المقدّمة الثالثة في الستر والساتر
مسألة 1 - يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة وتوابعها كالركعة الاحتياطيّة، وقضاء الأجزاء المنسيّة على الأقوى، وسجدتي السهو على الأحوط؛ وكذا في النوافل، دون صلاة الجنازة وإن كان أحوط فيها أيضا. ولا يترك الاحتياط في الطواف.
مسألة 2 - لو بدت العورة لريح أو غفلة أو كانت منكشفةً من أوّل الصلاة وهو لا يعلم فالصلاة صحيحة، لكن يبادر إلى الستر إن علم في الأثناء، والأحوط الإتمام ثمّ الاستيناف؛ وكذا لو نسي سترها في الصورتين.
مسألة 3 - عورة الرجل في الصلاة عورته في حرمة النظر. وهي الدبر والقضيب والاُنثيان. والأحوط ستر الشبح الّذي يُرى من خلف الثوب من غير تميّز للونه. وعورة المرأة في الصلاة جميع بدنها حتّى الرأس والشعر ما عدا الوجه الّذي يجب غسله في الوضوء واليدين إلى الزندين والقدمين إلى الساقين. ويجب عليها ستر شي ء من أطراف المستثنيات مقدّمة.
مسألة 4 - يجب على المرأة ستر رقبتها و تحت ذقنها حتّى المقدار الّذي يُرى منه عند اختمارها على الأحوط.
مسألة 5 - الأمة والصبيّة كالحرّة والبالغة، إلّا أنّه لا يجب عليهما ستر الرأس والشعر والعنق.
مسألة 6 - لا يجب التستّر من جهة التحت. نعم، لو وقف على طرف سطح أو شُبّاك يتوقّع وجود ناظر تحته بحيث تُرى عورته لو كان هناك ناظر فالأحوط بل الأقوى التستّر من جهته أيضا وإن لم يكن ناظر فعلا؛ وأمّا الشُبّاك الّذي لايتوقّع وجود الناظر تحته - كالشُبّاك على البئر - فلا يجب على الأقوى إلّا مع وجود ناظر فيه.
مسألة 7 - الستر عن النظر يحصل بكلّ ما يمنع عن النظر ولو باليد أو الطلي بالطين أو الولوج في الماء، حتّى أنّه يكفي الأليتان في ستر الدبر.
(1) وأمّا الستر في الصلاة فلا يكفي فيه ما ذكر حتّى حال الاضطرار. وأمّا الستر بالورق والحشيش والقطن والصوف غير المنسوجين فالأقوى جوازه مطلقا وإن لا ينبغي ترك الاحتياط في تركه في الأوّلين. والأقوى لمن لا يجد شيئا يصلّي فيه - حتّى مثل الحشيش والورق - جواز إتيان صلاة فاقد الساتر وإن كان الأحوط لمن يجد ما يطلي به الجمع بينه و بين واجده.
مسألة 8 - يعتبر في الساتر بل مطلق لباس المصلّي اُمور:
الأوّل: الطهارة إلّا في ما لا تتمّ الصلاة فيه منفردا كما تقدّم.
الثاني: الإباحة؛ فلا يجوز في المغصوب مع العلم بالغصبيّة؛ فلو لم يعلم بها صحّت صلاته؛ وكذا مع النسيان إلّا في الغاصب نفسه،فلايترك الاحتياط بالإعادة.
مسألة 9 - لا فرق بين كون المغصوب عين المال أو منفعته أو متعلّقا لحقّ الغير كالمرهون. ومن الغصب عينا ما تعلّق به الخمس أو الزكاة مع عدم أدائهما ولو من مال آخر.
مسألة 10 - إن صُبغ الثوب بصبغ مغصوب فمع عدم بقاء عين الجوهر الّذي صُبغ به - والباقي هو اللون فقط - تصحّ الصلاة فيه على الأقوى؛ وأمّا لو بقي عينه فلا تصحّ على الأقوى؛ كما أنّ الأقوى عدم صحّتها في ثوب خيط بالمغصوب وإن لم يمكن ردّه بالفتق، فضلا عمّا يمكن. نعم، لا إشكال في الصحّة في ما إذا اُجبر الصبّاغ أو الخيّاط على عمله ولم يُعط اُجرته مع كون الصبغ والخيط من مالك الثوب؛ وكذا إذا غسل الثوب بماء مغصوب أو اُزيل وسخه بصابون مغصوب مع عدم بقاء عين منهما فيه، أو اُجبر الغاسل على غسله ولم يُعط اُجرته.
الثالث: أن يكون مذكّىً من مأكول اللحم؛ فلا تجوز الصلاة في جلد غير المذكّى ولا في سائر أجزائه الّتي تحلّه الحياة ولو كان طاهرا من جهة عدم كونه ذانفس سائلة - كالسمك - على الأحوط، وتجوز في ما لا تحلّه الحياة من أجزائه كالصوف والشعر والوبر ونحوها.
وأمّا غير المأكول فلا تجوز الصلاة في شي ء منه وإن ذُكّي، من غير فرق بين ماتحلّه الحياةمنه أوغيره، بل يجب إزالةالفضلات الطاهرةمنه، كالرطوبةوالشعرات الملتصقة بلباس المصلّي وبدنه. نعم، لو شكّ في اللباس أو في ما عليه في أنّه من المأكول أو غيره أو من الحيوان أو غيره صحّت الصلاة فيه؛ بخلاف ما لو شكّ في ما تحلّه الحياة من الحيوان أنّه مذكّىً أو ميتة، فإنّه لا يصلّى فيه حتّى يحرز التذكية. نعم، ما يؤخذ من يد المسلم أوسوق المسلمين مع عدم العلم بسبق يد الكافر عليه أو مع سبق يده مع احتمال أنّ المسلم الّذي بيده تفحّص عن حاله بشرط معاملته معه معاملة المذكّى على الأحوط محكوم بالتذكية، فتجوز الصلاة فيه.
مسألة 11 - لا بأس بالشمع والعسل والحرير الممتزج وأجزاء مثل البقّ والبرغوث والزنبور ونحوها ممّا لا لحم لها، وكذلك الصدف.
مسألة 12 - استثني ممّا لا يؤكل الخزّ، وكذا السنجاب على الأقوى، ولكن لاينبغي ترك الاحتياط في الثاني. وما يسمّونه الآن بالخزّ ولم يعلم أنّه منه واشتبه حاله لا بأس به وإن كان الأحوط الاجتناب عنه.
مسألة 13 - لا بأس بفضلات الإنسان كشعره وريقه ولبنه، سواء كان للمصلّي أو لغيره؛ فلا بأس بالشعر الموصول بالشعر، سواء كان من الرجل أو المرأة.
الرابع: أن لا يكون الساتر بل مطلق اللباس من الذهب للرجال في الصلاة ولو كان حُليّا كالخاتم ونحوه، بل يحرم عليهم في غيرها أيضا.
مسألة 14 - لابأس بشدّ الأسنان بالذهب، بل ولا بجعله غلافا لهاأو بدلا منها في الصلاة بل مطلقا. نعم، في مثل الثنايا ممّا كان ظاهرا وقصد به التزيين لا يخلو من إشكال، فالأحوط الاجتناب. وكذا لا بأس بجعل قاب الساعة منه واستصحابها فيها. نعم، إذا كان زنجيرها منه وعلّقه على رقبته أو بلباسه يشكل الصلاة معه؛ بخلاف ما إذا كان غير معلّق - وإن كان معه في جيبه - فإنّه لا بأس به.
الخامس: أن لايكون حريرا محضا للرجال، بل لا يجوز لبسه لهم في غير الصلاة أيضا وإن كان ممّا لا تتمّ الصلاة فيه منفردا - كالتكّة والقلنسوة ونحوهما - على الأحوط. والمراد به ما يشمل القزّ. ويجوز للنساء ولو في الصلاة وللرجال في الضرورة وفي الحرب.
مسألة 15 - الّذي يحرم على الرجال خصوص لبس الحرير، فلا بأس بالافتراش والركوب عليه والتدثّر به - أي التغطّي به عند النوم - ولا بزرّ الثياب وأعلامها والسفائف والقياطين الموضوعة عليها؛ كما لا بأس بعصابة الجروح والقروح وحفيظة المسلوس، بل ولا بأس بأن يرقّع الثوب به ولا الكفّ به
(2) لو لم يكونا بمقدار يصدق معه لبس الحرير، وإن كان الأحوط في الكفّ أن لا يزيد على مقدار أربع أصابع مضمومة، بل الأحوط ملاحظة التقدير المزبور في الرقاع أيضا.
مسألة 16 - قد عرفت أن المحرّم لبس الحرير المحض، أي الخالص الّذي لم يمتزج بغيره، فلا بأس بالممتزج. والمدار على صدق مسمّى الامتزاج الّذي يخرج به عن المحوضة ولو كان الخليط بقدر العشر. ويشترط في الخليط - من جهة صحّة الصلاة فيه - كونه من جنس ما تصحّ الصلاة فيه؛ فلا يكفي مزجه بصوف أو وبر ما لا يؤكل لحمه وإن كان كافيا في رفع حرمة اللبس. نعم، الثوب المنسوج من الإبريسم المفتول بالذهب يحرم لبسه، كما لا تصحّ الصلاة فيه.
مسألة 17 - لبس لباس الشهرة وإن كان حراما على الأحوط وكذا ما يختصّ بالنساء للرجال وبالعكس على الأحوط لكن لا يضرّ لبسهما بالصلاة.
مسألة 18 - لو شكّ في أنّ اللباس أوالخاتم ذهب أو غيره يجوز لبسه والصلاة فيه؛ وكذا ما شكّ أنّه حرير أو غيره، ومنه ما يسمّى بالشعريّ لمن لا يعرف حقيقته؛ وكذا لو شكّ في أنّه حرير محض أو ممتزج وإن كان الأحوط الاجتناب عنه.
مسألة 19 - لا بأس بلبس الصبيّ الحرير؛ فلا يحرم على الوليّ إلباسه، ولا يبعد صحّة صلاته فيه أيضا.
مسألة 20 - لولم يجد المصلّي ساترا حتّى الحشيش والورق يصلّي عريانا قائما على الأقوى إن كان يأمن من ناظر محترم، وإن لم يأمن منه صلّى جالسا. وفي الحالين يومئ للركوع والسجود، ويجعل إيماءه للسجود أخفض؛ فإن صلّى قائما يستر قُبُله بيده، وإن صلّى جالسا يستره بفخذيه.
مسألة 21 - يجب على الأحوط تأخير الصلاة عن أوّل الوقت إن لم يكن عنده ساتر واحتمل وجوده في آخره، ولكن عدم الوجوب لا يخلو من قوّة.
(1) هكذا في جميع الطبعات، لكنّ الصحيح: «الأليان» بدون التاء.(2) كفّ الثوب: خاط حاشيته، وهو الخياطة الثانية بعد الشلّ.