإلّا حرم في الصوم المعيّن، بل الأولى ترك ذلك حتّى لمن لم تتحرّك شهوته عادةً مع احتمال التحرّك بذلك.
      ومنها: الاكتحال إذا كان بالذرّ أو كان فيه مسك أو يصل منه إلى الحلق أو يخاف وصوله أو يجد طعمه فيه لما فيه من الصبر ونحوه.
      ومنها: إخراج الدم المضعف بحجامة أو غيرها، بل كلّ ما يورث ذلك أو يصير سببا لهيجان المِرّة، من غير فرق بين شهر رمضان وغيره وإن اشتدّ فيه، بل يحرم ذلك فيه، بل في مطلق الصوم المعيّن إذا علم حصول الغَشَيان المبطل ولم تكن ضرورة تدعو إليه.
      ومنها: دخول الحمّام إذا خشي منه الضعف.
      ومنها: السعوط، وخصوصا مع العلم بوصوله إلى الدماغ أو الجوف، بل يفسد الصوم مع التعدّي إلى الحلق.
      ومنها: شمّ الرياحين خصوصا النرجس. والمراد بها كلّ نبت طيّب الريح. نعم، لابأس بالطيب فإنّه تحفة الصائم، لكنّ الأولى ترك المسك منه، بل يكره التطيّب به للصائم، كما أنّ الأولى ترك شمّ الرائحة الغليظة حتّى تصل إلى الحلق.
      مسألة 2 - لا بأس باستنقاع الرجل في الماء ويكره للامرأة؛ كما أنّه يكره لهما بلّ الثوب ووضعه على الجسد. ولا بأس بمضغ الطعام للصبيّ ولا زقّ الطائر، ولا ذوق المرق، ولا غيرها ممّا لا يتعدّى إلى الحلق أو تعدّى من غير قصد أو مع القصد ولكن عن نسيان؛ ولا فرق بين أن يكون أصل الوضع في الفم لغرض صحيح أو لا. نعم، يكره الذوق للشي ء. ولابأس بالسواك باليابس، بل هومستحبّ. نعم، لا يبعد الكراهة بالرطب؛ كما أنّه يكره نزع الضرس بل مطلق ما فيه إدماء.

    • القول فيما يترتب على الافطار

       

      القول في ما يترتّب على الإفطار

      مسألة 1 - الإتيان بالمفطرات المذكورة كما أنّه موجب للقضاء موجب للكفّارة أيضا إذا كان مع العمد والاختيار من غير كُره، على الأحوط في الكذب على اللّه تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمّة(عليهم السلام) وفي الارتماس والحَقنة، وعلى الأقوى في البقيّة، بل في الكذب عليهم: أيضا لا يخلو من قوّة. نعم، القي ء لا يوجبها على الأقوى. ولا فرق بين العالم والجاهل المقصّر على الأحوط، وأمّا القاصر غير الملتفت إلى السؤال فالظاهر عدم وجوبها عليه وإن كان أحوط.
      مسألة 2 - كفّارة إفطار شهر رمضان اُمور ثلاثة: عتق رقبة، وصيام شهرين متتابعين، وإطعام ستّين مسكينا، مخيّرا بينها، وإن كان الأحوط الترتيب مع الإمكان. والأحوط الجمع بين الخصال إذا أفطر بشي ء محرّم، كأكل المغصوب وشرب الخمر والجماع المحرّم ونحو ذلك.
      مسألة 3 - الأقوى أنّه لا تتكرّر الكفّارة بتكرّر الموجب في يوم واحد حتّى الجماع وإن اختلف جنس الموجب، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط في الجماع.
      مسألة 4 - تجب الكفّارة في إفطار صوم شهر رمضان وقضائه بعد الزوال والنذر المعيّن، ولا تجب في ما عداها من أقسام الصوم، واجبا كان أو مندوبا، أفطر قبل الزوال أو بعده. نعم، ذكر جماعة وجوبها في صوم الاعتكاف إذا وجب، وهم بين معمّم لها لجميع المفطرات ومخصّص بالجماع، ولكنّ الظاهر الاختصاص بالجماع، كما أنّ الظاهر أنّها لأجل نفس الاعتكاف لا للصوم، ولذا لا فرق بين وقوعه في الليل أو النهار. نعم، لو وقع في نهار شهر رمضان تجب كفّارتان، كما أنّه لو وقع الإفطار فيه بغير الجماع تجب كفّارة شهر رمضان فقط.
      مسألة 5 - لو أفطر متعمّدا لم تسقط عنه الكفّارة على الأقوى لو سافر فرارا من الكفّارة أو سافر بعد الزوال، وعلى الأحوط في غيره. وكذا لا تسقط لو سافر وأفطر قبل الوصول إلى حدّ الترخّص على الأحوط؛ بل الأحوط عدم سقوطها لو أفطر متعمّدا ثمّ عرض له عارض قهريّ من حيض أو نفاس أو مرض وغير ذلك وإن كان الأقوى سقوطها؛ كما أنّه لو أفطر يوم الشكّ في آخر الشهر ثمّ تبيّن أنّه من شوّال فالأقوى سقوطها كالقضاء.
      مسألة 6 - لو جامع زوجته في شهر رمضان وهما صائمان: فإن طاوعته فعلى كلّ منهما الكفّارة والتعزير، وهو خمسة وعشرون سوطا، وإن أكرهها على ذلك يتحمّل عنها كفّارتها وتعزيرها، وإن أكرهها في الابتداء على وجه سلب منها الاختيار والإرادة ثمّ طاوعته في الأثناء فالأقوى ثبوت كفّارتين عليه وكفّارة عليها، وإن كان الإكراه على وجه صدر الفعل بإرادتها وإن كانت مكرهةً فالأقوى ثبوت كفّارتين عليه وعدم كفّارة عليها، وكذا الحال في التعزير على الظاهر. ولا تلحق بالزوجة المكرهة الأجنبيّة. ولا فرق في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة. ولو أكرهت الزوجة زوجها لا تتحمّل عنه شيئا.
      مسألة 7 - لو كان مفطرا لكونه مسافرا أو مريضا وكانت زوجته صائمةً لايجوز إكراهها على الجماع، وإن فعل فالأحوط أن يتحمّل عنها الكفّارة.
      مسألة 8 - مصرف الكفّارة في إطعام الفقراء إمّا بإشباعهم وإمّا بالتسليم إلى كلّ واحد منهم مدّا من حنطة أو شعير أو دقيق أو أرز أو خبز أو غير ذلك من أقسام الطعام، والأحوط مدّان. ولا يكفي في كفّارة واحدة مع التمكّن من الستّين إشباع شخص واحد مرّتين أو مرّات أو إعطاؤه مدّين أو أمداد، بل لا بدّ من ستّين نفسا. ولو كان للفقير عيال يجوز إعطاؤه بعدد الجميع لكلّ واحد مدّا مع الوثوق بأنّه يطعمهم أو يعطيهم. والمدّ ربع الصاع، والصاع ستّمائة مثقال وأربعة عشر مثقالا وربع مثقال.
      مسألة 9 - يجوز التبرّع بالكفّارة عن الميّت، لصوم كانت أو لغيره. وفي جوازه عن الحيّ إشكال، والأحوط العدم خصوصا في الصوم.
      مسألة 10 - يكفي في حصول التتابع في الشهرين صوم الشهر الأوّل ويوم من الشهر الثاني، ويجوزله التفريق في البقيّة ولو اختيارا. ولو أفطر في أثناء ما يعتبر فيه التتابع لغير عذر وجب استينافه، وإن كان للعذر - كالمرض والحيض والنفاس والسفر الاضطراريّ - لم يجب عليه استينافه، بل يبني على ما مضى. ومن العذر نسيان النيّة حتّى فات وقتها، بأن تذكّر بعد الزوال.
      مسألة 11 - لو عجز عن الخصال الثلاث في كفّارة شهر رمضان يجب عليه التصدّق بما يطيق، ومع عدم التمكّن يستغفر اللّه ولو مرّة. والأحوط الإتيان بالكفّارة إن تمكّن بعد ذلك في الأخيرة.
      مسألة 12 - يجب القضاء دون الكفّارة في موارد:
      الأوّل: في ما إذا نام المجنب في الليل ثانيا بعد انتباهه من النوم واستمرّ نومه إلى طلوع الفجر ، بل الأقوى ذلك في النوم الثالث بعد انتباهتين وإن كان الأحوط شديدا فيه وجوب الكفّارة أيضا. والنوم الّذي احتلم فيه لا يعدّ من النومة الاُولى حتّى يكون النوم الّذي بعده النومة الثانية، لكن لا ينبغي ترك الاحتياط الّذي مرّ.
      الثاني: إذا أبطل صومه لمجرّد عدم النيّة أو بالرياء أو نيّة القطع مع عدم الإتيان بشي ء من المفطرات.
      الثالث: إذا نسي غسل الجنابة ومضى عليه يوم أو أيّام كما مرّ.
      الرابع: إذا أتى بالمفطر قبل مراعاة الفجر ثمّ ظهر سبق طلوعه إذا كان قادرا على المراعاة، بل أو عاجزا على الأحوط؛ وكذا مع المراعاة وعدم التيقّن ببقاء الليل، بأن كان ظانّا بالطلوع أو شاكّا فيه على الأحوط وإن كان الأقوى عدم وجوب القضاء مع حصول الظنّ بعد المراعاة، بل عدمه مع الشكّ بعدها لا يخلو من قوّة أيضا؛ كما أنّه لو راعى وتيقّن البقاء فأكل ثمّ تبيّن خلافه صحّ صومه. هذا في صوم شهر رمضان. وأمّا غيره من أقسام الصوم حتّى الواجب المعيّن فالظاهر بطلانه بوقوع الأكل بعد طلوع الفجر مطلقا، حتّى مع المراعاة وتيقّن بقاء الليل.
      الخامس: الأكل تعويلا على إخبار من أخبر ببقاء الليل مع كون الفجر طالعا.
      السادس: الأكل إذا أخبره مخبر بطلوع الفجر لزعمه سخريّة المخبر.
      مسألة 13 - يجوز لمن لم يتيقّن بطلوع الفجر تناول المفطر من دون فحص؛ فلو أكل أو شرب والحال هذه ولم يتبيّن الطلوع ولا عدمه لم يكن عليه شي ء. وأمّا مع عدم التيقّن بدخول الليل فلا يجوز له الإفطار؛ فلو أفطر والحال هذه يجب عليه القضاء والكّفارة وإن لم يحصل له اليقين ببقاء النهار وبقي على شكّه.
      السابع: الإفطار تعويلا على من أخبر بدخول الليل ولم يدخل إذا كان المخبر ممّن جاز التعويل على إخباره، كما إذاأخبر عدلان بل عدل واحد، وإلّا فالأقوى وجوب الكفّارة أيضا.
      الثامن: الإفطار لظلمة قطع بدخول الليل منها ولم يدخل مع عدم وجود علّة في السماء. وأمّا لو كانت فيها علّة فظنّ دخول الليل فأفطر ثمّ بان له الخطأ فلايجب عليه القضاء.
      التاسع: إدخال الماء في الفم للتبرّد بمضمضة أو غيرها فسبقه ودخل الحلق. وكذا لو أدخله عبثا. وأمّا لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه. وكذا لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء فلا يجب عليه القضاء. والأحوط الاقتصار على ما إذا كان الوضوء لصلاة فريضة، وإن كان عدمه لمطلق الوضوء بل لمطلق الطهارة لا يخلو من قوّة.

    • القول في شرائط صحة الصوم ووجوبه

       

      القول في شرائط صحّة الصوم ووجوبه

      مسألة ۱ - شرائط صحّة الصوم اُمور: الإسلام والإيمان والعقل والخلوّ من الحيض والنفاس، فلا يصحّ من غير المؤمن ولو في جزء من النهار؛ فلو ارتدّ في الأثناء ثمّ عاد لم يصحّ وإن كان الصوم معيّنا وجدّد النيّة قبل الزوال؛ وكذا من المجنون ولو إدوارا مستغرقا للنهار أو حاصلا في بعضه؛ وكذا السكران والمغمى عليه. والأحوط لمن أفاق من السكر مع سبق نيّة الصوم الإتمام ثمّ القضاء ولمن أفاق من الإغماء مع سبقها الإتمام، وإلّا فالقضاء. ويصحّ من النائم لو سبقت منه النيّة وإن استوعب تمام النهار. وكذا لا يصحّ من الحائض والنفساء وإن فاجأهما الدم قبل الغروب بلحظة أو انقطع عنهما بعد الفجر بلحظة.
      ومن شرائط صحّته: عدم المرض أو الرمد الّذي يضرّه الصوم، لإيجابه شدّته أو طول برئه أو شدّة ألمه، سواء حصل اليقين بذلك أو الاحتمال الموجب للخوف؛ ويلحق به الخوف من حدوث المرض والضرر بسببه إذا كان له منشأ عقلائيّ يعتني به العقلاء، فلا يصحّ معه الصوم، ويجوز بل يجب عليه الإفطار. ولا يكفي الضعف وإن كان مفرطا. نعم، لو كان ممّا لا يتحمّل عادةً جاز الإفطار. ولو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف بعد الفراغ من الصوم ففي الصحّة إشكال، بل عدمها لا يخلو من قوّة.
      ومن شرائط الصحّة: أن لا يكون مسافرا سفرا يوجب قصر الصلاة، فلا يصحّ منه الصوم حتّى المندوب على الأقوى. نعم، استثني ثلاثة مواضع، أحدها: صوم ثلاثة أيّام بدل الهدي. الثاني: صوم بدل البدنة ممّن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا ، وهو ثمانية عشر يوما. الثالث: صوم النذر المشترط إيقاعه في خصوص السفر أو المصرّح بأن يوقع سفرا وحضرا، دون النذر المطلق.
      مسألة ۲ - يشترط في صحّة الصوم المندوب - مضافا إلى ما مرّ - أن لايكون عليه قضاء صوم واجب. ولا يترك الاحتياط في مطلق الواجب من كفّارة وغيرها، بل التعميم لمطلقه لا يخلو من قوّة.
      مسألة ۳ - كلّ ما ذكرنا من أنّه شرط للصحّة شرط للوجوب أيضا غير الإسلام والإيمان. ومن شرائط الوجوب أيضا البلوغ، فلا يجب على الصبيّ وإن نوى الصوم تطوّعا وكمل في أثناء النهار. نعم، إن كمل قبل الفجر يجب عليه. والأحوط لمن نوى التطوّع الإتمام لو كمل في أثناء النهار، بل إن كمل قبل الزوال ولم يتناول شيئا فالأحوط الأولى نيّة الصوم وإتمامه.
      مسألة 4 - لو كان حاضرا فخرج إلى السفر: فإن كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار، وإن كان بعده وجب عليه البقاء على صومه وصحّ. ولوكان مسافرا وحضر بلده أو بلدا عزم على الإقامة به عشرة أيّام: فإن كان قبل الزوال ولم يتناول المفطر وجب عليه الصوم، وإن كان بعده أو قبله لكن تناول المفطر فلايجب عليه.
      مسألة 5 - المسافر الجاهل بالحكم لو صام صحّ صومه ويجزيه على حسب ما عرفت في الجاهل بحكم الصلاة، إذ القصر كالإفطار، والصيام كالتمام، فيجري هنا حينئذٍ جميع ما ذكرناه بالنسبة إلى الصلاة؛ فمن كان يجب عليه التمام كالمكاري والعاصي بسفره والمقيم والمتردّد ثلاثين يوما وغير ذلك يجب عليه الصيام. نعم، يتعيّن عليه الإفطار في سفر الصيد للتجارة والاحتياط بالجمع في الصلاة. ويجب قضاء الصوم في الناسي لو تذكّر بعد الوقت، دون الصلاة كما مرّ. ويتعيّن عليه الإفطار في الأماكن الأربعة ويتخيّر في الصلاة. ويتعيّن عليه البقاء على الصوم لوخرج بعد الزوال وإن وجب عليه القصر. ويتعيّن عليه الإفطار لو قدم بعده وإن وجب عليه التمام إذا لم يكن قدصلّى. وقدتقدّم في كتاب الصلاة أنّ المدار في قصرها هو وصول المسافر إلى حدّ الترخّص، فكذا هو المدار في الصوم، فليس له الإفطار قبل الوصول إليه، بل لو فعل كان عليه مع القضاء الكفّارة على الأحوط.
      مسألة 6 - يجوز على الأصحّ السفر اختيارا في شهر رمضان ولو كان للفرار من الصوم، لكن على كراهيّة قبل أن يمضي منه ثلاثة وعشرون يوما، إلّا في حجّ، أو عمرة، أو مال يخاف تلفه، أو أخ يخاف هلاكه. وأمّا غير صوم شهر رمضان من الواجب المعيّن فالأحوط ترك السفر مع الاختيار؛ كما أنّه لو كان مسافرا فالأحوط الإقامة لإتيانه مع الإمكان؛ وإن كان الأقوى في النذر المعيّن جواز السفر وعدم وجوب الإقامة لو كان مسافرا.
      مسألة 7 - يكره للمسافر في شهر رمضان بل كلّ من يجوز له الإفطار التملّي من الطعام والشراب،وكذاالجماع في النهار،بل الأحوطتركه وإن كان الأقوى جوازه.
      مسألة 8 - يجوز الإفطار في شهر رمضان لأشخاص: الشيخ والشيخة إذا تعذّر أو تعسّر عليهما الصوم، ومن به داء العطاش، سواء لم يقدر على الصبر أو تعسّر عليه، والحامل المقرب الّتي يضرّ الصوم بها أو بولدها، والمرضعة القليلة اللبن إذا أضرّ الصوم بها أو بولدها، فإنّ جميع هذه الأشخاص يفطرون، ويجب على كلّ واحد منهم التكفير بدل كلّ يوم بمدّ من الطعام، والأحوط مدّان، عدا الشيخين وذي العطاش في صورة تعذّر الصوم عليهم، فإنّ وجوب الكفّارة عليهم محلّ إشكال، بل عدمه لا يخلو من قوّة؛ كما أنّه على الحامل المقرب والمرضعة القليلة اللبن إذا أضرّبهما - لا بولدهما - محلّ تأمّل.
      مسألة 9 - لا فرق في المرضعة بين أن يكون الولد لها أو متبرّعة برضاعه أو مستأجرة. والأحوط الاقتصار على صورة عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع تبرّعا أو باُجرة من أبيه أو منها أو من متبرّع.
      مسألة 10 - يجب على الحامل والمرضعة القضاء بعد ذلك، كما أنّ الأحوط وجوبه على الأوّلين لو تمكّنا بعد ذلك.

    • القول في طريق ثبوت هلال شهر رمضان وشوال

       

      القول في طريق ثبوت هلال شهر رمضان وشوّال

      يثبت الهلال بالرؤية وإن تفرّد به الرائي، والتواتر والشياع المفيدين للعلم، ومضيّ ثلاثين يوما من الشهر السابق، وبالبيّنة الشرعيّة، وهي شهادة عدلين، وحكم الحاكم إذا لم يعلم خطؤه ولا خطأ مستنده. ولا اعتبار بقول المنجّمين، ولا بتطوّق الهلال أو غيبوبته بعدالشفق في ثبوت كونه للّيلة السابقة وإن أفاد الظنّ.
      مسألة 1 - لا بدّ في قبول شهادة البيّنة أن تشهد بالرؤية، فلا تكفي الشهادة العلميّة.
      مسألة 2 - لا يعتبر في حجّيّة البيّنة قيامها عند الحاكم الشرعيّ، فهي حجّة لكلّ من قامت عنده، بل لو قامت عند الحاكم وردّ شهادتها من جهة عدم ثبوت عدالة الشاهدين عنده وكانا عادلين عند غيره يجب ترتيب الأثر عليهامن الصوم أو الإفطار. ولا يعتبر اتّحادهما في زمان الرؤية بعد توافقهما على الرؤية في الليل. نعم، يعتبر توافقهما في الأوصاف، إلّا إذا اختلفا في بعض الأوصاف الخارجة ممّا يحتمل فيه اختلاف تشخيصهما، ككون القمر مرتفعا أو مطوّقا أو له عرض شماليّ أو جنوبيّ، فإنّه لا يبعد معه قبول شهادتهما إذا لم يكن فاحشا. ولو وصفه أحدهما أو كلاهما بما يخالف الواقع - ككون تحدّبه إلى السماء عكس ما يرى في أوائل الشهر - لم يسمع شهادتهما. ولو أطلقا أو وصف أحدهما بما لا يخالف الواقع وأطلق الآخر كفى.
      مسألة 3 - لا اعتبار في ثبوت الهلال بشهادة أربع من النساء، ولا برجل وامرأتين، ولا بشاهد واحد مع ضمّ اليمين.
      مسألة 4 - لا فرق بين أن تكون البيّنة من البلد أو خارجه، كان في السماء علّة أو لا. نعم، مع عدم العلّة والصحو واجتماع الناس للرؤية وحصول الخلاف والتكاذب بينهم بحيث يقوى احتمال الاشتباه في العدلين ففي قبول شهادتهما حينئذٍ إشكال.
      مسألة 5 - لا تختصّ حجّيّة حكم الحاكم بمقلّديه، بل حجّة حتّى على حاكم آخر لو لم يثبت خطؤه أو خطأ مستنده.
      مسألة 6 - لو ثبت الهلال في بلد آخر دون بلده: فإن كانا متقاربين أو علم توافق اُفقهما كفى، وإلّا فلا.
      مسألة 7 - لا يجوز الاعتماد على التلغراف ونحوه في الإخبار عن الرؤية، إلّا إذا تقارب البلدان أو علم توافقهما في الاُفق وتحقّق ثبوتها هناك إمّا بحكم الحاكم أو بالبيّنة الشرعيّة. ويكفي في تحقّق الثبوت كون المخابر بيّنة شرعيّة.

    • القول في قضاء صوم شهر رمضان

       

      القول في قضاء صوم شهر رمضان

      لا يجب على الصبيّ قضاء ما أفطر في زمان صباه، ولا على المجنون والمغمى عليه قضاء ما أفطرا في حال العذر، ولا على الكافر الأصلّي قضاء ما أفطر حال كفره. ويجب على غيرهم حتّى المرتدّ بالنسبة إلى زمان ردّته، وكذا الحائض والنفساء وإن لم يجب عليهما قضاء الصلاة.
      مسألة 1 - قد مرّ عدم وجوب الصوم على من بلغ قبل الزوال ولم يتناول شيئا، وكذا على من نوى الصوم ندبا وبلغ في أثناء النهار، فلا يجب عليهما القضاء لو أفطرا وإن كان أحوط.
      مسألة 2 - يجب القضاء على من فاته الصوم لسكر، سواء كان شرب المسكر للتداوي أو على وجه الحرام، بل الأحوط قضاؤه لو سبقت منه النيّة وأتمّ الصوم.
      مسألة 3 - المخالف اذا استبصر لا يجب عليه قضاء ما أتى به على وفق مذهبه أو مذهب الحقّ إذا تحقّق منه قصد القربة، وأمّا ما فاته في تلك الحال يجب عليه قضاؤه.
      مسألة 4 - لا يجب الفور في القضاء. نعم، لايجوز تأخير القضاء إلى رمضان آخر على الأحوط، وإذا أخّر يكون موسّعا بعد ذلك.
      مسألة 5 - لا يجب الترتيب في القضاء ولا تعيين الأيّام؛ فلو كان عليه أيّام فصام بعددها بنيّة القضاء كفى وإن لم يعيّن الأوّل والثاني وهكذا.
      مسألة 6 - لو كان عليه قضاء رمضانين أو أكثر يتخيّر بين تقديم السابق وتأخيره. نعم، لو كان عليه قضاء رمضان هذه السنة مع قضاء رمضان سابق ولم يسع الوقت لهما إلى رمضان الآتي يتعيّن قضاء رمضان هذه السنة على الأحوط. ولو عكس فالظاهر صحّة ما قدّمه ولزمه الكفّارة، أعني كفّارة التأخير.
      مسألة 7 - لو فاته صوم شهر رمضان لمرض أو حيض أو نفاس ومات قبل أن يخرج منه لم يجب القضاء وإن استُحبّ النيابة عنه.
      مسألة 8 - لو فاته صوم شهر رمضان أو بعضه لعذر واستمرّ إلى رمضان آخر: فإن كان العذر هو المرض سقط قضاؤه وكفّر عن كلّ يوم بمدّ، ولا يجزي القضاء عن التكفير، وإن كان العذر غير المرض كالسفر ونحوه فالأقوى وجوب القضاء فقط؛ وكذا إن كان سبب الفوت هو المرض وسبب التأخير عذرا آخر أو العكس؛ لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين القضاء والمدّ، خصوصا إذا كان العذر هو السفر؛ وكذا في الفرع الأخير.
      مسألة 9 - لو فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر - بل متعمّدا - ولم يأت بالقضاء إلى رمضان آخر وجب عليه - مضافا إلى كفّارة الإفطار العمديّ - التكفير بمدّ بدل كلّ يوم والقضاء في ما بعد. وكذا يجب التكفير بمدّ لو فاته لعذر ولم يستمرّ ذلك العذر ولم يطرأ عذر آخر فتهاون حتّى جاء رمضان آخر. ولو كان عازما على القضاء بعد ارتفاع العذر فاتّفق عذر آخر عند الضيق فالأحوط الجمع بين الكفّارة والقضاء.
      مسألة 10 - لا يتكرّر كفّارة التأخير بتكرّر السنين؛ فإذا فاته ثلاثة أيّام من ثلاث رمضانات متتاليات ولم يقضها وجب عليه كفّارة واحدة للأوّل، وكذإ؛ ظظ للثاني، والقضاء فقط للثالث إذا لم يتأخّر إلى رمضان الرابع.
      مسألة 11 - يجوز إعطاء كفّارة أيّام عديدة من رمضان واحد أو أزيد لفقير واحد، فلا يجب إعطاء كلّ فقير مدّا واحدا ليوم واحد.
      مسألة 12 - يجوز الإفطار قبل الزوال في قضاء شهر رمضان ما لم يتضيّق. وأمّا بعد الزوال فيحرم، بل تجب به الكفّارة وإن لم يجب الإمساك بقيّة اليوم. والكفّارة هنا إطعام عشرةمساكين لكلّ مسكين مدّ، فإن لم يمكنه صام ثلاثة أيّام.
      مسألة 13 - الصوم كالصلاة في أنّه يجب على الوليّ قضاء ما فات عن الميّت مطلقا. نعم، لا يبعد عدم وجوبه عليه لو تركه على وجه الطغيان، لكنّ الأحوط الوجوب أيضا، بل لا يترك هذا الاحتياط. لكنّ الوجوب على الوليّ في ما إذا كان فوته يوجب القضاء؛ فإذا فاته لعذر ومات في أثناء رمضان أو كان مريضا واستمرّ مرضه إلى رمضان آخر لا يجب، لسقوط القضاء حينئذٍ. ولا فرق بين ماإذا ترك الميّت ما يمكن التصدّق به عنه وعدمه وإن كان الأحوط في الأوّل مع رضى الورثة الجمع بين التصدّق والقضاء. وقد تقدّم في قضاء الصلاة بعض الفروع المتعلّقة بالمقام.

    • القول في أقسام الصوم
    •  

      القول في أقسام الصوم

      وهي أربعة: واجب ومندوب ومكروه ومحظور؛ فالواجب منه صوم شهر رمضان، وصوم الكفّارة، وصوم القضاء، وصوم دم المتعة في الحجّ، وصوم اليوم الثالث من أيّام الاعتكاف، وصوم النذر وأخويه وإن كان في عدّ صوم النذر وما يليه من أقسام الصوم الواجب مسامحة.

      • القول في صوم الكفارة

         

        القول في صوم الكفّارة

        وهو على أقسام:
        منها: ما يجب مع غيره. وهي كفّارة قتل العمد، فتجب فيها الخصال الثلاث، وكذا كفّارة الإفطار بمحرّم في شهر رمضان على الأحوط.
        ومنها: ما يجب بعد العجز عن غيره. وهي كفّارة الظهار وكفّارة قتل الخطأ، فإنّ وجوب الصوم فيهما بعد العجز عن العتق. وكفّارة الإفطار في قضاء شهر رمضان، فإنّ الصوم فيها بعد العجز عن الإطعام. وكفّارة اليمين، وهي عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيّام. وكفّارة خدش المرأة وجهها في المصاب حتّى أدمته ونتفها رأسها فيه. وكفّارة شقّ الرجل ثوبه على زوجته أو على ولده، فإنّهما ككفّارة اليمين. وكفّارة الإفاضة من عرفات قبل الغروب عامدا، فإنّها ثمانية عشر يوما بعد العجز عن بدنة. وكفّارة صيد المحرم النعامة، فإنّها بدنة، فإن عجز عنها يفضّ ثمنها على الطعام، ويتصدّق به على ستّين مسكينا لكلّ مسكينٍ مدّ على الأقوى، والأحوط مدّان، ولو زاد عن الستّين اقتصر عليهم، ولو نقص لم يجب الإتمام؛ والاحتياط بالمدّين إنّما هو في ما لا يوجب النقص عن الستّين، وإلّا اقتصر على المدّ ويتمّ الستّين. ولو عجز عن التصدّق صام على الأحوط لكلّ مدّ يوما إلى الستّين، وهو غاية كفّارته؛ ولو عجز صام ثمانية عشر يوما. وكفّارة صيد المحرم البقر الوحشيّ، فإنّها بقرة؛ وإن عجز عنها يفضّ ثمنها على الطعام ويتصدّق به على ثلاثين مسكينا لكلّ واحدٍ مدّ على الأقوى، والأحوط مدّان، فإن زاد فله، وإن نقص لا يجب عليه الإتمام، ولا يحتاط بالمدّين مع إيجابه النقص كما تقدّم؛ ولو عجز عنه صام على الأحوط عن كلّ مدّ يوما إلى الثلاثين، وهي غاية كفّارته؛ ولو عجز صام تسعة أيّام. وحمار الوحش كذلك، والأحوط أنّه كالنعامة. وكفّارة صيد المحرم الغزال، فإنّها شاة، وإن عجز عنها يفضّ ثمنها على الطعام ويتصدّق على عشرة مساكين لكلّ مدّ على الأقوى، ومدّان على الأحوط. وحكم الزيادة والنقيصة ومورد الاحتياط كما تقدّم؛ ولو عجز صام على الأحوط عن كلّ مدّ يوما إلى عشرة أيّام غاية كفّارته؛ ولو عجز صام ثلاثة أيّام.
        ومنها: ما يجب مخيّرا بينه وبين غيره. وهي كفّارة الإفطار في شهر رمضان، وكفّارة إفساد الاعتكاف بالجماع، وكفّارة جزّ المرأة شعرها في المصاب، وكفّارة النذر والعهد، فإنّها فيها مخيّرة بين الخصال الثلاث.
        مسألة - يجب التتابع في صوم شهرين من كفّارة الجمع وكفّارة التخيير والترتيب. ويكفي في حصوله صوم الشهر الأوّل ويوم من الشهر الثاني كما مرّ. وكذا يجب التتابع على الأحوط في الثمانية عشر بدل الشهرين، بل هو الأحوط في صيام سائر الكفّارات. ولا يضرّ بالتتابع في ما يشترط فيه ذلك الإفطارُ في الأثناء لعذر من الأعذار، فيبني على ما مضى كما تقدّم.

      • وأما المندوب منه

         

        وأمّا المندوب منه

        فالمؤكّد منه أفراد:
        منها: صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر. وأفضل كيفيّتها أوّل خميس منه، وآخر خميس منه، وأوّل أربعاء في العشر الثاني.
        ومنها: أيّام البيض. وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر.
        ومنها: يوم الغدير. وهوالثامن عشر من ذي الحجّة.
        ومنها: يوم مولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو السابع عشر من ربيع الأوّل.
        ومنها: يوم مبعثه (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو السابع والعشرون من رجب.
        ومنها: يوم دحوالأرض. وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة.
        ومنها: يوم عرفة لمن لم يُضعفه الصوم عمّا عزم عليه من الدعاء مع تحقّق الهلال على وجه لا يحتمل وقوعه في يوم العيد.
        ومنها: يوم المباهلة. وهو الرابع والعشرون من ذي الحجّة، يصومه بقصد القربةالمطلقة وشكرا لإظهار النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) فضيلةً عظيمةً من فضائل مولانا أميرالمؤمنين (عليه السلام).
        ومنها: كلّ خميس وجمعة.
        ومنها: أوّل ذي الحجّة إلى يوم التاسع.
        ومنها: رجب وشعبان كلّاً أو بعضا ولو يوما من كلّ منهما.
        ومنها: يوم النيروز.
        ومنها: أوّل يوم من المحرّم وثالثه.

      • وأما المكروه

         

        وأمّا المكروه

        فصوم الضيف نافلةً من دون إذن مضيّفه، وكذا مع نهيه، والأحوط تركه حتّى مع عدم الإذن، وصوم الولد من دون إذن والده مع عدم الإيذاء له من حيث الشفقة، ولا يترك الاحتياط مع نهيه وإن لم يكن إيذاء؛ وكذا مع نهي الوالدة. والأحوط إجراء الحكم على الولد وإن نزل والوالد وإن علا؛ بل الأولى مراعاة إذن الوالدة أيضا. والأولى ترك صوم يوم عرفة لمن يُضعفه الصوم عن الأدعية والاشتغال بها؛ كما أنّ الأولى ترك صومه مع احتمال كونه عيدا. وأمّا الكراهة بالمعنى المصطلح حتّى في العبادات فيهما فالظاهر عدمها.

      • وأما المحظور

         

        وأمّا المحظور

        فصوم يومي العيدين، وصوم يوم الثلاثين من شعبان بنيّة أنّه من رمضان، وصوم أيّام التشريق لمن كان بمنى ناسكا كان أولا، والصوم وفاءً بنذر المعصية، وصوم السكوت بمعنى كونه كذلك منويّا ولو في بعض اليوم، ولا بأس بالسكوت إذا لم يكن منويّا ولو كان في تمام اليوم، وصوم الوصال، والأقوى كونه أعمّ من نيّة صوم يوم وليلة إلى السحر ويومين مع ليلة. ولا بأس بتأخير الإفطار إلى السحر وإلى الليلة الثانية مع عدم النيّة بعنوان الصوم وإن كان الأحوط اجتنابه؛ كما أنّ الأحوط ترك الزوجة الصوم تطوّعا بدون إذن الزوج، بل لا تترك الاحتياط مع المزاحمة لحقّه، بل مع نهيه مطلقا.

    • خاتمة في الاعتكاف
    •  

      خاتمة في الاعتكاف

      وهو اللبث في المسجد بقصد التعبّد به. ولا يعتبر فيه ضمّ قصد عبادة اُخرى خارجة عنه وإن كان هو الأحوط. وهو مستحبّ بأصل الشرع، وربما يجب الإتيان به لأجل نذر أو عهد أو يمين أو إجارة ونحوها. ويصحّ في كلّ وقت يصحّ فيه الصوم. وأفضل أوقاته شهر رمضان، وأفضله العشر الآخر منه. والكلام في شروطه وأحكامه:

      • القول في شروطه

         

        القول في شروطه

        يشترط في صحّته اُمور:
        الأول: العقل؛ فلا يصحّ من المجنون ولو إدوارا في دور جنونه، ولا من السكران وغيره من فاقدي العقل.
        الثاني: النيّة. ولا يعتبر فيها بعد التعيين أزيد من القربة والإخلاص. ولا يعتبر فيها قصد الوجه من الوجوب أو الندب كغيره من العبادات؛ فيقصد الوجوب في الواجب والندب في المندوب وإن وجب فيه الثالث. والأولى ملاحظته في ابتداء النيّة، بل تجديدها في الثالث.
        ووقتها في ابتداء الاعتكاف أوّل الفجر من اليوم الأوّل، بمعنى عدم جواز تأخيرها عنه. ويجوز أن يشرع فيه في أوّل الليل أو أثنائه فينويه حين الشروع، بل الأحوط إدخال الليلة الاُولى أيضا والنيّة من أوّلها.
        الثالث: الصوم؛ فلا يصحّ بدونه. ولا يعتبر فيه كونه له، فيكفي صوم غيره، واجبا كان أو مستحبّا، مؤدّيا عن نفسه أو متحمّلا عن غيره، من غير فرق بين أقسام الاعتكاف وأنواع الصيام، بل يصحّ إيقاع الاعتكاف النذريّ والإجاريّ في شهر رمضان إن لم يكن انصراف في البين، بل لو نذر الاعتكاف في أيّام معيّنة وكان عليه صوم منذور أجزأه الصوم في أيّام الاعتكاف وفاءً بالنذر.
        الرابع: أن لا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام بلياليها المتوسّطة. وأمّا الأزيد فلابأس به، ولا حدّ لأكثره وإن وجب الثالث لكلّ اثنين؛ فإذا اعتكف خمسة أيّام وجب السادس، وإذا صار ثمانية وجب التاسع على الأحوط وهكذا. واليوم من طلوع الفجر إلى زوال الحمرة المشرقيّة؛ فلو اعتكف من طلوع الفجر إلى غروب اليوم الثالث كفى. ولا يشترط إدخال الليلة الاُولى ولا الرابعة وإن جاز. وفي كفاية الثلاثة التلفيقيّة - بأن يشرع من زوال يوم مثلا إلى زوال الرابع - تأمّل وإشكال.
        الخامس: أن يكون في أحدالمساجدالأربعة:المسجدالحرام ومسجدالنبيّ 9 ومسجد الكوفة ومسجد البصرة، وفي غيرها محلّ إشكال؛ فلا يترك الاحتياط في سائر المساجد الجامعة بإتيانه رجاءً ولاحتمال المطلوبيّة. وأمّا غير الجامع كمسجد القبيلة أو السوق فلا يجوز.
        السادس: إذن من يعتبر إذنه، كالمستأجر بالنسبة إلى أجيره الخاصّ إذا وقعت الإجارة بحيث ملك منفعة الاعتكاف، وإلّا فاعتبار إذنه غير معلوم بل معلوم العدم في بعض الفروض، وكالزوج بالنسبة إلى الزوجة إذا كان منافيا لحقّه على إشكال، ولكن لا يترك الاحتياط، والوالدين بالنسبة إلى ولدهما إن كان مستلزما لإيذائهما، ومع عدمه لا يعتبر إذنهما وإن كان أحوط.
        السابع: استدامة اللبث في المسجد؛ فلو خرج عمدا واختيارا لغير الأسباب المبيحة بطل ولو كان جاهلا بالحكم. نعم، لو خرج ناسيا أو مكرها لا يبطل؛ وكذا لو خرج لضرورة عقلا أو شرعا أو عادةً، كقضاء الحاجة من بول أو غائط أو للاغتسال من الجنابة ونحو ذلك. ولا يجوز الاغتسال في المسجد الحرام ومسجد النبيّ 9 ، ويجب عليه التيمّم والخروج للاغتسال، وفي غيرهما أيضا إن لزم منه اللبث أو التلويث، ومع عدم لزومهما جاز، بل هو الأحوط وإن جاز الخروج له.
        مسألة 1 - لا يشترط في صحّة الاعتكاف البلوغ؛ فيصحّ من الصبيّ المميّز على الأقوى.
        مسألة 2 - لا يجوز العدول من اعتكاف إلى اعتكاف آخر وإن اتّحدا في الوجوب والندب، ولا عن نيابة شخص إلى نيابة شخص آخر، ولا عن نيابة غيره إلى نفسه وبالعكس.
        مسألة 3 - يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأوّلين، وبعد تمامهما يجب الثالث، بل يجب الثالث لكلّ اثنين على الأقوى في الثالث الأوّل والثاني أي السادس، وعلى الأحوط في سائرهما. وأمّا المنذور فإن كان معيّنا فلا يجوز قطعه مطلقا، وإلّا فكالمندوب.
        مسألة 4 - لا بدّ من كون الأيّام متّصلة، ويدخل الليلتان المتوسّطتان كما مرّ؛ فلو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام منفصلة أو من دون الليلتين لم ينعقد إن كان المنذور الاعتكاف الشرعيّ؛ وكذا لو نذر اعتكاف يوم أو يومين مقيّدا بعدم الزيادة. نعم، لو لم يقيّده به صحّ ووجب ضمّ يوم أو يومين.
        مسألة 5 - لو نذر اعتكاف شهر يجزيه ما بين الهلالين وإن كان ناقصا، لكن يضمّ إليه حينئذٍ يوما على الأحوط.
        مسألة 6 - يعتبر في الاعتكاف الواحد وحدة المسجد؛ فلا يجوز أن يجعله في المسجدين ولو كانا متّصلين، إلّا أن يعدّا مسجدا واحدا. ولو تعذّر إتمام الاعتكاف في محلّ النيّة لخوف أو هدم ونحو ذلك بطل، ولا يجزيه إتمامه في جامع آخر.
        مسألة 7 - سطوح المساجد وسراديبها ومحاريبها من المساجد، فحكمها حكمها ما لم يُعلم خروجها، بخلاف ما اُضيف إليها كالدهليز ونحوه، فإنّها ليس منها ما لم يُعلم دخولها وجعلها منها. ومن ذلك بقعتا مسلم بن عقيل 7 وهاني؛؛ فإنّ الظاهر أنّهما خارجان عن مسجد الكوفة.
        مسألة 8 - لو عيّن موضعا خاصّا من المسجد محلّاً لاعتكافه لم يتعيّن، ويكون قصده لغوا حتّى في ما لو عيّن السطح دون الأسفل أو العكس، بل التعيين ربما يورث الإشكال في الصحّة في بعض الفروض.
        مسألة 9 - من الضروريّات المبيحة للخروج إقامة الشهادة وعيادة المريض إذا كان له نحو تعلّق به حتّى يعدّ ذلك من الضروريّات العرفيّة؛ وكذا الحال في تشييع الجنازة وتشييع المسافر واستقبال القادم ونحو ذلك وإن لم يتعيّن عليه شي ء من ذلك. والضابط: كلّ ما يلزم الخروج إليه عقلا أو شرعا أو عادةً من الاُمور الواجبة أو الراجحة، سواء كانت متعلّقةً باُمور الدنيا أو الآخرة، حصل ضرر بترك الخروج أو لا. نعم، الأحوط مراعاة أقرب الطرق والاقتصار على مقدار الحاجة والضرورة. ويجب أن لايجلس تحت الظلال مع الإمكان. والأحوط عدم الجلوس مطلقا إلّا مع الضرورة، بل الأحوط أن لا يمشي تحت الظلال وإن كان الأقوى جوازه. وأمّا حضور الجماعة في غير مكّة المعظّمة فمحلّ إشكال.
        مسألة 10 - لو أجنب في المسجد وجب عليه الخروج للاغتسال إذا لم يمكن إيقاعه فيه بلا لبث وتلويث. وقد مرّ حكم المسجدين. ولو ترك الخروج بطل اعتكافه من جهة حرمة لبثه.
        مسألة 11 - لو دفع من سبق إليه في المسجد وجلس فيه فلا يبعد عدم بطلان اعتكافه. وكذا لو جلس على فراش مغصوب؛ كما لا إشكال في الصحّة لو كان جاهلا بالغصب أو ناسيا. ولو فرش المسجد بتراب أو آجر مغصوب: فإن أمكن التحرّز عنه وجب، ولو عصى فلا يبعد الصحّة، وإن لم يمكن فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عنه.
        مسألة 12 - لو طال الخروج في مورد الضرورة بحيث انمحت صورة الاعتكاف بطل.
        مسألة 13 - يجوز للمعتكف أن يشترط حين النيّة الرجوع عن اعتكافه متى شاء حتّى اليوم الثالث لو عرض له عارض وإن كان من الأعذار العرفيّة العاديّة، كقدوم الزوج من السفر. ولا يختصّ بالضرورات الّتي تبيح المحظورات، فهو بحسب شرطه إن عامّا فعامّ وإن خاصّا فخاصّ. وأمّا اشتراط الرجوع بلاعروض عارض فمحلّ إشكال بل منع. ويصحّ للناذر اشتراط الرجوع عن اعتكافه لو عرضه عارض في نذره، بأن يقول: «للّه عليّ أن أعتكف بشرط أن يكون لي الرجوع عند عروض كذا» مثلا، فيجوز الرجوع، ولا يترتّب عليه إثم ولا حنث ولا قضاء، ولا يترك الاحتياط بذكر ذلك الشرط حال الشروع في الاعتكاف أيضا. ولا اعتبار بالشرط المذكور قبل نيّة الاعتكاف ولا بعدها. ولو شرط حين النيّة ثمّ أسقط شرطه فالظاهر عدم سقوطه.

      • القول في أحكام الاعتكاف

         

        القول في أحكام الاعتكاف

        يحرم على المعتكف اُمور:
        منها: مباشرة النساء بالجماع وباللمس والتقبيل بشهوة، بل هي مبطلة للاعتكاف. ولا فرق بين الرجل والمرأة، فيحرم ذلك على المعتكفة أيضا.
        ومنها: الاستمناء على الأحوط.
        ومنها: شمّ الطيب والريحان متلذّذا؛ ففاقد حاسّة الشمّ خارج.
        ومنها: البيع والشراء. والأحوط ترك غيرهما أيضا من أنواع التجارة كالصلح والإجارة وغيرهما. ولو أوقع المعاملة صحّت وترتّب عليها الأثر على الأقوى. ولابأس بالاشتغال بالاُمور الدنيويّة من أصناف المعايش حتّى الخياطة والنساجة ونحوهما وإن كان الأحوط الاجتناب. نعم، لابأس بها مع الاضطرار، بل لا بأس بالبيع والشراء إذا مسّت الحاجة إليهما للأكل والشرب مع عدم إمكان التوكيل، بل مع تعذّر النقل بغير البيع والشراء أيضا.
        ومنها: الجدال على أمر دنيويّ أو دينىّ إذا كان لأجل الغلبة وإظهار الفضيلة؛ فإن كان بقصد إظهار الحقّ وردّ الخصم عن الخطأ فلا بأس به. والأحوط للمعتكف اجتناب ما يجتنبه المحرم، لكنّ الأقوى خلافه، خصوصا لبس المخيط وإزالة الشعر وأكل الصيد وعقد النكاح، فإنّ جميع ذلك جائز له.
        مسألة 1 - لا فرق في حرمة ما سمعته على المعتكف بين الليل والنهار، عدا الإفطار.
        مسألة 2 - يُفسد الاعتكاف كلّ ما يفسد الصوم من حيث اشتراطه به، فبطلانه يوجب بطلانه؛ وكذا يفسده الجماع ولو وقع في الليل، وكذا اللمس والتقبيل بشهوة. ثمّ إنّ الجماع يفسده ولو سهوا؛ وأمّا سائر ما ذكر من المحرّمات فالأحوط في صورة ارتكابها عمدا أو سهوا - وكذا اللمس والتقبيل بشهوة إذا وقعا سهوا - إتمام الاعتكاف وقضاؤه إن كان واجبا معيّنا، واستينافه في غير المعيّن منه إن كان في اليومين الأوّلين، وإتمامه واستينافه إن كان في اليوم الثالث. وإذا أفسده: فإن كان واجبا معيّنا وجب قضاؤه، ولا يجب الفور فيه وإن كان أحوط، وإن كان غيرمعيّن وجب استينافه. وكذا يجب قضاء المندوب إن أفسده بعداليومين، وأمّا قبلهما فلا شي ء عليه، بل في مشروعيّة قضائه إشكال. وإنّما يجب القضاء أو الاستيناف في الاعتكاف الواجب إذا لم يشترط الرجوع فيه بما مرّ، وإلّا فلاقضاء ولا استيناف.
        مسألة 3 - إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع ولو ليلا وجبت الكفّارة. وكذا في المندوب على الأحوط لو جامع من غير رفع اليد عن الاعتكاف؛ وأمّا معه فالأقوى عدم الكفّارة، كما لا تجب في سائر المحرّمات وإن كان أحوط. وكفّارته ككفّارة شهر رمضان وإن كان الأحوط كونها مرتّبةً ككفّارة الظهار.
        مسألة 4 - لو أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع في نهار شهر رمضان فعليه كفّارتان؛ وكذا في قضاء شهر رمضان إذا كان بعد الزوال. وإذا أكره زوجته الصائمة في شهر رمضان: فإن لم تكن معتكفةً فعليه كفّارتان عن نفسه لاعتكافه وصومه، وكفّارة عن زوجته لصومها، وكذا إن كانت معتكفةً على الأقوى، وإن كان الأحوط كفّارةً رابعةً عن زوجته لاعتكافها. ولو كانت مطاوعةً فعلى كلّ منهما كفّارة واحدة إن كان في الليل وكفّارتان إن كان في النهار.

  • كتاب الزكاة
  •  

    كتاب الزكاة

    وهي في الجملة من ضروريّات الدين؛ وإنّ منكرها مندرج في الكفّار بتفصيل مرّ في كتاب الطهارة؛ وقد ورد عن أهل بيت الطهارة: : «أنّ مانعَ قيراطٍ منها ليس من المؤمنين ولا من المسلمين» و «فليمت إن شاء يهوديّا و إن شاء نصرانيّا» و«ما من ذي مالٍ - نخلٍ أو زرعٍ أو كرمٍ - يمنع من زكاة ماله إلّا طوّقه اللّه عزّوجلّ ريعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة» و «ما من عبدٍ منع من زكاة ماله شيئا إلّا جعل اللّه ذلك يوم القيامة ثعبانا من نارٍ مطوّقا في عنقه، ينهش من لحمه حتّى يفرغ من الحساب» إلى غير ذلك ممّا يُبهر العقول.
    وأمّا فضل الزكاة فعظيم وثوابها جسيم. وقد ورد في فضل الصدقة الشاملة لها: أنّ اللّه يُربيها «كما يُربي أحدكم ولده حتّى يلقاه يوم القيامة وهو مثل اُحُدٍ» وأنّها «تدفع ميتة السوء» و «صدقة السرّ تُطفِئ غضب الربّ» إلى غير ذلك.

    • المقصد الأول في زكاة المال
    •  

      وهنا مقصدان

      المقصد الأوّل في زكاة المال

      والكلام في من تجب عليه الزكاة، وفي ما تجب فيه، وفي أصناف المستحقّين لها ومصارفها، وفي أوصافهم.

      • القول فيمن تجب عليه الزكاة

         

        القول في من تجب عليه الزكاة

        مسألة 1 - يشترط في من تجب عليه الزكاة اُمور:
        أحدها: البلوغ؛ فلا تجب على غير البالغ. نعم، لو اتّجر له الوليّ الشرعيّ استُحِبّ له إخراج زكاة ماله كما يُستحبّ له إخراج زكاة غلّاته؛ وأمّا مواشيه فلاتتعلّق بها على الأقوى. والمعتبر: البلوغ أوّل الحول في ما اعتبر فيه الحول، وفي غيره قبل وقت التعلّق.
        ثانيها: العقل؛ فلا تجب في مال المجنون. والمعتبر: العقل في تمام الحول في ما اعتبر فيه، وحال التعلّق في غيره؛ فلو عرض الجنون في ما يعتبر فيه الحول يقطعه، بخلاف النوم، بل والسكر والإغماء على الأقوى. نعم، إذا كان عروض الجنون في زمانٍ قصير ففي قطعه إشكالٌ.
        ثالثها: الحرّيّة؛ فلا زكاة على العبد وإن قلنا بملكه.
        رابعها: الملك؛ فلا زكاة في الموهوب ولا في القرض إلّا بعد قبضهما، ولا في الموصى به إلّا بعد الوفاة والقبول، لاعتباره في حصول الملكيّة للموصى له على الأقوى.
        خامسها: تمام التمكّن من التصرّف؛ فلازكاة في الوقف وإن كان خاصّا، ولا في نمائه إذا كان عامّا وإن انحصر في واحد، ولا في المرهون وإن أمكن فكّه، ولا في المجحود وإن كانت عنده بيّنة يتمكّن من انتزاعه بها أو بيمين، ولا في المسروق، ولا في المدفون الّذي نسي مكانه، ولا في الضالّ، ولا في الساقط في البحر، ولا في الموروث عن غائب ولم يصل إليه أوإلى وكيله، ولافي الدين وإن تمكّن من استيفائه.
        سادسها: بلوغ النصاب. وسيأتي تفصيله إن شاء اللّه تعالى.
        مسألة 2 - لو شكّ في البلوغ حين التعلّق أو في التعلّق حين البلوغ لم يجب الإخراج؛ وكذا الحال في الشكّ في حدوث العقل في زمان التعلّق مع كونه مسبوقا بالجنون؛ ولوكان مسبوقابالعقل وشكّ في طروءالجنون حال التعلّق وجب الإخراج.
        مسألة 3 - يعتبر تمام التمكّن من التصرّف في ما يعتبر فيه الحول في تمام الحول؛ فإذا طرأ ذلك في أثناء الحول ثمّ ارتفع انقطع الحول ويحتاج إلى حول جديد. وفي ما لا يعتبر فيه الحول ففي اعتباره حال تعلّق الوجوب تأمّل وإشكال، والأقوى ذلك، والأحوط العدم.
        مسألة 4 - ثبوت الخيار لغير المالك لايمنع من تعلّق الزكاة، إلّا في مثل الخيار المشروط بردّ الثمن ممّا تكون المعاملة مبنيّةً على إبقاء العين؛ فلو اشترى نصابا من الغنم وكان للبائع الخيار جرى في الحول من حين العقد، لا من حين انقضائه.
        مسألة 5 - لا تتعلّق الزكاة بنماء الوقف العامّ قبل أن يقبضه من ينطبق عليه عنوان الموقوف عليه؛ وأمّا بعدالقبض فهوكسائرأمواله تتعلّق به مع اجتماع شرائطه.
        مسألة 6 - زكاة القرض على المقترض بعد القبض وجريان الحول عنده. وليس على المقرض والدائن شي ء قبل أن يستوفي طلبه؛ فلو لم يستوفه ولو فرارا من الزكاة لم تجب عليه.
        مسألة 7 - لو عرض عدم التمكّن من التصرّف بعد تعلّق الوجوب أو بعد مضيّ الحول متمكّنا فقد استقرّ وجوب الزكاة، فيجب عليه الأداء إذا تمكّن؛ ولو تمكّن بعد ما لم يكن متمكّنا وقد مضى عليه سنون جرى في الحول من حينه. واستحباب الزكاة لسنة واحدة إذا تمكّن بعد السنين محلّ إشكال، فضلا عمّا تمكّن بعد مضيّ سنة واحدة.
        مسألة 8 - لو كان المال الزكويّ مشتركا بين اثنين أو أزيد تعتبر الحصص لاالمجموع، فكلّ من بلغت حصّته حدّ النصاب وجبت عليه الزكاة، دون من لم تبلغ حصّته النصاب.
        مسألة 9 - لو استطاع الحجّ بالنصاب: فإن تمّ الحول أو تعلّق الوجوب قبل وقت سير القافلة والتمكّن من الذهاب وجبت الزكاة، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب الحجّ، وإلّا فلا؛ وإن كان تمام الحول بعد زمان سير القافلة وأمكن صرف النصاب أو بعضه في الحجّ وجب، فإن صرفه فيه سقط وجوب الزكاة، وإن عصى ولم يحجّ وجبت الزكاة بعد تمام الحول؛ وإن تقارن خروج القافلة مع تمام الحول أو تعلّق الوجوب وجبت الزكاة دون الحجّ.
        مسألة 10 - تجب الزكاة على الكافر وإن لم تصحّ منه لو أدّاها. نعم، للإمام(عليه السلام) أو نائبه أخذها منه قهرا، بل له أخذ عوضها منه لو كان أتلفها أو تلفت عنده على الأقوى. نعم، لو أسلم بعد ما وجبت عليه سقطت عنه وإن كانت العين موجودةً على إشكال. هذا لو أسلم بعد تمام الحول. وأمّا لو أسلم ولو بلحظة قبله فالظاهر وجوبها عليه.

      • القول فيما تجب فيه الزكاة وما تستحب
      •  

        القول في ما تجب فيه الزكاة وما تستحبّ

        مسألة 1- تجب الزكاة في الأنعام الثلاثة: الإبل والبقر والغنم، وفي النقدين: الذهب والفضّة، وفي الغلّات الأربع: الحنطة والشعير والتمر والزبيب. ولاتجب في ما عدا هذه التسعة. وتستحبّ في الثمار وغيرها ممّا أنبتت الأرض حتّى الإشنان،دون الخضر والبقول كالقتّ والباذنجان والخيار والبطّيخ ونحو ذلك. واستحبابها في الحبوب لايخلو من إشكال؛ وكذا في مال التجارة والخيل الإناث. وأمّا الخيل الذكور وكذا البغال والحمير فلا تستحبّ فيها. والكلام في التسعة المزبورة الّتي تجب فيها الزكاة يقع في ثلاثة فصول:

        • الفصل الأول في زكاة الأنعام
        •  

          الأوّل في زكاة الأنعام

          وشرائط وجوبها مضافا إلى الشرائط العامّة السابقة أربعة: النصاب، والسوم، والحول، وأن لاتكون عوامل.

          • القول في النصاب

             

            القول في النصاب

            مسألة 1 - في الإبل اثنا عشر نصابا: خمس، وفيها شاة؛ ثمّ عشر، وفيها شاتان؛ ثمّ خمس عشرة، وفيها ثلاث شياه؛ ثمّ عشرون، وفيها أربع شياه؛ ثمّ خمس وعشرون، وفيها خمس شياه؛ ثمّ ستّ وعشرون، وفيها بنت مخاض؛ ثمّ ستّ وثلاثون، وفيها بنت لبون؛ ثمّ ستّ وأربعون، وفيها حِقّة؛ ثمّ إحدى وستّون، وفيها جَذَعَة؛ ثمّ ستّ وسبعون، وفيها بنتا لبون؛ ثمّ إحدى وتسعون، وفيها حِقّتان؛ ثمّ مائة وإحدى وعشرون، ففي كلّ خمسين حِقّة وفي كلّ أربعين بنت لبون، بمعنى وجوب مراعاة المطابق منهما، ولو لم تحصل المطابقة إلّا بهما لوحظا معا، ويتخيّر مع المطابقة بكلّ منهما أو بهما، وعلى هذا لايتصوّر صورة عدم المطابقة، بل هي حاصلة في العقود بأحد الوجوه المزبورة.
            نعم، في ما اشتمل على النيف -وهو ما بين العقدين من الواحد إلى التسعة- لاتتصوّر المطابقة، فتراعى على وجه يستوعب الجميع ما عدا النيف؛ ففي مائة وإحدى وعشرين تُحسب ثلاث أربعينات، وتُدفع ثلاث بنات لبون؛ وفي مائة وثلاثين تُحسب أربعينان وخمسون، فتُدفع بنتا لبون وحِقّة؛ وفي مائة وأربعين تُحسب خمسينان وأربعون، فتُدفع حِقّتان وبنت لبون؛ وفي مائة وخمسين تُحسب ثلاث خمسينات، فتُدفع ثلاث حِقق؛ وفي مائة وستّين تُحسب أربع أربعينات، وتُدفع أربع بنات لبون؛ وهكذا إلى أن يبلغ مائتين، فيتخيّر بين أن تُحسب خمس أربعينات ويُعطى خمس بنات لبون وأن تُحسب أربع خمسينات ويعطى أربع حِقق.
            وفي البقر - ومنه الجاموس - نصابان: ثلاثون وأربعون، وفي كلّ ثلاثين تَبيع أو تبيعة، وفي كلّ أربعين مُسِنّة. ويجب مراعاة المطابقة هنا في ما تُمكن؛ ففي ثلاثين تبيع أو تبيعة وفي أربعين مُسنّة. وليس إلى ستّين شي ء؛ فإذا بلغ الستّين فلايتصوّر عدم المطابقة في العقود إذا لوحظ ثلاثون ثلاثون أو أربعون أربعون أو هما معا؛ ففي الستّين يعدّ بالثلاثين ويدفع تبيعان؛ وفي السبعين يعدّ بالثلاثين والأربعين فيدفع تبيع ومُسنّة؛ وفي الثمانين يحسب أربعينان ويدفع مُسنّتان؛ وفي التسعين يحسب ثلاث ثلاثينات ويدفع ثلاث تبيعات؛ وفي المائة يحسب ثلاثونان وأربعون ويدفع تبيعان ومُسنّة؛ وفي المائة والعشر يحسب أربعونان وثلاثون؛ وفي المائة والعشرين يتخيّربين أن يحسب أربع ثلاثينات أو ثلاث أربعينات.
            وفي الغنم خمسة نصب: أربعون، وفيها شاة؛ ثمّ مائة وإحدى وعشرون، وفيها شاتان؛ ثمّ مائتان وواحدة، وفيها ثلاث شياه؛ ثمّ ثلاثمائة وواحدة، وفيها أربع شياه على الأحوط. والمسألة مشكلة جدّا؛ ثمّ أربعمائة فصاعدا ففي كلّ مائة شاة بالغا مابلغ.
            مسألة 2 - تجب الزكاة في كلّ نصاب من النصب المذكورة، ولا تجب في ما نقص عن النصاب؛ كما لايجب في ما بين النصابين شي ء غير ما وجب في النصاب السابق، بمعنى أنّ ما وجب في النصاب السابق يتعلّق بما بين النصابين إلى النصاب اللاحق، فما بين النصابين عفو، بمعنى عدم تعلّق شي ء به أكثر ممّا تعلّق بالنصاب السابق، لا بمعنى عدم تعلّق شي ء به رأسا.
            مسألة 3 - بنت المخاض: ما دخلت في السنة الثانية، وكذا التبيع والتبيعة. وبنت اللبون: ما دخلت في الثالثة، وكذا المُسنّة. والحِقّة: ما دخلت في الرابعة. والجَذَعة: ما دخلت في الخامسة.
            مسألة 4 - من وجب عليه من الإبل كبنت المخاض - مثلا - ولم تكن عنده وكان عنده أعلى منها بسنّ كبنت اللبون دفعها وأخذ شاتين أو عشرين درهما؛ وإن كان ماعنده أخفض بسنّ دفعها ودفع معها شاتين أوعشرين درهما. ولا يجزي ابن اللبون عن بنت المخاض اختيارا على الأقوى. نعم، إذا لم يكونا معا عنده تخيّر في شراء أيّهما شاء، لكن لاينبغي ترك الاحتياط بشراء بنت المخاض.
            مسألة 5 - لا يضمّ مال شخص إلى غيره وإن كان مشتركا أو مختلطا متّحد المسرح والمراح والمشرب والفحل والحالب والمحلب؛ بل يعتبر في كلّ واحد منهما بلوغ النصاب ولو بتلفيق الكسور. ولا يفرق بين مالي المالك الواحد ولو تباعد مكانهما.

          • القول في السوم أي الرعى

             

            القول في السوم أي الرعي

            مسألة 1- يعتبر السوم تمام الحول؛ فلو علفت في أثنائه بما يخرجها عن اسم السائمة في الحول عرفا فلا زكاة. نعم، لا يقدح بمثل يوم أو يومين، بل عدم قدح أيّام قلائل إذا كانت متفرّقةً جدّا غير بعيد.
            مسألة 2 - لافرق في سقوط الزكاة في المعلوفة بين أن تعلف بنفسها أو علفها مالكها أو غيره من ماله أو من مال المالك بإذنه أولا؛ كما لافرق بين أن يكون بالاختيار أو للاضطرار أو لوجود مانع عن السوم من ثلج ونحوه؛ وكذا لافرق بين أن يعلفها بالعلف المجزور أو يرسلها لترعى بنفسها في الزرع المملوك، فإنّها تخرج عن السوم بذلك كلّه. نعم، الظاهر عدم خروجها عن صدق السوم باستيجار المرعى أو بشرائه إذا لم يكن مزروعا. ثمّ إنّ ما يخلّ به هو الرعي في الأراضي المعدّة للزرع إذا كان مزروعا على النحو المتعارف المألوف؛ وأمّا لو فرض بذر البذور الّتي هي من جنس كلأ المرعى في المراتع من غير عمل في نمائها فلا يبعد عدم إخلاله بالسوم مع الرعي فيها. وكذا لاتخرج عنه بما يدفع إلى الظالم على الرعي في الأرض المباحة.

          • القول في الحول

             

            القول في الحول

            مسألة 1 - يتحقّق الحول بتمام الأحد عشر. والظاهر أنّ الزكاة تنتقل إلى أربابها بحلول الشهر الثاني عشر، فتصير ملكا متزلزلا لهم فيتبعه الوجوب غيرالمستقرّ، فلا يجوز للمالك التصرّف في النصاب تصرّفا مُعدما لحقّهم، ولو فعل ضمن. نعم، لو اختلّ أحد الشروط من غير اختيار - كأن نقص من النصاب بالتلف في خلال الشهر الثاني عشر - يرجع الملك إلى صاحبه الأوّل وينقطع الوجوب. والأقوى احتساب الشهر الثاني عشر من الحول الأوّل لا الثاني، وأمّا الشهر الأحدعشر فكما ينقطع الحول باختلال أحد الشروط فيه بغير اختيار جاز له التصرّف في النصاب بما يوجب اختلالها، بأن عاوضها بغير جنسها وإن كان زكويّا، أو بجنسها كغنم سائمة ستّة أشهر بغنم، أو بمثلها كالضأن بالضأن أو غير ذلك، بل الظاهر بطلان الحول بذلك وإن فعله فرارا من الزكاة.
            مسألة 2 - لو كان مالكا للنصاب لا أزيد فحال عليه أحوال فإن أخرج في كلّ سنة زكاته من غيره تكرّرت، لبقاء النصاب حينئذٍ وعدم نقصانه. نعم، لو أخّر إخراج الزكاة عن آخر الحول ولو بزمان يسير - كما هو الغالب - يتأخّر مبدأ الحول اللاحق عن تمام الحول السابق بذلك المقدار، فلايجري النصاب في الحول الجديد إلّا بعد إخراج زكاته من غيره؛ ولو أخرج زكاته منه أو لم يخرج أصلا ليس عليه إلّا زكاة سنة واحدة. ولو كان مالكا لما زاد عن النصاب ومضى عليه أحوال ولم يؤدّ زكاته تجب عليه زكاة ما مضى من السنين بما زاد على تلك الزيادة بواحد؛ فلو كان عنده واحدة وأربعون من الغنم ومضى عليه أحوال ولم يؤدّ زكاتها تجب عليه زكاة سنتين؛ ولو كان عنده اثنتان وأربعون تجب عليه زكاة ثلاث سنين وهكذا، ولا تجب في ما زاد، لنقصانه عن النصاب.
            مسألة 3 - مالك النصاب إذا حصل له في أثناء الحول ملك جديد بالنتاج أو بالإرث أو الشراء ونحوها: فإن كان بمقدار العفو ولم يكن نصابا مستقلّاً ولا مكمّلا لنصاب آخر فلا شي ء عليه، كما إذا كانت عنده أربعون من الغنم فولدت أربعين، أو خمس من الإبل فولدت أربعا؛ وأمّا لو كان نصابا مستقلّاً كما لو ملك في أوّل السنة خمسا من الإبل وبعد ستّة أشهر ستّا وعشرين، أو مكمّلا لنصاب آخر بأن كان بمقدار لو انضمّ إلى الأصل بعد إخراج الفريضة خرج من ذلك النصاب ودخل في نصاب آخر (كما لو ولدت أحد وثلاثون من البقر عشرا أو ثلاثون منه أحد عشر، ومنه ما إذا ملك خمسا من الإبل ثمّ ملك بعد ستّة أشهر -مثلا- خمسا فإنّ تلك الخمس مكمّلة للخمس السابقة وليست مستقلّةً، فالخمس نصاب والعشر نصاب واحد آخر لانصابان، وخمس عشرة نصاب واحد فيه ثلاث شياه) ففي الأوّل يعتبر لكلّ من القديم والجديد حول بانفراده، ففي المثال المتقدّم يجب عليه في آخر سنة الخمس شاة، وفي آخر سنة الجديد بنت مخاض، ثمّ يترك سنة الخمس ويستأنف للمجموع حولا، وكذا لو ملك في أثناء السنة نصابا مستقلّاً كستّ وثلاثين وستّ وأربعين وهكذا، ويكون مبدأ حول النتاج أو الملك الجديد حصول الأخير الّذي يكمل به النصاب لو كان التحقّق متفرّقا؛ وفي الثاني يستأنف حولا واحدا للمجموع بعد تمام حول الأصل، ويكون مبدأ حول المجموع عند زمان انتهاء حول الأصل، وليس مبدأ حول النتاج حين الاستغناء عن اللبن بالرعي حتّى في ما إذا كانت اُمّها معلوفةً على الأقوى.

          • القول في الشرط الاخير

             

            القول في الشرط الأخير

            مسألة - يعتبر فيها أن لا تكون عوامل في تمام الحول؛ فلو كانت كذلك ولو في بعضه فلا زكاة فيها وإن كانت سائمةً. والمرجع في صدق العوامل العرف.

          • بقى الكلام فيما يؤخذ في الزكاة

             

            بقي الكلام في ما يؤخذ في الزكاة

            مسألة 1 - لايؤخذ المريضة من نصاب السليم، ولا الهرمة من نصاب الشابّ، ولا ذات العوار من نصاب الصحيح وإن عُدّت منه؛ أمّا لو كان النصاب بأجمعه مريضا بمرض متّحد لم يكلّف شراء صحيحة، وأجزأت مريضة منها؛ ولو كان بعضه صحيحا وبعضه مريضا فالأحوط لو لم يكن أقوى إخراج صحيحة من أواسط الشياه من غير ملاحظة التقسيط. وكذا لاتؤخذ الرُبّى - وهي الشاة الوالدة - إلى خمسة عشر يوما وإن بذلها المالك، إلّا إذا كان النصاب كلّه كذلك، ولا الأكولة وهي السمينة المعدّة للأكل، ولا فحل الضراب، بل لا يعدّ المذكورات من النصاب على الأقوى وإن كان الأحوط عدّها منه.
            مسألة 2 - الشاة المأخوذة في الزكاة في الغنم والإبل وفي الجبر: ما كمل له سنة ودخل في الثانية إن كان من الضأن، وما دخل في الثالثة إن كان من المعز، وهو أقلّ مايراد منها. ويجزي الذكر عن الاُنثى وبالعكس،والمعز عن الضأن وبالعكس، لأنّهماجنس واحدفي الزكاةكالبقروالجاموس،والإبل العراب والبَخاتيّ.
            مسألة 3 - لو كان للمالك أموال متفرّقة في أماكن مختلفة كان له إخراج الزكاة من أيّها شاء، ولا يتعيّن عليه أن يدفع من النصاب ولا من جنس ما تعلّقت به الزكاة، بل له أن يدفع قيمتها السوقيّة من الدراهم والدنانير، بل وغيرهما من سائر الأجناس إن كان خيرا للفقراء، وإلّا ففيه تأمّل وإن لا يخلو من وجه. والإخراج من العين أفضل. والمدار في القيمة قيمة وقت الأداء والبلد الّذي هي فيه لو كانت العين موجودة، ولو كانت تالفةً بالضمان فالظاهر أنّ المدار قيمة يوم التلف وبلده، والأحوط أكثر الأمرين من ذلك ومن يوم الأداء وبلده.

        • الفصل الثاني في زكاة النقدين

           

          الفصل الثاني في زكاة النقدين

          ويعتبر فيها - مضافا إلى ما عرفت من الشرائط العامّة - اُمور:
          الأوّل: النصاب. وهو في الذهب عشرون دينارا، وفيه عشرة قراريط هي نصف الدينار. والدينار مثقال شرعيّ، وهو ثلاثة أرباع الصيرفيّ، فيكون العشرون دينارا خمسة عشر مثقالا صيرفيّا، وزكاته ربع المثقال وثمنه. ولا زكاة في ما دون عشرين، ولا في ما زاد عليها حتّى يبلغ أربعة دنانير -وهي ثلاثة مثاقيل صيرفيّة- ففيها قيراطان، إذ كلّ دينار عشرون قيراطا؛ وهكذا كلّ ما زاد أربعة؛ وليس في ما نقص عن أربعة دنانير شي ء، لكن لا بمعنى عدم تعلّق الزكاة به رأسا كما قبل العشرين، بل المراد بالعفو عمّا بين النصابين هو أنّ ما زاد عن نصاب إلى أن بلغ نصابا آخر متعلّق للفرض السابق؛ فالعشرون مبدأ النصاب الأوّل إلى أربعة وعشرين، وهو متعلّق للفرض الأوّل أي نصف الدينار، فإذا بلغت أربعةً وعشرين زاد قيراطان إلى ثمانية وعشرين، فزاد قيراطان وهكذا.
          ونصاب الفضّة مائتا درهم، وفيه خمس دراهم، ثمّ كلّما زاد أربعين كان(۱) فيها درهم بالغا ما بلغ، وليس في ما دون المائتين شي ء، وكذا في ما دون الأربعين، لكن بالمعنى المتقدّم في الذهب. والدرهم ستّة دوانيق عبارة عن نصف مثقال شرعيّ وخمسه، لأنّ كلّ عشرة دراهم سبعة مثاقيل شرعيّة.
          فائدة: الضابط الكلّيّ في تأدية زكاة النقدين أنّهما بعد ما بلغا حدّ النصاب -أعني عشرين دينارا أو مائتي درهم- يعطي من كلّ أربعين واحدا فقد أدّى ما وجب عليه وإن زاد على المفروض في بعض الصور بقليل، ولا بأس به، بل أحسن وزاد خيرا.
          الثاني: كونهما منقوشين بسكّة المعاملة من سلطان أو شبهه - ولو في بعض الأزمنة والأمكنة - بسكّة الإسلام أو الكفر بكتابة أو غيرها ولو صارا ممسوحين بالعارض؛ وأمّا الممسوحان بالأصل فلا تجب فيهما، إلّا إذا كانا رائجين فتجب على الأحوط. ولو اتّخذ المسكوك حليةً للزينة - مثلا - فلاتجب الزكاة فيه، زاده الاتّخاذ في القيمة أو نقصه، كانت المعاملة على وجهها ممكنةً أولا.
          الثالث: الحول. ويعتبر أن يكون النصاب موجودا فيه أجمع؛ فلو نقص عنه في أثنائه أو تبدّلت أعيان النصاب بجنسه أو غيره أو بالسبك ولو بقصد الفرار لم تجب فيه زكاة وإن استحبّت في هذه الصورة، بل هو الأحوط. نعم، لو كان السبك بعد وجوب الزكاة بحول الحول لم تسقط.
          مسألة 1 - يُضمّ الدراهم والدنانير بعضها إلى بعض بالنسبة إلى تحقّق النصاب وإن اختلف من حيث الاسم والسكّة، بل من حيث القيمة واختلاف الرغبة؛ فيضمّ القِران الإيرانيّ إلى المجيديّ والروپية، بل يُضمّ الرائج الفعليّ إلى المهجور؛ وأمّا بالنسبة إلى إخراج الزكاة فإن تطوّع المالك بالإخراج من الأرغب والأكمل فقد أحسن وزاد خيرا، وإلّا أخرج من كلّ بقسطه ونسبته على الأقوى، ولا يجوز الاجتزاء بالفرد الأدون عن الجميع.
          مسألة 2 - الدراهم المغشوشة بما يخرجها عن اسم الفضّة الخالصة ولو الرديّة لا زكاة فيها حتّى بلغ خالصها النصاب. ولو شكّ فيه ولم يكن طريق إلى التعرّف لم تجب الزكاة. والأحوط التصفية ونحوها للاختبار وإن كان الأقوى عدم وجوبه.
          مسألة 3 - لو أخرج المغشوشة زكاةً عن الخالصة أو المغشوشة: فإن علم بأنّ ما فيها من الخالصة بمقدار الفريضة فهو، وإلّا فلابدّ من تحصيل العلم بذلك ولو بإعطاء مقدار يعلم بأنّ ما فيه من الخالصة ليس بأنقص منها.
          مسألة 4 - لو ملك النصاب ولم يعلم هل فيه غشّ أم لا؟ فالأقوى عدم وجوب شي ء وإن كان الأحوط التزكية.
          مسألة 5 - لو اقترض النصاب وتركه بحاله عنده حتّى حال عليه الحول يكون زكاته عليه لاعلى المقرض، بل لو شرط كونها عليه لم يلزم الشرط إذا كان المقصود وجوبها عليه. نعم، لو شرط عليه التبرّع عنه بأداء ما وجب عليه يلزمه، ولو لم يف المقرض بالشرط لم تسقط عن المقترض، بل يجب عليه أداؤها.


          هكذا في جميع الطبعات، لكنّ الظاهر أنّ الصحيح «أربعون»
        • الفصل الثالث في زكاة الغلات
        •  

          الفصل الثالث في زكاة الغلّات

          وقد تقدّم أنّه لاتجب الزكاة إلّا في أربعة أجناس: أي الحنطة والشعيرو التمر والزبيب. ولا يلحق السُلت - الّذي هو كالشعير في طبعه على ما قيل وكالحنطة في ملاسته وعدم قشره - بالشعير، فلا تجب فيها الزكاة وإن كان أحوط. ولا يترك الاحتياط بإلحاق العَلس بالحنطة. ولا تجب في غيرها وإن استحبّت في بعض الأشياء كما مرّ. وحكم ما تستحبّ فيه حكم ما تجب فيه من اعتبار بلوغ النصاب ومقدار ما يخرج منه ونحو ذلك.

          • ويقع الكلام في زكاة الغلات في مطالب
            • المطلب الأول

               

              المطلب الأوّل

              يعتبر فيها أمران:
              الأوّل: بلوغ النصاب. وهو خمسة أوسق، والوسق ستّون صاعا، فهو ثلاثمائة صاع، والصاع تسعة أرطال بالعراقيّ، وستّة بالمدنيّ، لأنّه أربعة أمداد، والمدّ رطلان وربع بالعراقيّ، ورطل ونصف بالمدنيّ، فيكون النصاب ألفين وسبعمائة رطل بالعراقيّ، وألفا وثمانمائة رطل بالمدنيّ. والرطل العراقيّ مائة وثلاثون درهما عبارة عن أحد وتسعين مثقالا شرعيّا وثمانية وستّين مثقالا وربع مثقال صيرفيّ؛ وبحسب حُقّة النجف - الّتي هي عبارة عن تسعمائة وثلاثة وثلاثين مثقالا صيرفيّا وثلث مثقال - ثماني وزنات وخمس حُقق ونصف إلّا ثمانية وخمسين مثقالا وثلث مثقال؛ وبحُقّة الإسلامبول - وهي مائتان وثمانون مثقالا - سبع وعشرون وزنة وعشر حُقق وخمسة وثلاثون مثقالا؛ وبالمنّ الشاهيّ المتداول في بعض بلاد إيران - الّذي هو عبارة عن ألف ومائتي مثقال وثمانين مثقالا صيرفيّا - مائة منٍ ّ وأربعة وأربعون منّا إلّا خمسة وأربعين مثقالاً صيرفيّا؛ وبالمنّ التبريزيّ المتداول في بعض بلاد إيران مائتان وثمانية وثمانون منّا إلّا خمسة وأربعين مثقالا صيرفيّا؛ وبالكيلو المتعارف في هذا العصر (۲۰۷/847) تقريبا؛ فلا زكاة في الناقص عن النصاب ولو يسيرا، كما أنّه تجب في النصاب ومازاد عليه ولو يسيرا.
              مسألة 1 - المدار في بلوغ النصاب ملاحظة حال الجفاف وإن كان زمان التعلّق قبل ذلك؛ فلو كان عنده خمسة أوسق من الرطب لكن ينقص عنها حال الجفاف فلا زكاة، حتّى أنّ مثل البربن وشبهه ممّا يؤكل رطبا إنّما تجب الزكاة فيه إذا بلغ النصاب تمرا وإن قلّ التمر منه؛ ولو فرض عدم صدق التمر على يابسه لم تجب الزكاة.
              مسألة 2 - إذا كان له نخيل أو كروم أو زروع في بلاد متباعدة يدرك بعضها قبل بعض ولو بشهر أو شهرين أو أكثر يضمّ بعضها إلى بعض بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد؛ وحينئذٍ إن بلغ ما أدرك منه النصاب تعلّق الوجوب به وأخرج ما هو فريضته، وما لم يدرك يجب ما هو فريضته عند إدراكه قلّ أو كثر، وإن لم يبلغ النصاب ما سبق إدراكه تربّص حتّى يدرك ما يكمل النصاب. ولو كان له نخل يطلع أو كرم يثمر في عام مرّتين ضمّ الثاني إلى الأوّل على إشكال.
              الأمر الثاني: التملّك بالزراعة إن كان ممّا يزرع، أو انتقال الزرع أو الثمرة -مع الشجرة أو منفردةً- إلى ملكه قبل تعلّق الزكاة؛ فتجب عليه الزكاة على الأقوى في ما إذا نمت مع ذلك في ملكه، وعلى الأحوط في غيره.
              مسألة 3 - المشهور عند المتأخّرين أنّ وقت تعلّق الزكاة عند اشتداد الحبّ في الزرع وحين بدوّ الصلاح أعني حين الاصفرار أو الاحمرار في ثمرة النخل، وعند انعقاد الحصرم في ثمرةالكرم. والأقوى أنّ المدار هو التسمية حنطةً أو شعيرا أوتمرا. ولا يترك الاحتياط في الزبيب في الثمرة المترتّبة على القولين في المسألة.
              مسألة 4 - وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلّة واجتذاذ التمر واقتطاف الزبيب. وهذا هو الوقت الّذي لو أخّرها عنه ضمن، ويجوز للساعي مطالبة المالك فيه ويلزمه القبول؛ ولو طالبه قبله لم يجب عليه القبول. وفي جواز الإخراج في هذا الحال إشكال، بل الأقوى عدمه لو انجرّ الإخراج إلى الفساد ولو قلنا بأنّ وقت التعلّق حين بدوّ الصلاح.
              مسألة 5 - لو أراد المالك الاقتطاف حصرما أو عنبا أوبسرا أو رطبا جاز، ووجب أداء الزكاة على الأحوط من العين أو القيمة بعد فرض بلوغ تمرها وزبيبها النصاب وإن كان الأقوى عدم الوجوب.
              مسألة 6 - يجوز للمالك دفع الزكاة والثمر على الشجر قبل الجذاذ وبعد التعلّق من نفس الثمر أو قيمته.
              مسألة 7 - لو ملك نخلا أو كرما أو زرعا قبل زمان التعلّق فالزكاة عليه في ما نمت مع ذلك في ملكه على الأقوى، وفي غيره على الأحوط كما مرّ، فيجب عليه إخراج الزكاة بعد التعلّق مع اجتماع الشرائط؛ بخلاف ما إذا ملك بعد زمان التعلّق، فإنّ الزكاة على من انتقل عنه ممّن كان مالكا حال التعلّق. ولو باعه - مثلا - قبل أداء ما عليه فهو فضوليّ بالنسبة إلى حصّة الزكاة يحتاج إلى إجازة الحاكم، فإن أجاز ردّ الثمن إليه بالنسبة ورجع إلى البائع به، وإن ردّه أدّى الزكاة، وله الرجوع إلى البائع بثمنه بالنسبة. هذا إذا أحرز عدم التأدية؛ ومع إحرازها أو احتمالها لاشي ء عليه.
              مسألة 8 - لو باع الزرع أو الثمر وشكّ في أنّ البيع كان بعد زمان التعلّق حتّى تكون الزكاة عليه أو قبله حتّى تكون على المشتري لم يكن عليه شي ء إلّا إذا علم زمان التعلّق وجهل زمان البيع، فيجب عليه حينئذٍ إخراجها على الأقوى. ولو شكّ المشتري في ذلك: فإن كان قاطعا بأنّ البائع لم يؤدّ زكاته على تقدير كون الشراء بعد زمان التعلّق يجب عليه إخراجها مطلقا، على الأحوط في ما إذا احتمل أنّ الشراء في زمان تمّ نماء الزرع ولم ينم في ملكه، وعلى الأقوى في غيره، وإن لم يكن قاطعا بذلك بل كان قاطعا بأدائها على ذلك التقدير أو احتمله ليس عليه شي ء مطلقا، حتّى في ما إذا علم زمان البيع وشكّ في تقدّم التعلّق وتأخّره على الأقوى وإن كان الأحوط في هذه الصورة إخراجها.
              مسألة 9 - لو مات المالك بعد تعلّق الزكاة وقبل إخراجها تخرج من عين ما تعلّقت به الزكاة إن كان موجودا، ومن تركته إن تلف مضمونا عليه. نعم، لورثته أداء قيمة الزكويّ مع بقائه أيضا. ولو مات قبله وجبت على من بلغ سهمه النصاب من الورثة مع اجتماع سائر الشرائط، على الأحوط في ما إذا انتقل إليهم بعد تمام نموّه وقبل تعلّق الوجوب، وعلى الأقوى إذا كان الانتقال قبل تمامه؛ فإذا لم يبلغ سهم واحد منهم النصاب أو اختلّ بعض شروط اُخر فلا زكاة. ولو لم يعلم أنّ الموت كان قبل التعلّق أو بعده فمن بلغ سهمه النصاب يجب عليه إخراج زكاة حصّته، على الأقوى في بعض الصور، وعلى الأحوط في بعض، ومن لم يبلغ نصيبه حدّ النصاب لا يجب عليه شي ء، إلّا إذا علم زمان التعلّق وشكّ في زمان الموت فتجب على الأقوى.
              مسألة 10 - لو مات الزارع أو مالك النخل والكرم وكان عليه دين: فإن كان موته بعد تعلّق الوجوب وجب إخراج الزكاة - كما مرّ - حتّى في ما إذا كان الدين مستوعبا للتركة، ولا يتحاصّ الغرماء مع أرباب الزكاة، إلّا إذا صارت في ذمّته في زمان حياته بسبب إتلافه أو التلف مع التفريط، فيقع التحاصّ بينهم كسائر الديون؛ وإن كان موته قبل تعلّق الوجوب: فإن كان قبل ظهور الحبّ والثمر فمع استيعاب الدين التركة وكونه زائدا عليها - بحيث يستوعب النماءات أيضا - لا تجب على الورثة الزكاة، بل تكون كأصل التركة بحكم مال الميّت على الأقوى يؤدّى منها دينه، ومع استيعابه التركة وعدم زيادته عليها لو ظهرت الثمرة بعد الموت يصير مقدار الدين بعد ظهورها من التركة أصلا ونماءً بحكم مال الميّت بنحو الإشاعة بينه وبين الورثة، ولا تجب الزكاة في ما يقابله، ويحسب النصاب بعد توزيع الدين على الأصل والثمرة، فإن زادت حصّة الوارث من الثمرة بعد التوزيع وبلغت النصاب تجب الزكاة عليه، ولو تلف بعض الأعيان من التركة يكشف عن عدم كونه ممّا يؤدّى منه الدين وعدم كونه بحكم مال الميّت، وكان ماله في ما سوى التالف واقعا. ومنه يظهر الحال لو كان الموت بعد ظهوره وقبل تعلّق الوجوب. نعم، الاحتياط بالإخراج مع الغرامة للديّان أو استرضائهم مطلقا حسن، سيّما في ما كان الموت قبل ظهوره. ولو كان الورثة قد أدّوا الديون أوضمنوه برضا الديّان قبل تعلّق الوجوب وجبت الزكاة على من بلغ سهمه النصاب مع اجتماع الشرائط.
              مسألة 11 - في المزارعة والمساقاة الصحيحتين حيث إنّ الحاصل مشترك بين المالك والعامل تجب على كلّ منهما الزكاة في حصّته مع اجتماع الشرائط بالنسبة إليه؛ بخلاف الأرض المستأجرة للزراعة، فإنّ الزكاة على المستأجر مع اجتماع الشرائط، وليس على الموجر شي ء وإن كانت الاُجرة من الجنس الزكويّ.
              مسألة 12 - في المزارعة الفاسدة تكون الزكاة على صاحب البذر، واُجرة الأرض والعامل من المُؤَن. وفي المساقاة الفاسدة تكون الزكاة على صاحب الاُصول، وتحسب اُجرة مثل عمل المساقي من المُؤَن.
              مسألة 13 - لو كان عنده أنواع من التمر - كالزاهديّ والخستاويّ والقنطار وغيرذلك - يضمّ بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب. والأحوط الدفع من كلّ نوع بحصّته وإن كان الأقوى جواز الاجتزاء بمطلق الجيّد عن الكلّ وإن اشتمل على الأجود. ولا يجوز دفع الردي ء عن الجيّد على الأحوط. وهكذا الحال في أنواع العنب.
              مسألة 14 - يجوز تقبّل كلّ من المالك والحاكم أو من يبعثه حصّة الآخر بخرص أهل الخبرة. والظاهر أنّ التخريص هاهنا كالتخريص في المزارعة ممّا وردت فيها النصوص، وهو معاملة عقلائيّة برأسها، وفائدتها صيرورة المال المشاع معيّنا على النحو الكلّيّ في المعيّن في مال المتقبّل. ولابدّ في صحّتها وقوعها بين المالك ووليّ الأمر، وهو الحاكم أو من يبعثه لعمل الخرص؛ فلا يجوز للمالك الاستبداد بالخرص والتصرّف بعده كيف شاء. نعم، بعد التقبّل بالتخريص مع الوالي يجوز له التصرّف بما شاء، من دون احتياج إلى الضبط والحساب. ويشترط فيه الصيغة، وهي ما دلّت على ذاك التقبّل وتلك المعاملة. والظاهر أنّ التلف بآفة سماويّة وظلم ظالم على المتقبّل، إلّا أن يكون مستغرقا أو بمقدار صارت البقيّة أنقص من الكلّيّ فلا يضمن ما تلف. ويجب ردّ ما بقي إلى الحاكم إن كان المتقبّل المالك دون الحاكم. ثمّ إن زاد ما في يد المالك المتقبّل عمّا عيّن بالخرص كان له، وإن نقص كان عليه. ووقت الخرص بعد تعلّق الزكاة.

            • المطلب الثاني

               

              المطلب الثاني

              إنّما تجب الزكاة بعد إخراج ما يأخذه السلطان من عين الحاصل بعنوان المقاسمة وما يأخذه نقدا باسم الخراج أيضا على الأصحّ إذا كان مضروبا على الأرض باعتبار الجنس الزكويّ، ولو كان باعتبار الأعمّ منه فبحسابه. ولو أخذ العمّال زائدا على ما قرّره السلطان ظلما: فإن أخذوا من نفس الغلّة قهرا فالظلم وارد على الكلّ، ولا يضمن المالك حصّة الفقراء، ويكون بحكم الخراج في أنّ اعتبار الزكاة بعد إخراجه بالنسبة؛ وإن أخذوا من غيرها فالأحوط عدم الاحتساب على الفقراء ، خصوصا إذا كان الظلم شخصيّا، بل عدم جوازه حينئذٍ لايخلو من قوّة. وإنّما يعتبر إخراج ما يأخذه بالنسبة إلى اعتبار الزكاة، فيخرج من الوسط ثمّ يؤدّي العشر أو نصف العشر ممّا بقي؛ وأمّا بالنسبة إلى اعتبار النصاب: فإن كان ما ضرب على الأرض بعنوان المقاسمة فلا إشكال في أنّ اعتباره بعده، بمعنى أنّه يلاحظ بلوغ النصاب في حصّته، لا في المجموع منها ومن حصّة السلطان، ولو كان بغير عنوان المقاسمة ففيه إشكال، والأحوط لو لم يكن الأقوى اعتباره قبله.
              مسألة 1 - الظاهر عدم اختصاص حكم الخراج بما يأخذه السلطان المخالف المدّعي للخلافة والولاية على المسلمين بغير استحقاق، بل يعمّ سلاطين الشيعة الّذين لا يدّعون ذلك، بل لايبعد شموله لكلّ مستولٍ على جباية الخراج، حتّى في ما إذا لم يكن سلطان، كبعض الحكومات المتشكّلة في هذه الأعصار. وفي تعميم الحكم لغير الأراضي الخراجيّة - مثل ما يأخذه الجائر من أراضي الصلح أو الّتي كانت مواتا فتملّكت بالإحياء - وجه لايخلو من قوّة.
              مسألة 2 - الأقوى اعتبار خروج المُؤَن جميعها، من غير فرق بين السابقة على زمان التعلّق واللاحقة. والأحوط لو لم يكن الأقوى اعتبار النصاب قبل إخراجها؛ فإذا بلغ النصاب تعلّق الزكاة به مع اجتماع سائر الشرائط، ولكن تخرج المُؤَن من الكلّ، ثمّ يخرج العشر أو نصف العشر من الباقي قلّ أو كثر. ولو استوعبت المؤونة تمام الحاصل فلا زكاة. والمراد بالمؤونة كلّ ما يغرمه المالك في نفقة هذه الثمرة ويصرفه في تنميتها وحفظها وجمعها، كالبذر وثمن الماء المشترى لسقيها، واُجرة الفلّاح والحارث والحارس والساقي والحصّاد والجذّاذ، واُجرة العوامل الّتي يستأجرها للزرع، واُجرة الأرض ولو كانت غصبا ولم ينو إعطاء اُجرتها لمالكها، وما يصرفه لتجفيف الثمرة وإصلاح النخل وتسطيح الأرض وتنقية النهر، بل وفي إحداثه لو كان هذا الزرع والنخل والكرم محتاجا إليه. والظاهر أنّه ليس منها ما يصرفه مالك البستان - مثلا - في حفر بئر أو نهر أو بناء دولاب أو ناعور أو حائط ونحو ذلك ممّا يعدّ من مؤونة تعمير البستان لا من مؤونة ثمرته. نعم، إذا صرف ذلك مشتري الثمرة ونحوه لأجل الثمر الّذي اشتراه أو ملكه بالإجارة يكون من مؤونته. ولا يحسب منها اُجرة المالك إذا كان هو العامل، ولا اُجرة المتبرّع بالعمل، ولا اُجرة الأرض والعوامل إذا كانت مملوكةً له؛ بل الأحوط عدم احتساب ثمن العوامل والآلات الّتي يشتريها للزرع والسقي ممّا يبقى عينها بعد استيفاء الحاصل. نعم، في احتساب ما يرد عليها من النقص بسبب استعمالها في الزرع والسقي وجه، لكنّ الأحوط خلافه. وفي احتساب ثمن الزرع والثمر إشكال لايبعد الاحتساب، لكن يقسّط على التبن والحنطة - مثلا - بالنسبة.
              مسألة 3 - الظاهر أنّه يلاحظ في البذر قيمته يوم الزرع لا مثله، سواء كان من ماله أو اشتراه؛ فلو كان بعضه من ماله الغير المزكّى فالظاهر صيرورة الفقراء شريكا مع الزارع بمقدار حصّتهم، وتحسب البقيّة من المؤونة.
              مسألة 4 - لو كان مع الزكويّ غيره وزّعت المؤونة عليهما بالنسبة؛ وكذا الخراج الّذي يأخذه السلطان إن كان مضروبا على الأرض باعتبار مطلق الزرع لاخصوص الزكويّ. والظاهر توزيعها على التبن والحبّ.
              مسألة 5 - لو كان للعمل مدخليّة في ثمر سنين عديدة فلا يبعد التفصيل بين ما كان عمله لها فيوزّع عليها، وبين ما إذا عمل للسنة الاُولى وإن انتفع منه في سائر السنين قهرا فيحسب من مؤونة الاُولى، فيكون غيرها بلا مؤونة من هذه الجهة.
              مسألة 6 - لو شكّ في كون شي ء من المُؤَن أولا لم يحسب منها.

            • المطلب الثالث

               

              المطلب الثالث

              كلّ ما سقي سيحا ولو بحفر نهر ونحوه أو بعلا - وهو ما يشرب بعروقه - أو عِذيا - وهو ما يسقى بالمطر - ففيه العشر؛ وما يسقى بالعلاج بالدلو والدوالي والنواضح والمكائن ونحوها من العلاجات ففيه نصف العشر؛ وإن سقي بهما فالحكم للأكثر الّذي يسند السقي إليه عرفا؛ وإن تساويا بحيث لم يتحقّق الإسناد المذكور بل يصدق أنّه سقي بهما ففي نصفه العشر وفي نصفه الآخر نصف العشر؛ لكن لاينبغي ترك الاحتياط بإخراج العشر إذا كان الأكثر بغير علاج ولو مع صدق السقي بهما. ومع الشكّ فالواجب الأقلّ إلّا في المسبوق بالسقي بغير علاج؛ ولو شكّ في سلب ذلك يجب الأكثر، بل الأحوط ذلك مطلقا.
              مسألة 1 - الأمطار العاديّة في أيّام السنة لاتُخرج ما يُسقى بالدوالي عن حكمه، إلّا إذا استغنى بها عن الدوالي أو صار مشتركا بينهما.
              مسألة 2 - لو أخرج شخصٌ الماء بالدوالي على أرض مباحة - مثلا - عبثا أو لغرض فزرعها آخر وشرب الزرع بعروقه يجب العشر على الأقوى. وكذا إذا أخرجه هو بنفسه لغرض آخر غير الزرع ثمّ بدا له أن يزرع زرعا يشرب بعروقه؛ بل وكذا إذا أخرجه لزرع فزاد وجرى على أرض اُخرى فبدا له أن يزرع فيها زرعا يشرب بعروقه.

      • القول في أصناف المستحقين للزكاة ومصارفها

         

        القول في أصناف المستحقّين للزكاة ومصارفها

        وهي ثمانية:
        الأوّل والثاني: الفقراء والمساكين؛ والثاني أسوأ حالا من الأوّل. وهم الّذين لايملكون مؤونة سنتهم اللائقة بحالهم لهم ولمن يقومون به لا فعلا ولا قوّةً؛ فمن كان ذا اكتساب يمون به نفسه وعياله على وجه يليق بحاله ليس من الفقراء والمساكين، ولا تحلّ له الزكاة؛ وكذا صاحب الصنعة والضيعة وغيرهما ممّا يحصل به مؤونته. ولو كان قادرا على الاكتساب لكن لم يفعل تكاسلا فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عن أخذها وإعطائها إيّاه، بل عدم الجواز لايخلو من قوّة.
        مسألة 1 - مبدأ السنة الّتي تدور صفتا الفقر والغنى مدارمالكيّةمؤونتهاوعدمها هو زمان إعطاء الزكاة، فيلاحظ كفايته وعدمها في ذلك الزمان؛ فكلّ زمان كان مالكا لمقدار كفاية سنته كان غنيّا، فإذا نقص عن ذلك بعد صرف بعضه يصير فقيرا.
        مسألة 2 - لو كان له رأس مال يكفي لمؤونة سنته لكن لم يكفه ربحه أو ضيعة تقوم قيمتها بمؤونة سنة أو سنوات لكن لاتكفيه عوائدها لا يكون غنيّا، فيجوز له أن يُبقيها ويأخذ من الزكاة بقيّة المؤونة.
        مسألة 3 - الأحوط عدم إعطاء الفقير أزيد من مؤونة سنته؛ كما أنّ الأحوط للفقير عدم أخذه، وأنّ الأحوط أيضا في المكتسب الّذي لا يفي كسبه وصاحب الضيعة الّتي لايفي حاصلها والتاجر الّذي لايكفي ربحه بمؤونته الاقتصار على التتمّة أخذا وإعطاءً.
        مسألة 4 - دار السكنى والخادم وفرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله -ولو لعزّه وشرفه - والثياب والألبسة الصيفيّة والشتويّة والسفريّة والحضريّة - ولو كانت للتجمّل - والفرش والظروف وغير ذلك لا يمنع عن إعطاء الزكاة وأخذها. نعم، لو كان عنده أزيد من مقدار حاجته المتعارفة بحسب حاله وزيّه بحيث لو صرفها تكفي لمؤونة سنته لايجوز له الأخذ.
        مسألة 5 - لو كان قادرا على التكسّب ولو بالاحتطاب والاحتشاش لكن ينافي شأنه أو يشقّ عليه مشقّة شديدة لكبر أو مرض ونحو ذلك يجوز له أخذ الزكاة، وكذا إذا كان صاحب صنعة أو حرفة لايمكنه الاشتغال بها لفقد الأسباب أو عدم الطالب.
        مسألة 6 - إن لم يكن له حرفة وصنعة لائقة بشأنه فعلا ولكن يقدر على تعلّمها بغير مشقّة شديدة ففي جواز تركه التعلّم وأخذه الزكاة إشكال، فلا يترك الاحتياط. نعم، لا إشكال في جوازه إذا اشتغل بالتعلّم مادام مشتغلا به.
        مسألة 7 - يجوز لطالب العلم القادر على التكسّب اللائق بشأنه أخذ الزكاة من سهم سبيل اللّه إذا كان التكسّب مانعا عن الاشتغال أو موجبا للفتور فيه، سواء كان ممّا يجب تعلّمه عينا أو كفايةً أو يستحبّ.
        مسألة 8 - لو شكّ أنّ ما في يده كافٍ لمؤونة سنته لايجوز له أخذ الزكاة، إلّا إذا كان مسبوقا بعدم وجود ما به الكفاية ثمّ وجد ما يشكّ في كفايته.
        مسألة 9 - لو كان له دين على الفقير جاز احتسابه زكاةً ولو كان ميّتا، بشرط أن لايكون له تركة تفي بدينه، وإلّا لا يجوز. نعم، لو كانت له تركة لكن لا يمكن استيفاء الدين منها لامتناع الورثة أو غيره فالظاهر الجواز.
        مسألة 10 - لو ادّعى الفقر: فإن عُرف صدقه أو كذبه عومل به، ولو جُهل حاله اُعطي من غير يمين مع سبق فقره، وإلّا فالأحوط اعتبار الظنّ بصدقه الناشئ من ظهور حاله، خصوصا مع سبق غناه.
        مسألة 11 - لايجب إعلام الفقير أنّ المدفوع إليه زكاة، بل يستحبّ دفعها على وجه الصلة ظاهرا والزكاة واقعا إذا كان ممّن يترفّع ويدخله الحياء منها.
        مسألة 12 - لو دفع الزكاة إلى شخص على أنّه فقير فبان غناه استرجعت منه مع بقاءالعين، بل مع تلفها ضامن مع علمه بكونها زكاةً وإن كان جاهلا بحرمتها على الغنيّ، بل مع احتمال أنّها زكاة فالظاهر ضمانه. نعم، مع إعطائه بغير عنوانهإ؛/، ظظ سقط الضمان، كما أنّه مع قطعه بعدمها سقط. ولا فرق في ذلك بين الزكاة المعزولة وغيرها. وكذا الحال في ما لو دفعها إلى غنيّ جاهلا بحرمتها عليه. ولو تعذّر استرجاعها في الصورتين أو تلفت بلا ضمان أو معه وتعذّر أخذ العوض منه كان ضامنا وعليه الزكاة، إلّا إذا أعطاه بإذن شرعيّ - كدعوى الفقر بناءً على اعتبارها- فالأقوى حينئذٍ عدم الضمان. نعم، لو كان إحرازه بأمارة عقليّة كالقطع فالظاهر الضمان. ولو كان الدافع هو المجتهد أو وكيله لا ضمان عليه مع عدم التقصير، بل ولا على المالك أيضا لو دفعه إليه أو إلى وكيله بعنوان أنّه وليّ عامّ على الفقراء، وأمّا إذا كان بعنوان الوكالة عن المالك فالظاهر ضمانه، فيجب عليه أداء الزكاة ثانيا.
        الثالث: العاملون عليها. وهم الساعون في جبايتها، المنصوبون من قبل الإمام 7 أو نائبه لأخذها وضبطها وحسابها، فإنّ لهم من الزكاة سهما لأجل عملهم وإن كانوا أغنياء، والإمام 7 أو نائبه مخيّر بين أن يقدّر لهم جعالةً أو اُجرةً عن مدّة مقرّرة وبين أن لايجعل لهم جُعلا فيعطيهم ما يراه. والأقوى عدم سقوط هذا الصنف في زمان الغيبة مع بسط يد الحاكم ولو في بعض الأقطار.
        الرابع: المؤلّفة قلوبهم. وهم الكفّار الّذين يراد اُلفتهم إلى الجهاد أو الإسلام، والمسلمون الّذين عقائدهم ضعيفة، فيعطون لتأليف قلوبهم. والظاهر عدم سقوطه في هذا الزمان.
        الخامس: في الرقاب. وهم المكاتَبون العاجزون عن أداء مال الكتابة، والعبيد تحت الشدّة، بل مطلق عتق العبد، سواء وجد المستحقّ للزكاة أم لا؛ فهذا الصنف عامّ لمطلق عتق الرقبة، لكن يشترط في المكاتب العجز المذكور.
        السادس: الغارمون. وهم الّذين عليهم الديون في غير معصية ولا إسراف، ولم يتمكّنوا من وفائها ولو ملكوا قوت سنتهم.
        مسألة 13 - المراد بالدين كلّ ما اشتغلت به الذمّة ولوكان مهرا لزوجته أوغرامةً لما أتلفه أوتلف عنده مضمونا. والأقوى عدم اعتبارالحلول فيه، والأحوطاعتباره.
        مسألة 14 - لو كان المديون كسوبا يتمكّن من قضائه تدريجا: فإن لم يرض بذلك الديّان ويطلبون منه التعجيل فلا إشكال في جواز إعطائه من هذا السهم، وإلّا فالأحوط عدم إعطائه.
        مسألة 15 - لو كان المديون ممّن تجب نفقته على من عليه الزكاة جاز له إعطاؤه لوفاء دينه وإن لم يجز لنفقته.
        مسألة 16 - كيفيّة صرف الزكاة في هذا المصرف إمّا بدفعها إلى المديون ليوفي دينه، وإمّا بالدفع إلى الدائن وفاءً عن دينه. ولو كان الغريم مديونا لمن عليه الزكاة جاز له احتساب ما في ذمّته زكاةً؛ كما جاز له أن يحتسب ما عنده من الزكاة وفاءً للدين الّذي على الغريم، ويبرأ بذلك ذمّته وإن لم يقبضها ولم يوكّل المالك في قبضها بل ولم يكن له اطّلاع بذلك.
        مسألة 17 - لو كان لمن عليه الزكاة دين على شخص وكان لذلك الشخص دين على فقير جاز له احتساب ما على ذلك الشخص زكاةً ثمّ احتسابه له وفاءً عمّا له على ذلك الفقير؛ كما جاز أن يحيله ذلك الشخص على ذلك الفقير، فيبرأ بذلك ذمّة ذلك الشخص عن دين من عليه الزكاة وذمّة الفقير عن دين ذلك الشخص ويشتغل لمن عليه الزكاة، فجاز له أن يحسب ما في ذمّته زكاةً كما مرّ.
        مسألة 18 - قد مرّ اعتبار كون الدين في غير معصية. والمدار صرفه فيها، لاكون الاستدانة لأجلها؛ فلو استدان لا للمعصية فصرفه فيها لم يعط من هذا السهم، بخلاف العكس.
        السابع - في سبيل اللّه. ولا يبعد أن يكون هو المصالح العامّة للمسلمين والإسلام، كبناء القناطر وإيجاد الطرق والشوارع وتعميرها، وما يحصل به تعظيم الشعائر وعلوّ كلمة الإسلام، أو دفع الفتن والمفاسد عن حوزة الإسلام وبين القبيلتين من المسلمين وأشباه ذلك، لا مطلق القربات كالإصلاح بين الزوجين والولد والوالد.
        الثامن - ابن السبيل. وهو المنقطع به في الغربة وإن كان غنيّا في بلده إذا كان سفره مباحا؛ فلو كان في معصية لم يعط؛ وكذا لو تمكّن من الاقتراض وغيره؛ فيدفع إليه منها ما يوصله إلى بلده على وجه يليق بحاله وشأنه، أو إلى محلّ يمكنه تحصيل النفقة ولو بالاستدانة. ولو وصل إلى بلده وفضل ممّا اُعطي شي ء ولو بسبب التقتير على نفسه أعاده على الأقوى حتّى في مثل الدابّة والثياب ونحوها؛ فيوصله إلى الدافع أو وكيله؛ ومع تعذّره أو حرجيّته يوصله إلى الحاكم؛ وعليه أيضا إيصاله إلى أحدهما، أو الاستيذان من الدافع في صرفه على الأحوط لو لم يكن الأقوى.
        مسألة 19 - إذا التزم بنذر أو شبهه أن يعطي زكاته فقيرا معيّنا أو صرفها في مصرف معيّن من مصارف الزكاة وجب عليه، لكن لوسها وأعطى غيره أو صرفها في غيره أجزأه. ولا يجوز استردادها من الفقير حتّى مع بقاء العين، بل الظاهر كذلك في ما لو أعطاه أو صرفها مع الالتفات والعمد وإن أثم بسبب مخالفة النذر حينئذٍ وتجب عليه الكفّارة.

      • القول في أوصاف المستحقين للزكاة

         

        القول في أوصاف المستحقّين للزكاة

        وهي اُمور:
        الأوّل: الإيمان؛ فلا يعطى الكافر، ولا المخالف للحقّ وإن كان من فرق الشيعة، بل ولا المستضعف من فرق المخالفين، إلّا من سهم المؤلّفة قلوبهم. ولايعطى ابن الزنا من المؤمنين في حال صغره، فضلا عمّن كان من غيرهم. ويعطى أطفال الفرقة الحقّة، من غير فرق بين الذكر والاُنثى، ولا بين المميّز وغيره، بل لو تولّد بين المؤمن وغيره اُعطي منها إذا كان الأب مؤمنا، ومع عدم إيمانه لايُعطى وإن كانت الاُمّ مؤمنةً. ولا تسلّم إلى الطفل، بل تُدفع إلى وليّه أو يصرفها عليه بنفسه أو بواسطة أمين. والمجنون كالطفل. أمّا السفيه فيجوز الدفع إليه وإن تعلّق الحجر به مع شرائطه.
        الثاني: أن لا يكون شارب الخمر على الأحوط، بل غير متجاهر بمثل هذه الكبيرة على الأحوط. ولا يشترط فيه العدالة وإن كان أحوط؛ فيجوز الدفع إلى غير العادل من المؤمنين مع عدم التجاهر بما ذكر وإن تفاوتت مراتب الرجحان في الأفراد. نعم، يقوى عدم الجواز إذا كان في الدفع إعانة على الإثم أو إغراء بالقبيح وفي المنع ردع عن المنكر. والأحوط اعتبار العدالة في العامل حال عمله وإن لاتبعد كفاية الوثوق والاطمينان به. وأمّا في الغارم وابن السبيل والرقاب فغير معتبرة، فضلاً عن المؤلّفة وفي سبيل اللّه.
        الثالث: أن لايكون ممّن تجب نفقته على المالك كالأبوين وإن علوا، والأولاد وإن نزلوا، والزوجة الدائمة الّتي لم يسقط عنه وجوب نفقتها بشرط أو غيره من الأسباب الشرعيّة؛ فلا يجوز دفعها إليهم للإنفاق وإن سقط عنه وجوبه لعجزه، من غير فرق بين إعطاء تمام الإنفاق أو إتمام ما يجب عليه بها، كما لو كان قادرا على إطعامهم وعجز عن إكسائهم فأراد إعطاءه منها. نعم، لايبعد جوازه للتوسعة عليهم وإن كان الأحوط خلافه. ويجوز دفعها إليهم لأجل إنفاقهم على من تجب نفقته عليهم دونه، كالزوجة للوالد أوالولد مثلا؛ كما أنّه يجوز دفع الغير إليهم ولو للإنفاق. ولو كان من تجب عليه باذلا فالأحوط عدم الدفع وإن كان الأقوى في غير الزوجة جوازه. ولو عال أحدا تبرّعا جاز له ولغيره دفع زكاته إليه حتّى للإنفاق، من غير فرق بين كون الشخص المزبور قريبا أو أجنبيّا. ولابأس بدفع الزوجة زكاتها إلى زوجها وإن أنفقها عليها؛ وكذا غيرها ممّن تجب نفقته عليه بسبب من الأسباب.
        مسألة 1 - الممنوع إعطاؤه لواجبي النفقة هو ما كان من سهم الفقراء ولأجل فقرهم، وأمّا من غيره - كسهم الغارمين والمؤلّفة قلوبهم وسبيل اللّه والرقاب وابن السبيل - في ما زاد على نفقته الواجبة في الحضر فلا مانع منه إذا كانوا من مصاديقها على إشكال في الأخير، فيجوز للوالد إعطاء الزكاة ولده المشتغل بتحصيل العلم لما يحتاج إليه من الكتب العلميّة وغيرها من سهم سبيل اللّه.
        مسألة 2 - يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة الدائمة الّتي سقط وجوب نفقتها بالشرط ونحوه كما مرّ. وأمّا إذا كان السقوط لأجل النشوز فيشكل الجواز لتمكّنها من تحصيلها بتركه. وكذا يجوز الدفع إلى المتمتّع بها حتّى من زوجها. نعم، لو وجب على الزوج نفقتها من جهة الشرط لا يجوز له أن يدفع إليها ولا لغيره مع يسار الزوج وكونه باذلا.
        الرابع: أن لا يكون هاشميّا لو كانت الزكاة من غيره. أمّا زكاة الهاشميّ فلابأس بتناولها منه؛ كما لا بأس بتناولها من غيره مع الاضطرار، ولكنّ الأحوط إن لم يكن الأقوى الاقتصار على قدر الضرورة يوما فيوما، كما أنّ الأحوط له اجتناب مطلق الصدقة الواجبة - ولو كان بالعارض - وإن كان الأقوى خلافه. نعم، لابأس بدفع الصدقات المندوبة إليهم. والمشكوك كونه هاشميّا مع عدم بيّنة أو شياع بحكم غيره، فيُعطى من الزكاة. نعم، لو ادّعى كونه هاشميّا لا تُدفع إليه من جهة إقراره بعدم الاستحقاق، لا من جهة ثبوت مدّعاه بمجرّد دعواه، ولذا لا يُعطى من الخمس أيضا بذلك ما لم يثبت صحّة دعواه من الخارج.

      • القول في بقية أحكام الزكاة

         

        القول في بقيّة أحكام الزكاة

        مسألة 1 - لايجب بسط الزكاة على الأصناف الثمانية وإن استحبّ مع سعتها ووجود الأصناف، فيجوز التخصيص ببعضها؛ وكذا لايجب في كلّ صنف البسط على أفراده، فيجوز التخصيص ببعض.
        مسألة 2 - تجب النيّة في الزكاة، ولا تجب فيها أزيد من القربة والتعيين. دون الوجوب والندب وإن كان أحوط؛ فلو كان عليه زكاة وكفّارة - مثلًا - وجب تعيين أحدهما حين الدفع، بل الأقوى ذلك بالنسبة إلى زكاة المال والفطرة. نعم، لايعتبر تعيين الجنس الّذي تخرج منه الزكاة أنّه من الأنعام أو النقدين أو الغلّات، فيكفي مجرّد كونه زكاةً، لكن ذلك إذا كان المدفوع من غير الجنس الزكويّ قيمةً فيوزّع عليها بالنسبة، وأمّا إذا كان من أحدها فينصرف إليه إلّا مع قصد كونه بدلا أو قيمةً. نعم، لو كان عنده أربعون من الغنم وخمس من الإبل فأخرج شاةً من غير تعيين يوزّع بينهما، إلّا مع الترديد في كونه إمّا من الإبل وإمّا من الغنم فإنّ الظاهر عدم الصحّة. ويتولّى النيّة الحاكم عن الممتنع. ولو وكّل أحدا في أداء زكاته يتولّى الوكيل النيّة إذا كان المال الّذي يزكّيه عند الوكيل وكان مُخرجا لزكاته. وأمّا إذا أخرج مقدار الزكاة ودفع إلى شخص ليوصله إلى محلّه يجب عليه أن ينوي كون ما أوصله الوكيل إلى الفقير زكاةً، ويكفي بقاؤها في خزانة نفسه وإن لم يحضرها وقت الأداء تفصيلا. ولو دفع المال إلى الفقير بلانيّة فله تجديدها ولو بعد زمان طويل مع بقاء العين؛ وأمّا لو كانت تالفةً: فإن كانت مضمونةً على وجه لم يكن معصية اللّه واشتغلت ذمّة الآخذ بها فله أن يحسبها زكاةً كسائر الديون؛ وأمّا مع الضمان على وجه المعصية لا يجوز احتسابها زكاةً؛ كما أنّه مع تلفها بلاضمان لامحلّ لما ينويها زكاةً.
        مسألة 3 - لو كان له مال غائب ودفع إلى الفقير مقدار زكاته ونوى أنّه إن كان باقيا فهذا زكاته وإلّا فصدقة مستحبّة أو من المظالم - مثلا - صحّ وأجزأ.
        مسألة 4 - الأحوط لو لم يكن الأقوى عدم جواز تأخير الزكاة - ولو بالعزل مع الإمكان - عن وقت وجوبها الّذي يغاير وقت التعلّق كالغلّات، بل في ما يعتبر فيه الحول أيضا، لاحتمال أن يكون وقت الوجوب هو وقت الاستقرار بمضيّ السنة؛ بل الأحوط عدم تأخير الدفع والإيصال أيضا مع وجود المستحقّ وإن كان الأقوى الجواز، خصوصا مع انتظار مستحقّ معيّن أو أفضل إلى شهرين أو أزيد في خلال السنة. والأحوط عدم التأخير عن أربعة أشهر. ولو تلفت مع التأخير بغير عذر ضمنها. ولا يجوز تقديمها قبل وقت الوجوب إلّا قرضا على المستحقّ، فيحسبها حينه عليه زكاةً مع بقائه على صفة الاستحقاق وبقاء الدافع والمال على شرائط الوجوب، وله أن يستعيد منه ويدفع إلى غيره، إلّا أنّ الأحوط الأولى الاحتساب حينئذٍ.
        مسألة 5 - الأفضل بل الأحوط دفع الزكاة إلى الفقيه في عصر الغيبة سيّما إذا طلبها، لأنّه أعرف بمواقعها وإن كان الأقوى عدم وجوبه، إلّا إذا حكم بالدفع إليه لمصلحة الإسلام أو المسلمين فيجب اتّباعه وإن لم يكن مقلّدا له.
        مسألة 6 - يستحبّ ترجيح الأقارب على غيرهم، وأهل الفضل والفقه والعقل على غيرهم، ومن لايسأل من الفقراء على غيره.
        مسألة 7 - يجوز عزل الزكاة وتعيينها في مال مخصوص حتّى مع وجود المستحقّ. والتعيين في غير الجنس محلّ إشكال وإن لايخلو من وجه؛ فتكون أمانةً في يده، لايضمنها إلّا مع التعدّي أو التفريط أو التأخير مع وجود المستحقّ، وليس له تبديلها بعد العزل.
        مسألة 8 - لو أتلف الزكاة المعزولة متلفٌ: فإن كان مع عدم ما يوجب الضمان كالتأخير - مثلا - يكون الضمان على المتلف فقط، وإلّا فعلى المالك أيضا وإن كان قراره على المتلف.
        مسألة 9 - لو اتّجر بماعزله تكون الخسارة عليه والربح للفقير إذا كان الاتّجار لمصلحة الزكاة فأجاز وليّ الأمر؛ وكذا في الاتّجار بالنصاب قبل إخراج الزكاة على الأقرب. وأمّا اذا اتّجربهما لنفسه وأوقع التجارة بالعين الخارجيّ فتصحيحهما في الموردين بالإجازة محلّ إشكال، بل يقع باطلا في الجميع في الأوّل، وبالنسبة في الثاني. وإن أوقع التجارة بالذمّة وأدّى من المعزول أو النصاب يكون ضامنا والربح له، إلّا إذا أراد الأداء بهما حال إيقاع التجارة، فإنّه حينئذٍ محلّ إشكال.
        مسألة 10 - يجوز نقل الزكاة من بلده، سواء وجد المستحقّ في البلد أم لا؛ ولو تلفت يضمن في الأوّل دون الثاني، كما أنّ مؤونة النقل عليه مطلقا.
        مسألة 11 - لو قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية على أخذها برئت ذمّة المالك وإن تلفت عنده بتفريط أو غيره أو أعطى غير المستحقّ اشتباها؛ وإذا قبضها بعنوان الوكالة على المالك لم تبرأ ذمّته إلّا بعد الدفع إلى المحلّ.
        مسألة 12 - اُجرة الكيّال والوزّان والكيل ونحو ذلك على المالك.
        مسألة 13 - من كان عليه أو في ترِكَته الزكاة وأدركه الموت يجب عليه الإيصاء بإخراجها من ترِكَته، وكذا سائر الحقوق الواجبة. ولو كان الورّاث مستحقّين جاز للوصيّ أداؤها إليهم من مال الميّت؛ وكذا جاز أخذها لنفسه مع الاستحقاق وعدم انصرافٍ في الوصيّة إلى أدائها إلى الغير. ويستحبّ دفع شي ء منها إلى غير الوارث إذا أراد دفعها إليه.
        مسألة 14 - يكره لربّ المال أن يطلب من الفقير تملّك ما دفعه إليه صدقةً ولو مندوبةً، سواء كان التملّك مجّانا أو بالعوض. ولو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند من أراد كان المالك أحقّ به، لكن زوال الكراهة غير معلوم. نعم، لو كانت الصدقة جزء حيوان لا يتمكّن الفقير من الانتفاع به ولا يشتريه غير المالك أو يحصل للمالك ضرر بشراء غيره جاز شراؤه من دون كراهة.
        مسألة 15 - لو دفع شخص زكاته إلى شخص ليصرفها في الفقراء أو خمسه إليه ليصرفه في السادة ولم يعيّن شخصا وكان المدفوع إليه مصرفا ولم ينصرف اللفظ عنه جاز له أن يأخذ مثل أحدهم من غير زيادة؛ وكذا له أن يصرفه في عياله، خصوصا إذا قال: «هذا للفقراء أو للسادة» أو «هذا مصرفه الفقراء والسادة» وإن كان الأحوط عدم الأخذ إلّا بإذن صريح؛ وكذا الحال لو دفع إليه مال آخر ليصرفه في طائفة وكان المدفوع إليه بصفتهم.

    • المقصد الثاني في زكاة الابدان
    •  

      المقصد الثاني في زكاة الأبدان

      وهي المسمّاة بزكاة الفطرة؛ وقد ورد فيها «إنّه يتخوّف الفوت على من لم تدفع عنه» و«إنّها من تمام الصوم، كما أنّ الصلاة على النبيّ 9 من تمام الصلاة».
      والكلام في من تجب عليه، وفي جنسها، وفي قدرها، وفي وقتها، وفي مصرفها.

      • القول فيمن تجب عليه

         

        القول في من تجب عليه

        مسألة 1 - تجب زكاة الفطرة على المكلّف الحرّ الغنيّ فعلا أو قوّةً؛ فلاتجب على الصبيّ، ولا المجنون ولو إدواريّا إذا كان دور جنونه عند دخول ليلة العيد. ولايجب على وليّهما أن يؤدّي عنهما من مالهما، بل الأقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى من يعولانه، ولا على من هو مغمىً عليه عند دخول ليلة العيد، ولا على المملوك، ولا على الفقير الّذي لا يملك مؤونة سنته له ولعياله زائدا على ما يقابل الدين ومستثنياته لافعلا ولا قوّةً؛ والأحوط اعتبار الدين الحالّ في هذه السنة لاغيره. نعم، الأحوط الأولى لمن زاد على مؤونة يومه وليلته صاعٌ إخراجها، بل يستحبّ للفقير مطلقا إخراجها ولو بأن يدير صاعا على عياله ثمّ يتصدّق على الأجنبيّ بعد أن ينتهي الدور إليه. هذا إذا لم يكن بينهم قاصر، وإلّا فالأحوط أن يقتصر في الإدارة بينهم على المكلّفين؛ ولو أخذ الوليّ عن القاصر يصرفها له ولا يردّها إلى غيره.
        مسألة ۲ - يعتبر وجود الشرائط المذكورة عند دخول ليلة العيد، أي قُبيله ولو بلحظة، بأن كان واجدا لها فأدرك الغروب؛ فلا يكفي وجودها قبله إذا زال عنده، ولا بعده لو لم يكن عنده؛ فتجب على من بلغ - مثلا - عنده أو زال جنونه، ولا تجب على من بلغ بعده أو زال جنونه. نعم، يستحبّ أداؤها إذا كان ذلك قبل الزوال من يوم العيد.
        مسألة ۳ - يجب على من استكمل الشرائط المزبورة إخراجها عن نفسه وعمّن يعوله: من مسلم وكافر وحرّ وعبد وصغير وكبير حتّى المولود قبل هلال شوّال ولو بلحظة، وكذا كلّ من يدخل في عيلولته قبله، حتّى الضيف وإن لم يتحقّق منه الأكل مع صدق كونه ممّن يعوله وإن لم يصدق أنّه عياله؛ بخلاف المولود بعده، وكذا من دخل في عيلولته بعده، فلا تجب عليه فطرتهم. نعم، هي مستحبّة إذا كان ما ذكر قبل الزوال من العيد.
        مسألة 4 - من وجبت فطرته على الغير لضيافة أو عيلولة سقطت عنه ولو كان غنيّا جامعا لشرائط الوجوب لولا العيلولة؛ بل الأقوى سقوطها عنه وإن كان المضيف والمعيل فقيرا وهو غنيّ. والأحوط إخراجه عن نفسه لو علم بعدم إخراج الغير - الّذي خوطب بها - نسيانا أو عصيانا وإن كان الأقوى عدم وجوبه.والأقوى وجوبها على الضيف إذا لم يصدق أنّه ممّن يعوله، لكن لاينبغي للمضيف ترك الاحتياط بالإخراج أيضا مضافا إلى إخراج الضيف.
        مسألة 5 - الغائب عن عياله يجب عليه أن يخرجها عنهم، إلّا إذا وكّلهم في إخراجها من ماله وكانوا موثوقا بهم في الأداء.
        مسألة 6 - الظاهر أنّ المدار في العيال هو فعليّة العيلولة، لا على وجوب النفقة وإن كان الأحوط مراعاة أحد الأمرين؛ فلو كانت له زوجة دائمة في عيلولة الغير تجب على ذلك الغير فطرتها لا عليه، ولو لم تكن في عيلولة أحد تجب عليها مع اجتماع الشرائط، ومع عدمه لاتجب على أحد. وكذا الحال في المملوك.
        مسألة 7 - لو كان شخص في عيلولة اثنين تجب فطرته عليهما مع يسارهما، ومع يسار أحدهما تجب عليه حصّته دون الآخر، على الأحوط في الصورتين.
        مسألة 8 - تحرم فطرة غير الهاشميّ على الهاشميّ. والمدار هو المعيل لاالعيال، والأحوط مراعاة كليهما.
        مسألة 9 - تجب فيها النيّة كغيرها من العبادات. ويجوز أن يتولّى الإخراج من وجبت عليه، أو يوكّل غيره في التأدية، فحينئذٍ لابدّ للوكيل من نيّة التقرّب. وإن وكّله في الإيصال يجب عليه أن ينوي كون ما أوصله الوكيل إلى الفقير زكاةً. ويكفي بقاء النيّة في خزانة نفسه، ولا يجب خطورها تفصيلا. ويجوز أن يوكّل غيره في الدفع من ماله والرجوع إليه، فيكون بمنزلة الوكيل في دفعه من مال الموكّل. ولا يبعد جواز التوكيل في التبرّع، بأن يوكّله أن يؤدّي زكاته من ماله بدون الرجوع إليه. نعم، أصل التبرّع بها بلا توكيل محلّ إشكال.

      • القول في جنسها

         

        القول في جنسها

        مسألة 1 - لايبعد أن يكون الضابط فيه ما يتعارف في كلّ قوم أو قطر التغذّي به وإن لم يكتفوا به، كالبرّ والشعير والأرز في مثل غالب بلاد إيران والعراق، والأرز في مثل الجيلان وحواليه، والتمر والأقط واللبن في مثل النجد وبراري الحجاز، وإن كان الأقوى الجواز في الغلّات الأربع مطلقا؛ فإذا غلب في قطرٍ التغذّي بالذرّة ونحوها يجوز إخراجها كما يجوز إخراج الغلّات الأربع، ومع عدم الغلبة فالأحوط إخراج الغلّات الأربع. ويجوز دفع الأثمان قيمةً. وفي إخراج غيرها ممّا لا يكون من جنسها قيمةً إشكال، بل عدم الاجتزاء لايخلو من وجه. وتعتبر في القيمة حال وقت الإخراج وبلده.
        مسألة ۲ - يعتبر في المدفوع فطرةً أن يكون صحيحا؛ فلا يجزي المعيب، كما لايجزي الممزوج بما لا يتسامح فيه؛ بل يشكل إعطاء المعيب والممزوج قيمةً عن الصحيح وغير الممزوج.
        مسألة ۳ - الأفضل إخراج التمر ثمّ الزبيب؛ وقد يترجّح الأنفع بملاحظة المرجّحات الخارجيّة، كما يرجّح لمن يكون قوته من البرّ الأعلى الدفع منه، لامن الأدون أو الشعير.

      • القول في قدرها

         

        القول في قدرها

        وهو صاع من جميع الأقوات حتّى اللبن. والصاع أربعة أمداد، وهي تسعة أرطال بالعراقيّ وستّة بالمدنيّ، وهي عبارة عن ستّمائة وأربعة عشر مثقالا صيرفيّا وربع مثقال؛ فيكون بحسب حُقّة النجف - الّتي هي تسعمائة مثقال وثلاثة وثلاثون مثقالا وثلث مثقال - نصف حُقّة ونصف وُقيّة وأحد وثلاثون مثقالا إلّا مقدار حمّصتين؛ و بحسب حقّة إسلامبول - وهي مائتان و ثمانون مثقالا - حُقّتان وثلاثة أرباع الوُقيّة ومثقال وثلاثة أرباع المثقال؛ وبحسب المنّ الشاهيّ - وهو ألف ومائتان و ثمانون مثقالا - نصف منّ إلّا خمسة وعشرون مثقالا وثلاثة أرباع المثقال؛ وبحسب الكيلو في هذا العصر ما يقارب ثلاث كيلوات.

      • القول في وقت وجوبها

         

        القول في وقت وجوبها

        وهو دخول ليلة العيد. ويستمرّ وقت دفعها إلى وقت الزوال. والأفضل بل الأحوط التأخير إلى النهار. ولو كان يصلّي العيد فلا يترك الاحتياط بإخراجها قبل صلاته؛ فإن خرج وقتها وكان قد عزلها دفعها إلى مستحقّها، وإن لم يعزلها فالأحوط عدم سقوطها، بل يؤدّي ناويا بها القربة من غير تعرّض للأداء والقضاء.
        مسألة 1 - لا يجوز تقديمها على شهر رمضان، بل مطلقا على الأحوط. نعم، لابأس بإعطاء الفقير قرضا ثمّ احتسابه عليه فطرةً عند مجي ء وقتها.
        مسألة ۲ - يجوز عزل الفطرة وتعيينها في مال مخصوص من الأجناس أو عزل قيمتها من الأثمان. والأحوط بل الأوجه الاقتصار في عزل القيمة على الأثمان. ولو عزل أقلّ ممّا تجب عليه اختصّ الحكم به وبقي الباقي غير معزول. ولو عزلها في الأزيد ففي انعزالها بذلك حتّى يكون المعزول مشتركا بينه وبين الزكاة إشكال. نعم، لو عيّنها في مال مشترك بينه وبين غيره مشاعا فالأظهر انعزالها بذلك إذا كانت حصّته بقدرها أو أقلّ منها. ولو خرج الوقت وقد عزلها في الوقت جاز تأخير دفعها إلى المستحقّ - خصوصا مع ملاحظة بعض المرجّحات - وإن كان يضمنها مع التمكّن ووجود المستحقّ لو تلفت؛ بخلافه في ما إذا لم يتمكّن، فإنّه لا يضمن إلّا مع التعدّي والتفريط في حفظه كسائر الأمانات.
        مسألة ۳ - الأحوط عدم نقلها بعد العزل إلى بلد آخر مع وجود المستحقّ.

      • القول في مصرفها

         

        القول في مصرفها

        الأقوى أنّ مصرفها مصرف زكاة المال وإن كان الأحوط الاقتصار على دفعها إلى الفقراء المؤمنين وأطفالهم بل المساكين منهم وإن لم يكونوا عدولا. ويجوز إعطاؤها للمستضعفين من المخالفين عند عدم وجود المؤمنين.
        والأحوط أن لا يدفع إلى الفقير أقلّ من صاع أو قيمته وإن اجتمع جماعة لاتسعهم كذلك. ويجوز أن يُعطى الواحد أصواعا بل إلى مقدار مؤونة سنته؛ والأحوط عدم الإعطاء والأخذ أزيد من مؤونتها. ويستحبّ اختصاص ذوي الأرحام والجيران وأهل الهجرة في الدين والفقه والعقل وغيرهم ممّن يكون فيه بعض المرجّحات. ولا يترك الاحتياط بعدم الدفع إلى شارب الخمر والمتجاهر بمثل هذه الكبيرة. ولا يجوز أن يدفع إلى من يصرفها في المعصية.

  • كتاب الخمس
  •  

    كتاب الخمس

    وهو الّذي جعله اللّه تعالى لمحمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وذرّيّته - كثّراللّه نسلهم المبارك - عوضا عن الزكاة الّتي هي من أوساخ أيدي الناس إكراما لهم، ومن منع منه درهما كان من الظالمين لهم والغاصبين لحقّهم، فعن مولانا الصادق 7: «إنّ اللّه لا إله إلّا هو لمّا حرّم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس، فالصدقة علينا حرام، والخمس لنا فريضة، والكرامة لنا حلال»، وعنه 7: «لا يُعذر عبد اشترى من الخمس شيئا أن يقول: يا ربّ اشتريته بمالي حتّى يأذن له أهل الخمس»، وعن أبي جعفر(عليه السلام): «ولا يحلّ لأحد أن يشتري من الخمس شيئا حتّى يصل إلينا حقّنا».
    والكلام في مايجب فيه الخمس،وفي مستحقّيه وكيفيّةقسمته بينهم،وفي الأنفال.

    • القول فيما يجب فيه الخمس

       

      القول في ما يجب فيه الخمس

      يجب الخمس في سبعة أشياء:
      الأوّل: ما يُغتنم قهرا بل سرقةً وغيلةً - إذا كانتا في الحرب ومن شؤونه - من أهل الحرب الّذين يُستحلّ دماؤهم وأموالهم وسبي نسائهم وأطفالهم إذا كان الغزو معهم بإذن الإمام (عليه السلام)، من غير فرق بين ما حواه العسكر وما لم يحوه كالأرض ونحوها على الأصحّ. وأمّا ما اغتُنم بالغزو من غير إذنه: فإن كان في حال الحضور والتمكّن من الاستيذان منه فهو من الأنفال، وأمّا ما كان في حال الغيبة وعدم التمكّن من الاستيذان فالأقوى وجوب الخمس فيه، سيّما إذا كان للدعاء إلى الإسلام، وكذا ما اغتُنم منهم عند الدفاع إذا هجموا على المسلمين في أماكنهم ولو في زمن الغيبة، وما اغتُنم منهم بالسرقة والغيلة - غير ما مرّ - وكذا بالربا والدعوى الباطلة ونحوها، فالأحوط إخراج الخمس منها من حيث كونه غنيمةً لافائدةً، فلا يحتاج إلى مراعاة مؤونة السنة، ولكنّ الأقوى خلافه. ولا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين دينارا على الأصحّ. نعم، يعتبر فيه أن لايكون غصبا من مسلم أو ذمّيّ أو معاهد ونحوهم من محترمي المال؛ بخلاف ماكان في أيديهم من أهل الحرب وإن لم يكن الحرب معهم في تل